علي
عدد المساهمات : 51 تاريخ التسجيل : 04/08/2011
| موضوع: «على جبينها ثورة».. رحلة إلى تونس الجديدة الأحد 25 سبتمبر 2011 - 18:15 | |
| | | مراجعة محمد هديب
حين ندخل تونس نعرف كيف نطلق جملة سريعة عن تونس ما قبل الثورة والتي تعد ما بعدها الآن، ثم ننتبه إلى أننا نحن الذين تغيرنا. صار الزمان والمكان ذوا طعم جديد. اللغة تتغير. المشهد البصري البعيد يمنح مفردات جديدة والمشهد القريب تتأمله وترى تفاصيل جديدة.
هذا الأفق يستأهل الرحلة التي قام بها الكاتب الجزائري الشاب يوسف بعلوج إلى تونس ليلتقي هناك المكان وبعض أهله ويصدر على الأثر كتابه «على جبينها ثورة وكتاب»، مؤخرًا عن دار فيسيرا للنشر.
قدم الكتاب الروائي الليبي محمد الأصفر بقوله: يبدأ الرحالة (يوسف بعلوج) كتابه بتسجيل وقائع رحلاته إلى تونس قبل ثورتها الياسمينية وبعدها ممارسًا تسكعه وفضوله التحليلي والأدبي على كل تفصيلة صغيرة يصادفها في رحلته منذ انطلاقته من مدينته الصغيرة حتى دخوله الحدود التونسية وتوغله في العمق التونسي، حيث لا تتغير الأرض والتراب والسماء والهواء، وتتغير فقط ألوان الأعلام وألوان السيارات وقليل من لهجة الناس مع احتفاظهم بعصبيتهم وأمزجتهم العربية والبربرية.
لم يكن كتابا مرسخا للصوت الواحد. كان حديقة يانعة متنوعة متوازنة. استدعى اليسار واليمين، استدعى الحداثي والكلاسيكي، استدعى الكبير والصغير، باقة من الحياة قدمها لنا ورحلة قام بها في جبين قلبها النابض، أراد أن يشركنا بها ويقول: هذه تونس التي أحبها.
هذه هي تونس التي رأيتها قبل أسبوع مما بات يعرف ثورة الياسمين. ترى من يملك تفسيرًا لعلاقة التونسي بالياسمين؟ إنها علاقة عشق غريبة لدرجة أنه يكاد لا يخلو بيت هناك من شجرة ياسمين، وهو أجمل هدية يقدمها الحبيب لحبيبته. بائعو الياسمين يهجمون على الثنائيات مقدمينه في شكل باقة صغيرة أو سلسلة تاركين للرجل حرية تحديد الثمن الذي يكون طبعًا من غلاوة الحبيبة.
الحيطان فقدت بياضها.إذ أن شعارات الثورة مدونة عليها في كل مكان. لا أثر لصور بن علي التي كانت تنتشر في كل مكان معطية إياه صفة النجم لا الرئيس في حين أن تمثال ابن خلدون ما زال صامدًا في شارع بورقيبة.
قسم الكاتب كتابه إلى أجزاء سمّى الأول منها الأول «جبين السياسة» والثاني «جبين التدوين» والثالث «جبين الكتابة»
في الشق الثاني نلتقي مجموعة أسماء وازنة في المشهد السياسي التونسي من رؤساء وكوادر حزبية وناشطين حقوقيين وفي المجال الثقافي نلتقي كتابًا ومثقفين، ومدونين. غير أن العنوان الذي سيرسم نفسه بقوة في الحوارات كان وسيظل تونس الجديدة.
يشبه التخلص من رأس النظام بتخلص الفرد من شوكة في ذراعه. إنها تؤلم أيضا حين ننتزعها. هذا التصور يساوي في رمزيته ما يجري في مشهد البناء الجاري هناك وهو أصعب من الهدم ويأخذ زمنًا بطيئًا لترسيخ حياة لا تفضي إلى تاريخ كامل يحال على الفردانية أو دكتاتورية العصابة وما تنتجه من ثقافة فساد وإفساد.
في حوارات يوسف بعلوج تتبدى هذه الصور الجديدة من الصارع القائم في تونس، حيث الكل يريد حصة من الهواء المصادر، مما يشير إلى انفجار العمل الحزبي بما يقارب المائة حزب في بلد صغير تعداده السكاني عشرة ملايين.
ثم هناك بالتأكيد الحالة المتكررة في الدول التي تشهد ثورات تطيح بأنظمة دكتاتورية ألا وهي حالة الفلول التي تسعى إلى تجديد دخولها من النافذة بعد أن طردت من باب الثورة الواسع، وهي التي يطلق عليها الثورة المضادة. ثم هناك الصراعات الجديدة بين المكونات الحزبية ومكونات العمل الشعبي من نقابات ومنظمات مجتمع مدني والتي تستقطب حصصها في الشارع وعينها على ما قد تنتزعه من حقوق تمثيلية وما يتهددها من أوضاع في الثقافة السياسية ناجمة عن مصالح متنفذة لقوى الذود العكسي.
ها هي المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين تتحدث في لقاء مع بعلوج قائلة: الإعلام ما زال محتكرًا من هؤلاء (بقايا النظام السابق). هم يستعملون لغة ثورية بينما المحتوى رجعي وهذا تقزيم للمواطن. المشهد الإعلامي الذي ورثناه عن بن علي هو ذاته: قطاع عام مريض يتواجد فيه صحفيون تابعون للنظام السابق، يتلقون الأوامر بالهواتف ولا يحترمون أنفسهم، أما القطاع الخاص فهو قطاع تابع لأقارب بن علي، وهذا ما نملك، الحرية هي ممارسة وليست ادعاء. التضليل ما زال يمارس حتى الساعة.
جبين التدوين هو القسم الثالث الذي الكتاب يبدأ بعبارة تقول: ماذا يمكن أن يبقى من تاريخ البسطاء لولا التدوين؟ والتدوين الإلكتروني الذي ينتمي إليه أيضا يوسف بعلوج بمثابرة ويلتقي الكاتب مجموعة من ابرز المدونين الذين تحدوا نظم المحاصرة والمنع وأسهموا في التعبير عن روح الرفض قبل اندلاع الثورة وبعدها ليتبين أن مشتركي الفيس بوك كانوا يناهزون الثلاثة ملايين وهو ما يشير إلى توافر الحيز المشترك المساعد في تأطير الثورة ونشرها عبر وسائل إعلامية جديدة كسرت حاجز التقليدية وحواجز الرقابة.
إلى تخوم الكتابة يصل يوسف بعلوج ليكون على موعد مع عدد منهم نقتطف هنا بعض ما قاله الأكاديمي والروائي محمد طرشونة: الأنظمة الهشة هي التي لا تثق في نفسها ولا تعتمد على شرعيتها ولا تعول مساندة شعوبها لها فتنتهج سبل القــــــمع لعلها تخفي أمام نفسها وأمام العالم، ولكنها إذا واجهت إرادة شعوبها وإصرارها على التحرر من ربقتها فإنها سرعان ما ما تنهار وتخضع لإرادة شعوبها ولا تحاول حتى إنقاذ ماء وجهها، فتنحل وتنسحب دون مقاومة تذكر.
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?cat=culture&d=20110923
|
| |
|
أبو داني
عدد المساهمات : 552 تاريخ التسجيل : 25/01/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: «على جبينها ثورة».. رحلة إلى تونس الجديدة الإثنين 26 سبتمبر 2011 - 10:59 | |
| | |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: رد: «على جبينها ثورة».. رحلة إلى تونس الجديدة الإثنين 26 سبتمبر 2011 - 16:01 | |
| | |
|