تحت عنوان "كيف زود الفرنسيون ثوار ليبيا بالسلاح؟" تنشر صحيفة "ايزفيستيا"
مقالا تكشف فيه تفاصيل عملية تزويد المعارضة الليبية بالأسلحة. وتذكر
الصحيفة إنه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بمدينة سوتشي الروسية عقب اختتام
اجتماع مجلس روسيا- الناتو، طرح السؤال التالي على وزير الخارجية الروسي
سيرغي لافروف: "كيف يمكن الحديث عن تأمين حماية المدنيين في ليبيا، اذا كان
أحد أعضاء حلف الناتو يزود المعارضة الليبية بالأسلحة؟".أجاب
لافروف قائلا: " ترى روسيا أن حظر توريد السلاح يجب أن يشمل كل الأراضي
الليبية، وهذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في قرار مجلس الأمن، فتوريد
السلاح لأي جهة يشكل انتهاكا لهذا القرار. ويشمل الحظر أيضا إرسال الخبراء
العسكريين والمدربين، وتقديم الخبرات العسكرية. ولكن يبدو أن لدى أعضاء حلف
الناتو رأيا آخر بخصوص هذا الموضوع، إذ يعتقدون أن قرار مجلس الأمن رقم
1973 يتيح لأي كان التصرف كما يشاء. ونحن لم نصل بعد الى اتفاق معهم بهذا
الخصوص". ولكن الأمين العام لحلف الناتو اندرس فوغ راسموسن الذي
وجه له السؤال أيضاً، أبدى صلابة أطلسية، مجيبا أن "حلف الناتو ملتزم
بصرامة بقرار مجلس الأمن"، وحسب رأيه، فان امدادات الأسلحة الفرنسية
للمعارضة، تأتي في إطار السعي لانقاذ قبائل ثارت ضد نظام القذافي من خطر
الإبادة الشاملة.وتوضح الصحيفة حقيقة ما جرى فعلا في منطقة الجبال
الليبية، حيث ألقت المظلات الفرنسية بأحمالها من "المساعدات الانسانية".
ففي تلك المنطقة الواقعة الى الجنوب الغربي من طرابلس، تعيش احدى قبائل
البربر الأمازيغ. وبتاريخ 16 مارس/آذار، أي بعد شهر من بدء النزاع المسلح،
أعلن الأمازيغ دعمهم للمعارضة الليبية، وبدأوا بشن هجمات على المواقع
العسكرية والأمنية. ويعود ذلك إلى خلافات قديمة بين زعماء تلك القبائل
والقذافي، فقد طالبوا بحكم ذاتي ومخصصات مالية أكثر من الحكومة باعتبارهم
أهم القبائل المكونة لليبيا، واليهم تعود حتى تسمية البلاد. وهو ما كانت
ترفضه طبعا السلطة المركزية.لقد دعمت فرنسا بشكل دائم تطلعات
الأمازيغ القومية، حتى أنه تم في باريس تشكيل المؤتمر العالمي للأمازيغ.
وخصصت الجامعات الفرنسية سنويا 15-20 منحة دراسية للطلبة من تلك القبائل،
في محاولة لكسب ود زعمائها وتقريبهم منها. ومن الطبيعي أن فرنسا استخدمت
قنوات المؤتمر العالمي للأمازيغ لدس عملاء استخباراتها في المنطقة.وكانت
الاستخبارات الخارجية الليبية التي تملك شبكة واسعة من العملاء في الوسط
الأمازيغي، تتابع باهتمام نشاط الاستخبارات الفرنسية ذاك، وتقوم من فترة
الى أخرى بتوجيه ضربات قاسية إليه، كان آخرها اعتقال شبكة كبيرة من عملاء
الاستخبارات الفرنسية والمتعاملين معهم من الوسط الأمازيغي بتاريخ 11 كانون
الثاني/ يناير.وعلى أرض الواقع لم ينجح الأمازيغ في شن عمليات
مؤثرة تذكر ضد قوات القذافي، واقتصر نشاطهم على بضع هجمات متفرقة ضد
الدوريات العسكرية، والمخافر الأمنية في المناطق الجبلية. ولتأمين فعالية
أكبر لتلك الهجمات التي يشنها الأمازيغ، قام الفرنسيون بإمدادهم بالأسلحة
والخبراء العسكريين بواسطة المظلات .ولكن الاستخبارات الليبية
الخارجية كانت لهم بالمرصاد. فقد حصلت على معلومات دقيقة عن موعد ومكان
عملية الإنزال المرتقبة، ومنظومة الاتصالات المستعملة من قبل الطيارين
الفرنسيين، كما قبضت على المرشدين المفترضين من الأمازيغ للطائرات
الفرنسية، وخدعت قيادة عملياتهم عن طريق اللاسلكي بأن كل شيء جاهز لإنزال
دفعة جديدة من الأسلحة والعتاد.وعندما تم إنزالها في معسكر للجيش
الليبي كانت عدسات كاميرات التلفزيون الليبي بانتظارهم، حيث نقل التلفزيون
الليبي بالكامل عملية إنزال الأسلحة والعتاد الى المعارضة ، كما نشرها على
شبكة الانترنت، وعرض ما تم إنزاله من رشاشات ثقيلة، وقذائف، وصواريخ مضادة
للدروع، وذخائر، وألغام ضد المشاة (محرمة دوليا). ولم يتبق للفرنسيين بعد
ذلك الا الاعتراف بأنهم فعلا قاموا بتزويد المعارضين بالأسلحة، "بهدف حماية
المدنيين فقط". وأعلنت هيئة أركان حلف الناتو إثر ذلك أيضا أن الفرنسيين
قاموا بذلك دون علم الحلفاء.وأدلى الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو بتوضيح لصحيفة "ايزفيستيا"
قال فيه إن "القرار الأول لمجلس الأمن رقم 1970 يفرض حظرا شاملا على توريد
الأسلحة الى الجماهيرية. أما القرار الثاني رقم 1973 فيسمح باتخاذ كافة
الإجراءات الكفيلة بحماية السكان المدنيين. وعندما اتخذ القرار الأول لم
تكن هناك معارضة مسلحة، وكان المقصود بالحظر قوات القذافي فقط. وبعد تعرض
السكان المدنيين في منطقة جبل نفوسة لخطر الموت والإبادة، كان لابد من
اتخاذ إجراءات لانقاذهم وتعزيز قدراتهم للدفاع عن النفس. وفي هذا السياق
تماما تم تنظيم عملية إنزال الأسلحة والعتاد لهم بالمظلات، وبما يتوافق
كليا مع قرار مجلس الأمن الدولي".