بيروت - 'القدس العربي' ـ من سعد الياس: في إشكال هو الأول من نوعه منذ تشكيل المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تعرّض فريق من المحققين امس لحادث نفذّته 150 إمرأة في الضاحية الجنوبية وتمكنت إحداهن من انتزاع حقيبة من احد المحققين تحتوي على وثائق ومستندات قد تكون على درجة من الاهمية وذلك لدى حضور المحققَين الى عيادة الطبيبة النسائية إيمان شرارة للتحقيق معها.
ولم ترشح معلومات رسمية في شأن الحادثة بسبب عدم صدور بيانات توضيحية ان عن الجيش اللبناني الذي كانت فرقة منه تؤازر فريق اللجنة او عن الناطقة باسم المحكمة في بيروت، لكن معلومات غير مؤكدة رجّحت أن رجالاً حزبيين تستروا بالـ 'تشادور' واندسّوا بين النسوة بعدما ابلغتهم الطبيبة شرارة موعد وصول فريق التحقيق او لاعتبار البعض أن العملية برمتها مجرد رسالة الى من يعنيهم الأمر بما قد تكون عليه الصورة في حال صدور القرار الظني متهماً حزب الله.
وكانت حوالي 150 امرأة عمدن الى اقتحام العيادة ومنع المحققين الدوليين من القيام بعملهم واستولين على حقيبة تحتوي وثائق ومستندات تابعة للجنة التحقيق. وكان محققان من مكتب المدعي العام للمحكمة الدولية طلبا الاستماع الى إفادة الطبيبة النسائية إيمان شرارة التي تقع عيادتها قرب 'فانتازيا وورد' على طريق المطار في الضاحية الجنوبية، ولدى الاتصال بها والطلب منها إما الحضور الى مقر لجنة التحقيق الدولية أو المجيء اليها، طلبت منهما الحضور الى عيادتها، وتوجه إلى المكان محققان برفقة مترجمة وقوة من الجيش اللبناني. وبما ان اللقاء كان مقرراً ان يكون سرياً، توقفت عناصر الجيش بعيداً من العيادة لكنها بقيت تحت نظرهم. وما ان دخل المحققان والمترجمة إلى العيادة حتى وصل إلى المكان نحو 150 إمرأة بواسطة مجموعة من 'الفانات' يتلقين توجيهات من أربعة عناصر وعمدن إلى اقتحام العيادة والتصدي لفريق المحكمة الدولية وتمكن من انتزاع حقيبة تحتوي على بعض الوثائق والمستندات. وغادرن بعد ذلك المكان الذي حضرت اليه القوى الأمنية لمعالجة الوضع.
الى ذلك، فتح النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا تحقيقاً في الحادث وأحال القضية الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر كون عناصر الدورية من قسم المباحث الجنائية المركزية سُحبت منهم هواتفهم. كما يشرف القاضي صقر على التحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة الأمنية في قوى الأمن الداخلي.
كذلك أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة القاضي دانيال بلمار انه ينظر الى الحادث بجدية كبيرة ويتابع المسألة.
من جهته روى تلفزيون 'المنار' ما جرى فقال ان أشكالاً حصل بين عدد من النساء ومحققين من المحكمة الدولية دخلوا فجأة الى عيادة تعود الى الدكتورة إيمان شرارة ضمن عيادة للطب النسائي في الضاحية الجنوبية. في حين ذكرت مصادر حزب الله 'أنّ الحزب لا علاقة له بهذه الحادثة ويعتبر نفسه غير معنيّ بها'، لافتة في المقابل إلى أنّ 'الطبيبة إيمان شرارة هي المعنية بتوضيح ما جرى في عيادتها'، ملمحةً إلى إمكان أن تطل شرارة في وقت لاحق عبر شاشة 'المنار' لهذه الغاية.
وفي وقت لاحق، أكدت الدكتورة ايمان شرارة أنها أعطت موعداً للمحققين الدوليين الساعة التاسعة من يوم الاربعاء في عيادتها من اجل اخذ بعض المعلومات، وذلك بعد اتصالهم بها وموافقتها على هذا الامر، وقالت 'اتصل بي السبت ضابط واسمه العقيد نجيم ليؤكد الموعد الذي كنت ابديت موافقتي عليه عندما اتصل بي احدهم من قبل المحكمة الدولية واسمه 'موفق' وطلب مني ان كنت اوافق على اجراء هذه المقابلة مع المحققين، وجاء الي عنصر من قوى الامن ومعه ورقة من مكتب لجنة التحقيق وعليها اسماء ومن بينها اسمي، والمطلوب مقابلتي، فوقعت على الورقة ووافقت على مقابلتي'.
وأضافت شرارة 'اتصلت بنقابة الاطباء وأجابوني بأن هذه محكمة جزائية ومن حقي أن أعطيهم معلومات. جاء المحققون في الموعد المحدد، وبدأت المقابلة معهم وفي هدوء، وبدأوا يسألون ان كان في إمكانهم الاطلاع على بعض أرقام المرضى، فاستفسرت عن بعض الأمور واتفقت معهم ان احوّلهم الى مساعدتي لأن وقتي ضيق، فخرجت من مكتبي لأطلب من سكرتيرتي هذا الأمر، لكن فوجئت بالعدد الكبير من النساء في الخارج اللواتي يصرخن بصوت عال جداً ويشتمن المحققين وهن في غضب 'مش طبيعي' وخرجن عن السيطرة، ولم ارَ سوى هجومهن على المحققين اللذين لم اعرف كيف هربا'.
وتعليقاً على الحادث، أبدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار 'إدانتَها الكاملة واستغرابها للاعتداء الذي تعرّض له فريق من المحقّقين الدوليين في الضاحية الجنوبية على يدّ 'فرقة من الأهالي' تابعة لحزب الله اعتدت وسرقت ملفات عائدة للمحقّقين'.
وقالت بعد اجتماعها الاسبوعي 'هذا الاعتداء إذ يذكّرنا بـ 'فرقة الأهالي' التي تعتدي عادةً على اليونيفل في الجنوب، إنما يشكّل إعتداء موصوفاً على الشرعية الدولية وقراراتها لاسيما القرارين 1757 و1701 في هذا المجال' وفي سياقٍ متّصل، توقفت الأمانة العامة 'أمام إصرار قوى '8 آذار'، المحلية والإقليمية، على إلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أو تعطيل عملها او خلق 'محكمةٍ موازية' لقضيّةٍ بديلة أو موازية'.
وأكدت أنها 'لا ترى في مثل هذا العمل سوى استدراج للاضطراب والفتن، من دون أن يؤثر ـ كما بيّنت المساعي المعلومة ـ على سير العدالة نحو غايتها. وهي إذ تجدّد تمسّكها بهذه المحكمة، فإنها تدعو بعض القوى الإقليمية إلى الإقلاع عن استخدام لبنان أداةً في معركتها مع العدالة الدولية. ومما يُستغرب له محاولة البعض تصوير الحوار الوطني الذي أجمع على تأييد المحكمة عام 2006 وكأنه لم يأت بعد توقيف الضباط، ثم تمّ لاحقاً تكريس هذا الإجماع في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة وصولاً للبيان الوزاري للحكومة الحالية ومروراً طبعاً بخطاب القسم'.
وكانت أوساط في وزارة العدل أفادت لـ'القدس العربي' ان 'أحداً لا يعرف ماذا في رأس المدعي العام دانيال بلمار ومتى موعد صدور القرار الظني'، لكنها قالت 'يجوز للمدعي العام أن يصدر قراراً ظنياً يبدأ بموضوع استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وقد يلحق ذلك قرارات ظنية أخرى'. واضافت 'إذا ثبت على الارض أن ملف المدعي العام يتفق مع ما أثبتته اعادة تمثيل الجريمة يصبح عندئذ القرار الظني الاول وشيكاً'.