كريم
عدد المساهمات : 293 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 37
| موضوع: هل هناك مسألة أمازيغية في تونس؟ الإثنين 20 يونيو 2011 - 17:19 | |
| قطعا لا و لا يمكن أن يختلف اثنان حول هذا الجزم، إن تونس مع موريتانيا أقل الدول المغاربية كثافة سكانية أمازيغية فالنسبة ضئيلة للغاية و هذه الأقليات رغم انعزالها اجتماعيا لقرون طويلة انصهرت في المجموعة التونسية منذ استتباب الأمن بإفريقية عند قيام الدولة الحفصية، و مهما كانت محافظة على تقاليدها و نمط عيشها و مساكنها المعلقة في القرى الجبلية من مطماطة إلى عرقوب السعادنية جنوبا، أو القرى القريبة من قفصة بالسند و ماجورة، أو القرى الجربية سواء كانت من المعاقل الإباضية أم لا، لم يكن لها من الثقل الاقتصادي أو العسكري أو السياسي مما يؤهلها للمطالبة بالانفصال عن المجموعة “الإفريقية”. و لعل ما آلت إليه الصراعات المذهبية من مطاردة للإيباضية و عزلهم في الجزيرة للبعض منهم أو هروب البعض الآخر للالتجاء بجبل نفوسة، و استكمال التوحيد المذهبي في إفريقية تحت الحفصيين، لصالح السنة المالكية الأشعرية، مرحلة هامة لإتمام دمج العنصر الأمازيغي حتى و إن فضّل جزء هام منه البقاء على أرض أجداده في حماية الجبال الصعبة المنال من الغزاة. تعود آخر الهجرات الجماعية في أغلب الضن لبداية القرن الثامن عشر أثناء الفتنة الحسينية الباشية التي شهدت نزوح قرى: وني و سقدل و تفروت و ماطوس و بني قنديل و البريقة الكبيرة و الصغيرة. الموجودة جنوب الدويرات. و إن تأكد تاريخيا استقرار أهالي ماطوس بمنطقة مجاز الباب و البرقاوية في جهة سليانة ببرقو، و انصهارهم في المنظومة الاجتماعية لهذه الجهات، فيبقى مصير أهالي القرى الأخرى مجهولا. إذا أقررنا أن المتبقي من الخاصيات الأمازيغية لدى هذه الأقليات في اللغة، فسنجد أنفسنا أمام نسبة سكانية ما فتئت تتضاءل سنة بعد سنة و خاصة منذ الاستقلال نظرا لاستيعاب المدرسة التونسية العصرية لأجيال متلاحقة منذ 56 لهذه القرى النائية الشيء الذي يقلص من ثقل “لغة الأم” لصالح العربية أو على الأقل الدارجة التونسية. في حين اندثرت الأمازيغية نهائيا اليوم في كل من السند و ماجورة و قرية غير بعيدة من فرنانة (سوق الأحد) و لم يبق منها سوى بعض الكلمات اليتيمة يتندر بنطقها بعض الشيوخ و العجائز. لا ينكر أحد تاريخيا أن أهالي القرى الأمازيغية في الجنوب التونسي رحبت نسبيا بالوجود العسكري الفرنسي في سنوات 1882و 83 و اعتبرته من بوادر الأمن و الاستقرار لهم نظرا لما كانت عليها أمورهم منذ عقود خلت من الغارات و النهب. و كان توجه ضباط الاتصال الفرنسيين نحو كسب تعاطف المجموعات الأمازيغية على غرار ما وقع في مناطق القبائل الجزائرية فتوجهت نيتهم في بداية الأمر إلى تركيز مقر قيادتهم فرب قرية الدويرات بحكم أن تطاوين لم تكن موجودة في ذلك الوقت. غير أن هذا التوجه لم ينل رضا الأهالي، فوقع العدول عن المشروع نهائيا. و بالتالي و نظرا للحجم الضعيف للأقلية الأمازيغية لم تبرز مسألة أماريغية بالإشكاليات و التعقيدات التي هي عليها في الجزائر، بالرغم من اهتمام أحد رجال الدين الفرنسيين (الأب لويس) بالتقاليد و القرى الأمازيغية في أواخر الأربعينات و إلى الستينات. منذ الاستقلال تحاشت النخب السياسية الوطنية التعرض لهذا الموضوع و تمت مواجهته بطريقة جانبية بدفعها أهالي القرى الجبلية لمغادرة المغاور القديمة و التجمع في “ الملاجئ” حيث تم تركيز المدرسة و المستوصف و مركز البريد و ما إلى ذلك، كما فتحت هذه القرى الجديدة لغير الأمازيغيين -كلما تسنى ذلك- حتى تكسر حلقة انغلاق هذه المجموعات على نفسها و انطوائها. و بصورة عامة بقيت مسألة الأقليات الأمازيغية مسألة “فولكلورية” أكثر منها مسألة قومية و عرقية، و لم يكن للاتجاهات السياسية موقف سياسي منها إذا استثنينا القوميين العرب و البعثيين الذين بحكم رؤاهم يعتبرون المطلب الأمازيعي متناقض مع الهدف الاستراتيجي للوحدة العربية. على المستوى المغاربي وقعت معالجة هذا الموضوع بشكل متأخر للغاية، إذ في حين يشكل العنصر الهووي الأمازيغي بحكم اشتراك البلدان المغاربية فيه، دافعا للاندماج و التوحد، أصبح نزعة فرقة و انفصال عن المنظومة الوطنية خاصة في الجزائر نظرا للحيف الذي يشعر به أهالي هذه الجهات التي تعتبر أن ثمار التنمية لم تبلغها، هذا من جهة و من جهة أخرى التوجه ألقسري الذي يرمي لهيمنة التعريب الشامل على حساب اللغة الأم في هذه المناطق و اعتبار هذه اللغة يمكن الاستغناء عنها. كذلك الشأن في ليبيا التي ما زالت كل منطقة جبل نفوسة و قراها متشبثة بتقاليدها الأمازيغية و قع التعامل مع هذه التقاليد و اللغة بكثير من الرفض الشيء الذي أذكى لدى الجبالية مزيدا من الانطواء على الذات و تشبثهم باللغة الأمازيغية. و في الخلاصة إن السياسات التسلطية التي تلغي حقوق الأقليات مهما كانت عرقية أو دينية أو لغوية و مهما كان حجمها، هي في الأخير إقصاء و حذف لمكون من مكونات الوطن و ثقافته و تاريخه، و بالتالي خسارة للتنوع و الاختلاف. و مهما كانت التعلات و الأسباب الداعية لهذا التصرف، فهو غير شرعي و لا يرتكز على أي أساس منطقي. و التشبث بجزء مهما كان ضئيلا أو بغير ذي أهمية للبعض، من الهوية لغة كانت أم تقاليدا و الافتخار بها لا يحمل في طياته وجوبا نزعة انفصالية. و الجانب الأمازيغي من ذاتنا و تاريخنا يستحق الفخر و الاعتزاز به و هو مكون للانسجام الوطني و المغاربي. و لا مكان لفضاء ينفصل عن المنطقة المغاربية لتكوين كيان أمازيغي مستقل بذاته في زمن تسعى فيه الأمم للتوحد و اندماج اقتصادياتها في حين تتخاطب بأكثر من لغة و ينحدر أفرادها من أصول شتى.ءما يدعو للاستغراب في المدة الأخيرة هو ردود الفعل العدائية تجاه المطالبين بالحق في إثبات وتأكيد هويتهم وأصولهم الأمازيغية كشكل من لعتزاز بهذه الأصول و كرد فعل لسياسات التعتيم التي طالت ثقافتهم و هويتهم. فالكثير من الحساسيات "العروبية القومية" أو الاسلاموية تُنكر بشدة على المطالبين بحق سليلي الجماعات الأمازيغية حقهم حتى في التعبير عن حقهم في الانتماء والتميز وهناك من يذهب لإلى مواقف متطرفة تدعو للتصفية الفكرية ولربما الجسدية لكل من تسول له نفسه بالإجهار بأمازيغيته وكأن الأمازيغية أصبحت ضرب من ضروب الردة أو الانشقاق عن الأمة سواء كانت هذه الأمة عربية أو إسلامية.في الوقت الذي قامت فيه الثورة مطالبة بالحرية والكرامة لكل التونسيين، يحلو لبعضهم وأحيانا بكل عنف تبني مواقف غير بعيدة عن مواقف أصحاب نضريات النقاء العرقي و ضرورة التطهير العرقي
عن مدونة خيل وليل
| |
|