قبل ما يزيد عن العام وفي 6 ديسمبر 2011، كتبت في هذا الركن من جريدة الصباح مقالا بعنوان "أليس منكم رجل رشيد؟" ختمته بهذا السؤال أو قل النداء " يا بني وطني في النهضة، أليس منكم رجل رشيد يأتي بكم إلى كلمة سواء بينكم و بين جميع بني وطنكم ألا وهي إرادة الحياة و الحريّة و إعلاء القيمة الإنسانيّة؟".
والحقيقة وُجِد الاسم وغاب المُسمّى.
يا بني وطني في النهضة، ها أنتم هؤلاء وصفتم هذا بالمنبتّ وذاك بعدوّ الشرعيّة ونعتّم هؤلاء بالأزلام وأولئك بالمفسدين، فماذا جنينا وماذا جنيتم؟. ها أنتم هؤلاء لم تجدوا في الكتاب الذي نقرأه إلاّ آيات الحِرابة والثبور وغفلتم عن آيات العدل والإحسان، فماذا جنينا وماذا جنيتم؟. يا بني وطني في النهضة، ها أنتم هؤلاء اندفعتم تُسيطرون على الدولة ومفاصلها وعروقها وأرضها وسمائها حتى بتنا من الهلاك قاب قوسين أو أدنى، فهل أنتم مُنتهون؟
يا سي حمّادي أكان يجب أن تُسكب دماء شكري لتقف على حجم فشلكم والضرر الذي ألحقتموه بالبلاد؟
يا سي حمادي لماذا لم تكتف بالثمن القليل، لماذا أبيت إلا النفيس و الغالي وكلفتنا روحه العزيزة لتفيء للحقيقة والقول الحق وتعترف أنّنا بتنا على شفا جرف هار؟
يا سي حمادي أكان لزاما أن تتيتّم نيروز وندى وتترمّل بسمة ويبكي كل الشعب دما لتثوب إلى وطنك؟
يا شكري إنّهم يأبون أن ينعتوك بالشهيد. لو انتحر أحدهم في أقصى الأرض سافكا دماء الأرواح البريئة ومروّعا الناس لتسابقوا لنعته بالشهيد ولأقاموا عليه صلاة الغائب والحاضر و...ولاعتبروه سيفا من سيوف الله. أي نعم هكذا يا شكري لا يرون الله إلا في القتل والاعتداء على الإنسان.
يا شكري لا تكترث لهم أحباء الظلام والديجور فقلوبهم غُلف، حرمهم الله حتّى نعمة الضحك والابتسام، فهم بآلاء ربهم مكذبّون.
يا شكري كان الصدق يطفر من عينيك وأنت تدافع عن أبناء شعبك. يا شكري سيماك على وجهك من أثر الإخلاص لوطنك.
يا شكري لقد كان وجهك ينضح حمدا لله وأنت تغنّي "حيّاك بابا حيّاك...ألف رحمة على بيّاك". لك البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. يا شكري كان وجهك ناضرا يومها فلعلّك كنت ناظرا.
يا شكري، لقد سكبت على الأغنية من دمائك حتى أضحت أغنية أسطوريّة. فكأنّها نشيد تردّده كل الكائنات و تترنم به أعماق الكون. منحت روحك لتتّقد جذوة أملنا في الإنسان، لنتذكّر مرّة أخرى أن طريقنا إلى الله هو طريقنا إلى الإنسان.
يا فرحة السماء بك يا شكري، يا فرحة السماء. لعلّ الله يُباهي بك ملائكته ويذكّرهم بحكمته إذ أمرهم بالسجود لآدم. بل لعلّ إبليس ندم أنّه لم يكن من الساجدين.
يا شكري، أأقول لك شيئا؟ أرأيت الذين مُحتقنة وجوههم، مكفهرّة أعينهم ويعظّون عليك الأنامل من الغيظ؟ إنّهم يغبطونك في أفئدتهم، ينفسونك في سرّهم لأنّهم مُوقنون أنّ قلبك سليم ولقد قال الله تعالى "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".
(1) الآية 88 و 89 من سورة الشعراء.
وليد الشريف