عبد المجيد
عدد المساهمات : 1467 تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: أينما كان العقل… انهزم الإسلاميون الخميس 2 مايو 2013 - 11:49 | |
| أينما كان العقل… انهزم الإسلاميون عبد الجليل معالي
الصحافة والجامعة والنقابات تحيلُ على الرفض، لأن تلك القطاعات «مجبولة» على المعارضة، وأنها إذا ارتبطت بالسلطة ستتحوّلُ إلى قوى مُدجّنة وغير فاعلة. وسبب التماهي بين القطاعات المشار إليها والتمرّد هو أنها تمثّلُ الطليعة التي تقود المجتمعات .
لم تخل الحالة العربيّـة من الارتباط، حيث مثلت الجامعات –رغم كل مشاريع التدجين- مصنعا لإنتاج إطارات البلاد فكريا وسياسيا واقتصاديا، كما لعبت النقابات دورا كبيرا -خاصة في الدول العريقة في العمل النقابي- في تأجيج وتأطير الحراك الشعبي والاجتماعي، وأخيرا أمّنَ قطاع المحاماة الدعم القانوني والحقوقي لنضالات الشعوب العربية التي رزحت طويلا تحت الاستبداد.
بعد انتخابات عام 2011 التي تمت في تونس ومصر والتي أسفرت عن صعود الإخوان بمسمياتهم الحزبية الجديدة (حركة النهضة التونسية وحزب الحرية والعدالة في مصر)، تهيّأ للبعض أن الجماعة بصدد «جني» ثمار عقود النضال ضد استبداد مبارك وبن علي، لكن الأمر كان أعمق من بساطة هذا التوصيف.
كان وصول الإخوان إلى السلطة مرتبطا بعوامل «طارئة» على العمل السياسي المتعارف عليه، حيث تم توظيف مجالات وحقول لا علاقة لها بالعمل السياسي مثل استخدام المساجد في «الشحن» الانتخابي، وتقسيم المجتمع إلى قطاع مسلم (أغلبي) وجزء كافر (يمثل أقلية)، فضلا عن ترويج مقولة أن الاستبداد يعني (من جملة ما يعنيه) البعد عن شرع الله، وبما أن الجماعة يخافون الله فهم –حتما- سيقيمون العدل في الدنيا وتبعا لذلك يجبُ انتخابهم.
لن نسترسلَ في استعراض شوائب المناخ السياسي الذي رافق العملية الانتخابية في تونس ومصر، لكن ما يهمنا هنا هو أن الجماعة منذ صدمة الوصول إلى السلطة، وهي تجني الخيبة تلوَ الخيبة: أداء سياسي مترنّح موسوم بازدواجية خطاب مفضوحة، وفشل اقتصادي ذريـع بعد وعود بالجنة على الأرض، وانفلات أمني غير مسبوق، إضافة إلى انسداد الآفاق السياسية .
هذا الوضع المتردّي لم يوقف خطابا استعلائيا أدمنت الجماعة على تسويقه وترويجه، ولكنه أدى أيضا إلى هزيمة مدويّة للجماعة/ الحزب في كل الانتخابات التي خاضت غمارها، انتخابات الطلبة، وانتخابات الهيئات والتشكيلات النقابية وأخيرا انتخابات قطاع المحاماة، لماذا تنهزمُ قائمات الجماعة في الانتخابات المتصلة بهيئات مدنية وطلابية ونقابية؟ السؤال المتصل بالسابق هو، هل أن صعود الجماعة في انتخابات المجلس الوطنيّ التأسيسي أو انتخابات الرئاسة المصرية هو دليل على وجاهة مقارباتها السياسية والاقتصادية؟
يجدرُ بنا التذكير بأن انتخابات اتحادات الطلبة التي جرت في منتصف شهر مارس المنقضي في تونس، أفرزت حصول قائمات الإتحاد العام لطلبة تونس المحسوب على اليسار، (وهي قائمات الشهيد شكري بلعيد) على أغلب المقاعد، مقابل هزيمة مدويّة للقائمات الإسلامية القريبة من حزب حركة النهضة الحاكم، مع تأكيد واعتراف من وزارة التعليم العالي التونسية بأن الانتخابات جرت في كنف الشفافية والنزاهة. وفي السياق نفسه، أسفرت انتخابات اتحاد الطلبة في مصر، في ذات الشهر عن نتائج مشابهة لما حصلَ في تونس، حيث انهزمَ طلبة الإخوان وعجزوا عن تأكيد فوز الجماعة الأم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لاختلاف الظروف الموضوعية والسياسية.
لكن هزيمة طلبة الإخوان في انتخابات الجامعات جعلت وزير التعليم العالي المصري يقرر «حظر العمل السياسي» في الجامعات المصرية بتعلّة تفادي أعمال العنف داخلها، لكن قراءات أخرى رأت في القرار ضربا لحرية العمل النقابي الجامعي وسعيا لتصفية القوى الثورية التي تتدربُ في الجامعة على العمل السياسي.
شهدت تونس يوم 19 أبريل الماضي، انتخابات «جمعيّـة المحامين الشبّان» وأسفرت عن صعود قائمات الائتلاف المدني الذي ضم العناصر القريبة من الجبهة الشعبية (يسار) وحركة نداء تونس، وتمكنت قائمة «ناقفوا للمحاماة» من حصد 8 مقاعد في الهيئة الإدارية للجمعية مقابل مقعد واحد للقائمة الإسلامية. وقد رأت جهات حقوقية في انهزام الاسلاميين صفعة جديدة تلقتها القوى الإسلامية القريبة أو المرتبطة بحزب حركة النهضة، في حين اعتبرت القائمة المنتصرة أنه «أينما وُجدَ العلم والمعرفة ينهزمُ الإسلاميون»، خاصة وأن المحامين يمثلون حالة حقوقية منفصلة عن السلطة وعرفوا دائما باتخاذهم مسافة من السلطة الحاكمة (عدا محامي المخزن) والثابتُ أن المسافة من السلطة ازدادت اتساعا مع الإسلاميين. وقد برر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة تلك الهزيمة بقوله أن «الحكم يهرّي…» في إشارة إلى أن السلطة يمكن أن تُرهق وتكلّ وأن الجلوس على الربوة أسلم.
نضيف إلى ذلك أن انتخابات تجديد الهياكل النقابية الوسطى التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، تشهدُ دوريا وفي كل جهات البلاد دخول قائمات إسلامية قريبة من حركة النهضة الحاكمة مقابل قائمات قريبة من اليسار، ولكن الفوز في أغلب المناسبات كان حليف قائمات اليسار. ولا يخفى أن المقصد من وراء خوض الإسلاميين غمار انتخابات الاتحادات الجهوية والقطاعية هو محاولة افتكاك بعض المواقع داخل المنظمة النقابية التي أقضّت مضاجع السلطة الإسلامية، وخاضت ضدها عديد المعارك وصلت حدّ الإضراب العام الذي دعا له اتحاد الشغل على خلفية اغتيال شكري بلعيد.
ما يمكن الخروج به مما تقدّم، أي من هزيمة القائمات الإسلامية في المعارك الانتخابية للمحاماة أو للاتحادات الطلابية أو النقابية، هو أن كل تلك الفعاليات تمثلُ النخبة السياسية والفكرية للبلاد، وهي نخبة لا تتأثر كثيرا بالدعايات الإخوانية التي ساهمت بفعالية في وصولهم للسلطة. كما تعكسُ تراجعا لافتا لحضور الإسلاميين في المنظمات والجمعيات والهيئات المدنية منذ وصولهم للحكم، وهذا يعني بشكل عام تراجع شعبيتهم وهو ما أكدته عمليات سبر الآراء التي تنظم بين الحين والآخر. كما نتبين من الهزائم المتكررة للإخوان في الانتخابات المُشار إليها يعدّ مؤشرا على استعادة النخب السياسية والحقوقية والطلابية لزمام المبادرة السياسية التي سيكون لها –حتما- وقع وتأثير على مستقبل العملية السياسية في مصر أو في تونس.
الثابتُ أن قطاعات «عنيدة» مثل الطلبة أو المحامين أو النقابيين، تظلّ عصيّة على اكتساح الإخوان، أولا لما راكمته هذه القطاعات من تجارب نضالية ضد الاستبداد القديم، ناضلت خلاله ضمن محاور عديدة كان أبرزها الدفاع عن الإسلاميين أنفسهم حيث أتيحت لهم الفرصة في عديد المناسبات للدخول في قائمات موحّدة ضد السلطة الحاكمة سابقا.
وثانيالأن هذه القطاعات والهياكل تمثل «النخبة» والصفوة السياسية التي تتأثر بدعايات المساجد والتوظيف الديني ولا ينطلي عليها ازدواج الخطاب. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]... | |
|