afif
عدد المساهمات : 863
تاريخ التسجيل : 26/01/2010
العمر : 45
 |  موضوع: قراءة في المنظومة الدولية والتدخل العسكري السافر في ليبيا  الأحد 29 مايو 2011 - 13:47 | |
| إن المتتبع لما يحدث للقطر الليبي الشقيق من إبادة لشعبه وتدمير لبنيته التحتية ومؤسساته الحيوية من قبل حلف الناتو، قد يتساءل عن مدى مشروعية هذه المؤامرة الرخيصة وخلفياتها وأبعادها.
إن المتحدث عن الواقع الدولي إلا وتتخلل أفكاره عبارة( النظام الدولي الجديد ) فما هي حقيقة هذا النظام , تجليا ته ومدى تأثيره على ما يجري البلدان العربية بصفة عامة والجماهيرية الليبية العظمى بصفة خاصة.
لا يسعى هذا النظام إلا احتكار العالم في صياغة أمريكية معيارها الوحيد القوة , والقوة فقط لا غير وهذا ما حدا بجميع متتبعي هذا المسار إلا اعتبار الولايات الأمريكية المتحدة المهيمن المطلق على الكرة الأرضية وهو ما تؤكد ه المقالة التي تقول بدوران العالم في فلك قوة عظمى وحدانية أو كما يصطلح عليه بالانجليزية lonely superpower the وهو اصطلاح يدل على انه لا منافس ولا مجابه لهذه القوة الذي تبنى بالإضافة إلى آليات القصف والتدمير والطائرات وأسلحة الدمار الشامل انتهجت سياسة ا لقوة الهادئة المتمثلة في استعمال آليات جديدة لمحاربة البشرية واحتقارها وفرض هيمنتها عليها , وكل ما نراه اليوم في العلاقات الدولية أو الثنائية والمؤتمرات ما هو إلا فرض للقيم الخاصة بالليبرالية المستنتجة من الإيديولوجية الأمريكية التي حولت جميع المؤسسات الدولية إلى مجرد كراكيز بيد من تمتلك جميع الخيوط وابرز هذه المؤسسات منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين فقدا مصداقيتهما وثقتهما وغادت آليات الأمم المتحدة مطبخا يحضر فيه الغرب خططه المدمرة للبشرية يتم من خلالها الاختراق والانتهاك والتجاوز لكل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية .
ومن المؤسف أننا أصبحنا نلاحظ أن المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية والمهتمة بكنهية المجتمعات المدنية سواء كانت دولية أو جهوية تسرب إليها التلوث من لدن القوى الغربية الامبريالية . نذكر في هذا السياق أن فرنسا في مسألة ( ساحل العاج ) تدخلت بشكل يبرهن عن غياب وانتفاء فعالية واحترام القانون الدولي , حيث أتت بجيشها إلى الدولة المذكورة لحماية آلة سياسية تابعة لها دون اكتراث بشيء اسمه الترتيبات القانونية أو التشاور مع المنظومة الدولية , مثل هذا السلوك يبرز كيف أن النظام الدولي الجديد هو عهد تنامت فيه التجاوزات القانونية , وتكاثرت فيه النزاعات والاعتداءات كالعدوان الصليبي على القطر العراقي الشقيق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل و... وافتعال التطاحنات العرقية والإقليمية بين الدول الإفريقية , إلا أن هذا النظام ما كان ليهيمن لو لم يجد المرتع الخصب الذي يستفحل من خلاله والذي ما كان لينفذ لو لم ينفذ بسلطان ضعفنا نحن كعرب ومسلمين , فهو نظام يعادي العدالة وطنيا ودوليا والتقدم والازدهار والتنمية والديمقراطية وعداؤه الأول والأخير موجه للإسلام والمسلمين , فضحايا المسلمين في العقد الأخير أكثر عشر مرات من ضحايا المسلمين في الحروب الصليبية السابقة حيث وصل عدد المسلمين ضحايا القصف ا لغربي الاستعماري إلى أكثر من أربعة ملايين شهيد موزعين مابين العراقيين والبوسنيين وشيشانيين وليبيين، وهذه الأرقام دليل على سعي الغرب إلى سحق العرب والمسلمين .
ومن هنا يتضح من خلال سردنا للأحداث السالفة الذكر أن المؤامرات التي أحيطت بالجماهيرية الليبية العظمى من قبل الدول الغربية وحفنة من الحاقدين الخونة الذين اعتادوا على فتات الغرب لم تأتي من باب الصدفة بل ارست قواعده منذ سنة 2009 لإيجاد منطقة نفوذ للغربيين نظرا للموقع الاستراتيجي لليبيا المطل على البحر الأبيض المتوسط، وباعتباره النقطة الأقرب إلى أوروبا وآسيا وتميزه بثروته النفطية التي أسالت لعاب الغرب وهو ما يكرس السرعة التي أحيل بها ملف القضية الليبية على مجلس الأمن و صدور القرارات التي تفتقد إلى الشرعية والمشروعية بل أكثر من ذلك تورط حلف الناتو في حربه المخزية والهمجية على ليبيا وتجاوزه لقرارات مجلس الأمن والذي أصبح أداة في يد القوى المعادية بإزهاقها لأرواح المواطنين الأبرياء ( شيوخ أطفال ونساء ) وتدميره للمنشات العامة والبنية التحتية ( مدارس , مستشفيات الولادة ...).
وهكذا نتساءل كيف يمكن أن تتحقق فكرة التجانس بين القانون الدولي والواقع الدولي علما أن عالم اليوم يغيب عنه القانون وتنتفي فيه العدالة واحترام الأنساق والتنظيمات القانونية لتحضر الخروقات والتجاوزات والمصالح والأنانية.....
أنى للعالم أن يحيى بسلام والعدالة تغيب عنه دوليا ليحل محلها البطش والقصف والدمار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول دون مراعاة للمواثيق والاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية جنيف التي تؤكد عدم جواز التدخل والمساس بسيادة أية دولة وبوحدتها الوطنية وسلامة أراضيها وسلامة الدولة .
ولتصحيح المفاهيم الخاصة بما يحدث في ليبيا نؤكد أن الحملة الصليبية جاءت يا للأسف بتمويل عربي من قبل ( دويلة قطر والإمارات العربية المتحدة ) وبمباركة من جامعة الدول العربية وبتخاذل من بعض الأقطار العربية وبتورط من بعض المفسدين من المسئولين الليبيين وهي مؤامرة فبركها الغرب مسخرين لذلك قنوات إعلامية عميلة ومخزية ( قناة الجزيرة والعربية والحرة ...) والتي انحرفت عن مسارها الحقيقي وأصبحت بوقا لتزييف الحقائق وتمييعها واضحي مذيعوها ومذيعاتها جنود من جنود حلف الناتو يذيعون أكاذيب ونكت سخيفة بالإضافة إلى من يحسبون أنفسهم على الإسلام وما هم بمسلمين، بل هم في الحقيقة إلا أبواقا صهيونية تحت عمائم إسلامية وسنترك للتاريخ محاكمتهم .
وعليه، وأمام الانتهاكات الجسيمة للقوانين والمواثيق الدولية من قبل الدول الغربية وأداتها حلف الناتو في قتله للأبرياء في ليبيا ذنبهم أنهم رفضوا الأطماع الغربية وتقسيم بلادهم والاستيلاء على نفطهم والمس بقائدهم .
وأمام وضعية مجلس الأمن الذي أصبح يفبرك ويصدر قرارات غامضة التي تحمل أكثر من تأويل ( القرارين 1970 1973 ) من اجل فتح الباب أمام المطامع الأجنبية.( بريطانيا تخطط وأمريكا تنفذ ) .
وبناء على ما سبق، فإنني أسجل التناقض الصارخ في المنظومة الدولية والناتج عن التضارب بين شرائع القانون وشرعنات المتحكمين في مصير الجماعة الدولية .
فبما تفسر هذه المفارقات الموشومة بملامح الواقع الدولي ، وإذا كان واقع الحال الدولي لا يعكس إلا إرادات وأهواء القوى الصليبية، فما جدوى الإبقاء على قانون لا يخرج لحيز التنفيذ الا حسبما تسطره المصالح السياسية للقوى الغربية .
بقلم ذ. محمد المصباحي المحامي
الأمين العام التنفيذي للتحالف المدني لحماية الوطن | |
|
