سوسة هل هرم باب البحر وباب الجديد؟

هل هرم باب البحر وباب الجديد؟

شهدت مدينة سوسة خلال العقدين الأخيرين تحولات هامة أدت إلى تراجع ما كان يعرف
بقلبها النابض باب البحر وباب الجديد وفقد هذا الجزء من جوهرة الساحل بريقه
وأغلقت العديد من محلاته التجارية ومقاهيه، فماهي أسباب هذا التحول وما هي
انعكاساته؟

كانت مدينة سوسة تتكون من جزأين هما المدينة العصرية ومركزها باب البحر
والمدينة العتيقة وبحكم التحولات الاجتماعية والاقتصادية انتقل الجزء الأهم
من النشاط إلى المدينة العصرية التي عرفت أوج نشاطها بفعل تركيز مؤسسات
سياحية غير بعيد عنها وكذلك بفعل محطات النقل العمومي الحديدي والبري
الموجودة بها فضلا عن المؤسسات التربوية والإدارية وغيرها إضافة إلى محلات
بيع قطع الغيار والورشات المنتصبة في باب الجديد.. كل هذه العوامل جعلت باب
الجديد وباب البحر مركز ثقل لمدينة سوسة إلى حدود بداية الثمانينات ومنها بدأ التراجع وله أسبابه.
فالمعروف عن بنايات وسط مدينة سوسة العصري أنها بنيت في العشريات الأولى من القرن
الماضي وأغلبها بات في حاجة للصيانة أو للتغيير تماما كما أن اتساع المدينة
شمل إنتقال أنشطة عديدة إلى الأحياء الجديدة وهو اتساع عرف أوجه بداية
التسعينات مع ظهور أحياء جديدة على مشارف المدينة مثل خزامة وحي الرياض
وسهلول. كل هذه العوامل جعلت محلات تجارية عديدة في باب البحر وباب الجديد
تغلق أبوابها أو تنتقل إلى أماكن أخرى من المدينة إلى أن وصلت الحال إلى ما
هي عليه الآن. المار من باب البحر الآن يلاحظ دون عناء أن دوره تراجع بشكل
لافت فعديد المقاهي أقفلت وكذلك المغازات كما أقفلت أغلب قاعات السينما
ولم تبق إلا واحدة فيما أصبحت الشوارع الخلفية شبه مهجورة.

عن هذا الوضع حدثنا صاحب مطعم في باب البحر فأوضح أن أي محل في حي من الأحياء الجديدة يمكن أن
يكون دخله أحسن بفعل تراجع الإقبال فرواد باب البحر الآن هم بعض العابرين
أو الطلبة وتلاميذ من المؤسسات القريبة ووجودهم يقتصر على فترات محدودة من
النهار لذلك فإن أغلب المحلات تغلق باكرا ولم يعد لباب البحر بريقه الذي
عرف به والذي كان يجعل منه قبلة كل زائر لجوهرة الساحل.
سائق سيارة تاكسي تجاوز الخمسين من العمر يرى أن محلات باب البحر لم تتطور ولم
تحسن من مردودها فكان مصيرها التراجع والتوقف عن النشاط في العديد من
المجالات وهو يعتقد أن تحويل جزء من الميناء التجاري إلى ميناء ترفيهي
وتعهد وصيانة المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية كفيل بإعادة الروح إلى باب البحر.
صاحب محل لبيع المرطبات يرى أن باب البحر يمثل الجزء الضاحك من مدينة سوسة وكان
مرتادوه يأتون عادة لقضاء أوقات ممتعة في مقاهيه ومطاعمه ومحلاته التجارية
أما الآن فإن طالب هذه الخدمات صار ينتقل إلى المنطقة
السياحية والأحياء الجديدة فضلا عن أن أغلب بنايات باب البحر فعل فيها
الزمن فعله وهو يعتقد أنه عند إعادة البناء لا بد من التأكيد على الطابع
التجاري والترفيهي لكي يحافظ باب البحر على خصائصه.
صاحب ورشة ميكانيك أدرك فترا ت عديدة من باب الجديد وعايشه يوم كان مركزا
للورشات ومحلات بيع قطع الغيار أوضح أن أجيالا من التجار والصنايعية
الناجحين مروا من باب الجديد ولكن الزمن فعل فعله فيه خصوصا منذ إنتقلت
أغلب الورشات إلى أماكن أخرى وصار وجود الورشات في باب الجديد نشازا وتبعا
لذلك إنتقلت تجارة بيع قطع الغيار إلى أماكن جديدة.
نادل متقاعد بأحد مقاهي باب البحر تنهد حين سألناه عن الأيام الخوالي وقال إن
المقاهي المتلاصقة قبالة ميناء سوسة كانت تعج كل صباح بمرتاديها من مختلف
الأصناف الاجتماعية فالموظف والتاجر والعامل كلهم يلتقون في باب البحر
صباحا وفي المساء يتحول الشارع
الرئيسي إلى ملتقى الأحبة والمخطوبين حديثا وكانت المغازات قبلة العائلات
والشباب إضافة إلى المطاعم وقاعات السينما التي كانت تعج بمرتاديها.
وعموما فإن باب البحر وما جاوره من وسط مدينة سوسة يمثل جزء هاما من ذاكرة
المدينة والجهة ككل وهو ملتصق بشاطئ بوجعفر إحدى العلامات المميزة لجوهرة
الساحل وهو كذلك بفعل موقعه مركز تجاري وإقتصادي هام وقد يكون الآن في أوكد
الحاجة لإعداد دراسة كفيلة بإعادة الروح له ليبقى فاتحا ذراعيه لزوار
مدينة سوسة وعشاقها.

علي بن عمر