عبد الباري عطوان: انتفض قلبي فنطق لساني

درست الوضع جيدا في تونس بعد تقريبا عامين من الثورة التونسية فتوضحت لي عديد المعطيات الدقيقة والتي تؤدي الى شيئين لا ثالث غيرهما
أولا :اما ستقوم ثورة ثانية في 14 جانفي وأكثر دموية ضد حركة النهضة
ثانيا :اما أساطيل الناتو سترسى على سواحل تونس هذا البلد المعجزة الذي أبهر العالم بثورته
المتتبع للوضع في تونس يرى أن ما يجري من أحداث وعنف وتماطل في كتابة الدستور هو تعمد من حركة النهضة للمسك بزمام الأمور قبل أن تمر لمرحلة قيام الدولة الاسلامية على الطريقة الايرانية
كل العالم يعلم أن تونس قامت بثورة لأجل الحرية,الكرامة والتشغيل هناك قوى تتحرك لأجل تكريس ودسترة هاته المطالب التي دفع ثمن تحقيقها الشعب التونسي بدماءه الزكية وبروح شبابه الثائرة الا أن منذ أشهر وأنا أتابع الوضع جيدا ولن يشكك في كلامي الا الكارهون والمتعصبون
حركة النهضة هي من تقف وراء جميع أحداث العنف التي وقعت في تونس لأنها تعتبر نفسها في حرب مفتوحة وغير معلنة على العمانيين والفكر البورقيبي الذي أخرج تونس من عصر الظلمات
النهضة لا تمتلك لا مشروعا اقتصاديا ولا اجتماعيا لتونس بل تمتلك مشروعا اسلاميا للمنطقة اليوم يهاجم حزب نداء تونس بحجة أنه يحتوي التجمعيين والحال أنه لولا وجود هذا الحزب لا كان حزب أحمد نجيب الشابي في الواجهة اليوم ومنذ أشهر يهاجم أنصار النهضة الاتحاد العام التونسي للشغل ليس لأنه معطل للتنمية ويحرض على الاعتصامات بل لأنه يحمل في فكر قياداته ومنخرطيه الفكر العلماني الاعلام يوصف بأنه اعلام العار والحال أنه يهاجم لأنه يحمل الفكر العلماني والبورقيبي القضاء كذلك والمنظومة الأمنية بقوانينها الحالىة لاتخدم أجندة الاخوان لهذا تمخض المشهد أن حركة النهضة لم تأتي من رحم الثورة التونسية بل هي تقدم مشروع ديني لا يتماشى ونمط المجتمع التونسي لأن تكوين وثقافة المجتمع لن تنبني يوما على أسس دول الشرق الأوسط التي تتخبط في الجهل والفتن والفقر المتقع
واليوم أسمع بعض الأصوات المنادية بجعل يوم الجمعة في تونس هو يوم العطلة الأسبوعية الرسمية وهو ما سيقلب تونس رأسا على عقب اقتصاديا واجتماعيا وستخسر تونس خمسة أيام بالتمام والكمال من المعاملات مع الشريك الأول لها وهو الاتحاد الأوروبي لم يفهم بعد الساسة الجدد في تونس أن نمط مجتمعهم لا يتماشى مع فكرهم الضيق وخاصة بعد الثورة والغريب أنهم لا يمثلون أغلبية في المجتمع التونسي الذي أعرفه جيدا (30بالمئة فقط يصلون وأغلبيتهم معتدلون) والبقية يقولون لا اكراه في الدين فيوم يصلي وتارة تجده في الحانة اني أتوقع ثورة جديدة خلال شهرين بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل والمجتمع المدني وبقية أحزاب المعارضة بما فيها حزبي الترويكا الحاكمة ضد القوى الظلامية والتي تريد أن تغير النمط التونسي

أتوقع ثورة للحرية والكرامة الوطنية خاصة أن النهضة تعتبر الكرامة هي العروبة والحال أن التونسي ومن خلال احتكاكي به يريد الا بلده تونس وعائلاته في المهجر أي ينظر الى أوروبا أكثر من اهتمامه بالشرق
ولا أعتقد أن الأمن سيكون في المواجهة هاته المرة بل في حماية الشعب من ميليشيات الحزب الحاكم جنبا الى جنب مع الجيش الوضع تأزم كثيرا في تونس والدستور وقع التراجع في كثير من الأشياء في التوطئة ومحتواه كل هذا سيضع الشعب التونسي في مواجهة مباشرة مع حركة النهضة وأعتقد ان لم تقم ثورة ثانية ستجد حلف الناتو ينشأ قواعد عسكرية في تونس بحجة ملاحقة الارهابيين وستدخل تونس في حرب أهلية
وأنا أتفاءل لتونس ولشعبها أنهم يدركون جيدا مطالبهم الثورية ولا يصلون الى مستوى الشعوب المتخلفة ولا يسمحون بطغاة جدد على أرض تونس أو احتلال من أي نوع

عبد البارى عطوان _لندن_