badr
عدد المساهمات : 646 تاريخ التسجيل : 31/01/2010 العمر : 44
| موضوع: الشعب التونسي بين اليسار واليمين ؟ الأربعاء 28 مارس 2012 - 10:57 | |
| الشعب التونسي بين اليسار واليمين ؟ تعيش الساحة الاجتماعية والسياسية التونسية صراعا حادا بين اليمين الذي تمثله حركة النهضة واليسار الذي يمثله في اقصى تجلياته حمة الهمامي. لكن هل ان الشعب التونسي هو شعب يساري ام يميني ؟ ام لا هذا ولا ذاك ؟ اليسار التونسي يعمل دون وعي لصالح حركة النهضة. هذه الأخيرة مغالية في تطرفها بما تضمه من اذرعه يمينية متطرفة؛ تجلى ذلك في دعمها لهذه الأذرع احيانا وفي السكوت عنها احيانا. وفي كلتا الحالتين: حالة الدعم الصريح او السكوت (بما يعنيه من دعم ضمني قد يكون اخطر من الدعم الصريح في بعض الحالات) يشجع على ارتكاب افعال اجرامية قد تكون اخطر من غيرها. لقد تجلى خطاب النهضة الداعم والساكت من خلال دعم رئيس الحركة راشد الغنوشي نفسه للسلفية وقال بانها ثقافة جديدة لكن لم يبين ان كانت ثقافة سلم ام عنف ! الثابت الى حد اليوم ان ثقافة العنف هي الطاغية على السلفية وتجلى ذلك من خلال الأحداث التي عرفتها سجنان وبئر علي بن خليفة وعلى الحراك في الشارع وما ينشر على صفحات المنتديات الاجتماعية. فكل مسيرة تصحبها مسيرة مضادة اكثر صخبا وعنفا. قد يكون العنف ماديا او لفظيا او عبر ايحاءات رمزية تضرب ثوابت اساسية داخل المجتمع التونسي الذي يتكون في اغلبه من الوسطيين. ان الذين صوتوا لحركة النهضة على اعتبار ان الانتخابات التي دارت كانت شرعية لم يصوتوا لها لقلب طبيعة المجتمع التونسي كما انهم لم يصوتوا للبرنامج الأصولي المتخفي في جانب من اعضاء الحركة، فهم لم يصوتوا على اشخاص وانما على حزب يضم بدوره الوسطي والمتطرف. لكن من يسيطر على حركة النهضة بعد الانتخابات ؟ هل الوسطيون ام المتطرفون ؟ يظهر ان المتطرفين هم الذين يسيطرون على خطاب الحركة وكذلك على فعلها. انه ليس بالضرورة ان تقوم الحركة بفعل ما، فهي تحمل نفس الايديولوجيا التي يحملها حزب التحرير غير المعترف به؛ يستمدّان نفس المفاهيم وينطلقان من نفس المشروعية: الخلافة والامارة وتطبيق الشريعة الاسلامية... ان الحركة تلعب دورا مزدوجا وتقتسم بينها وبين حزب التحرير الادوار. ان الخطاب الديني له شكل واحد وطعم واحد ولون واحد. قد تختلف حركة النهضة وحزب التحرير في الوقت او كيفية الطرح او الوسيلة التي تحقق المبتغى لكن لا يختلفان ابدا في اسس المشروع. اما اليسار التونسي بمختلف اطيافه فهو يعمل لصالح حركة النهضة وذلك بطريقة تتسم بالغباء المفرط. فالتعلل بمنطق الحياد الاخلاقي او الدفاع عن الآخر حتى ولو كان عدوّا يجعل من اليسار حركة تعيش انفصاما خطيرا. يتصرف يسار حمّة الهمّامي كتصرّف الذي يذهب مع مجموعة من الصيّادين في رحلة صيد وعوض جلب الفريسة اليه لاصطيادها وتمتلئ سلّته فانه يدفعها لغيره لتبقى سلّته خاوية. علّة اليسار انه يبحث ان يكون مثاليا ومبادئيا حتى ولو اقتضى الأمر ان يكون هو الخاسر. وفعلا اتضح ان المجموعات اليسارية في تونس هي في غالبها مجموعات خاسرة لا يمكن التعويل عليها لجعل تونس دولة آمنة ومستقرة ووسطية كما عهدناها. فإضافة الى الخطاب التطرفي اليساري البعيد عن هموم الغالبية العظمى للمجتمع التونسي فانه يسهّل بغبائه من تقدّم حركة النهضة لتحقق مزيدا من الانتصارات لحروب سياسية لم تخضها، ولو خاضتها لما انتصرت فيها. حركة النهضة لا تستمد قوتها من قوة برامجها بل من غباء معارضيها من اليسار من جهة ومن ضعف الوعي الاجتماعي من جهة اخرى. هذا المجتمع الذي كثيرا ما تختلط عليه تقنيات الدهاء السياسي والمقدّس. لم نرى من اليسار التونسي خاصة المتطرف منه الا مجموعة "اعتقني" او المجموعات التي تتجاهر غباء بإلحادها ظانّين انهم يقارعون حركة النهضة وسيجعلون الشعب يهجرها متناسين ان عملهم هذا قد اصاب المجتمع في مقتل حيث تحوّل جانب كبير من الوسطيّين وهي الغالبية الساحقة من المجتمع التونسي الى حركة النهضة. ان سياسة اليسار اللا محسوبة هي التي تدفع بالوسطيين دفعا الى الدخول في دائرة حركة النهضة. لا يجب ان ننسى ان المجتمع التونسي لم يكن يوما مجتمعا يمينيا ولا يساريا. هو مجتمع يؤمن بالله دون غلوّ او تطرف لكن اذا ما حاولت ضربه في ايمانه فانه يرتدّ كارتداد الرصاص عن الجسم الصلب. علينا ان نعرف ان حركة النهضة هي هذا الذي يقطف نتائج الحرب المجانية التي يخوضها اليساريون ضد المجتمع. عوض ان يجابه اليسار معارضيه ببرامج قوية معتدلة لا يخلط فيها الايديولوجي بالديني فانه يخلق حربا غير متكافئة مع المجتمع متوهّما انه بمحاربته بعض الثوابت الدينية والمجتمعية يحارب حركة النهضة. في الواقع اليسار لا يحارب حركة النهضة انما يحارب الفئة المعتدلة والوسطية من المجتمع التونسي. يحارب اليسار حركة النهضة باسم الدين وهو في الواقع يخوض حربا مجانية ضد المجتمع الذي لا يدافع عن النهضة انما على الدين. وتحارب النهضة غباء اليسار فتظهره محاربا للدين وبالتالي تقف في صف المجتمع الذي تظهره مهدّدا في دينه. في كلتا الحالتين: اليسار والنهضة قوتان غبيتان سياسيا تستنزفان قيم وثوابت المجتمع الوسطي. على هذه اللعبة ان تنتهي: ان يوقف اليسار من صناعته للغباء وان توقف حركة النهضة من استهلاكها للغباء. ان حركة النهضة ليست بالحركة القوية والدليل ما تعانيه من فشل على مستوى الحكم. بل استمدت انتصاراتها من حدّة الغضب الشعبي الذي خلّفته سياسة بن علي الاقصائية والقمعية ومن سياسة الغباء التي تزعّمها اليسار التونسي. فهو اول من امتطى جواد الثورة واراد تزعم مسيرة الاصلاح وقام بالتحريض على الاعتصامات اثناء حكومة الغنوشي والسبسي. على التونسيين الوسطيّين ان يعرفوا ان ما نعيشه اليوم من وقت ضائع سببه الرئيس اليسار التونسي، هذا الذي نادى بضرورة كتابة دستور جديد فلم تكن هذه المبادرة لحركة النهضة ولكن النهضة هي التي حصدت نتائجها وخرج منها اليسار يحمل اصفارا. على اليسار ان كان فعلا يؤمن بتونس معتدلة ووسطية ان يوقف هجماته ضد الدين وان لا يخلط بين الدين وحركة النهضة. عليه ان يتقن لعبة تحييد الخصم وأن يعرف أن معركته ليست مع ثوابت المجتمع الدينية وانما مع حزب سياسي يتخّذ من الدين ذريعة لتحقيق اهداف سياسية. فالتونسيون يقدّرون جيدا التمييز بين الاثنان لكن علينا ان نعرف انه عندما اتجه التونسيون نحو انتخاب حركة النهضة لم يكن ايمانا بمشروع النهضة بقدر ما كان ردا عنيفا على اعتداء اليسار على بعض الثوابت الدينية للمجتمع. اذا اراد اليسار ان يكتسب المراحل القادمة عليه ان ينضم الى الغالبية الوسطيّة بما تضمّه من اطياف فكرية وان يلغي من قاموسه المفردات التي تمثل حساسية كبيرة لدى المجتمع. ان الغالبية الساحقة من المجتمع التونسي لا تطالب بتطبيق الشريعة ولا تطالب بقطع يد السارق ولا بإقامة الحد على الزاني والزانية... انما تطالب باحترام مقدّساتها ومكتسباتها الاجتماعية. المجتمع التونسي مجتمع وسطي لا يجنح الى التطرف يسارا او يمينا. فتاريخنا دالا على ذلك، وتنوّعنا البشري دال على ذلك. مثل هذا المجتمع لا يحكمه الا حزب وسطي فهل سيشكّل التحالف الوسطي الكبير الذي أسّس اخيرا الحزب الكبير الذي يحتاجه التونسيين ؟ Par:Sami Jalouli
| |
|