عندما يعترف البنتاغون

تونس - الصباح

في مقال بمجلة
«فوراين أفاريز» المختصة الأمريكية بعنوان «مساعدة الآخرين في الدفاع عن
أنفسهم» أكد وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس أن بيئة الأمن العالمي تغيرت
منذ نهاية الحرب الباردة بشكل هائل وأصبحت،
على حسب تعبيره، أكثر تعقيدا ويصعب التكهن بمستقبلها، حتى "مع
غياب قوة عظمى منافسة لأمريكا، أصبح العالم أكثر خطورة".
ويبدو أخيرا، أن أمريكا استوعبت
أن العربدة والبلطجة التي مارستها زهاء 20 سنة، بوصفها «شرطي العالم»
صاحبة «حق العنف الشرعي» الذي بموجبه... وبموجب حماية أمنها القومي من
الارهاب، أخذت العالم إلى مصير مجهول... نتيجة جملة من المقرارات
الاستراتيجية التي أخذت تشكل الايديولوجية السياسية المتحكمة في تسيير
دواليب الادارة الأمريكية منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بداية
النظام الدولي الجديد في سنة 1990.
ويبدو أن «السلام الأمريكي»
الذي حلم به مقررو السياسة في واشنطن في بداية التسعينات، أصبح في يومنا
هذا كابوسا... تسببت فيه الضربات الاستباقية والحروب التي جعلت من الأراضي
الأفغانية والباكستانية، والعراقية مرتعا للارهاب الذي بات طابعا مميزا لهذه المنطقة.

إن تغير منطق السياسة الأمريكية
اليوم أصبح واضحا فاختفت بعض التسميات التي أصمت الأذان
كمحوري الخير والشر، وأصبح الأمريكيون يبحثون عن شركاء وحلفاء
وبالمثل اختفت صيغ «الشرق الأوسط الكبير» والضربة الاستباقية، «والحروب
الصليبية»، ليعوضها أوباما بالتعاون مع الشركاء، وبناء مقدراتهم على محاربة "الارهاب".

لقد تغيرت الاستراتيجية الأمريكية من استراتيجية هجومية تقوم على «الضربة الخاطفة» و«الصدمة
والرعب» الى استراتيجية دفاعية تقوم على «مساعدة» و«تنمية مقدرات الحلفاء»،
واعتماد سياسة «المهادنة السياسية» والعسكرية لتحقيق أهدافها، وهو عين ما فعلت من خلال توقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة
النووية «ستارت 2» مع روسيا... والاستغناء عن الدرع الصاروخية.

نزار مقني