طبعا ستنهال علي الاتهامات كالعادة بأنني أدافع عن التجمع بعد أن كنت متهما بأنني متطرف إسلامي أو ملحد علماني فنظرية المؤامرة جزء من بنية العقل العربي ولكن المصلحة الوطنية تفرض علي إعطاء رأي موضوعي أراه صحيحا وواقعيا إذ كيف نقصي ما يقارب من 2.5 مليون مواطن من المشاركة في الحياة السياسية المقبلة بينهم الآلاف من القيادات القاعدية والوسطى للحزب.
من الطبيعي جدا أن تستقطب أحزاب سياسية هذه القاعدة الجماهيرية الهامة غير الموالية لأطروحات التجمع وأدبياته بل انخرطت فيه من أجل مصلحة معينة.
هذه الأحزاب كالديمقراطي التقدمي والنهضة بلغت من الوعي السياسي والقدرة على استشراف المستقبل جعلها تستطيع أن تستقطب الجماهير لا على أساس إنتماآتها الحزبية القديمة بل على أساس نظافة يدها وسمعة أفرادها وعدم تورطهم في تجاوزات متعلقة بالفساد والتعذيب.
طبعا ستتعالى أصوات أصحاب نظرية المؤامرة لتقول بأن هذه الأحزاب فضلت مصالحها السياسية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية ومعاناة الشعب.
منطق غريب أليست المصلحة الوطنية تفرض مصالحة شاملة بين التونسيين لكنها في نفس الوقت عادلة وتخضع للمحاسبة ثم من عذب وشرد وقتل أكثر من مناضلي النهضة أو الديمقراطي التقدمي هل تقبل هذه الأحزاب أن ينضم إليها فرد كانت له سوابق في مجال التعذيب والقمع من تجرع كأس الموت مرة أولى لا يتجرعه مرة ثانية لذلك كان خطاب استقطاب التجمعيين: انتهازية سياسية أم خطوة لتحقيق المصالحة الوطنية">قيادات الأحزاب المستقطبة لقواعد التجمع واضحا بضرورة محاسبة من أجرم في حق الشعب من التجمع أو غيره ليس فقط بمنعه من المشاركة في الحياة السياسية وإنما بمحاكمته والقصاص منه إن ثبت جرمه وهذا هو العدل.
لذلك لا تزر وازرة وزر أخرى ولا يجب معاقبة البريء بأخطاء المذنب ومنطق المصالحة وليس الانتهازية السياسية هو الذي فرض على هاته الأحزاب على اتخاذ خطوة الاستقطاب رغم ما ستلاقيه من معارضة من أصحاب نظرية المؤامرة الذي إمتلات بهم الساحة السياسية ومن قال أن النهضة تستقطب تلك القواعد التجمعية لأهداف سياسوية عليه أن يسأل نفسه هل النهضة تنقصها القاعدة الجماهيرية؟ أليست هذه الخطوة الشجاعة قادرة على إفقاد النهضة وحتى الديمقراطي التقدمي شعبيتهما.
ألا تعتبر هذه الخطوة شجاعة وهي تصب في مصلحة الوطن أكثر من مصلحة الحزبين ؟
على الجميع أن يصارح نفسه فمن هو الذي لم يلتجأ هو أو فرد من أسرته زمن القمع والفساد لتحصيل ورقة انخراط في التجمع من أجل قضاء مصلحة هي حق من حقوقه، لو اعتمد الألمان مبدأ الإقصاء لأقصوا 20 مليون منخرط في الحزب النازي بعد سقوط هتلر لكن وعي الشعب الألماني هو الذي جعله يحاسب القيادات النازية التي أجرمت في حق العالم وتصفح عن الآخرين للبدء في صفحة جديدة أفلا يحق للتونسيين أن يبدؤوا مصالحة شاملة تنسينا ماضي التجمع الأليم.
كريـــم بن منصور