Admin Admin
عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: الشيخ حسن العيادي ومذكراته من المقاومة المسلحة إلى صباط الظلام د. محمد ضيف الله الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 10:42 | |
| الشيخ حسن العيادي ومذكراته من المقاومة المسلحة إلى صباط الظلام د. محمد ضيف اللهقد لا يخطر ببال أحد أن المقاومين ممن شاركوا في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، يمكن أن يتركوا لنا مذكراتهم، وذلك لأنهم في الغالب أميون لا يعرفون فك الحروف قدر معرفتهم بتشغيل السلاح. ثم أنهم صمتوا إزاء تجاهلهم وحتى الازدراء بهم، عجزا عن الكتابة، أو احتسابا عند الله، أو ارتضاء بما قدم لهم، في زمن كان يروج للرواية الرسمية التي تعلي من شأن أصحاب التفاوض وعلى رأسهم الزعيم الفريد باعث الأمة ومخلص البلاد ومحرر الوطن. وقد يكون مثيرا للعجب أن يقوم أحد أولئك المقاومين بكتابة مذكراته في السنوات الأولى من الاستقلال. وكأنه كان يريد تثبيت حقوق له كان يشعر أنها مهددة، أو ربما شعورا منه بدنو نهايته التي ما لبثت أن جاءت. هذا المقاوم هو الشيخ حسن العيادي، فمن يكون هذا الرجل؟ وما هي أهم الإضافات التي تضمنتها مذكراته؟ أولا-حسن العيادي: سيرة بأكثر من وتيرة: يمكن أن نقسم حياة الشيخ حسن العيادي إلى ثلاث مراحل: الأولى هي فترة النشأة والتكوين والتي تنتهي مع مطلع الخمسينات ؛ الثانية: دوره في المقاومة خلال الفترة بين 1952 و1954؛ الثالثة: منذ 1955 وإلى وفاته عام 1963 ويمكن لنا أن نجعلها تحت عنوان "اللعنة اليوسفية". 1- نشأته وتكوينه: بدوي من سائر الصف: الشيخ حسن العيادي هو حسن بن الحاج العيادي بن الحاج علي رميدة السميري نسبة إلى بوسمير التي تبعد بحوالي 10 كلم عن جبنيانة من ولاية صفاقس. أما لقب رميدة فنسبة إلى بلدة رمادة بالجنوب التونسي والتي تعود إليها أصول عائلته حسب الرواية الشفوية، وقد قدم جده الأعلى إلى مجال قبيلة المثاليث، وكان يشتغل إسكافيا ومن هنا كني ببومسامير، وخفف إلى بوسمير واحتفظ أولاده بهذا الاسم واندمجوا في المثاليث واعتبروا منهم ([1])، وهم ينتسبون تحديدا إلى فرع أو سدس أولاد زيد إلى جانب التلالسة وعرش الحوس وأولاد الماسخ وأولاد سليم. ولد حسن العيادي بأولاد بوسمير، سنة 1918 حسب ما ورد في وثائقه الرسمية، إلا أن صديقه الدهماني رميدة المولود هو الآخر في تلك السنة، يؤكد أنه يكبره بسنتين، أي أنه ولد عام 1916. وكان والده الحاج العيادي يشتغل بفلاحة الزياتين والحبوب. وتتركب عائلته من تسعة أبناء ثمانية منهم ذكور وكان هو أصغرهم، وقد درسوا جميعا بالكتاب، حيث عرف أولاد بوسمير بحفظ القرآن الكريم وتخرج منهم الأئمة والمؤدبون والعدول، بل أن أخاه بلقاسم درس بجامع الأزهر، ودرس أخوه التهامي بجامع الزيتونة ([2])، أما هو فقد دخل زاوية السيدة مريم بمسقط رأسه حيث حفظ نصيبا من القرآن وتعلم مبادئ الكتابة العربية، واستمر على ذلك على الأقل إلى السادسة عشرة من عمره، ثم انتقل عام 1934 إلى زاوية سيدي بنعيسى ببلدة منزل كامل بالساحل التونسي، والتي عرف أهلها بإكرام الطلبة وإطعامهم، وقد بقي بتلك الزاوية مدة سنة أو يزيد ([3]). ونشير هنا إلى أنه كان بإمكانه أن ينخرط لو أراد بأحد الفروع الزيتونية وخاصة منها القريبة إلى مسقط رأسه كفرع صفاقس أو سوسة. لكن رغم ذلك، فقد كان ذا مستوى تعليمي طيب، خاصة في اللغة العربية كما سنلاحظ ذلك من خلال مذكراته. والأكيد هنا أن التعليم ببعض الزوايا لم يكن بدائيا، كما قد يتبادر إلى الذهن. إلا أن ما تجدر ملاحظته هنا أن حسن العيادي الذي لم تتسن له الفرصة للدراسة بالتعليم العصري بمسقط رأسه، نظرا لعدم وجود مدرسة فرنكو-عربية هناك، تابع في منزل كامل دروسا للغة الفرنسية موجهة للكهول تحت إشراف إدارة التعليم العمومي، وقد حصل بتاريخ 25 مارس 1935، على شهادة تثبت مواظبته وتقدمه فيها ([4]). دون أن يعني ذلك أنه توصل إلى إتقان هذه اللغة كتابة أو نطقا، والدليل على ذلك أنه احتاج إلى مترجم للتواصل مع الفرنسيين عند دخوله إلى العاصمة في ديسمبر 1955، كما ورد ذلك في مذكراته. بعد أن انقطع عن الدراسة، بقي حسن العيادي بمنزل كامل ليشتغل في معصرة زيتون على ملك أحد أعيان البلدة من آل الهمندي. ويبدو أن بقاءه هناك وعدم عودته إلى مسقط رأسه يعودان إلى أنه كان يتهرب من التجنيد في صفوف الجيش الفرنسي، كما ورد في شهادة رفيقه الدهماني رميدة. وقد زال هذا السبب خلال الحرب العالمية الثانية، وخاصة خلال الاحتلال الألماني، فعاد إلى أولاد بوسمير سنة 1942، ليساعده إخوته على فتح دكان عطرية. وفي هذه السنة بالذات يذكر أنه قام بتأسيس شعبة تابعة للحزب الحر الدستوري الجديد، مستغلا ولا شك المناخ الذي سمح به الاحتلال الألماني، وقد أظهر الأهالي بأولاد بوسمير كما هو الحال في المناطق الأخرى من البلاد تعاطفهم مع الألمان ([5]). ولهذا السبب يبدو أن حسن العيادي خشي عند عودة الفرنسيين، فاتجه نحو مدينة صفاقس وفيها اشتغل بمكتب أحد المحامين التونسيين. وقد كانت هذه المدينة في هذه الفترة تعرف حراكا اجتماعيا وسياسيا كبيرا، ومن المؤشرات على ذلك ظهور اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب عام 1944، ويبدو أن حسن العيادي لم يكن بعيدا عن الأوساط النقابية بالمدينة حيث ربط علاقات مع بعض النقابيين والدستوريين ومن بينهم عبد العزيز بوراوي، كما نتبين ذلك من خلال مذكراته. حتى أنه بعد أن عاد إلى أولاد بوسمير، ساهم في تكوين هيئة نقابية تابعة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ([6]). من جهة أخرى، تزوج حسن العيادي خلال إقامته بصفاقس من ابنة خالته التي كانت تقطن هناك، ثم عاد بها إلى أولاد بوسمير. وقد أنجب منها ستة أبناء، هم على التوالي: سعاد وقد ولدت عام 1948، زهير أو المنصف عام 1951، فوزية عام 1954، علي فوزي عام 1958 فمحمد عام 1959 وأخيرا منية أو وسيلة عام 1962. ولابد من أن نلاحظ هنا أن من بين أبنائه من يحمل اسما مزدوجا، حيث نجد زهير وقد أطلق عليه اسم المنصف تخليدا لذكرى المنصف باي، وهو ما يعكس تقديره لهذا الباي الشعبي، ثم منية وهي آخر العنقود، وقد أطلق عليها اسم وسيلة، وقد ولدت في السنة التي تزوج فيها الرئيس بورقيبة من وسيلة بن عمار، وكان ذلك تقربا من هاتين الشخصيتين في نفس الوقت. لكن الأهم من ذلك أن نطرح السؤال التالي: ما هي الدوافع التي جعلت حسن العيادي يترك أبناءه وزوجته ليلتحق بالمقاومة؟ وكيف يمكن لمن هو في حالته الاجتماعية أن يقوم بذلك؟ 2- بدوي في العاصمة وفي الجبل: تعتبر هذه الفترة الأهم في حياة حسن العيادي، وهي تمتد بين مطلع عام 1952، ونهاية 1954. ويمكن أن نقسمها زمنيا إلى ثلاث مراحل: مرحلة أولى، بدأت في جانفي 1952 مع إلقاء القبض على القيادات الوطنية، وقد كان حسن العيادي مقيما آنذاك مع عائلته في أولاد بوسمير. ورغم مسؤولياته العائلية فإنه ساهم في التحريض على الاستعمار الفرنسي من خلال حث البعض من أقاربه على قطع أعمدة الهاتف وأشجار المتعاونين مع الاستعمار، تقليدا لما كان يقع في مناطق أخرى من البلاد ([7]). وقد توصلت إليه التحقيقات بعد إلقاء القبض على ثلاثة من الفاعلين من أبناء أخيه ([8]). إلا أنه لم يذكر ذلك في مذكراته، حيث أن ذلك يظهرهم في نظره في موقف ضعف بما يخدش من وطنيتهم. وبما أنه كان مطالبا بتفسير مجيء القوات الفرنسية لمحاصرة منزله وإلقاء القبض عليه، فقد أرجع الأمر إلى التحريض الذي كانت تقوم به السلطة المحلية وخاصة من بينها الشيخ الهاشمي بن نصر شيخ ملولش. ولكن بالعودة إلى التسلسل الزمني للأحداث، نلاحظ أن محاصرة منزله ببوسمير تمت يوم 21 فيفري 1953 ([9])، وأن اغتيال الشيخ الهاشمي بن نصر تم مساء يوم 15 من نفس الشهر ([10]). وهو ما يدل على أن الشيخ حسن العيادي كان من بين من وُجّهت لهم الشكوك بالمشاركة في عملية الاغتيال. وللتذكير هنا فإن اغتيال الشيخ الهاشمي بن نصر، يمكن اعتباره ضمن ما كانت تقوم به الحركة الوطنية آنذاك من تصفية لبعض المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي ([11])، إذ كان يقوم "مقام خليفة مركز عمل جبنيانة منذ بضع سنين"، وأنه "تعاون مع طائفة من العمال الذين تداولوا على منصب إدارة العمل بجبنيانة طيلة أعوام عديدة وكان يقوم بنيابة العامل بوصفه خليفة"، ولعل مما يدل على مكانته لدى السلطات الاستعمارية، حضور جنازته من قبل كل من المراقب المدني بصفاقس وعامل جبنيانة ومبروك بلقروي النائب السابق بالمجلس الكبير ([12]). ولا شك أن خدمته لفائدة السلطات الاستعمارية كانت وراء عملية اغتياله، إلا أن الشيخ حسن العيادي لم يقر بصلته بها رغم مرور الزمن عليها ([13])، فهل كان ذلك خشية من الأخذ بالثأر؟ أم لأنه لم يشارك فيها بالفعل؟ قد يكون هذا وذاك، إلا أن رئاسته لشعبة بوسمير الدستورية، كما ورد في مذكراته، تجعلنا نعتقد أنه من الصعب أن تتم عملية نوعية بهذا الحــجم، دون أن يكون على دراية بها. وربما من هذه الزاوية نفسها اتجهت إليه شكوك السلطات الاستعمارية آنذاك، مثلما اتجهت إلى زميله عاشور الزناتي رئيس الشعبة الدستورية بجبنيانة. وقد صدرت عليهما إلى جانب مورطين آخرين أحكام مختلفة. وبالنسبة للشيخ حسن العيادي تحديدا، فقد أصدرت عليه المحكمة الفرنسية حكما غيابيا، بثلاث سنوات سجنا وخطية بثلاثمائة ألف فرنك. وهو حكم خفيف نسبيا في حين أن الأحكام الغيابية عادة ما تكون مشددة، خاصة إذا كانت متعلقة بالقتل. ومهما كان ذلك الحكم فالسؤال يبقى مطروحا حول سبب فرار الشيخ حسن العيادي إن لم يكن متورطا بالفعل في عملية الاغتيال. فمتى انتقل إلى العاصمة؟ ورد في مذكراته أنه تحول إلى العاصمة في فيفري 1952، ولم يشر إلى أنه عاد بعد ذلك التاريخ إلى مسقط رأسه، إلا أنه يروي كشاهد عيان عن محاصرة منزله عند اغتيال الشيخ الهاشمي بن نصر في فيفري 1953، كما أنه أنجب بنتا بتاريخ 1954. وبالتالي فتحوله النهائي إلى العاصمة لم يكن بتاريخ فيفري 1952، وإنما كان بعد ذلك بأكثر من سنة أي خلال سنة 1953. وهنا بدأت مرحلة جديدة في حياة الرجل انخرط خلالها في حركة المقاومة المسلحة. مرحلة ثانية وهي فترة وجوده بالعاصمة التي عاش فيها على فترتين أولى مؤقتة عام 1952 وثانية خلال عام 1953، واستمرت إلى صائفة 1954. وقد حاول في البداية أن يتصل ببعض قياديي الحزب الحر الدستوري الجديد، ويذكر من بينهم الهادي نويرة وأحمد المستيري والمنجي سليم، وحتى الزعيم النقابي فرحات حشاد. وإن ما يلفت الانتباه هنا أن حسن العيادي لم يكن مواكبا للحياة الحزبية، وكأنه لم يكن على علم بابتعاد الهادي نويرة عن قيادة الحزب الدستوري الجديد، التي لم يكن من ضمنها فرحات حشاد، أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل. ولابد من جهة أخرى من الإشارة إلى أنه باستثناء المنجي سليم الذي لم يطلق سراحه إلا في مطلع 1954، فإن الثلاثة الباقين كانوا مستهدفين من عصابة اليد الحمراء، وهو ما يبرر التزامهم جانب الحذر في مثل تلك الظرفية الدقيقة، وخشيتهم من التورط مع شخص ليسوا على يقين بعلاقاته ولم يسبق لهم التعرف عليه أو التعامل معه. والمحصلة كما يظهر من خلال مذكراته، أنه لم يكسب ثقة أي منهم. وفي المقابل يذكر أنه وجد المساعدة المادية من أشخاص آخرين من أهمهم سعيدة ساسي ابنة أخت الزعيم الحبيب بورقيبة، وحمادي المستيري طباخ الباي والأمير الشاذلي باي... كما أنه نوه في مذكراته بمحمود الماطري أول رئيس للحزب الدستوري الجديد والذي لم يكن له خلال فترة المقاومة نشاط معلن. أقام الشيخ حسن العيادي، خلال هذه المرحلة من حياته بالعاصمة، في أكثر من مكان: في مدرسة سوق النحاس بالعاصمة وفي جبل بوقرنين ثم بمجاورة قصر الباي بحمام الأنف ثم بضاحية بن عروس، كما كان يتردد على الجبل الأحمر وعلى منزل سعيدة ساسي بنهج الباشا. وفي هذه المرحلة أيضا أطلق عليه لقب شيخ، حيث ادعى أنه شيخ تراب قدم من الجريد للخصام من أجل إعادته إلى وظيفه بعد طرده من قبل العامل. وهذا السيناريو يعكس إلى حد ما طموحاته في احتلال مكانة قيادية في مجتمع ريفي. وعلى أية حال، فقد راق له هذا اللقب بعد ذلك وأصبح لا يذكر اسمه إلا متبوعا به. إلا أن الأهم من ذلك أنه استطاع خلال وجوده بالعاصمة أن يلف حوله مجموعة من المقاومين، قبل أن يقع سحب البساط من تحته ليقع تهريب تلك المجموعة بدون علمه إلى جبل إشكل. ولكنه لم ييأس، فعاود المحاولة ليكوّن بعد مدة وجيزة مجموعة ثانية، ومن أبرز رفاقه الجزائري فيها محمد اليعقوبي وعدد من مقاومي بلدة قلعة الأندلس وآخرين من أصول جنوبية من الحامة والمطوية وغيرهما... وفي هذه المرحلة، انخرط الشيخ حسن العيادي من موقع متقدم في مقاومة الاحتلال الفرنسي، بالتخطيط لبعض الأعمال المسلحة وتنفيذها بالعاصمة، وقد أحصى ما مجموعه عشر عمليات ([14])، من أهمها عملية اغتيال الكولونيل الفرنسي دي لابيون والمحامي الطاهر الصافي الجزائري الأصل، كما وقع التخطيط لاغتيال الوزير الأكبر محمد الصالح مزالي... ولم تخل هذه الفترة من خلافات بين المقاومين أنفسهم، وبينهم وبين البعض من قادة الحزب الدستوري الجديد. مرحلة ثالثة: امتدت من خطاب منداس فرانس في 31 جويلية 1954 إلى ديسمبر من نفس السنة مع تسليم الثوار لأسلحتهم. وقد وطّد خلالها حسن العيادي صلته المتينة والمباشرة مع المقاومين في جبل برقو، بل أنه التحق بهم وتولى قيادتهم كما جاء في مذكراته. ويذكر أن مجموعة المقاومين التي كانت تأتمر بأوامره بلغ عددها 218 جنديا، في حين صرح لجريدة الصباح في ديسمبر 1954 بأنه ينوف عن المائة ([15])، أما عدد الذين نزلوا معه إلى العاصمة يوم 7 ديسمبر 1954 فكانوا في حدود الخمسين ([16]). ولا شك أن تضخيم عدد رجاله يهدف إلى تضخيم دوره القيادي، إذ نعت نفسه في المذكرات بأنه "الشيخ القائد" و"القائد الأعلى"، وأن مجموعته هي عبارة عن "جيش تحرير" تقف "وراءه أمة كاملة" في إشارة إلى التنسيق مع الحزب الحر الدستوري الجديد. وتتمثل أهم الأحداث المسلحة خلال وجوده بجبل برقو في المواجهات التي تمت خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 1954 مع الجيش الفرنسي، وقد استشهد من مجموعته 11 رجلا وأسرت القوات الفرنسية خمسة آخرين ([17]). وانتهت هذه الفترة باستجابة الشيخ حسن العيادي للنداء الذي وجهته الحكومة التفاوضية للفلاقة والالتزام بمنحهم الأمان، وقد تم ذلك على أيدي عضوي لجنة تسليم السلاح عبد العزيز فراوة وعبد القادر زروق، وسلمت له بطاقة أمان عدد 1952. وفي يوم 5 ديسمبر 1954 نظم أهالي ربع سليانة استقبالا شعبيا كبيرا للمقاومين الذين كانوا بجبل برقو ومن بينهم الشيخ حسن العيادي، "فكانت الشبيبة في انتظارهم تردد أناشيدها الوطنية والزغاريد من كل مكان وفي ساحة البلد أمام النادي الدستوري أقيم مهرجان رائع ضم سراة الأمة وأعيانها وسائر الطبقات". وفي هذا الحفل تكلم الشيخ حسن العيادي لأول مرة ولعلها الأخيرة أمام الجمهور "وأفاض في البيان موضحا أسباب الكفاح وما قام به جنوده، وكان رائدهم الحكمة والدفاع عن قضيتهم ولم ينكب أحدهم عن جادة الصواب وما ضحى من أجله ألا وهو هدفهم ومثلهم الأعلى حتى يروا بلادهم حرة مستقلة ترفل في حلل السعادة" ([18]). لقد كان ذلك الاحتفال أول وأكبر اعتراف بالدور الذي قام به الشيخ حسن العيادي في المقاومة المسلحة. وبعد أيام نعتته جريدة الصباح بأنه "حامل لواء المقاومة في الشمال" ([19]). وقد شكل ذلك ولا شك تتويجا موفقا لهذه المرحلة من حياته، وانفتحت أمامه أبواب المستقبل في ظل واقع سياسي جديد. فكيف تطورت حياته بعد ذلك؟ 3-في مهب السياسة: اللعنة اليوسفية: بعد نزوله من جبل برقو، بقي الشيخ حسن العيادي بالعاصمة، غير أنه لم يجد العناية الكافية من حيث رعايته الاجتماعية وتأطيره السياسي، ثم أن العفو لم يشمل البعض من رفاقه في المقاومة، ومن بينهم الجزائري محمد اليعقوبي فضلا عن جنود الباي الفارين إلى جبل برقو. ولكل ذلك ما لبث أن جمع حوله حوالي العشرة منهم. وعن هذه الفترة يتحدث أحد المقاومين فيقول: "خرج بعض المقاومين السابقين في المدن والجبال على الجادة، فتسلطوا على بعض رجال الأعمال وسلبوا الناس والشركات. وتفاقم ذلك التصرف الشائن" ([20]). غير أن الشيخ حسن العيادي يذكر أن عمل مجموعته إنما كان بوازع وطني للتصدي لما أسماه "فلول الهزيمة" من المتربصين لإفشال المفاوضات. ويذكر أن مجموعته حوصرت، وسجن كل أفرادها بعد أن قتل من بينهم محمد اليعقوبي. أما هو فقد ألقي عليه القبض في نهاية شهر ماي 1955. وبقي بالسجن المدني بتونس العاصمة بضعة أشهر بتهمة الضلوع في مقتل دولابيون. وعندما أطلق سراحه في أكتوبر من نفس السنة، بتدخل من بورقيبة ([21])، كان الصراع اليوسفي البورقيبي قد انطلق وأصبح يتعقد، فوقع توظيفه في مقاومة الحركة اليوسفية مثله مثل مقاومين آخرين كبار ([22]). وفي نفس الوقت وقعت العناية بوضعه الاجتماعي، حيث جلب عائلته من بوسمير، وسمح له بالسكنى في جانب من قصر الباي بحمام الأنف، إلى جوار مقاوم آخر هو الأزهر الشرايطي ([23]). بما يدل على المكانة التي أعطيت له آنذاك. وفي مقابل ذلك لا يخفي الشيخ حسن العيادي في مذكراته انخراطه التام في مقاومة الحركة اليوسفية وتبنيه مفردات الدعاية البورقيبية إزاءها، مستعملا عبارة "الفتنة اليوسفية" التي "تطل برأسها من جحرها" الخ. أما عن الدور الذي اضطلع به آنذاك فيتمثل في فتح مركز صبّاط الظلام للتحقيق مع اليوسفيين، ويقع هذا المركز بنهج مواز متفرع عن شارع باب بنات بالمدينة العتيقة، غير بعيد عن قصر الحكومة بالقصبة. وقد كان سابقا مقرا لشعبة الدويرات الدستورية بالعاصمة. ويذكر الشيخ حسن العيادي بأن فتح ذلك المركز كان "بأمر من زعيم الأمة" وهو ما تؤكده زهرة العيادي ([24]). وبالفعل فإن بورقيبة، في إطار مقاومته للحركة اليوسفية، قام بتعبئة قدامى المقاومين ممن لهم خبرة باستعمال السلاح. كما ذكر الشيخ حسن العيادي بأن نظره امتد إلى عدة مناطق بالشمال التونسي، وخاصة بالعاصمة وضواحيها وجهة سوق الاربعاء (جندوبة) والوطن القبلي، حيث نجد المركز الرئيسي للجان الرعاية ببلدة بني خلاد تحت إشراف عمر شاشية. ويضيف بأنه "جعل في كل بلد مركزا". أما بالنسبة لصباط الظلام فقد استعان برفاقه من قدامى المقاومين الذين لم يذكر أسماءهم. إلا أن الشهادات المتواترة تذكر من بين من اشتغل في صباط الظلام: علي ورق وسعيد الدويري المشهور بكعبورة، كما ورد اسم الطيب السحباني ([25]). كذلك فإن القيادي الدستوري البارز الطيب المهيري والذي أسندت إليه بعد الاستقلال وزارة الداخلية، لا يمكن أن يكون جاهلا بما كان يدور في صباط الظلام ([26]). أما عن الأعمال التي تمت هناك، فإن الشيخ حسن العيادي لا يفصّلها وإنما يجملها تحت عنوان "القضاء على المخربين". ويضيف بأنه كافح "كفاحا حقيقيا وأخلص لخدمة الدولة، الشيء الذي ترك دويا هائلا لاسمه في العاصمة وفي كل البلاد التونسية". في إشارة إلى الصدى الكبير الذي كان لصباط الظلام بما غطى على الأعمال التي كانت تقوم بها لجان الرعاية داخل البلاد ([27]). فما الذي جرى فيه بالضبط؟ لقد كان جماعة الشيخ حسن العيادي هم الذين يجلبون اليوسفيين إلى هذا المركز، ويتولون التحقيق معهم، ولدينا هنا شهادتان من اثنين منهم، وهما السيدان علي المعاوي ([28]) وعبد الستار الهاني ([29])، وقد ألقي عليهما القبض على التوالي في جانفي 1956 وفي أفريل/ماي من نفس السنة، وخفرا إلى صباط الظلام. يشترك الشاهدان في أنهما خشيا التصفية عند إلقاء القبض عليهما، إذ يقول المعاوي متحدثا عن لحظة إيقافه "كنت ذاهبا معهم لألقى ... المصير المحتوم الذي لقيه الكثيرون من أمثالي" ([30]). كما شعر الهاني أكثر من مرة خلال إيقافه بالرعب مما كان ينتظره، إذ يقول "ظننت أن ساعة الموت قد حانت" ([31]). ولا شك أن تلك المشاعر تعكس الصيت السيئ لصبّاط الظلام، ولا يمكن أن نغفل هنا عن الدور الذي قام به اليوسفيون في الترويج لتلك الصورة المفزعة. لكن ما نصيب ذلك من الحقيقة؟ يشترك الشاهدان في أنهما وجدا من تدخل لفائدتهما، فأطلق سراح المعاوي في نفس اليوم بتدخل من الوطني بلحسين جراد، وبقي الهاني رهن الإيقاف لمدة ثمانية أو تسعة أيام. ويتفقان كذلك على أنهما لم يتعرضا للضرب، ليلاحظ علي المعاوي بأن أحد أعوان حسن العيادي، كان يحمل قضيبا حديديا ومسدسا رشاشا. كذلك فإن عبد الستار الهاني لم يقع ضربه إلا مرة واحدة على رأسه كما جاء في شهادته. فماذا عن القتلى والتصفيات؟ وهل هناك أسماء لمفقودين من اليوسفيين في صبّاط الظلام؟ يؤكد علي المعاوي بأن الكثيرين لقوا حتفهم فيه وأن هناك بئرا بالمكان كانت ترمى فيه جثث القتلى ([32])، إلا أنه لم يذكر في مذكراته إلا المختار عطية الذي اغتيل في مطلع ديسمبر 1955 بسوق الخربة من قبل أحد أتباع الشيخ حسن العيادي ([33])، ونفس الشيء بالنسبة للمكي بن عزوز الذي اغتيل قرب ساحة باستور ([34]) إلا أنهما لم يقتلا في صباط الظلام، خلافا لسعيد دبيش خليفة ربع سليانة الذي رآه هناك عبد الستار الهاني ولم يظهر له بعد ذلك أثر ([35]). كذلك تم اغتيال الطيب المثلوثي ([36]). والملاحظ هنا أن البعض من أولئك لم تكن لهم علاقة بالحركة اليوسفية التي لقيت كل العنت من لجان الرعاية في مختلف مناطق البلاد، كما وقعت تصفيات في صفوف عناصرها. وفي انتظار ما قد تكشف عنه الوثائق الأرشيفية، لا نعتقد أن دور صباط الظلام يفوق أدوار تلك اللجان. وعلى أية حال فقد كان الشيخ حسن العيادي مدركا للصيت السيئ لصباط الظلام، إذ كتب في مذكراته: "ولما سكنت الفتنة وتسلمت الدولة التونسية مقاليد الأمن العام بأيديها. أغلق الشيخ صباط الظلام وسلم ما عنده إلى إدارة الأمن الوطني وتقدم إلى الزعيم، راجيا منه السماح له بجولة في الخارج، حتى تخف وطأة الدعاية ضده ويتناسى الناس تلك الأحاديث". وهو ما يدل على تضايقه من صورة الجلاد التي ألصقت به، مثلما بقي صباط الظلام كاللعنة التي تتبعه أينما حل. ومع ذلك لم يخلد إلى الراحة عندما سنحت له الفرصة للتحول إلى المشرق العربي، فاستمر يقدم خدماته لفائدة النظام القائم، ومن بينها دفاعه عن سياسة بورقيبة إزاء الدعايات المضادة سواء بالحجاز أو بالشام. بل أنه –كما يذكر- قابل الأمير عبد الكريم الخطابي تحت اسم مستعار لمعرفة موقفه من بورقيبة. ولا شك أنه كان يسعى من خلال ذلك إلى الحصول على دور ما في الدولة الجديدة، ولم يقنع بميدان المال والأعمال -كما فعل غيره- عند حصوله عام 1957 على رخصة شركة لنقل الحجيج، وإنما وجه اهتمامه للتدخل في الشؤون الإدارية والحزبية ببوسمير، كما تعكس ذلك مذكراته. وهو ما كان يزعج المسؤولين المحليين وحتى بعض كبار المسؤولين. ذلك أن تدخلاته كانت تمس بالفعل بعمل بعض مصالح الدولة، من ذلك ما يشير إليه في مذكراته من تخطيطه بصفة منفردة لقتل صالح بن يوسف. فضلا عن أنه استثار عداوة بعض الوزراء وكبار المسؤولين ممن كان يتجرأ عليهم ويقلل من دورهم خلال فترة المقاومة بسبب عدم مساعدتهم له، بل ويتهمهم بالعمل آنذاك ضد بورقيبة. كل ذلك فتح أمامهم الطريق للتخلص منه، ومما ساعدهم على ذلك أنه كان عاريا تماما من أية مظلة، ولم تكن له أية عصبية تحميه أو تتولى الدفاع عنه. خاصة وقد كان مبغوضا من قبل من يسميهم محمد المصمودي "جماعة تونس"، ويذكر من بينهم الباهي الأدغم ([37])، وتضيف زوجة الشيخ زهرة العيادي كلا من المنجي سليم والطيب المهيري ([38]). وقد سنحت لهؤلاء وغيرهم الفرصة لتحقيق هدفهم، عند الكشف عن المحاولة الانقلابية في ديسمبر 1962، والتي تورط فيها عدد من قدامى المقاومين وعلى رأسهم الأزهر الشرايطي، وهو ما دفع بورقيبة إلى أن يتهجم آنذاك على الفلاقة بصفة عامة، واصفا إياهم بأقذع النعوت. وفي هذا الإطار تم إلقاء القبض على الشيخ حسن العيادي والتحقيق معه، وكان الهدف المسطور منذ البداية هو التخلص منه، ودفن بعض الأسرار معه. وخلال التحقيق في مركز الإيقاف بالقرجاني، يبدو أنه تعرض للتعذيب الشديد. وفي هذا المعنى يقول عنه الأزهر القروي الشابي الذي استدعي كشاهد ضده : "فجيء به إلي وكان في أبشع منظر، كان حليق الرأس ولحيته كثة، وسألوه إن كان يوجد بين الحاضرين فلان؟ فقال: لا، لا أعرفه. وطلب مني الضابط أن أؤدي شهادة فرفضت ذلك وعندما رأيته في ذلك المنظر قلت: إن الله يمهل ولا يهمل" ([39]). ويتبين من تلك الشهادة أمران: -أن الرجل تعرض للتعذيب الشديد، وفي هذا الإطار يذكر محمد المصمودي بأن الشيخ حسن العيادي وقع تعليقه من ساقيه في حين كان رأسه يتدلى إلى أسفل، وكان ذلك بحضور اثنين من كبار رجال الدولة آنذاك وهما الباهي الأدغم والطيب المهيري ([40]). -أن النية كانت واضحة لتوريطه حقا وباطلا، وفضلا عن شهادة الشابي المشار إليها، فقد طلب من أكثر من واحد أن يشهد ضده زورا من بينهم أحمد التليسي ([41]) وعبد الرحيم بالأمين ([42]). ولا شك أن متابعة كبار المسؤولين للتحقيق معه تدل على النية الثابتة للتخلص منه. وعلى أية حال، نقل الشيخ حسن العيادي بعد التحقيق معه إلى السجن المدني بتونس ([43]) ثم أحيل على المحكمة العسكرية. وبينما حضرت الصحافة محاكمة المورطين في المحاولة الانقلابية، وقامت بتغطية جلساتها من بدايتها إلى صدور الحكم، تمت محاكمة الشيخ حسن العيادي، بعيدا عن وسائل الإعلام، ووقع الاقتصار على نشر بلاغ يفيد بأن الرجل وثلاثة من رفاقه وقعت إحالتهم على المحكمة العسكرية، وقد وجهت له التهم التالية: -تعمد المشاركة في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الأمة والجيش بقصد الإضرار بالدفاع الوطني، -المشاركة في الاغتيال بإضمار، -المشاركة في محاولات عدة للاغتيال بإضمار، -الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، -ابتزاز أموال الناس مع استعمال العنف، -مسك مستودع أسلحة وذخيرة حربية. وإذ نشير هنا إلى أن من الأشخاص الذين اتهم بالمشاركة في اغتيالهم، المختار عطية مثلا ([44])، غير أننا لا ندري إن كان المقصود بمسكه مستودع أسلحة هو صباط الظلام أم محلا آخر، فمن المرجح هنا أن بعض تلك التهم التي وجهت إليه تستند إلى وقائع تعود إلى فترة الصراع اليوسفي البورقيبي، وهو ما يعني أن اللعنة اليوسفية بقيت تلاحقه إلى أن ألقي عليه القبض ومثل يوم 9 ماي 1963 أمام المحكمة العسكرية التي أصدرت عليه الحكم بالإعدام ([45]) ونفذ فيه بعد عشرة أيام ([46])، مثلما نفذ حكم مماثل في بداية تلك السنة في المورطين في المحاولة الانقلابية ومن بينهم قائد آخر للمقاومة هو الأزهر الشرايطي ([47])، وكان الرجلان من أنصار بورقيبة، ولعبا دورا نشيطا في مقاومة اليوسفية، لينتهي بهما المطاف على نفس المذبح الذي عرض عليه رفاقهم في المقاومة وخصومهم في السياسة بعد ذلك من الذين انضموا إلى اليوسفية. وهكذا كانت سنة 1963 سنة حاسمة في التعامل مع المقاومين القدامى، بما وفرته من فرصة لاستكمال ما تم سنتي 1955-1956 ضد أنصار صالح بن يوسف. وإذ رحل أولئك المقاومون على عجل وفي ظروف مأساوية، لم يتسن لهم أن يتركوا لنا وثائقهم الشخصية أو كتابات تتعلق بحياتهم، خاصة وأنهم في الغالب شبه أميين، فإن الشيخ حسن العيادي هو الوحيد الذي ترك لنا مذكراته التي كتبها في تلك الفترة ([48])، وقد حاول فيها أن يلقي الضوء على فترات من حياته وخاصة منها نضاله ضد الاستعمار. وهذه المذكرات يمكن اعتبارها مصدرا لا مندوحة عنه بالنسبة للمؤرخ المهتم بتاريخنا المعاصر، فكيف وصلتنا هذه المذكرات؟ وما هي الظرفية التي كتبت فيها؟ وما هي المواضيع الجديدة التي تناولها؟ ثانيا-مذكرات في مخطوطتين: حافظت عائلة الشيخ حسن العيادي على هذه المذكرات، وعلى عدد آخر من وثائقه الخاصة، بما في ذلك من صور شمسية نادرة. وقد انتبهت السيدة زهرة العيادي إلى أهمية تلك المذكرات فخبأتها حتى لا تصل إليها أيدي الأعوان الذين جاؤوا لتفتيش منزلها خلال اعتقال زوجها. إذ تقول في شهادتها: "إنهم لم يجدوا شيئا, حتى مذكرات الشيخ أخفيتها عنهم، فقد وضعتها تحت ابنتي الرضيعة التي لففتها باللحاف جيدا ثم قدّمتها لهم وقلت لهم: فتشوا هذه الصغيرة، إن أردتم فنحن لا نخشى شيئا". ولا شك أن إخفاءها لتلك المذكرات، كان بقدر حرصها على إثبات دور زوجها في الكفاح الوطني من أجل تحرير البلاد، وبالتالي فهي الدليل على براءته أمام التاريخ مما هو متهم به. والحقيقة أن مضمون تلك المذكرات، كما سيلاحظ القارئ، يشي بأن الرجل يريد منها أن تكون الدليل على إخلاصه لبورقيبة شخصيا، وهو ما قد يصلح له في ساعة العسرة. وإذ لم يكن محظوظا بحيث لم تصل هذه المذكرات إلى الأيدي التي يمكن أن توصلها إلى بورقيبة فينقذه من حبل المشنقة، فمن حظ المؤرخين أنها وصلت إلينا لتنشر اليوم ضمن هذا السفر. ([1]) هذه المعلومات أفادنا بها صديقه وقريبه الدهماني بن علي بن محمد رميدة خلال لقائنا به يوم 27 فيفري 2010. ([2]) انقطع التهامي بن الحاج العيادي عن الدراسة بجامع الزيتونة بعد أربع سنوات ليسمى عدلا في لواتة، وكان ذلك في فيفري 1921 واستمر في هذه المهنة إلى وفاته في جوان 1939؛ انظر: الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة ب1، صندوق 219، ملف 14، الوثيقة 80. ([3]) أفادنا بهذه المعلومات تربه الدهماني بن علي بن محمد رميدة الذي رافقه في الدراسة بالكتاب بكل من بوسمير ومنزل كامل، وذلك خلال اللقاء معهد يوم 27 فيفري 2010. ([4]) وجدنا هذه الشهادة ضمن الوثائق الشخصية للشيخ حسن العيادي. ([5]) أفادنا بذلك الدهماني بن علي بن محمد رميدة يوم 27 فيفري 2010. [6]) حسب الرواية المتطابقة لكل من الدهماني رميدة وعبد الله التهامي رميدة خلال لقائي بهما يوم 27 فيفري 2010. ولعل مما يؤكد صلته بالعمل النقابي وبالنقابيين من أصيلي صفاقس أنه تلقى دعوة في مارس 1957 لحضور اجتماع للاتحاد التونسي للشغل الذي يوجد من بين قيادييه عبد العزيز بوراوي. وقد وجدت هذه الدعوة ضمن وثائقه الشخصية. ([7]) حسب شهادة عبد الله التهامي رميدة خلال لقائي به يوم 27 فيفري 2010. ([8]) المصدر نفسه. ([9]) الصباح، 22 مارس 1953، "بوسمير (جبنيانة) ترويع الآمنين". ([10]) الزهرة، 18 فيفري 1953، "عصابة من الفلاقة تغتال شيخ قرية ملولش". ([11]) حول الاغتيالات في صفوف المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي، انظر: عميرة علية الصغير، "ضحايا الجانب الفرنسي نتيجة أعمال المقاومة في تونس من جانفي 1952 إلى جوان 1953"، في كتابه المقاومة الشعبية في تونس في الخمسينات: انتفاضة المدن، الفلاقة، اليوسفية، التسفير الفني، صفاقس 2004، ص 79 وما بعدها. ([12]) المصدر نفسه. ([13]) أفادنا أحمد التليسي بتاريخ 4 جويلية 2011 أن من بين من اتهم باغتيال الشيخ الهاشمي بن نصر حسين التليسي. ([14]) انظر الملحق 7. ([15]) الصباح، 10 ديسمبر 1954، القائد حسن العيادي حامل لواء المقاومة في الشمال يزور إدارة "الصباح"، ص 2. ([16]) الصباح، 10 ديسمبر 1954، مبعوث الجريدة ع.ع، "مع المقاومين في جبل كسرى". ([17]) الصباح، 10 ديسمبر 1954، القائد حسن العيادي حامل لواء المقاومة في الشمال يزور إدارة "الصباح"، ص 2. ([18]) الصباح، 12 ديسمبر 1954، "كيف استقبل المقاومون في ربع سليانة من طرف الأهالي"، لمراسل الصباح، ص 1. ([19]) الصباح، 10 ديسمبر 1954، القائد حسن العيادي حامل لواء المقاومة في الشمال يزور إدارة "الصباح"، ص 2. ([20]) الطيب الشواري، ما عملت ورأيت وسمعت، ذكرياتي عن دور القلعة الكبرى في تحرير الوطن، المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية، تونس 2008، ص 404. ([21]) حسب شهادة أحمد التليسي بتاريخ 4 جويلية 2011. ([22]) عميرة علية الصغير، المقاومة الشعبية في تونس...، نفس المصدر، ص 160. ([23]) حسب رواية ابنه المنصف العيادي. ([24]) انظر الملحق 9. ([25]) شهادة السيدين علي المعاوي لنا شخصيا، وكذا شهادة السيد محمد المصمودي بتاريخ 24 جويلية 2010. بالإضافة إلى شهادة الأزهر القروي الشابي كما سنبين ذلك لاحقا. ([26]) وقرينتنا على ذلك شهادة علي بوحسين الذي يذكر بأن المهيري كان، حتى قبل الخلاف اليوسفي البورقيبي، وراء تصفية البعض من المعارضين، واعترف بوحسين بتوليه اغتيال اثنين منهم؛ انظر كتابه: مذكرات مقاوم، قلعة الأندلس، شركة فنون الرسم والنشر والصحافة، تونس (د.ت)، ص 70. وإذ لم يذكرهما بالاسم فهما ولا شك كل من خميس وعبد الكريم الوسلاتي من مجموعة صوت الطالب الزيتوني. ([27]) حول لجان الرعاية انظر: عميرة علية الصغير، اليوسفيون وتحرر المغرب العربي، ط 1، تونس 2007، ص 53 وما بعدها، كذلك : فيصل المقدم، لجان الرعاية بتونس، نشأتها ونشاطها 1955-1956، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، صفاقس 2009. ([28]) علي المعاوي، ذكريات وخواطر، منشورات المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية، منوبة-تونس 2007، ص 651 وما يليها. ([29]) شهادة عبد الستار الهاني، المجلة التاريخية المغاربية، 114، جانفي 2004، "الخلاف البورقيبي اليوسفي"، ص 241-244. ([30]) علي المعاوي، ذكريات وخواطر، نفس المصدر، ص 651. ([31]) شهادة عبد الستار الهاني، نفس المصدر، ص 243. ([32]) أكد لنا ذلك السيد علي المعاوي أكثر من مرة خلال لقاءاتنا معه. إلا أن أحمد التليسي ينفي وجود بئر بصباط الظلام، انظر شهادته على منبر مؤسسة التميمي يوم 4 جويلية 2009. ([33]) كان يُعتقد أن القاتل إنما هو أحمد التليسي، إلا أن هذا الأخير دفع عن نفسه التهمة، ووجهها إلى شخص آخر اكتفى المعاوي بذكر الحرفين الأولين من اسمه: أ. ب. وأضاف بأنه من العروسة؛ انظر: المعاوي، ذكريات وخواطر، نفس المصدر، ص 641-642. وينطبق ذانك الحرفان على اسم أحمد بن الرجب، الذي أكد علي بوحسين أنه هو القاتل وأن الشيخ حسن العيادي "قربه إليه... وجعله لعبة في يده ينفذ كل ما يأمره به"؛ انظر، بوحسين، مذكرات، نفس المصدر، 77. ([34]) علي بوحسين، مذكرات، نفس المصدر، ص 86. ([35]) شهادة عبد الستار الهاني، نفس المصدر، ص 242. ([36]) تولى الطيب المثلوثي رئاسة جامعة القصور للحزب الدستوري الجديد، ثم انضم إلى الحزب الدستوري القديم. أفادنا بذلك السيد أحمد التليسي بتاريخ 4 جويلية 2011. ([37]) ورد ذلك في شهادته بتاريخ 24 جويلية 2010. ([38]) انظر شهادتها المنشورة ضمن هذا الكتاب، الملحق 9. ([39]) شهادة عبد الستار الهاني، نفس المصدر، ص 247. ([40]) ورد ذلك في شهادته بتاريخ 24 جويلية 2010. ([41]) وذلك حسب شهادة أحمد التليسي لنا يوم 4 جويلية 2011.. ([42]) انظر شهادة السيدة زهرة زوجة الشيخ حسن العيادي في قسم الملاحق (الملحق 9). [43]) يذكر علي المعاوي أنه شاهده في قسم الزنزانات؛ انظر: علي المعاوي، ذكريات وخواطر، نفس المصدر، ص 726. ([44]) ذكرت أرملة المختار عطية أن الطيب المهيري اتصل بها يوم إعدام حسن العيادي، ليقول لها "إن قاتل المختار نفذ فيه اليوم حكم الإعدام"، وهو ما يدل على أن من بين التهم التي وجهت إليه اغتيال المختار عطية؛ انظر: حمادي اللواتي، أبناء جزيرة جربة في الحركة الوطنية 1881-1961، الشركة التونسية لفنون الرسم، تونس (2004؟)، ص 270-271. ([45]) الصباح 11 ماي 1963، "المحكمة العسكرية تقضي بالإعدام على حسن العيادي لمشاركته في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الأمة والجيش"، ص 1. ([46]) انظر شهادة زوجته السيدة زهرة العيادي، الملحق 9. ([47]) حول حياة الأزهر الشرايطي، انظر: عميرة علية الصغير، "في سيرة مقاوم: الأزهر الشرايطي (1920-1963)"، ضمن كتابه: اليوسفيون وتحرر المغرب العربي، ط 2، المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب، تونس 2011، ص 141-155. ([48]) مذكرات حسن العيادي هي الوحيدة التي كتبت في تلك الفترة المبكرة، أما مذكرات غيره من المقاومين فقد صدرت متأخرة جدا، انظر قائمة المصادر والمراجع.
| |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: رد: الشيخ حسن العيادي ومذكراته من المقاومة المسلحة إلى صباط الظلام د. محمد ضيف الله الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 11:00 | |
| | |
|