عبد المجيد
عدد المساهمات : 1467 تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: ألفة يوسف : ظاهر.. وباطن الخميس 23 ديسمبر 2010 - 13:36 | |
| ألفة يوسف ـ من الأسئلة التي نادرا ما يطرحها الإنسان على نفسه سؤال: لماذا أقوم بفعل معين؟ ولا يهم إذا كان هذا الفعل قولا أو عملا أو سلوكا، المهم أننا قليلا ما نبحث في دوافع أفعالنا، وفي الآن نفسه نحن فالحون في ادعائنا معرفة دوافع الآخرين ونواياهم وأهدافهم الخفية. وهذا المقال يسلم منذ البدء بأن لا أحد يعرف دوافع أفعاله الحقيقيةَ، ولا أحد يعرف دوافع أفعال الآخرين الحقيقيةَ فالنوايا تظل دوما خفية عصية حتى عن «أصحابها»...ومع ذلك لا يمكن لنا من حيث نحن بشر إلا أن ننشد دوما البحث في خفايا الأمور مع وعي عميق بنسبيتها.
وإننا نعتبر أن من المفارقات بين الظاهر والباطن ما هو جدير بالتأمل والنظر لا لنحاكم أنفسنا أو لنحاكم الآخرين فقد اتفقنا أن لا أحد يعرف باطن أفعاله، ولكن لنتريث قليلا في قراءتنا لما يحيط بنا في العالم من ظواهر دالة تدعونا شئنا أم أبينا إلى قراءتها وتحليلها. ومن هذه المفارقات ما هو متصل باللاوعي. فمن ذلك مثلا أن تجد أناسا يمضون أعمارهم كاملة في النضال من أجل فكرة يتصورون أنها الأفضل ويقررون أن يموتوا من أجلها وإذا بالمنطلق اللاواعي لذلك كله ليس الفكرة ولكن الرغبة في الموت أسبابها حياة لم يستطع صاحبها أن يعطيها معنى أو ضروب من الفشل لا يستطيع صاحبها أن يواجهها فيفضل أن يفر منها إلى الموت.
ومن ذلك أن تجد شخصا يطنب في شتم شخص آخر وفي تعداد عيوبه الظاهرة والخفية بل إن كرهه لذلك الشخص قد يبلغ حد الهوس فتجده يتابع كل أقواله وأفعاله وتحركاته وإذا بمنطلق كلّ هذا التعبير عن الكره الظاهر حكاية حب لم تثمر ولعلها قصة حب من طرف واحد قد لا يعلم عنها المهجو شيئا.
ومن ذلك أن تجد شخصا يسعى إلى السيطرة على الآخرين ولا يقبل أي نقاش أو جدال وإذا كان ظاهر ذلك ثقة في النفس فإن باطنه اللاواعي هو ضعف الثقة في النفس وخوف من مواجهة خواء الذات وهشاشتها.
على أن من المفارقات بين الظاهر والباطن ما يخرج من مجال اللاوعي فيكون صاحبه على وعي به. فمن ذلك أن يتحالف جماعة من أقصى اليمين وجماعة من أقصى اليسار تحت ستار الأهداف الاستراتيجية الواحدة في حين أن باطن التحالف توهم كل واحد من الطرفين قدرته على القضاء على الطرف الآخر ما أن تتحقق الأهداف المرسومة.
ومن ذلك أن تجد شخصا يكيل المديح والشكر لشخص ويبالغ في تمجيد خصاله في الظاهر، وباطن ذلك كله تصور المادح أن للممدوح مستقبلا اقتصاديا أو سياسيا زاهرا بما يخول للمادح وهم الاستفادة من وهم سلطة الممدوح.
ومن ذلك أن تجد صحفيا مهووسا بالتهجم على شخص ما ما يفتأ يكرر المقالات في نقد فنه أو فكره، وباطن ذلك أن الشخص المتهجم عليه لم يشأ أن يستجيب للصحفي في قضاء حاجة من حاجاته مهما تكن.
هذه أمثلة من الحياة اليومية يفارق باطنها ظاهرها لعلها تدعونا إلى أن نعمق النظر فيما حولنا قبل إصدار الأحكام جزافا، ولعلها تدعونا إلى أن نتذكر أن للحقيقة وجوها عديدة بل لعلها كما قال بعض الفلاسفة مرآة محطمة يمسك كل واحد منا بجزء واحد منها...وبين هذا وذاك هل تسمحون قرائي الأعزاء أن تساعدوني في البحث في باطن هذا المقال الذي ألقيته بين أيديكم على ظواهره؟
جامعية تونسية ومديرة المكتبة الوطنية olfa.youssef@gmail.com | |
|