حدثني صديق قال " في كثير من الأوقات يتعامل معظم السياسيين في بلادنا على اساس مفاده
او هو أشبه بتجار بيع الخمرة خلسة فهو لا يبيعك منتوجا يتوفر على كل
الضمانات الصحية بل أنه يدرك تمام الإدراك أن ما يقدمه غير مقنع ولكنه رغم
ذلك يواصل دون مبالاة. هكذا يبدو المشهد السياسي عموما في بلادنا وهما
ووعودا واموالا وكله تزييف لواقع يعيشه التونسي فقد كشفت الحملة الانتخابية
حالة من المفارقة الغريبة بين السياسي والمواطن العادي.
المفارقة الاولى أن المواطن لا يهتم البتة بالسياسة والدليل على ذلك أن عدد
المسجلين في القائمات الانتخابية لم يتعد 4,5 مليون ناخب رغم حالات التمديد
والدعوات المتكررة ومن المتوقع أن يعاقب الشعب التونسي هذه الاحزاب.
المفارقة الثانية أن المواطن لا يفكر
الا في خبزه اليومي ولا تراه معجلا الا لذلك وقد كشفت الاحزاب أن المواطن
اخر ما تفكر فيه هذه الايام فمع الارتفاع الصاروخي للاسعار لم يصدر اي حزب
من اليسار إلى اليمين اي بيان يدعو فيه الحكومة إلى ضرورة البحث عن بدائل
حقيقية تقي التونسي بلاء الاسعار فالكل يستعد لموسم الحج إلى باردو اين
سيكون المقر الرسمي للمجلس التأسيسي.
المفارقة الثالثة ان ما يدور في الكواليس من استقالات وخصومات داخل الأحزاب عكس
بشكل مباشر وكشف الكم الهائل من السماسرة الجدد او "سماسرة الثورة ".
المفارقة الرابعة لم يكن الوطن هو المحور الأساسي في المقولات الحزبية بل تعدى ذلك
للبحث عن مكان تحت شمس قبة التاسيسي والوصول إلى ذلك بشتى الطرق مستعنين
بمقولات قارمشية " كل الطرق تؤدي إلى روما ".
المفارقة الخامسة هو الظهور المفاجئ للمال السياسي قبل الحملة الانتخابية واثناءها ولا يستبعد أن يكون حاضرا يوم التصويت وهو امر جعل العديد يبحثون عن الاسباب الحقيقية لهذا التكالب على السلطة.
المفارقة السادسة لم يكن أكثر المتفائلين من التونسيين يدرك أن تتحول البلاد من
حالة العطالة السياسية إلى هذا النشاط لولا تدخل اطراف خليجية وفرنسية وأمريكية.
المفارقة السابعة بعد إحداث اول امس الجمعة لم تصدر الاحزاب اي بيان سواء تعلق
بالرفض او بقبول ما شهدته العاصمة وغيرها من المدن التونسية الاخرى من
دعوات للقتل او "الفتنة" وهنا بدات السحب تتقشع لندرك حقيقة عدد من الاحزاب
التي تبحث عن تحالف مع اطراف اسلامية والتفكير في مرحلة ما بعد "التأسيسي".
خليل الحناشي