عمان - 'القدس العربي' من بسام البدارين: كشفت مصادر
مقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس النقاب عن اربعة أسباب رئيسية تقف
وراء الأزمة بين عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان.
وقالت
المصادر لـ'القدس العربي' ان السبب الأول تمثل في تقديم تسجيلات ووثائق
مسجلة ومصورة تظهر دحلان وهو في حالة استرسال في انتقاد الرئيس عباس مطلقا
عبارات تتحدث عن ضعف عباس الشديد واهتمامه فقط برعاية مصالح اولاده
الاقتصادية وعدم وجود أي خيارات أمامه سوى التنحي مع إطلاق تعبيرات 'غير
لائقة' تماما بحق الرئيس.
وفيما تردد في اوساط فلسطينية في الاردن ان
للسلطات المصرية دورا أساسيا في توثيق تطاول دحلان المفترض وتقديم الأدلة
وبعض التسجيلات للرئيس عباس، الا ان المصادر رجحت لـ'القدس العربي' ان تكون
مجموعة فلسطينية وثقت التسجيلات وقدمتها لعباس.
السبب الثاني اكدت المصادر انه ترديد اتهامات دحلان لعباس وعباراته 'التحريضية' في اروقة دبلوماسية اوروبية، وصل صداها للرئيس عباس.
وثمة سبب ثالث تشكل كانطباع من حوارات عباس مع بعض الوسطاء والقياديين وهو
امتعاض الرئيس الكبير من أداء وسائل اعلام محلية والتي حسب تقارير تصل
الرئاسة تهتم فقط بتمجيد دحلان وتبني مواقفه الشخصية، حيث تجاهل دحلان هنا
طلبا مكررا من الرئيس بان تهتم هذه الوسائل وخاصة محطة اذاعة رام الله
بخدمة حركة فتح بصفته المفوض الإعلامي للجنتها المركزية.
أما السبب الرابع فتقول المصادر هو صلات دحلان القوية والمباشرة باجهزة ومؤسسات رسمية
في العالم العربي، خاصة في مصر ودولة الامارات، وكان وصل عباس اصداء
انتقادات لسياساته من مجموعات مقربة من دحلان في الامارات ومصر.
يضاف الى هذه الاسباب سببان جاءا في تقرير نشرته صحيفة 'هآرتس' الجمعة قال ان
حركة فتح تحقق في مصادر ثروة دحلان وفي معلومات حول تشكيله ميليشيا مسلحة
وذلك في أعقاب الاشتباه بأنه سيحاول الإطاحة بالرئيس عباس.
واضافت الصحيفة أن اللجنة المركزية لحركة فتح شكلت لجنة تحقيق مؤلفة من أبو ماهر
غنيم وعزام الأحمد وعثمان أبو غربية للتحقيق في مصادر ثروة دحلان.
وقال مقربون من دحلان لصحيفة 'هآرتس' إن غاية اللجنة ليس التحقيق في مصدر الثروة
وإنما البحث في جذور المواجهة والتوتر بين دحلان وعباس.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية قولها إن أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية حققت
مؤخرا مع ناشطين في حركة فتح، وبالأساس من شمال الضفة الغربية، بشبهة أن
دحلان جندهم من أجل تشكيل ميليشيا مسلحة تعمل تحت قيادته.
وتابعت أن أنصار عباس يتخوفون من أن دحلان يبادر إلى التآمر
على الرئيس الفلسطيني داخل فتح وربما سيسعى إلى استبداله.
وأضافت أن الناشطين الذين تم استدعاؤهم للتحقيق استجوبوا حول علاقاتهم بدحلان،
وما إذا كانوا قد تلقوا أموالا منه بهدف شراء أسلحة وبعد ذلك تم إخلاء
سبيلهم بعد أن اعترفوا بالحصول على مبالغ، وأن بعضهم قال في التحقيق إنهم اشتروا أسلحة.
وكتب مراسل 'هآرتس' للشؤون الفلسطينية أفي سخاروف إنه
تحدث مع ناشطين في فتح من شمال الضفة الغربية الذين أكدوا له أنهم خضعوا
للتحقيق حول علاقاتهم بدحلان.
واضاف سخاروف أن عباس يعمل في الاونة
الأخيرة ضد دحلان وحتى أنه تم سحب الحراسة عن بيته في رام الله وأغلقت
السلطة محطة 'الغد' التلفزيونية التي كان مقررا أن يبدأ بثها قريبا، كما
اتخذ الرئيس عدة إجراءات ضد دحلان من بينها إقصاء دحلان عن معظم مواقعه،
وإبلاغ اللجنة المركزية بمضمون مخالفات الأخير ومطالبتها بالاستعداد لتكليف
مفوض جديد لشؤون الإعلام باسم حركة فتح مع التحقيق بكل المخالفات.
والخطوة الأهم التي اتخذت في اطار الازمة مع دحلان هي استدعاء سبعة ضباط على الأقل
من كادر السلطة الأمني وتحديدا من مجموعات الأمن الوقائي والتحقيق معهم
وتسريحهم لاحقا من الخدمة وهي خطوة يعتقد انها رسالة لمئات الكوادر الأمنية
المرتبطة بدحلان.وتظهر هذه الإجراءات جدية الرئيس عباس في التعامل مع
ملف دحلان وحزمه في المسألة بدليل رفضه عدة مرات الوساطة التي تقدم بها
غنيم حيث قال عباس بوضوح لغنيم بانه يرفض اعتذارات دحلان متعهدا بان لا
يمرر وتحت أي ظرف هذه المخالفات الكثيرة مهما تطلب الأمر، مقترحا على غنيم
تجاهل الموضوع لان المسألة جدية.
ولوحظ انه لم يصدر اي رد فعل على تقرير
صحيفة 'هارتس' حول الخلاف بين دحلان وابو مازن، سواء من المقربين من
الرئيس عباس او من السيد دحلان نفسه.
ويعتقد مراقبون في رام الله ان
المعركة بين الرجلين اصبحت فيما يبدو معركة 'كسر عظم' وان المساحة الكبيرة
للتحرك التي كان يتمتع بها دحلان داخل اروقة السلطة في الضفة الغربية في
طريقها للتقلص، وخاصة ان جميع محاولات المصالحة بين الرجلين التي استمرت
طوال الثلاثة اسابيع الماضية لم تحقق اي تقدم.يشار إلى أن دحلان كان
يعتبر أحد أبرز قادة فتح والشخصية الأكثر تأثيرا في قطاع غزة، الذي كان
يرأس فيه جهاز الأمن الوقائي، وذلك حتى الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في
منتصف العام 2007 والذي اتهم دحلان بالفشل في منعه.
ونشرت صحيفة 'وول
ستريت جورنال' الأمريكية تقريرا قبل شهرين قالت فيه إن دحلان يخطط مع
مجموعة من القياديين الفلسطينيين وبينهم ناصر القدوة وجبريل الرجوب والنائب
الأسير مروان البرغوثي لاستبدال عباس وتعيين القدوة مكانه.