منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:05

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها BASHAR-FRONT2


Centre International de Recherches et d’Etudes Sut Le Terrorisme & L’Aide aux Vctimes du Terrorisme – ( CIRET-AVT
باريس ـ كانون الثاني/ يناير 2
شكر- يشكر المؤلفون المواطنين السوريين الذين قبلوا اللقاء بنا والإجابة عن أسئلتنا، إضافة إلى الموظفين الديبلوماسيين العرب والأوروبيين، رؤساء الوكالات الاستخبارية، أعضاء المنظمات الإنسانية وصحافيين من الصحافة الدولية كنا قد أجرينا مقابلات معهم.
ملاحظات تمهيدية
بتنظيم وحث من المركز الفرنسي للأبحاث الاستخبارية- CF2R ( Centre Francais de Recherche sur le Renseignment ) والمركز الدولي للأبحاث والدراسات حول الإرهاب ومساعدة ضحايا الإرهاب – CIRET-AVT ( Centre internationalde recherché et d’etudes sur le terrorismee et d’aide aux victims du terrorisme)، سافر وفد دولي من الخبراء إلى سوريا من 3 إلى 10 كانون الأول لتقييم الوضع هناك بشكل مستقل ونزيه ومقابلة الفاعلين في هذه الأزمة الممتدة منذ تسعة أشهر.

وأنهى الوفد مهمته التقييمية بلقاءات مع مختلف الممثلين للمعارضة السورية في الخارج، إضافة إلى هيئة من الخبراء بشؤون الشرق الأوسط من أوروبا.

تألف الوفد من الأفراد التالية أسماؤهم:

ـ السيدة سعيدة بن هابيل( الجزائر)، وزيرة التضامن السابقة، عضو سابق في مجلس الشيوخ، عضو مؤسس لمركز CIRET-AVT، حاصلة على جائزة الأمم المتحدة للمجتمع المدني؛
ـ السيد ريشار لابيفيير ( فرنسا)، كاتب ومستشار دولي، مختص بشؤون الشرق الأوسط، رئيس تحرير سابق في راديو فرنسا الدولي ( RFI)، من مجلة ” الدفاع” الصادرة عن معهد الدراسات العليا للدفاع الوطني ( IHEDN) وعضو مؤسس لمركز CIRET-AVT؛
ـ السيد إيريك دينيسي ( فرنسا)، مدير المركز الدولي للأبحاث الاستخبارية ( CF2R).
ـ السيدة آن ماري ليزان ( بلجيكا) شاركت أيضاً في تحضير وكتابة مسودة هذا التقرير، رغم أنها لم تكن قادرة على السفر إلى سوريا مع أعضاء الوفد الآخرين بسبب التزامات سابقة على جدول مواعيدها.
آن ماري ليزان رئيسة فخرية لمجلس الشيوخ البلجيكي ونائبة رئيس الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( OSCE). كانت نائبة أوروبية ( 1979-1988)، وزيرة خارجية الشؤون الأوروبية ( 1988-1992)، نائبة وسيناتور ورئيسة مجلس الشيوخ البلجيكي (أول امرأة تتسلم هذا المنصب).



كانت المبادئ التوجيهية لعمل الوفد كالتالي:

• الالتزام والتقيد بالمبادئ الديمقراطية: الحرية، حقوق الإنسان وحقوق المرأة، مقاومة القمع وفق قرارات وعمل الأمم المتحدة؛
• أمن وحماية السكان المدنيين؛
• الحياد بما يخص الصراع؛
• معارضة أي تدخل عسكري أجنبي ينتهك القانون الدولي، أو تدخل وفقاً لحق مفترض بالتدخل الخارجي الذي يتناقض والمبادئ التأسيسية للأمم المتحدة؛
• ممارسة تفكير منطقي حاسم؛
• رفض أعضاء الوفد الترويج لمصالحهم الوطنية الخاصة.

بما يتعلق بالنقطة الأخيرة، نود أن نشير إلى أن أعضاء الوفد لديهم خبرة قديمة وعميقة في تحليل وفك رموز أوضاع الأزمات إضافة إلى خبرتهم في تقنية المعلومات. وبالنسبة لفترة المهمة، وفي صراع هو عبارة عن حرب إعلامية أكثر مما هو صراع عسكري، كان الوفد متنبهاً، بالتحديد، لمخاطر التلاعب به من قبل الذين أجريت معهم المقابلات. ونجح في الحفاظ على إبقاء مسافة آمنة بينه وبين كل من المتمردين وأولئك الذين يدعمون، بدون أدنى شك، النظام في دمشق.

أخيراً، كانت المهمة مستقلة بما يتصل بالترجمة، بسبب وجود ومشاركة سعيدة بن هابيل في الحوار، ويود أعضاء الوفد الآخرون انتهاز هذه الفرصة لتقديم الشكر لها.

ملحوظة:
يغطي التقرير التالي الأحداث حتى نهاية عام 2011، عشية نشر مهمة المراقبين للجامعة العربية.

ملخص تنفيذي

بدأت الأزمة السورية في 15 آذار، 2011. ووفقاً للأمم المتحدة، لقد مات 5000 شخص تقريباً في الأزمة ( حتى كانون الأول 2011). يمكن وصف الأزمة في سوريا بأنها ” لبننة ” للبلد بالقوة.

لقد حدثت الأزمة على ثلاث مراحل متتالية:

• بداية حركة اجتماعية مع شعب يسعى إلى حريات مدنية وسياسية أكبر، مردداً أصداء “الثورتيْن” التونسية والمصرية في كانون الثاني وربيع 2011؛
• التأكيد على التطرف المذهبي الذي يقود إلى عمليات إرهابية وتأسيس ثلاث مناطق للصراع المسلح ما يعتبر صدىً للحرب الأهلية ـ الطائفية اللبنانية ( 1975-1989): درعا، حمص وإدلب.
• بلورة مواجهة سنية ـ شيعية تعكس ازدواجية الإيديولوجية الجيوسياسية الأميركية للمحافظين والمستمرة في إعلامها وإيحاءاتها السياسية لإدارة أوباما، ما يعني الفصل بين ما يسمى ببلدان ” الاعتدال” العربي ودول ومنظمات هي ضمن ” محور الشر”: إيران، سوريا، حزب الله، وحماس.

إن ملاحظتنا الرئيسة تقول بأن القضية الإيرانية هي التي تشترط، وإلى حد كبير، الطريقة التي تتم بها معالجة الأزمة السورية.

هذه ” اللبنة المصنعة” لسوريا هي نتيجة أعمال تقودها ثلاث مجموعات:

• النظام السوري، وحداته العسكرية وأجهزته الأمنية المختلفة؛
• الجماعات الدينية والسياسية، بما في ذلك الإخوان المسلمون وقادة الجماعات السلفية بدعم من حكومات وقوى سياسية في بلدان مجاورة: الأردن، لبنان، تركيا، والعراق، بدرجة أقل؛
• قوى إقليمية ودولية متورطة في المنطقة: قطر، السعودية، الولايات المتحدة، وفرنسا، بدرجة أقل.

أصبحت الشبكات الإعلامية التابعة لدول الخليجية، بدعم من الوكالات الصحافية الأنكلو – أميركية الكبرى ونظيراتها الأوروبية والفرنسية، اللاعبين الأماميين في هذه الأزمة، مع تغطية ” عالمية” هدفت بشكل رئيس للإطاحة بنظام دمشق، بشكل مشابه لما حدث في ليبيا.

المقدمة

منذ شتاء 2011 وبلدان العالم العربي تهتز بفعل اضطرابات وتحركات شعبية مع القيام بتظاهرات شعبية ضد النظام الموجود: طموح للحصول على ديمقراطية وحريات أكبر، توزيع أكثر عدلاً للثروة، رد على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والنقمة على أنظمة الأقارب، الخ. وعلى امتداد العالم العربي نجد نفس الأسباب للاحتجاجات والتظاهرات.
مع بداية الأحداث في تونس، مصر، ليبيا، البحرين واليمن، تأثرت سوريا بدورها بالظاهرة. إلا أن ” الربيع” السوري، وهو تعبير لحركة شعبية حقاً تولدت من مطالبات مشروعة بحريات سياسية أكبر، سرعان ما تحول إلى نهاية للربيع، نظراً لعجز التحرك عن إضعاف النظام، ودخوله في أزمة مسلحة بين معارضة تحمل صيغ التطرف وبين نظام أمني.
ورغم أن الأزمة بدأت كجزء من ديناميكية الربيع العربي، فإن الوضع السوري مختلف بشكل كبير عن ” الثورات” العربية الأخرى بسبب تشعباته الدولية.
الواقع هو أن سوريا كانت حليفة لإيران على مدى ثلاثة عقود. فإيران هي رمز “محور الشر” كما قضت بذلك واشنطن، وبلد يسعى الأميركيون لزعزعة استقراره بأية وسيلة ممكنة، بسبب برنامجه النووي ودعمه لحزب الله اللبناني ونفوذه الإقليمي المتزايد.
وفقاً لذلك، فإن القضية الإيرانية تشترط، وإلى حد كبير، المقاربة الدولية للأزمة السورية، أزمة برزت على خلفية انسحاب الجيش الأميركي من العراق وبسبب الهواجس المتزايدة من جانب الدول العربية في الخليج الفارسي في وجه محور محتمل بين دمشق / بغداد / طهران.
إذن، تلعب التأثيرات الخارجية دوراً أساسياً وجوهرياً في الأزمة السورية – أكثر من ليبيا حتى- ويمكن ملاحظة تدخل اللاعبين الدوليين كل يوم، سواء في دعمهم لجزء من المعارضة أم في الحرب الإعلامية التي تشن ضد دمشق عن طريق الشبكات الإعلامية العربية والأنكلو- أميركية.
إن النظام السوري ليس نموذجاً للديمقراطية، وهذا واضح، لكن أعداء سوريا يحرضون ويضعون كل جبروتهم بالتصرف لتشويه صورتها والتأثير على الرأي العام الدولي الموجود خلف قوى المعارضة الخارجية لتبرير إجراءات متخذة ضد النظام، بأمل تسريع سقوطه.
هذا التزييف للحقائق يسعى لإخفاء الدعم – المتردد غالب الأحيان- عن الرأي العام العالمي – الموجود لدى أكثرية السوريين للنظام الحالي ولإخفاء الحقيقة بأن المعارضة الخارجية ليست صاحب الشأن الأكثر شرعية ( بصفتها معارضة لجماعات المعارضة المحلية القديمة)، ولا هي تتبنى المثل الديمقراطية التي تتظاهر بترويجها أيضاً ( نظراً لصفتها الإسلامية القوية).

إن الهدف من التقرير الحالي هو توفير معلومات موضوعية حول الأزمة التي تم تشويهها بشكل أساسي بسبب السيطرة التي يملكها أعداء سوريا على الشبكات الإعلامية الدولية. ولهذه الغاية، سوف يغطي التقرير النقاط التالية:

• الجدول الزمني للأحداث منذ بداية ” الربيع” السوري؛
• عناصر المعارضة المختلفة، شرعيتهم، أهدافهم، وإستراتيجياتهم؛
• رد النظام، مسؤولياته، وموقف الشعب من الحكومة المركزية؛
• التغطية الإعلامية وأبعاد الأزمة، تحديداً الكيفية التي تتم بها تقديم التغطية بأسلوب منسق ومضلِّل؛
• ” اللعبة الكبرى” التي تلعبها قوى خارجية، والتي تواصل العمل على أهداف سياسية خارجية لا تعكس الوضع داخل البلد والمبنية على دعم لا يتزعزع لمعارضي النظام.

أصل الثورة وسياقها

النظام الأمني
إن القوة السياسية السورية مبنية على ركيزتين: إيديولوجية ماركسية قومية التوجه يروج لها حزب البعث الحاكم والطائفة الدينية العلوية الأقلية التي تعتبر عائلة الرئيس بشار الأسد من عدادها.
أما رسمياً، فإن سوريا جمهورية برلمانية متعددة الأحزاب. هناك ائتلاف من ثمانية أحزاب سياسية يدعى ” الجبهة التقدمية الوطنية” يهيمن عليه حزب البعث. إلا أن أعضاء المجلس، المسمى “مجلس الشعب السوري”، المنتخبين لمدة أربع سنوات ليس لديهم سلطة حقيقية. أما الرئيس، المنتخب لمدة سبع سنوات، فهو رئيس ” الجبهة التقدمية الوطنية” والأمين العام لحزب البعث الذي يمسك بكل المراكز والمواقع المطلوبة لقيادة وتوجيه سياسة الدولة والمجتمع المدني. بالواقع، لا يمكن لأحد معارضة الحكومة ورئيسها.

إن الجيش والقوى الأمنية هم حجر الزاوية للنظام. فأجهزة الدولة مبنية على عدد كبير من الأجهزة الخاصة وحرس الدولة. إن قادة هذه المؤسسات، رغم أنهم يفضلون البقاء بعيداً عن الأضواء، هم أقوى الشخصيات في البلد. ورغم أن لدى الرئيس السيطرة التامة رسمياً ، فإن عليه التعامل مع وجهاء النظام الذين بإمكانهم القيام بانقلاب عسكري في أية لحظة إذا لم تكن قراراته تتوافق معهم.

منذ وصوله إلى السلطة، واجه بشار الأسد – الذي لم يطمح إلى منصبه – نظاماً هو بالكامل بأيدي كبار الشخصيات القيادية للنظام. وكان ملزماً بأن يؤلف حكمه مع كبار البيروقراطيين الذين لم يكونوا يمسكون بدعامات السلطة السياسية فحسب من خلال الأجهزة السرية والجيش، وإنما يمسكون بمفاتيح الاقتصاد أيضاً، من خلال سيطرتهم على البيروقراطية الحكومية الضخمة المتصلبة.

إضافة لذلك، كان الرئيس قادرا ً على تنفيذ إصلاحات اقتصادية فحسب، والتي برغم أنها قد تبدو أساسية، لكنها كانت بطيئة التطبيق جداً. ولم تنفذ تلك الإصلاحات إلا في الفترة ما بين عامي 2006- 2007. هناك فساد على كل مستوى في الدولة. وقد أدان الرئيس نفسه الفساد الموجود تكراراً بصفته أحد الإخفاقات البنيوية المزمنة للنظام.

وكوالده من قبل، يملك بشار دعم الأقليات الدينية، سكان الأرياف، الطبقة البرجوازية السنية في المدن وقسم كبير من الأجهزة المدنية المنتفخة.

التحرر السياسي القصير الأجل
في العاشر من تموز عام 2000، عندما خلف بشار الأسد والده حافظ الأسد، كان هناك أمل كبير بخضوع النظام لعملية تحررية. يمكننا تسمية هذه اللحظة بـ ” ربيع دمشق”. فعلى امتداد البلاد، كانت هناك آمال ببروز مجتمع مدني حقيقي، يؤدي إلى خلق حقبة جديدة من الانفتاح السياسي. وقد آمن كثير من السوريين من المجتمع المدني والمعارضة المحلية بوجود هكذا فرصة للانفتاح، أو حتى آمنوا بأن التغيير في نظام البلد أمر ممكن. وتزايد عدد جماعات النقاش والحوار على امتداد الوطن ووضعوا قوائم بالشكاوي .

لكن في شباط 2001، وضعت الأجهزة الأمنية حداً لهذه المنتديات وسجنت معظم منسقي الجماعات. إذ اعتقدت دوائر السلطة المختلفة – أجهزة الاستخبارات، كبار الضباط في الجيش، قيادة البعث، ” الحرس العلوي” القديم- بأن ” ربيع دمشق” قد ذهب بعيداً وأن ذلك سيقود إلى بيريسترويكا سورية تطيح بالنظام.

هذه الأشهر الستة القصيرة، التي شهدت جدلاً اجتماعياً وسياسياً جديداً، تركت تأثيراً دائماً على نخب البلد، بما فيه النفوذ داخل أجهزة الدولة التي يمكن تقسيمها إلى تياريْن رئيسييْن، المحازبون القدماء لصالح الوضع القائم حيث يستمر الاحتكار السياسي لحزب البعث، وسلك أكثر ” اعتدالاً” ، لصالح تحديث النظام وانفتاحه.

أدى الغزو الأميركي للعراق عام 2003 إلى تصلب النظام ، الذي تشدد مجدداً في العام 2005، عقب اغتيال رفيق الحريري ( 14 شباط) والاستنتاجات الأولى للجنة التحقيق الدولية التي اتهمت النظام السوري بالوقوف خلف الاغتيال.
وتم اعتقال حسين العودات، الناطق باسم هيئة التنسيق الوطنية الذي أعاد جمع المعارضين المحليين للنظام في ذلك الحين. وسعت المعارضة إلى إعادة تجميع وتنظيم نفسها، لكنها فشلت.

ويقول العودات بأن النظام فعل كل ما بوسعه لإعاقة بروز حركة معارضة وطنية مسؤولة.

” يتلاعب خدم النظام ، بشكل دائم، بالواقع ويعطون معلومات مزيفة. لم يعد لدى المواطنين السوريين نقاط مرجعية توافقية: لا حرية، لا ديمقراطية، لا مساواة، لا فصل بين السلطات، لا سيادة للقانون. هذا نظام تأسس على الأجهزة الأمنية التي لديها كل المجال للمناورة وبإمكانها القيام بأي شيء مع وجود كامل الحصانة. كل مبادرة ينبغي أن تكون مقدمة للحصول على ترخيص: هناك 113 مهنة تتطلب مصادقة الأجهزة قبل البدء بالعمل ( كبار الموظفين المدنيين، المعلمين،الخ.) هذا نظام أمني تأسس على الفساد المستشري وسياسة محاباة الأقارب: فالنواب، والقضاة، والموظفون القضائيون يعينهم النظام. ليس هناك من عدالة اجتماعية، لا تغيير في السلطة السياسية. كما أن الحكومة السيادية لم تظهر كفاءتها أبداً في أي مجال على الإطلاق”.

المشاكل الاقتصادية والاجتماعية البنيوية
واجهت سوريا تحديات اجتماعية واقتصادية كبرى على مدى السنوات العديدة الماضية: بطالة مزمنة، ارتفاع ضخم في كلفة المعيشة وتدفق اللاجئين العراقيين ما أدى إلى تضخم أعداد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين أساساً في البلد.

تؤثر البطالة على 25% بالمئة من السكان ( عدد السكان 23 مليون نسمة) بمن فيهم الكثير من الشباب ( 75% من العاطلين عن العمل تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 24 عاماً). 60% من السكان تحت سن الـ 20 . كما يشكل اللاجئون الفلسطينيون ( 435000) وقبل كل شيء، اللاجئون العراقيون ( 1.2 مليون) ، إضافة إلى 305 آلاف من المهجرين من مرتفعات الجولان منذ العام 1967 فجوة ضخمة في اقتصاد البلاد أيضاً.

غالباً ما يكون الموظفون المدنيون الأدنى مستوى ملزمين بالعمل في وظيفة ثانية في القطاع الخاص لتلبية متطلبات الحياة. ورغم أن البوتيكات الفخمة الغربية الطابع تتزايد من حيث العدد، فإنها تبقى بعيدة عن متناول أيدي الناس العاديين. أما أرقام التضخم الرسمية فتقف عند حدود 5.5 %، لكن التضخم، في واقع الأمر، يصل إلى 25%! بالنتيجة، يعيش ثلث السكان تحت خط الفقر كما أن هناك 10% ( أكثر من مليونيْ إنسان) من السكان ممن لم يعد لديهم ما يؤمِّنون به حاجاتهم الأساسية.
بعض الأمثلة على ارتفاع الأسعار: ارتفعت الإيجارات بحدود 300% في العام 2007؛ تضاعف سعر بعض أنواع الخضار والفواكه؛ في تشرين الأول 2007، ارتفع سعر البنزين في محطات الوقود حوالي 20%. ورغم أن هذا التضخم ترافق مع إجراءات مساعدات اجتماعية، إلا أن التوجه السلبي زاد في عاميْ 2009 و 2010 مع معدل تضخم وسطي للسلع الأساسية من 10 إلى 15%.

إضافة لذلك، كانت هناك ” مافياوية” في أوساط ورثة كبار موظفي النظام من أيام حافظ الأسد. لقد تسللوا إلى كل مراتب السلطة لمصالحهم الشخصية. وقد استفادوا من تفكك بنية الدولة لتشجيع نظام رأسمالي فردي، ليخلقوا بذلك مجالاً لأنفسهم ضمن مجتمع استهلاكي طري العود هم يتحكمون به.

بدأ هذا التوجه مع استيلائهم على السلطة وسيطرتهم على الصناعات التكنولوجية الجديدة وعلى قطاع الخدمات ( تحديداً قطاع الاتصالات الهاتفية). وانتهى الأمر عبر الشراء التدريجي للصناعات التقليدية ووضع اليد على الأراضي والأملاك. هذا الكادر الجديد من رجال الأعمال ، القادمين بمعظمهم من دمشق وحلب، لديه الدعم من نخبة السلطة الحاكمة.

استرعى انفلات ” الثورات” العربية من عقالها اهتمام النخبة الحاكمة، نظراً إلى أن معظم النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية كانت لا تزال تعتقد بأن سوريا معزولة بخطيْن: البلد مهد القومية العربية ما يضمن هوية اجتماعية ووطنية لا جدال فيها والاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان (منذ حزيران 1967) عامل يقوي الهوية الوطنية يتيح للنظام إطالة مدة دولة الطوارئ إلى ما لا نهاية. الأحداث

اندلاع ” الربيع السوري الجديد”
اندلعت أحداث الشغب المتفجرة بداية الثورة السورية في 15 آذار، 2011، على حدود بلدة درعا: هذه هي ” طريق الأسلمة المتطرفة، التي تقود إلى عمان والسعودية”، كما يقولون في دوائر السلطة في دمشق… إذ لم تتقبل العشائر السنية العابرة للحدود أبداً سلطة دمشق كما أن الإخوان المسلمين الأردنيين ناشطون في المنطقة… ومنذ أحداث البحرين، عاد المستثمرون السعوديون إلى المنطقة لتقديم كميات من الهدايا السخية لزعماء العشائر، في مقابل الحصول على ولائهم.

لقد اشتعلت الأحداث بالأساس بسبب فضيحة أطفال درعا. أول تظاهرة حدثت أمام المسجد في وسط المدينة. إذ كتب بعض الأطفال شعارات على الجدران تنتقد النظام وتطالب بسحب المحافظ. وتم اعتقالهم فوراً وتعذيبهم ( سحب أظافر الأصابع، الخ.). قُتل ثلاثة من الأطفال. وعندما جاء أهاليهم يطالبون بإطلاق سراحهم، قال لهم المحافظ: ” كل ما عليكم القيام به هو إنجاب المزيد من الأطفال. وإذا لم تكونوا قادرين، أحضروا نساءكم إلى هنا ونحن سنقوم بذلك بأنفسنا”. ودعا الأهالي، الذين أهينوا وذلوا علناً، زعماء العشائر الذين قاموا بتنظيم تظاهرات أمام قصر المحافظ. وسرعان ما تحولت التظاهرات إلى عنف. أقيل المحافظ لاحقاً بأمر من بشار الأسد الذي التقى بأقارب الضحايا.
اتخذ الجيش – الجيش لم يتدخل الا في 25 نيسان – إجراءات صارمة ضد التظاهرات، في حين بدأت تظاهرات مشابهة في بلدات أخرى من البلاد، رغم أن ذلك لم يحدث في المدينتين الرئيسيتين للبلد، دمشق وحلب، اللتين تشكلان نصف سكان سوريا تقريباً.

وبالنسبة لشهر نيسان، اشتدت التحركات وحدثت أولى الانشقاقات للجنود عن الجيش لصالح المتظاهرين في درعا، ودير الزور ( شمال شرق البلاد) وفي أماكن أخرى على طول الحدود الشمالية الغربية. عموماً، لقد حدثت التظاهرات في جوار مساجد سنية بعد صلاة الجمعة.
وكما هو الحال في تونس ومصر، كانت التظاهرات عبارة عن تحركات اجتماعية تطالب بحريات مدنية أكبر. في هذه المرحلة، أعطى غياب التنظيم السياسي الواضح التظاهرات شعوراً ارتجالياً انتظم من خلال التضامن بين أفراد العائلات والجيران.

في المرحلة الثانية، أصبح التحرك أكثر مذهبية. فقد لعبت المساجد السنية دوراً مبلوراً في الوقت الذي دعا فيه الممثلون عن الإخوان المسلمين في الخارج ( إي لا شابيل، لندن، وواشنطن) إلى توسيع التحرك، لكن من دون إعطاء توجيهات واضحة. أما الناجون من ” ربيع دمشق” الأول وقادة المعارضة المحليون فلم يكونوا جاهزين. وتم استخدام ” الشبكات الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي” بشكل واسع لتنظيم التحرك.
بسبب تقوض الحكومة المركزية جراء خدماتها العاجزة وغير الكفوءة وبسبب العنف المتصاعد من قبل المسؤولين المحليين الفاسدين، فإنها فشلت في فهم المستوى الحقيقي للتحرك. لقد كان الفشل في درعا أيضاً أحد أعراض إخفاقات الحكومة السورية. ولم ينتهز بشار الأسد الفرصة لتهدئة الوضع ويعيد فتح حوار وطني. وتحت تأثير المتشددين في النظام، اختار الأسد طريق القمع واتهم الخارج بالتأثير والنفوذ.

مراكز التظاهرات إندلع التمرد في مناطق ذات تاريخ طويل وممتد من التنافس مع الحكومة المركزية ( مشابه لوضع بنغازي في ليبيا). وكانت نقاط وبؤر التظاهرات، في أكثر الأحيان، هي البلدات الواقعة على حدود الأردن، تركيا، ولبنان. إذ كانت درعا وحمص المدينتان اللتان شهدتا أبرز التظاهرات وأعنف الصدامات.
حمص بلدة ذات أكثرية سنية. إنها قريبة من لبنان ( 20 كلم) وهناك الكثير من الأعمال التجارية عبر الحدود ( تجارة مشروعة وغير مشروعة). كما أنها متاخمة لمدينة حماه، مسرح الثورة المسلحة للإخوان المسلمين ( ما بين 10000 و 20000 ضحية). وهي أكبر محافظة في سوريا. إذ تغطي 25% من أراضي البلاد، وفيها أكبر المساحات الزراعية، حدودها مرسومة من لبنان حتى العراق.

في حمص، تقليدياً، أعلى نسبة في معدلات الجريمة ( الاتجار بالمخدرات وتهريب السلع الاستهلاكية). وقد بدأت العصابات المسلحة بالعمل هناك منذ أيار 2011. وفي حزيران، تم تأسيس ما يسمى بجماعات ميليشيا الدفاع عن النفس، التي تحولت من حماية المناطق السنية إلى مهاجمة المناطق العلوية، ومراكز الشرطة ومباني الجيش.

في تلك المرحلة، ظهرت جماعات ” سلفية” مسلحة أعلنت عن نفسها بأنها كذلك، مستلهمة النموذج اللبناني بما يتعلق بالتجنيد، والمتطلبات والتكتيكات التنفيذية، وهذا يستدعي تذكر حصار نهر البارد. وفقاً لذلك، وفي 8 آيار، 2011، هاجم مسلحون مصفاة النفط في حمص لجعل وضع إمدادات النفط أسوأ والتحريض أكثر على النقمة الشعبية. وسيطر المتمردون على عدة أحياء ومناطق في حمص وأعلنوا عن تأسيس الجيش السوري الحر.

درعا. كان لدرعا ( جنوب البلاد، على بعد أربعة كيلومترات من الحدود الأردنية على الطريق المؤدية إلى عمان والسعودية)، سمعة المدينة المتمردة ضد هيمنة حزب البعث والأقلية العلوية الحاكمة، وتستمد شرعيتها من المناطق الريفية وعملائها. وكشعب عابر للحدود، لم تتقبل العشائر السنية أبداً سلطة دمشق، ولطالما كان مركز التآمر الإسلامي هذا جسر عبور للإخوان المسلمين الأردنيين، المدعومين من قبل الرياض، الثابتين بشكل جيد في المدينة.

في كل الأحوال، لم ينزل الكثير من الناس إلى شوارع دمشق وحلب، وفي العاصمة لم تشعر بالقلق سوى مناطق الضواحي التي تسكنها الطبقة العاملة والموجودة في شمال شرق وجنوب شرق المدينة. هذا الاستقرار يمكن تفسيره، تحديداً، بالتحالف الموجود بين طبقة التجار البرجوازية السنية والنظام. وطالما أن الأعمال التجارية غير متأثرة بالوضع وأولاد هذه الطبقة المتميزة من رجال الأعمال لا يقومون بتحرك ما، فسيحافظ هذان المركزان الحضريان – ركيزتان حقيقيتان للنظام والبلد – على الاستقرار الذي ينسحب أيضاً على الأقليات المسيحية، الكردية، والدروز، إلى حد ما.

تطرف التحركفي 18 آذار، 2011، وبعد ثلاثة أيام من بداية التحرك، رُصد وجود أسلحة عسكرية ليس فقط في درعا، وإنما في حمص، وحماه وفي بلدات مختلفة أيضاً قرب الحدود التركية. في كل الأحوال، كانت التظاهرات سلمية بمعظمها. ولم يستخدم المسلحون أسلحتهم، مع وجود روابط بينهم وبين شبكات التهريب، وإنما أسسوا مخازن للأسلحة وحفروا الأنفاق بغرض التخزين واللجوء.

قبل بدء التظاهرات، حدد النظام وجود 65000 مهرب تقريباً يعملون من دون مضايقة أحد على طول حدود البلاد، بتواطؤ من قبل سلطات محلية، في غالب الأحيان، ( أجهزة المحافظة، الشرطة والقوى الأمنية، إضافة إلى الجمارك والعشائر). لقد جاءت أسلحة الحرب إلى داخل البلد عبر هذه الشبكات المختلفة.

بعد عدة أسابيع من التمرد والقمع، تم اعتقال عدد من المتظاهرين السلميين، الذين تركوا الشوارع ليصبحوا عناصر أكثر تطرفاً. ثم لاحظ السكان ظهور متظاهرين مسلحين بدعم من الخارج، بداية حصول الانشقاقات عن الجيش تماماً. وبما يتعلق بحزيران، 2011، بدأ التحرك بالتطرف في معظم مراكز التظاهرات وبدأت النشاطات تطالب باستقالة بشار الأسد وإنهاء النظام.

ووفقاً لعدد من تقارير شهود العيان الصادرة عن ممثلي المعارضة المحلية وقادة الطوائف الدينية، بعد ظهور هذه النشاطات المسلحة صيف 2011، لم تعد التظاهرات سلمية وكان المتظاهرون يسعون إلى مواجهة مباشرة مع القوى الأمنية وبدأوا يستخدمون معداتهم العسكرية.

يعتقد البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك، بأن “هذه ليست ثورة طبيعية لشباب لديهم هدف وتوجه محدد، وإنما ثورة لديها استعداد للتدمير والتحريض بغرض تصعيد العنف والإضرار بصورة سوريا”. ففي قريته، الموجودة على بعد حوالي 10 كلم من دمشق، تحدث البطريرك عن التظاهرة الأولى التي قام بها حوالي 300 متظاهر في أيار 2011. لقد سعى المتظاهرون إلى مواجهة مع الجيش الذي رد بنفس الطريقة. قتل ثلاثة أشخاص. وفي اليوم التالي، حضر 10000 شخص، سلمياً، جنازة الضحايا الذين تم إطلاق الرصاص عليهم قبل يوم و” لم يحصل شيء”.

لا يعرف قادة المعارضة المحلية هؤلاء ” المتظاهرين الجدد”، الذين لم يكونوا منخرطين في ” ربيع دمشق” في صيف 2000. ففي نظرهم، هؤلاء الناس جزء من هذا ” الجيل العفوي” الذي تعززت هويته من خلال استخدام الشبكات الاليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، كما حدث في تونس ومصر.

إن حركة الاحتجاجات ليست موحدة. فهي ارتجالية إلى حد كبير، من دون تنسيق مركزي، وتستخدم أشكالاً من التضامن المحلي: العائلات، الجيرة، العشائر، الطوائف الدينية. وتشدد صلاة الجمعة، التي تعتبر نقطة المرجعية، من حالة المذهبية المتنامية للتحرك.

يبقى من الصعب تحديد المتمردين المسلحين المستفيدين من تلاقي المجرمين العاديين، والمهربين، والجماعات السلفية ( سوريين، عراقيين، أردنيين ولبنانيين).

إن تطرف حركة الاحتجاجات هو، وبشكل رئيس، نتيجة ثلاثة عوامل متفاعلة: ارتفاع عدد اللاجئين في المخيمات الموجودة على طول الحدود التركية ( شمال شرق سوريا)، تزايد عدد الجنود السنة المنشقين واستيلاؤهم على ضواحي حمص.

الانشقاقات والجيش السوري الحر إن الانشقاقات عنصر قديم وبنيوي ملازم، تقريباً، لكل جيوش التجنيد الإجباري العربية. والجيش السوري ليس استثناءً وقد اعتاد على هذا الواقع. في البداية، ترك المنشقون وحداتهم العسكرية للعودة إلى عائلاتهم.

في المرحلة الثانية، ترك المنشقون مع أسلحتهم وعتادهم للالتقاء بمجموعات مسلحة والذهاب إلى مناطق موجودة بأيدي المتمردين. وفي كانون أول 2011، قدر خبراء عسكريون موثوقون أعداد المنشقين بأقل من 20000 جندي، ظاهرة يمكن تصنيفها هامشية لجيش يبلغ تعداده 450000 جندي تشكل وحدات النخبة فيه نظاماً يتألف من 40000 جندي من المدربين والمسلحين جيداً.

أما الجيش السوري الحر فلديه 3000 مسلح تقريباً. وكان هناك مبالغة واسعة حول أهميته التنفيذية كما أن التغطية الإعلامية الواسعة التي نالها لا تعكس قدراته العملانية الحقيقية. وكونه حاضر في مخيمات اللاجئين على طول الحدود التركية، فإنه يقول إن لديه قيادة وحدات منظمة في المناطق السنية في مدينة حمص.

وحتى نهاية عام 2011، لم يكن الجيش السوري الحر قادراً على الثبات في أي قتال على جبهة أمامية ما مع الجيش الموالي للنظام. ومع تسلحه بالأسلحة الخفيفة، والمسدسات، وبنادق الصيد والكلاشينكوف، حصل هذا الجيش ، وبالتدريج، على قذائف الآر بي جي الصينية وقذائف المورتر من العراق ولبنان.

برزت مجموعات مسلحة أخرى على طول الحدود التركية، واللبنانية، والأردنية لشن حرب الجهاد في سوريا ضد ” النظام البعثي المهرطق”. أما التجنيد الجاري في صفوف المتطرفين السنة فيأتي، في الأعم الأغلب، من إعادة تجميع أفراد جند الشام، وعصبة الأنصار، وفتح الإسلام. هذه الجماعات، التي هي في حالة تخبط وفوضى، وجدت ملاذاً لها في منطقة طرابلس ( لبنان)، إضافة إلى تركيا والأردن، ولديها تمويل من السعودية وقطر.

وحتى كانون أول 2011، لم يكن لدى هذه الجماعات منطقة تحت سيطرتهم ما عدا بضعة أحياء في حمص ومعسكرات اللاجئين الموجودة في تركيا. ويظل خط الحدود السورية – التركية، وهو قطاع بعمق 20 كلم، في أيدي الجيش الموالي للنظام.

تنامي نفوذ الجماعات السلفية في العام 2009، نشرت أسما كفتارو – منسقة منتدى المرأة السورية المسلمة وحفيدة المفتي الأعلى لدمشق أحمد كفتارو- مقالة تشير فيها إلى وجود جماعات سلفية في دوما ( الضاحية الشمالية الشرقية لدمشق) ودرعا.

تنتشر السلفية، بشكل أساسي، في المناطق المتطرفة التي تخلت عنها الحكومة المركزية حيث الفقر والفساد مستوطنان. ” قبل ثلاث أو أربع سنوات، لم تكن اللحى السلفية ومسألة ارتداء النقاب لها وجود في سوريا. لقد تم استيراد هذه العادات من السعودية وقطر، من قبل رجال أعمال ومنظمات غير حكومية. والآن وعند أقل شيء، يسمع المرء كلمة الله أكبر، وهذه الكلمات يساء استخدامها وتشويهها”، قالت كفتارو.

تعتقد أسما كفتارو بأن النظام السوري غذى هذا التطرف من خلال سياسته الدينية، بتعيين أئمة معروفين بوجهات نظرهم المتطرفة في الهيئات والمؤسسات الإسلامية السنية الرسمية المختلفة الذين قاموا بنشر أفكار متعصبة. وأضافت كفتارو تقول إنه على مدى الثماني سنوات الماضية تم تحييد المعتدلين وإفقادهم مصداقيتهم.

وأشارت كفتارو إلى أن ” هذه هي استراتيجية وزير الشؤون الدينية محمد السيد، وليست استراتيجية الرئيس. فقبل أربع سنوات سهل الوزير بطريقة متمردة تعيين السلفيين، في حين كان يتظاهر بأنه يفعل العكس. أنا نفسي تم إقصائي عن هيئات عديدة بسبب إدانتي لهذه الاستراتيجية الساعية إلى تقسيم المواطنين السوريين”.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: رد: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:14




سعت سوريا، مدة طويلة، لعزل نفسها عن أخطار الإرهاب عن طريق منح الجماعات الجهادية في المنطقة تنازلات معينة. لقد كانت سوريا مركزاً ، وداعماً حتى، لمنظمات معينة تعهدت، بدورها، تجنب القيام بهجمات على الأراضي السورية. هذا النوع من السياسات ليس علماً تماماً، وقد ارتكبت أخطاء مما قوض هذه السياسة وظلت إحدى أسباب السمعة السلبية للبلد في الخارج.


قبل 5 سنوات، ادعى تنظيم قرغاسي المسؤولية عن الهجوم التفجيري على مكاتب شبكة التلفزيون الوطني. في ذلك الوقت، يمكننا تفسير هذا النوع من الهجمات بسياسة سوريا ” توقف وامض” في العراق، مسرح حرب خاضع لشكل من أشكال الرهان الثلاثي للانقسامات: القوى الأنكلو- أميركية / مجموعات المقاومة؛ السنة/ الشيعة؛ القاعدة/ الدعوة، التي يمكن إضافة الفئات الكردية لها المدعومة من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يشكل أيضاً شكلاً من أشكال التحالفات غير المتكررة مع عناصر سلفية.


دخلت مجموعات سلفية أخرى إلى درعا بعد الإجراءات السعودية المتخذة ضد ” ربيع البحرين”. فقد كان الممولون السعوديون في ذلك الوقت يشجعون الجماعات المسلحة الأردنية، ذوي العلاقات الوثيقة بالإخوان المسلمين، على القيام بعمل ما في منطقة درعا.



وكانت درعا تعاني من جفاف شديد وكان هناك اضطرابات اجتماعية قادت المزارعين الذين كان قد مضى عليهم 4 أشهر من دون دفع رواتبهم إلى التظاهر. وقد حفرت هذه الجماعات الأنفاق والمخابئ والتحصينات لإخفاء أسلحتها، بشكل مشابه للتقنيات المستخدمة من قبل الجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية (المعروفة بالأحرف الأولى الفرنسية –GIA) خلال العقد الممتد من 1988-1998.


كانت التقنيات نفسها مستخدمة في حمص، مدينة أصبحت بؤرة النزاع المسلح ضد النظام بفضل جغرافيتها الفريدة وسماتها الديمغرافية.


دعوات للجريمة والنزاع المذهبي
قبل نهاية العام 2011، أصبحت حمص رمز التطرف الديني السني/ العلوي و” لبننة” الصراع. ويتقاسم النظام والجماعات السلفية المسؤولية بخصوص هذه العملية ” المصنعة” للبننة، وهذا يجعل الرد الأمني من جانب واحد أمراً ممكناً، ما يضع الحل السياسي للأزمة على الرف لوقت لاحق.
وبحسب رأي أسما كفتارو، فإن الشبكات الإعلامية العربية والغربية، إضافة إلى القادة الدينيين في كل من قطر والسعودية، تتقاسم جميعاً المسؤولية بخصوص هذه ” اللبننة الإجبارية” لسوريا.
إضافة إلى حملات التضليل الإعلامي المتكررة التي تديرها الجزيرة، تدعو شبكة التلفزيون القطرية المحلية – قطر TV- لمواجهة دينية بزعم أن “بشار الأسد هو خائن للمسلمين”.
في ربيع 2011، خلع شيخ في حماه جلبابه قائلاً إنه لن يضعه عليه مرة أخرى إلا عندما يتم إعدام 300 علوي. وقد ارتداه مرة أخرى بعد مجازر وصدامات حزيران/ تموز، التي حدثت قرب الحدود التركية.
وفي عدد من النصوص التي نشرها الإخوان المسلمون في لندن منذ بدء الثورة السورية، وُجهت الرسالة التالية إلى المتظاهرين في سوريا: ” إذا أردتم رفع القضية السورية إلى الأمم المتحدة، ينبغي أن يموت عدة آلاف من الناس على الأقل”. وتم إطلاق فتاوى مختلفة في مساجد في “فينسبوري” وأماكن أخرى للصلاة في منطقة ” ماربل آرك”، صرَّحت بوجوب موت ثلث السكان، تحديداً العلويين، كحل وحيد لإنقاذ الثلثين الباقيين.


وتعتقد أسما كفتارو بأن هدف السلفيين والراعين الخارجيين لهم هو تدمير سوريا ونموذجها الاجتماعي المتعدد الأبعاد، النموذج الاستثناء في العالم العربي. ” هذه الخصوصية للأمة السورية كانت، ولوقت طويل، لا تطاق بالنسبة للمتطرفين في الدول الخليجية، الذين يصرون على انتماء كل العرب إلى المذهب الوهابي، في حين ينظر للشيعة في سوريا باستهجان. علينا الاستمرار بحماية أنفسنا من السلفية ودول الخليج”.



وتأمل أسما كفتارو بألا تنتشر الحرب الأهلية إلى خارج حمص، “إذا ما انتشرت عملية اللبننة في كل سوريا وتحولت إلى حرب أهلية حقيقية، فإنها ستصبح أكثر دراماتيكية وأطول من الحرب الأهلية في لبنان”، تقول كفتارو.
يعتقد معظم قادة المعارضة المحلية بأن شعار ” العلويون في التابوت والمسحيون إلى بيروت “، قد اخترعته السلطات لإخافة الأقليات. إضافة إلى التهديدات المتنوعة للصراع المسلح، تنفذ مجموعات صغيرة من المحرضين تصرفاتها الاستفزازية في الأحياء المسيحية في مدينتي حماه ودمشق، من دون أن يكون هناك من هو قادر على تحديد هوياتهم أو أصولهم بشكل مؤكد. ” إن البلد يشهد انتشاراً للعنف المجاني ولأسباب من الصعب التحقق منها، في حين تظل هوية المحرضين على العنف غير معروفة”، قال أحد الديبلوماسيين الأوروبيين الموجودين في دمشق.


أعمال الإرهاب
منذ أيلول 2011، أصبح الصراع على الطريقة الجزائرية: عنف مجاني، عمليات قتل مجهولة الهوية، مع وجود ثلاث مناطق ساخنة من الصدامات المسلحة المتكررة: حمص، درعا، وإدلب. لقد تم ذبح عدد من الضباط العلويين وأولادهم في أيار 2011، أمر لم تتنازل الصحافة الغربية وتغطيه. وحاول ممثل سوريا في الأمم المتحدة أن يشرح عدة مرات مقتل حوالي 1100 شرطي وضابط في الجيش منذ آذار 2011، لكن كلامه لم يلاق إلا التكذيب.
أما على الفايسبوك وشبكات الإنترنت الأخرى فيتم تداول القوائم السوداء بأسماء المحكوم عليهم بالموت من قبل متمردين قرروا من يعتقدون وجوب موته، وقرروا من هو ” المتعاون” ومن ليس كذلك.

ووفقاً للأم آغنيس ميريام دو لا كروا، وهي الأم الكبيرة الكرملية في رهبنة سان جايمس (منطقة دمشق)، كان يوم 6 تشرين أول 2011 في حمص أسوأ يوم. إذ قتل أكثر من 100 شخص في قتال مذهبي، بمن فيهم عدد كبير من الناس الذين تم تقطيع أوصالهم.

” كانت هناك مشاهد مرعبة، نساء مغتصبات، أثداء مقطوعة، أفراد مقطعي الأوصال. تم اغتيال عريس مسيحي شاب لأنه رفض المشاركة في تظاهرة إلى جانب المتمردين. قتل صاحب دكان سني فقط لأنه باع سلعة لضابط شرطة”، قالت الأم آغنيس شارحة الوضع.
شرح عمر أوسي، الزعيم الكردي، لنا قائلاً إن هذا النوع من القتل الانتقامي غريب تماماً عن ثقافة سوريا وتاريخها وإنه يعتقد بأن هذه الممارسات قد تم استيرادها من قبل السلفيين.

ويرتدي المتمردون بزات الشرطة أو الجيش الرسمية لتنفيذ عملياتهم الانتقامية.

ولمواجهة هذه التكتيكات، ارتأت القوى الأمنية تغيير بزاتها الرسمية على أساس منتظم.
أكد بعض محاورينا بأن المتشددين السلفيين يموهون أنفسهم، يحلقون لحاهم ويحملون إشارات وشعارات موالية للحكومة للتسلل إلى التظاهرات الداعمة لبشار الأسد.

ووفقاً لعدد من المصادر الأمنية المؤيدة، فقد تسلل متشددون ليبيون ( بربر من جبل نفوسة، محازبون لعبد الحكيم بلحاج) إلى كتائب الجيش السوري الحر. لقد دخلوا عبر مخيمات اللاجئين الموجودة على طول الحدود التركية.


رد القوى الأمنية
رغم وساطة الجنرال محمد ناصيف، مستشار بشار الأسد – كان أيضاً مستشار والده حافظ الأسد – فقد دفع قادة علويون معينون من الجبل، وبشكل واضح، للقيام برد ” أمني” متشدد منذ بداية الأحداث. فهم يعرفون بأن الإجراءات الصارمة المتخذة في حماه ( 1982) لا تزال مطبوعة في ذاكرة السنة وبأنهم سوف يكونون في خطر لو خسروا السلطة. إنهم متخوفون من رد فعل ويتصرفون بشكل لا إرادي لحماية مجتمعهم، أمر يمكن أن يفسر قسوة ووحشية الحملات في البداية.


اعترف عدد من محاورينا المحابين للنظام بأنه ” في البداية، تم ارتكاب عدد من الأخطاء في التقييم والرد”، وشجبوا قوة القمع، معترفين بأن الحملة المتخذة أدت لأن يصبح الوضع أسوأ مما هو عليه ليس إلا.


إلا أن شهريْ أيار وحزيران أشارا إلى حصول تحول بعدما بدأت القوى الأمنية تجد نفسها في خطر. لقد تم إعدام عدد من الضباط في منازلهم وعلق عدد من جنود الصف ما بين فكي كماشة ضباطهم الآمرين ومجتمعهم حيث مسقط رأسهم. إذ أصبح الجنود المعروفون بأنهم علويون هدفاً وبدأت حالة من انعدام الثقة بالنمو بين الأفواج العسكرية المتعددة الطوائف. كان هناك عدد من حالات التمرد، تحديداً في شمال غرب وشمال شرق البلد. أدت حالات التمرد هذه إلى حصول معارك بالرشاشات، مع توجه المتمردين رأساً إلى مخيمات اللاجئين على الحدود التركية.


ووفقاً لأسما كفتارو، فإن الاتهامات المتكررة الموجهة للمخابرات ترتكز، أحياناً، على واقع في الحقيقة، لكن ” رغم أن رجال الأجهزة السرية ليسوا بقديسين، فإن المتمردين المسلحين غالباً جداً ما قاموا بما هو أسوأ بكثير”. وإن المزاعم حول وحشية الشرطة، كما يحصل غالباً في مثل هذا الوضع، غالباً ما ترددها المعارضة بشكل رئيس العاجزة عن تقديم دليل يدعم رواياتها.


“رغم أن هذه الرواية للحقائق غير مسموعة اليوم في السفارات الغربية والإعلام، يحاول عدد من القادة الأمنيين المماطلة وكسب الوقت، أو على الأقل تجنب تفاقم الوضع”، قال أحد الملحقين الدفاعيين الأوروبيين الموجودين في دمشق.



بالواقع، بإمكان الوحدات المدرعة تخفيض عدد مناطق التمرد في حمص. لقد تم تقديم خطط عديدة لبشار الأسد الذي اختار إستراتيجية

” الاحتواء ” بدلاً من حل المواجهة لاجتثاث قوى التمرد، بحسب ما شرح لنا المصدر نفسه.



وبنفس الطريقة، وأثناء مسيرات الاحتجاج السلمية النادرة المستمرة، تحمل وحدات النظام أوامر بتجنب الاحتكاك و”شق” وتفريق تحركات الحشود ببساطة.


في أيار 2011 في دير الزور، طلب بشار الأسد من عدد من الوحدات الأمنية تفريق الحشود من دون استخدام السلاح. وعندما رأى المتشددون أنهم لم يكونوا مسلحين، استفادوا من الوضع وبدؤوا بإطلاق النار على القوى الأمنية. وقتل عدد من الجنود وفر الجنود العاديون.



هذا الأمر أحدث اضطراباً في أوساط القوى الأمنية الذين اعتقدوا بأن الرئيس قد تخلى عنهم. لكن الأوامر احتُرمت وتم جلب الجنود الذين أطلقوا النار إلى المحاكم العسكرية. لم يتحدث الإعلام عن العقاب الذي تلقاه هؤلاء الجنود تجنباً لزيادة المتظاهرين من استفزازاتهم بعد مشاهدتهم لذلك، ولتجنب، قبل كل شيء، حال الإحباط في أوساط الجنود العاديين.


في كل الأحوال، لا تزال لدى أجهزة الاستخبارات وسلاح الجو سمعة سيئة جداً نظراً لتورطها المباشر في الحملة. وقد فسرت شخصيات قيادية عديدة للمعارضة المحلية لنا بأن هناك “متظاهرين معينين يفضلون الموت على التعرض لخطر الاعتقال الأمر الذي قد ينتهي بتعذيبهم ورميهم في السجن لفترة طويلة. هذا الموقف يفسر، جزئياً، هذا التطرف في السلوك وطبيعة دوامة العنف هذه التي تتصاعد وتشبه محاكمة من دون دفاع”.


حصيلة عدد قتلى الحملة
حتى انتهاء مهمتنا، وقبيل انتشار المراقبين من قبل الجامعة العربية، كانت الأمم المتحدة قد صرحت بأن هناك 5000 شخص قد ماتوا وجُرح عشرات الآلاف في هذه الأزمة، رغم أن من الصعب تحديد هذه الأرقام. وتم اعتقال أكثر من 14000 شخص من المعارضة وترك حوالي 12000 البلد.
ووفقاً للمعارضة المحلية، فقد تم اعتقال آلاف الناشطين وتعذيبهم. ويصر ممثلوهم على عدم امتثال أجهزة الأمن التابعة للنظام للحقوق المدنية والسياسية الأساسية. لكنهم يعترفون أيضاً بأن تقرير الأمم المتحدة قد صيغ بظل ظروف مشكوك بها وبناء على معلومات لا أساس لها من الصحة.
على سبيل المثال، تم اعتقال لؤي حسين، شخصية علوية معارضة تاريخية ورئيس ” جبهة إعادة بناء سوريا”، أمام منزله في 22 آذار، 2011 في الساعة 11:15 صباحاً. لقد تم توضيبه داخل سيارة لا تحمل علامات وذلك بعد ضربه. ثم ذهبوا إلى منزله ، كسروا بابه، صادروا حاسوب ابنته وفتشوا كل شيء قبل أن يأخذوا بعض الأقراص المدمجة والكتب. وأحضروه إلى القسم 215 (مركز الاستجواب). وضرب مرة ثانية خلال الطريق. ثم أحضرته المخابرات إلى مكتبه حيث صادروا ثلاثة حواسيب أخرى، إضافة إلى كتب ووثائق أخرى قبل جلبه مرة أخرى إلى القسم 215. وخلال الاستجواب، سألوه عن اتصالات هاتفية أجراها ( كان هاتفه مراقباً). ثم أطلق سراحه بعد ثلاثة أيام. وهناك عدد من القادة والشخصيات الوجيهة الأخرى في المعارضة ممن عوملوا على هذا النحو. ” هذا النوع من السلوك يقود إلى تطرف الشخصيات القيادية للمعارضة”، قال لؤي حسين معلقاً.


الوضع الداخلي ونهاية كانون أول 2011
فشلت الجماعات المسلحة، في تسعة شهور، في توجيه ضربة حاسمة على الأرض. فمنذ بدء التمرد، هناك ثلاث بلدات حدودية تشكل مناطق يمكن تصنيفها بأنها مناطق ” حرب أهلية”، مما يؤلب القوى النظامية ضد الجماعات المسلحة التي لا يزال على تلك القوى أن تحددها بوضوح.



وحتى كانون أول 2011، كانت هذه المناطق الساخنة محاطة بالجيش السوري، وليس هناك انطباع بأن البلد بكامله في حالة حرب. وعلى عكس الصورة المنقولة من قبل الشبكات الإعلامية الدولية، يبدو الوضع الداخلي في البلد هادئاً نسبياً.


خلال زيارتنا إلى حماه ( بلدة شهداء الحملة الدموية عام 1982)، يوم الأربعاء 7 كانون الأول، لم نر أية نقاط تفتيش على الطريق، ولم يكن هناك دبابات متمركزة على طريق دمشق/ حمص/ حماه السريع الاستراتيجي. لم نمر سوى بقافلة عسكرية واحدة فقط. ولاحظنا وجود بضع آليات عسكرية من نوع BMP 3s ( آلية عسكرية قتالية روسية للمشاة) على المدخل الجنوبي لحماه، ودبابة حربية واقفة من نوع T 62 الروسية، وعدد من نقاط التفتيش الطيارة بدءاً من حمص ( أكياس رمل، سدود ترابية) ، لكن ليس أكثر من ذلك. لم نر أيه إشارة تدل على وجود قتال، لا أثر لنيران المدفعية على المباني في المدينة.


أما في البلدة، فلم نشهد أية إشارة لانتشار عسكري وكان ضباط الشرطة في حركة مرورهم أثناء الخدمة غير مسلحين. ومن ملاحظاتنا التي أخذناها، كانت كل الدكاكين، والمحلات والمدارس مفتوحة. لم نلاحظ وجود أي توتر أو إشارات واقعية لعدم الأمان.
تنقلنا في البلدة برفقة فريقيْن تلفزيونيّين وطنييْن وخمسة من ضباط الشرطة المحليين. لم يهرب السكان المحليون وتجمع البعض حول الكاميرات عندما طرحنا عليهم أسئلة بينما كان مرافقونا يبحثون حولهم.


يبدو النظام الأمني في مدينتي حماه ودمشق متيناً.. فما إن يتجمع حشد ما، حتى يتدخل عملاء المخابرات بزيهم المدني فوراً، مستخدمين آليات لا تحمل علامات ( باصات وسيارات). هم موجودون على امتداد العاصمة، بثياب مدنية إنما يمكن تحديدهم بسهولة من قبل الناس.


أما في دمشق، فالجنود يحرسون ستاد الساحة العباسية، حيث إن هذا المكان يعتبر مكان تجمع تقليدياً، لكنه يشكل أيضاً ” خطاً فاصلاً” بين وسط البلد في دمشق والضواحي المتصلة، ما يعني مناطق الضواحي الموجودة في شمال شرق وجنوب شرق العاصمة. وبسبب قربه من وسط العاصمة، فإن القوى الأمنية مسؤولة عن مراقبة نقاط الدخول الرئيسة للعاصمة.


بشكل عام، إن الناس المحليين متعبين بسبب الأشهر التسعة الأخيرة من الصدامات، وعدم الأمن، والعنف. إن قسماً كبيراً من سكان المنطقة، الذين التقيناهم في شوارع دمشق وحماه، لا يرغبون إلا بعودة السلم والحالة الطبيعية للبلاد. ” طالما أن الأمة السورية، المعتزة بكونها أمة واحدة، موحدة، وطالما أن وحدات الجيش التنفيذية غير منشقة، فلن يحدث شيء”، يقول عمر أوسي، رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين، معلقاً.


يقول أوسي إن مستوى التعبئة قد انحدر وانخفض مستوى التظاهرات أيضاً. ” إذا ما تراجعت القبضة الخانقة للمجتمع الدولي فإن التظاهرات في الشوارع سوف تنحدر ويكون بالإمكان البدء بعملية سياسية. لن يأخذ النظام أي قرار كبير تحت ضغط الشارع وضغط المجتمع الدولي، قوتان مرتبطتان ببعضهما بعضاً بقدر الشعور بالقلق على مستقبل سوريا. وترفض سوريا الخطة الإسرائيلية ـ الأميركية للشرق الأوسط”، يقول أوسي.


معارضة محبطة
تتألف المعارضة السورية من ثلاث مجموعات متمايزة :


• معارضة وطنية داخلية قديمة، معارضة لأي نوع من التدخل الأجنبي، لكنها معارضة أيضاً لإجراء محادثات مع الحكومة. هم يطالبون برحيل الحكومة: “لجان التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي”.
• جماعات المعارضة المحلية تفضل إجراء محادثات مع الحكومة لتجنب الفوضى وذلك عبر خارطة طريق يتم التفاوض حولها للخروج من الأزمة.
• معارضة خارجية بدعم من الخارج تسعى لتدخل عسكري: ” المجلس الوطني السوري”.


لجان التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي
وتدعى أيضاً ” الهيئة” أو ” التنسيقيات”، وهي مظلة لمجموعة تشمل 11 حزباً عربياً، وكردياً وسورياً وشخصيات وطنية مستقلة. ومن بين العشرين عضواً في لجنة التنسيق هناك خمسة منهم علويون.
هذه المجموعة المعارضة هي المجموعة الشرعية والأكثر مصداقية لدى النظام. فقد أمضى كل مدراء هذه المعارضة زمناً في زنزانات السجون السورية بسبب روايات حول اشتباكهم مع النظام وانتقاده. لكن لجان التنسيق الوطنية ممزقة بسبب التنافس بين أعضائها.



ونظراً لتجربتها الماضية مع النظام، يسعى عدد من قادتها للثأر الشخصي منه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: رد: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:20




لقد رفضت الحكومة المركزية المحادثات مع لجنة التنسيق، ونتيجة لذلك فإن لجنة التنسيق الوطنية ترفض بدورها التفاوض مع الحكومة. تعتقد اللجنة الآن بأن النظام قد يسقط وهي تدعو بشار الأسد للرحيل.
لذا، فإن لجنة التنسيقيات مسؤولة، جزئياً، عن المأزق الحالي.
ورغم إدعائها بأن لديها خارطة طريق لحل الأزمة، فإنها لم تقدم بعد برنامجاً بديلاً موثوقاً.
تفتقر التنسيقيات لاتصالات فعالة، كالحكومة المركزية نفسها، مع وجود اتصالات لها خرقاء غالب الأحيان. فمع التفافها على نفسها، من دون وجود اتصالات دولية حقيقية، لا تزال لجنة التنسيق الوطنية غير معروفة كثيراً في الخارج، رغم أنها تشكل حركة المعارضة الأهم، والأقدم والأكثر شرعية. ومؤخراً فقط بدأ السفراء الأجانب الموجودون في دمشق بإظهار الاهتمام باللجنة.
وفي حين تقف لجنة التنسيق الوطنية ضد تدويل الأزمة السورية والتدخل الخارجي ( الأمر الذي يعتقد قادتها بأنه لن يحصل)، فإنها دعت لحماية السكان المدنيين من خلال وساطة الإعلام ، والمنظمات غير الحكومية، ومراقبين من المجتمع الدولي.
يعترف لؤي حسين بأن المعارضة المحلية لا تملك حالياً الموارد البشرية لضمان استلام السلطة من النظام الحالي. هذا هو السبب الذي دعا اللجنة لأن توصي بفترة انتقالية، وذلك لتقديم الإصلاحات المؤسساتية.
كما تطلب اللجنة من الحكومة التفويض للقيام بتظاهرات سلمية لإعادة تعبئة النخب في البلد. ” ليس لدينا موارد بشرية كافية، اليوم، لتنظيم حكومة بديلة، حتى ولو كنا سندخل في ترتيب تقاسم السلطة”، هذا ما قاله لنا مدير آخر في لجنة التنسيق الوطنية لم يرغب بذكر اسمه. وتسعى التنسيقيات حالياً إلى تحرير مناصريها من السجن وترغب، كألوية، بالحصول على الحق بالقيام بتظاهرات سلمية.
معارضة محلية تفضل الحوار مع الحكومة
هذا المكون من مكونات المعارضة هو الأصغر من بين الثلاثة. فهو يجمع الحزب القومي السوري، المبادرة الكردية، الاتحاد الشيوعي السوري، وجمعيات مختلفة من الجمعيات النسائية والشبابية، وعشائر معينة وقسماً من الطبقة الوسطى.
إنها معارضة سلمية ومعارضة لأي تدخل خارجي. لقد أدانت المعارضة ” الخارجية” الموجودة بأيدي الإخوان المسلمين. وهي حالياً في خضم محادثات مع النظام وتحاول إقناع لجنة التنسيق الوطنية بالانضمام إلى طاولة المفاوضات. فمن وجهة نظرها، تعتبر هذه المعارضة أن عدداً من قادة اللجنة هم بصدد الانتقام الشخصي مما يعيق أي أمل بالتقدم.
يمثل الأكراد ( 3 مليون من تعداد سكان سوريا البالغ 23 مليون نسمة) جزءاً هاماً من هذه “المعارضة المعتدلة”. لقد كانوا مهمشين في البلد ومقموعين في عدد من القطاعات الناشطة من قبل حزب البعث زمناً طويلاً. فقد اعتبر 160000 من الأكراد بمثابة ” أجانب”. ورغم أنهم كانوا ملزمين بتنفيذ خدمتهم العسكرية، فإنه لم يكن لديهم حق التصويت. وكان 75000 كردي آخر عاجزين عن الحصول على إذن إقامة. وفي منتصف التسعينات، وقعت سوريا اتفاقيات مع تركيا لمحاربة الانفصاليين الأكراد، حزب العمال الكردستاني.
في البداية، كانوا في الشوارع، عندما كانت المطالب تبدو مشروعة. فالأكثرية الساحقة من الأكراد تطالب بالإصلاح، والحريات المدنية والسياسية والتمهيد لنظام ديمقراطي. في كل الأحوال، هم يعتقدون بأن التطرف المسلح للتمرد بدأ يصبح خطيراً جداً وبأنه يعرض، بالنتيجة، مستقبل مجتمعهم في سوريا وبقية الشرق الأوسط للخطر.
علاوة على ذلك، تم التصويت مؤخراً على عدد من الإصلاحات لصالحهم، بما في ذلك التجنيس. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُعترف بها بالأكراد رسمياً كحزب، عندما اجتمعوا مؤخراً مع الحكومة لإجراء محادثات. لقد شاركوا في إضافة قوانين تشريعية معينة. وقد حاول الغرب فصل الأكراد عن النظام في أوائل شباط 2011، لكن هؤلاء لم يفسحوا المجال بذلك حيث إن المشاعر الوطنية السورية تظل قوية جداً في أوساط أكراد سوريا.
يدعم معظم الأكراد بشار الأسد وهم معارضون لأي تدخل أجنبي. فمن وجهة نظرهم، يعتبر البديل الإسلامي المتمثل بالإخوان المسلمين أسوأ حل ممكن. إنهم يرفضون الحوار مع المجلس الوطني السوري الذي يتضمن عدداً من الأكراد، لكن هؤلاء الأعضاء الأكراد يعتبرون خونة حيث إنهم قبلوا الجلوس وإجراء محادثات عقدت في أنقرة.
المجلس الوطني السوري
يهيمن الإخوان المسلمون، إلى حد كبير، على المجلس الوطني السوري، رغم أنهم يضعون في الواجهة عدداً من الأكاديميين، والباحثين، وأساتذة الجامعات الناطقين بالفرنسية الذين تمولهم مؤسسة فورد ومنظمات أميركية أخرى، إضافة إلى الممولين القطريين.
يسعى هذا المجلس إلى تكرار التكتيك المتبع من قبل المجلس الانتقالي الوطني الليبي، لكنه يفتقر إلى موطئ قدم حقيقي له في سوريا. وتدين المعارضة المحلية المجلس الوطني السوري بانتظام وهي لا تمنحه أية شرعية من أي نوع على الإطلاق.
لم يكن هناك حركة تمثل الإسلام السياسي داخل سوريا، رسمياً، منذ العام 1982 ( مجزرة حماه). فالإخوان المسلمون موجودون بغالبيتهم خارج سوريا – في ألمانيا، وبروكسل وواشنطن- ولم يحتفظوا إلا بشبكات قليلة نائمة في البلد. في كل الأحوال، لقد نجحوا في تأسيس شبكات دعم مختلفة عبر جمعيات واجهة مع نظرائهم في جماعات سلفية مختلفة.
منذ بداية الأحداث، وبمساعدة الإخوان المسلمين الأردنيين، تمكن المجلس الوطني السوري من جعل بعض الأعضاء يتسللون إلى داخل البلد. قد يبدو بأنه يحظى بدعم بعض لجان التنسيق المحلية. إلا أن مسيرات التظاهر المنظمة من قبل متشددين سلفيين أبعدتهم عن المعارضة المحلية. فالشارع ليس مسيساً جداً وبذلك فإنه يوظف شعارات المجلس الوطني السوري لأن ليس لديه شيء آخر يوظفه، لكنه لا يفهم دائماً وبالكامل مضامين تلك الدعوات الالتفافية.
إن المجلس الوطني السوري مسؤول، جزئياً، عن حالات الوفاة التي حصلت إبان التظاهرات لأنه أقنع الشارع بأنه ستتم الإطاحة بالنظام في غضون إسبوعين، وبالتالي دفع الشارع إلى التطرف.
أما الإخوان المسلمون فلديهم تقليد بجعل الناس ينزلون بمسيرات إلى الشارع، لكن منظمي هذه المسيرات يتأكدون من بقائهم بعيداً عن الخطوط الأمامية، ومن ثم يتظاهرون بأن لا يد لهم أو تأثير في العنف الحاصل الذي هم أنفسهم ساعدوا في التحريض عليه.
يزعم المجلس الوطني السوري أيضاً وجود علاقات له مع الجماعات المسلحة التابعة للجيش السوري الحر، المدعوم من السعودية وميليشيا رفيق الحريري اللبنانية، تحت بصر تركيا وتساهلها.
تقليدياً، يدفع الإخوان المسلمون بالجهاديين إلى المشهد لنشر الرعب لجعل أنفسهم أكثر قبولاً. ويكافح المجلس الوطني السوري ليعطي الانطباع عن بلد غارق في حمام من الدم للترويج لخيار تدخل خارجي على النمط الليبي. ويعتقد الإخوان المسلمون والمجلس الوطني بأن هذا السيناريو فقط هو الذي سيأتي بهم إلى السلطة.
وبحسب ما قال أحد قادتهم، إذا ما وصل المجلس الوطني السوري إلى السلطة، فإن سوريا سوف تقطع علاقاتها فوراً مع حزب الله، وحماس وإيران وستجري محادثات سلام مع إسرائيل. هذا الموقف صدم كثيراً من السوريين الذين يشيرون الآن إلى المجلس الوطني السوري باستخدام مصطلح تحقيري: ” مجلس اسطنبول”، ويزعم الممثلون الأكراد في لجان التنسيق السورية بأنهم لن يعملوا أبداً تحت شعار المجلس الوطني السوري، الذي يعتبرونه منظمة بإدارة أنقرة.
تشير أسما كفتارو إلى أن المجلس الوطني السوري غالباً ما ينشئ تحالفات غير طبيعية. وهي تعتقد بأن هذه المنظمة لن تشكل أبداً بديلاً بالنسبة لسوريا، ” لأن قادتها لهم روابط وثيقة جداً بدول الخليج والولايات المتحدة”.
جماعات المعارضة منقسمة حول الاستراتيجية التي سيتم تبنيها
ليس لدى المجلس الوطني السوري موطئ قدم وتأثير كبير في سوريا، كما ليس لديه سوى قلة من المتشددين، ولا يملك قاعدة قوة داخلية وهو مدعوم وممول من قبل قطر والسعودية وقوى غربية بالإضافة إلى دعم شبكات هؤلاء الإعلامية. إن الهدف الرئيس لهذا الدعم هو شرعنة تدخل غربي ما في سوريا، وهو أمر يدعو إليه المجلس الوطني السوري.
على الجانب الآخر من المعادلة، لجان التنسيق السورية معزولة ومن دون تمويل. أما الأسوأ من ذلك فهو أنها مهملة من قبل الأجانب، رغم أنها تمثل الهيئة الشرعية، ومن دون مساهمة هذه اللجان فلن يكون هناك من بديل ممكن لها. وهي، قبل كل شيء، معارضة لأي تدخل أجنبي.
أما بالنسبة لتيارَي المعارضة المحلية، فإن الحل للأزمة ينبغي أن يكون حلاً سورياً صرفاً يأتي من داخل البلد وليس من خارجه. ويأمل بعض ممثلي هذين التيارين المعارضين بأن تكون التسوية والمصالحة بين النظام والمعارضة ممكنة للتخطيط لفترة انتقالية تقود إلى انتخابات حرة ونزيهة. أما في هذه اللحظة، فالطريق إلى المحادثات لا يزال مسدوداً.
لهذه الأسباب، يبدو الاتفاق بين لجان التنسيق والمجلس الوطني أمراً بعيد المنال. كان هناك محاولة لإيجاد واجهة تنسيق في القاهرة، لكن ممثل اللجان التنسيقية، ميشال كيلو، تعرض لسوء معاملة وقحة. في كل الأحوال، وبالنسبة لحسن عبد العظيم – المنسق الرئيس للجان التنسيق السورية- كان هناك مبالغة في أوساط المعارضة بشأن الانقسامات.
وتتقاسم المعارضة أولوية مشتركة: سقوط النظام والتمهيد لعملية ديمقراطية. ويعتقد عبد العظيم بأن هناك تناقضات قد برزت داخل المجلس الوطني السوري يمكن أن تؤدي إلى تقارب بين أعضاء معينين وبين اللجان التنسيقية. ” لكن المشكلة هي أن تركيا تمنعهم من تأسيس هكذا علاقات وتريد تركيا مناطق عازلة منزوعة السلاح على طول حدودها”. هذا الرأي ليس رأياً مشتركاً لدى كل قادة المعارضة المحلية الذين أجرينا مقابلات معهم.
يعتقد حسين العودات بأنه إذا ما نجحت المعارضة في التوحد، إن الحل قد يكون ممكناً بدعم الشعب: إضراب عام، اعتصامات موحدة، عصيان مدني عام، الخ.
ويعتقد فايز سارة بأن على الأمم المتحدة والجامعة العربية إيجاد ترتيب مشترك لتدخل دولي محدود لكن سلمي.
ويعتقد حسن عبد العظيم بأنه لا يمكن أن يكون هناك تدخل عسكري. كما أنه لا يؤمن بوجود خطر حرب أهلية ” لأن الشعب السوري غير مؤهل لها. لكن سيكون هناك حرب أهلية إذا كان هناك تدخل خارجي”.
أما رئيس ” مبادرة الأكراد السوريين”، عمر أوسي، فلا يؤمن هو الآخر بوجود تدخل خارجي، “لأنه كان ليحصل من قبل. إن هكذا تدخل سيشعل حرباً تلهب كامل المنطقة وتخلق توترات دولية ضخمة حول إيران، مع روسيا والصين تحديداً”. إنه مقتنع بأن الغرب قد سحب مسألة التدخل العسكري عن الطاولة وهو يسعى الآن لتقويض النظام لتطويق إيران، بصفتها هدفهم النهائي. وتبقى دينامية القضية الإيرانية وتطورها مفتاح الأزمة السورية.
نظام تطغى عليه الأحداث؟
اعتقدت سوريا بأنها معزولة عن الصدامات التي بدأت تعكر صفو العالم العربي بداية كانون الثاني 2011. ورغم أنه كان هناك إنذارات بعدد من التقارير الصادرة عن أجهزة إستخباراته، فقد كان النظام غير جاهز كلياً وأعطى الانطباع بأن الأحداث تطغى عليه. ” لقد فضل النظام دفن رأسه في الرمال، رافضاً أية محاولة للحوار”. أدلى بهذه الملاحظة حسن عبد العظيم، المنسق الرئيس للمعارضة المحلية، لجان التنسيق المحلية السورية. أما بالنسبة لكانون الثاني 2011، فإنه قام، شخصياً، بلفت انتباه النظام إلى الأحداث في تونس ونتائجها في مصر وفي بلدان أخرى في العالمين العربي والإسلامي، لكنهم ردوا بأن ذلك من عمل مؤامرة صهيونية ـ أميركية. أما بما يتخطى هذه المقاربة العمياء المقصودة للأحداث، فقد كانت السياسة الأمنية المتشددة للنظام هي التي قادت إلى تطرف التحرك”.
مسؤوليات النظام
النظام أعمى. يعتقد أكثرية أعضاء اللجان التنسيقية الذين قابلناهم بأن النظام، وببساطة، لا يرغب بمواجهة التطرف، والمخاطر، وأثر العقوبات الاقتصادية، والأزمة، والصعوبات اليومية التي تعترض الإنسان العادي في الشارع. كلهم يستنكرون الهبوط الجذري في السياحة، والتجارة وتوقف الحياة الاقتصادية للبلد.
” النظام في حالة إنكار لتأثير العقوبات على البلد بعناد لافت”، علّق عبد العظيم الذي يعتقد بأن ” الحكومة، بكسلها وتراخيها وعقليتها الجامدة بما يتعلق بالوضع، تفتح الباب أمام التدخل الخارجي”.
” هذا الوضع يريح ويشجع ويدفع بأقسام المعارضة الأكثر تطرفاً وعنفاً للتهور وإدخال البلد بوضع كارثي. إن النظام نفسه يشجع، من غير وعي، على لبننة البلد الأمر الذي بدأ (…) ومن ثورة سلمية، نخاطر الآن بالسقوط في تمرد مسلح. وهم لا يفعلون شيئاً لوقف دوامة الجنون هذه. إن مؤتمر الحوار الوطني ما هو إلا هيئة مصطنعة وعبارة عن صدفة فارغة حقاً. وهذه الهيئة، التي تأسست في تموز 2011، تتضم حوالي 100 شخصية. وقد اقترحت 18 إجراءً لم ينفذ منها إجراء واحد حتى اليوم. أما أحدث النصوص التي صاغتها الهيئة فهي، والى حد كبير، لا تساوي شيئاً. ويتضمن القانون الجديد للإعلام عدداً من البنود التي تفرض حظراً على حرية التعبير والإعلام أكثر من البنود التي هي لصالحها.. الشيء نفسه يسري على قانون الأحزاب السياسية”. يقول عبد العظيم مصراً.
يعتقد فايز سارة بأن النظام يضخم البروباغندا المحيطة بالتهديد الإسلامي ومخاطر الحرب الأهلية لتبرير سياسته الأمنية المتشددة: ” تعيش الدولة على نظريات المؤامرة وتروج لها. لكن هناك أزمة اجتماعية واقتصادية تضرب أكثرية الشعب السوري بالفعل. يمكننا القول بوضوح إن النظام يلعب لكسب الوقت وهو يرفض مواجهة واقع الأزمة”
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: رد: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:23




يعترف وزير الإعلام عدنان محمود بضعف النظام ومسؤوليته وبأنه تم ارتكاب عدد من الأخطاء في التعامل مع الأزمة، تحديداً في البداية في درعا، لكنه ينتقد أيضاً مقاربة ” كل شيء أو لا شيء” التي تتبعها المعارضة والتي قادت إلى بروز الإرهاب والجماعات المسلحة.
يرد ممثلو اللجان التنسيقية بالقول إن النظام هو من دفع أخبث المنتقدين إلى النزاع المسلح، وبحسب البعض منهم، ” لقد وصلنا تماماً إلى حيث أراد النظام: صراع مسلح يدعم البروباغندا التي لديه عن مؤامرة مدبرة من الخارج ، وبشكل أكثر دقة، مؤامرة مدبرة من قبل القوى الغبية. إن النظام نفسه يفتح الباب أمام خطر التدخل الخارجي المشابه لما حصل في ليبيا”.
وقد أكد ديبلوماسيون موجودون في دمشق بأن السلطات قد أعاقت عن قصد عملهم، وذلك انتهاكاً للقوانين الدولية وعلى حساب مصالح البلد الخاصة، نظراً إلى أن إمكانية الوصول إلى الأرض مسألة أساسية وجوهرية بالنسبة للديبلوماسيين. علاوة على ذلك، نظمت القوى الأمنية هجمات على عدد من السفارات، بما فيها السفارة الفرنسية في دمشق وقنصليتها في حلب.
حوار مستحيل؟
منذ بداية الأحداث، قام النظام باتصالات مع مختلف تيارات المعارضة المحلية. لكن لم يبرز شيئ واقعي ملموس من هذه المحادثات وانقطع الحوار. واتصل نائب الرئيس السوري بحسين العودات للإعداد لأول اجتماع في آب 2011. وحصلت أولى الاتصالات المتبادلة في أيلول. ” لكن الوقت كان قد تأخر جداً. لقد كان هناك عدد كبير جداً من القتلى في درعا وحمص. ثم بدأت التظاهرات تصبح أكثر تطرفاً وتدهور كل شيئ. وحصلت عمليات اعتقالات أكثر وسقط قتلى آخرين”.
“يبدو واضحاً أن النظام يريد فتح محادثات، لكن من دون القيام بتنازلات أساسية”، يضيف العودة. ويقول معلقاً أيضاً إن ” الرئيس ودائرته المباشرة قد يكونون راغبين إجراء المحادثات، لكنهم لا يملكون الوسائل التي لا تزال في أيدي العائلات الحاكمة والأجهزة الأمنية” .
ويقول عبد العظيم، “لقد طلب مني نائب الرئيس فاروق الشرع المساعدة في محاولة إقناع دوائر السلطة”. إلا أن حاشية بشار الأسد سدت الطريق أمام هذه المحاولات وهي تخفي عنه الوضع الحقيقي في البلد.
في كل الأحوال لقد التقى العودات مع مستشارين للرئيس عدة مرات، من دون فائدة : ” الحكومة تخلط ما بين الحوار والمفاوضات ولا تريد أن تسمع عن خطة لتنفيذ إصلاحات بشكل ملموس الأمر الذي ينبغي أخذه كحاجة ملحة (…) إنهم يريدون أخذ أفكارنا، بزعم أنها أفكارهم، حتى أنهم يريدون رسم بداية عملية التنفيذ، لكن من دون مشاركتنا…”
لذا لا تزال العلاقات بين اللجان التنسيقية والنظام صعبة للغاية. ويفسر فايز سارة، أحد أكثر الشخصيات المحبوبة في اللجان، الأمر فيقول إن بشار الأسد وحاشيته لا يسعون فعلاً للحوار، حتى لو تظاهروا أحياناً بذلك. وهو يفضل بشكل واضح تدخلاً عسكرياً وسياسياً خارجياً، لكنه ظل يراوغ عندما كانت تصل المسألة إلى تسمية شخصيات داخل الحكومة هي الأكثر ملامة على مماطلتها بالعملية. وحسب رأيه، فإن الرئيس بشار الأسد هو الشخص المسؤول، بشكل رئيس، عن ” هذا الوضع المسدود بالكامل”. وبالنسبة لعبد العظيم “تقع على الرئيس المسؤولية النهائية عما يحدث على أرض الوطن السوري، سواء أكانت أوامره متبعة أم لا”.
مع ذلك، ترفض المعارضة أيضاً التزحزح عن مواقفها، بزعم أن التقدم الذي تم بخصوص الإصلاحات في الدستور بما في ذلك إزالة المادة 8 السيئة الذكر منه ـ التي تضمن لحزب البعث احتكار الحياة السياسية ـ هو مجرد حيلة لكسب الوقت والتحكم بعملية المفاوضات. كان هناك تركيز مفرط على هذه النقطة ما يعني أن المحادثات فقدت الرؤية حول السياسات التحررية الحقيقية التي تم تنفيذها في سوريا. ويعترف عدد من أعضاء لجان التنسيقيات بأن المادة الثامنة لم تعد مشكلة ويعتقدون بأن مسألة الوضع القائم الذي يتحمله الرئيس بواسطة الدستور، وضع يشبه التأليه، هي المشكلة الحقيقية للنظام السوري.
امتداد حذر
برغم الأزمة الجارية، كنا قادرين على الاجتماع بحرية مع أهم أعضاء المعارضة المحلية من دون وجود حراسة. هؤلاء الأعضاء لديهم مكاتبهم الخاصة حيث جرت المقابلات. كانوا هم أنفسهم قادرين أيضاً على التحرك بحرية عندما جاؤوا للاجتماع معنا في مباني مراكز الشبكات الإعلامية المختلفة. لقد قاموا بنشر بياناتهم الرسمية، وتحدثوا مع سفارات أجنبية كما تحدثوا إلى الصحافة وبإمكانهم السفر إلى الخارج، والمثال الواضح على ذلك هو ميشال كيلو.
علاوة على ذلك، لا ينبغي التغاضي عن أنه منذ بداية أعمال الشغب الأولى في تونس، فإنه تم الإعلان عن عدد من الإصلاحات الهامة من قبل الرئيس الأسد. كما قامت الحكومة، نظراً للاحتجاجات الشعبية، بفتح خطوط إصلاحية عديدة: إلغاء قانون الطوارئ؛ منح الجنسية السورية للأكراد الذين لا جنسية لهم؛ قانون جديد حول نظام الحزب الواحد وقانون حول الإعلام. هناك الكثير بعد مما ينبغي فعله، تحديداً مراجعة بنود الدستور بعد الإزالة المؤثرة للمادة الثامنة المتعلقة بدور حزب البعث.
يمكن للانتخابات البلدية أن توفر الفرصة الأولى لذوبان معين للجليد القائم، رغم أنه لا يمكن إجراء هذه الانتخابات في مناطق الصراع المسلح. ومن حيث المبدأ، بالإمكان إجراء انتخابات تشريعية في ربيع 2012 الأمر الذي يمكن أن يتزامن مع مؤتمر حوار وطني، في صيف 2012.
وفوق كل شيء، قبل الرئيس بشار وصول مراقبين من جامعة الدول العربية.
ولاء الجيش
إن الجيش السوري عبارة عن جيش تجنيد عسكري إجباري: يبلغ عدده على الورق 600000 جندي، مع وجود حوالي 400000 جندي على الأرض. لقد تمت هيكلته وفق النموذج السوفياتي، مع وجود ضباط محترفين مدربين جيداً من مختلف المجتمعات والطوائف في موقع المسؤولية، رغم أن العلويين ممثلين بشكل بالغ في أوساط طبقة كبار الضباط وفي الوحدات التنفيذية.
إن معظم العتاد الروسي المصنع في السبعينات – الدبابات، الآليات المدرعة، المدفعية – قديم وبطل استعماله. هناك فرق مدرعة قليلة لا تزال شغالة ( الوحدات الرابعة، الثامنة، التاسعة والحادية عشرة) وذلك بفضل التجهيزات التي سلمتها موسكو لسوريا في الآونة الأخيرة وبالتعاون مع إيران. وعندما تضاف إلى الحرس الجمهوري ووحدات القيادة والوحدات شبه العسكرية، فإن هذه الوحدات تشكل ما مجموعه 40000 رجل تقريباً، وبالتالي فهي تشكل قوة قوية كافية لحكم البلد ومعالجة جيوب الحرب الأهلية الثلاثة الأساسية ( حمص، درعا، إدلب). ينبغي أيضاً ذكر الإمدادات المنتظمة الروسية ( منذ العام 2008) للرادارات والصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، إضافة إلى حوالي 50 مقاتلة حربية من نوع سوخوي ( الجيل الأخير).
لقد شجع وأيد عدد من الخبراء العسكريين الغربيين إيجاد انقسام داخل الجيش السوري، أو حتى إمكانية القيام بانقلاب عسكري.
وحتى كانون الأول 2011، ظل هذا السيناريو أمراً بعيد المنال. فبرغم التغطية الإعلامية الواسعة عن الانشقاقات في جنود الصف في الجيش ( لا تتجاوز التقييمات الجدية الـ 10000 حالة)، لم يكن هناك انقسامات في صفوف كبار الضباط. لم تنقسم أية وحدة تنفيذية في الجيش.
في كل الأحوال، كان هناك قادة معينون في المعارضة الداخلية يذكرون في تقاريرهم أن هناك انقسامات عميقة داخل الجيش الأمر الذي سيخرج إلى الضوء إذا ما اشتدت الأزمة، لكن ليس هناك دليل على صحة هذه المزاعم.
الدعم الشعبي للنظام
تزعم قناة الجزيرة، شبكة التلفزيون القطرية، أن كل التظاهرات الجارية دعماً لرئيس بشار الأسد منظمة من قبل النظام نفسه وأنها ليست تعبيراً تلقائياً وعفوياً عن الدعم. ورغم أن التظاهرات تبدو فعلاً أنها منظمة جيداً وبإدارة النظام، إلا أن عدداً كبيرا ًمن السوريين يشاركون بحرية في مظاهر الدعم هذه. علاوة على ذلك، لقد حصلت ردات فعل عبارة عن دعم شعبي ضخم وعفوي بالفعل ، تحديدا ًعندما عُلقت عضوية سوريا في الجامعة العربية. إلا أن الشبكات الإعلامية الدولية نادراً ما تغطي أحداثاً مؤيدة للنظام كهذه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: رد: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:27

” إن أكثرية الشعب، في سوريا، ليس مع أو ضد النظام بشكل فعال. إنهم يسعون للحصول على حريات أكبر وحماية النموذج الموجود للمجتمع. علاوة على ذلك، لو كان عليهم الاختيار بين بشار والسلفيين وبذلك اختيار الفوضى، فإن الشعب سيدعم بشار. بالنسبة للناس، ليس هناك بديل. فالنظام، وبرغم كل أخطائه، أفضل من الفوضى، وهذا واضح. الشعب السوري يريد السلم والباقي كله تضليل محض”، قال أحد الناطقين باسم التنسيقيات لم يرغب بذكر اسمه.
لقد حددنا النقطة من الأساس وقلنا إن أكثر من 50% من الشعب السوري يعيشون في دمشق وحلب. وهاتان المدينتان الرئيسيتان كانتا خاليتين من العنف حتى كانون الأول 2011. وبين الجماعة ” الموالية لبشار” و الجماعة” المعادية لبشار”، لا يزال هناك أكثرية صامتة هائلة أبعدت نفسها عن النظام، لكنها لم تتحول إلى تظاهرة فاعلة ضده.
” الرئيس قوي، إنه لا يزال يمسك بالبلد،” يقول أحد المعارضين. ” هو لا يفتقر لا إلى الكاريزما ولا إلى الدعم”، هذا ما قيل في الطائفة المسيحية التابعة لأبرشية القديس بولس؛ ” إنه يمثل المستقبل وتحديث البلد لكن الجماعات السلفية الراغبة بشن عملية تطهير عرقي وديني في البلد تعيق عمله”.
وبحسب رأي البطريرك غريغوريوس الثالث لحام ، بشار الأسد رجل جديد، ذو عقل منفتح وعقلية عصرية. لقد عاش في لندن، سافر كثيراُ ويعرف بلده جيداً. ويقول البطريرك: ” أعطوه فرصة في الوقت الذي يُطالب فيه بإجراء إصلاحات ملموسة، لكنه بحاجة للوقت وهذا واضح”.
لقد سأل غريغوريوس الثالث رؤساء الدول الأجنبية ( في رسالة بتاريخ 4 أيار، 2011) ” الدعوة إلى الحوار والتفاهم”. فالبلد بحسب ما كتب: ” قد حقق الكثير من التقدم نحو نظام أكثر انفتاحاً”. وهو يناشد رؤساء الدول: ” تشجيع عملية الانفتاح والتحديث هذه”.
التغطية الإعلامية للأزمة
في سوريا، الفرق حاد بين الوضع على الأرض والفهم الذي تقدمه الشبكات الإعلامية الأنكلو – أميركية والعربية، حتى أكثر حدة مما كان عليه الحال في ليبيا حيث كان هناك عدد من أعضاء الوفد الحالي قادرين على ملاحظة نفس ظاهرة العمل تلك. من المهم تحديد شدة الحملة الإعلامية وكثافتها التي تشن ضد دمشق، واعتبار أن واضعي التقرير الحالي هم محابون لفريق دون الآخر من فريقي الصراع.
تخضع الأزمة السورية لحرب إعلامية حقيقية تشمل عدداً من وسائل الاتصالات الضخمة MMC)) ، تتم إدارتها عبر شبكات إعلامية دولية، ومحطات إذاعية أميركية، وراديو سوا، والإعلام اللبناني ذي الصلة الوثيقة جداً بحركة 14 آذار، الخ. كما من الضروري الإضافة أن الشبكات الإعلامية الناطقة بالفرنسية، ورغم أنها لاعب ثانوي في الأزمة، فإنها غالباً ما تأخذ باستنتاجات الشبكات الإعلامية العربية والأنكلو- أميركية من دون التحقق من صحة هكذا معلومات.
بالنتيجة، إن التغطية الإعلامية هي تغطية منحازة بشكل صريح وبالكامل إلى جانب واحد وتبدو مناسبة للأجندة الجيوسياسية المهيمنة، تلك التي للمحافظين الأميركيين الجدد الذين قسَّموا الشرق الأوسط بين ” دول عربية معتدلة” ( مصر، الأردن، والدول الملكية الغنية بالنفط) و” قوى محور الشر” ( إيران، سوريا، حزب الله وحماس).
وبما يخص الأزمة السورية، تحديداً، غالباً جداً ما يتم التلاعب بالمعلومات والإعلام استجابة لهذه الإيديولوجية المهيمنة، مهيمنة لدرجة يمكن دعوتها بالسائدة. فالتغطية الإعلامية لا تبث سوى المعلومات التي تشكل قضية ضد النظام، يكون جزء منها فقط صحيحاً.
وقد علق البطريرك غريغوريوس الثالث لحام قائلاً: ” إن موقف الصحافة الدولية واللاعبين الأجانب هو التصرف، بشكل تام، وكأن لا شيء صحيح أو جيد يأتي من نظام دمشق، وجعل النظام مسؤولاً عن كل مشكلة موجودة. هذا الأمر جعل الرأي العام السوري ينقلب ضد البلدان الغربية وصحافييها”.
أما أسما كفتارو، ورغم أن لديها وجهة نظر مختلفة عن تلك التي للحكومة والمعارضة الداخلية، فتستذكر وتقول إنه رداً على بداية الأحداث، أعلنت الحكومة بالفعل عن برنامج للإصلاح السياسي لقطع دابر أية ثورة قد تحصل كتلك الثورات التي تحدث في بلدان أخرى إبان ” الربيع العربي”. “لم يغط أحد محاولات الإصلاح هذه أو يفسرها. تماماً كما لم تغط أية مؤسسة إعلامية التظاهرات ضد التدخل الأجنبي التي تحصل مؤخراً”، تقول كفتارو. وتشكو من أننا نسمع فقط ” وجهة النظر الخارجية”، ثم تابعت تقول: ” إن أقسى الانتقادات للنظام تأتي من الخارج، من الصحافة الدولية، أكثر بكثير مما تأتي من داخل البلد”.
أكثر من 120 صحافي من وفود الصحافيين الأجانب سافروا إلى سوريا للتحدث مع وزير الإعلام، عدنان محمود. وبحسب رأيه، “لم يقدم أحد منهم رؤية متوازنة للوضع”. وبظل اندفاعة الجزيرة، كما حدد عدد من ممثلي المعارضة الداخلية، يقدم الإعلام الدولي ثنائية تبسيطية لـ “الأخيار” و “الأشرار” تحبس عن الناس تعقيدات الوضع وترفض أخذ الأعمال الوحشية للمعارضة بالاعتبار بنفس مستوى الأعمال المرتكبة من قبل النظام.
توظيف التقنيات التضليلية
اختارت الهيئة التحريرية للجزيرة صياغة دقيقة جداً لاستهداف الحكومة السورية وشرعنة التظاهرات، وحتى أعمال العنف والإرهاب:
• قانون عام: لا يتم ذكر مواقع محددة أبداً، فقط يتم ذكر ” سوريا أو ” البلد المحكوم من قبل عائلة الأسد.
• التصنيف: عدم ذكر عبارة ” جماعات سلفية”، إنما ” الجيش السوري الحر” أو ” قوى المعارضة”.
• الاستباق: استباق الأحداث، يعلن عن صدامات قبل حدوثها.
• الصور المخادعة: نشرت عدة محطات فضائية صوراً من مصر أو اليمن ( صور أخذت سلفاً قبل أسابيع أو أشهر)، بزعم أنها مصورة في سوريا. وغالباً ما تكون أشرطة الفيديو المصورة هذه لا تتطابق مع الفصل، وطقس اليوم، إذ تظهر أفراداً في مسيرات وهم يرتدون المعاطف خلال فترة الصيف الشديدة الحر في العام 2011. الخ.
نادراً ما تذكر ” مصادر” التقارير. ووفقاً لأسلوب محطة فوكس نيوز، قد يذكر المعلق كلمتيْ “المعارضة” و” المقاومة”. أما تعابير من نوع ” يعتقد كثيرون بأن “، ” يقال في المدينة إن”، أو “”رأى السكان” فعبارات يتم توظيفها بشكل متكرر. وغالباً جداً ما تذكر كلمة ” شهود” أما أسماء وأدوار الضحايا فنادراً ما تذكر. كما أن الأماكن والتواريخ غالباً ما تكون تقريبية ولا يُرجع إليها تقريباً عند عرض الصور من الأرشيف أبداً.
أما في الإعلام، فإن مختلف الأفراد الذين يقدمون أنفسهم كـ ” مناضلين سوريين” تجرى معهم المقابلات بشكل منتظم، من دون تقديم أبسط دليل للمتفرجين عن نوعية المعلومات المنشورة. وفي إحدى الحالات المعينة ظهر أن أحد الشهود الزائفين هو صحافي لبناني يعيش في هولندا. ووجدنا أن ” شهود المجازر”، يعيشون في دبي، والأردن والكويت.
أخيراً، إن أحد المصادر الرئيسة لوسائل الإعلام الغربية حول الأعمال الوحشية المرتكبة من قبل النظام السوري وعدد القتلى بسبب الحملة العسكرية هي المرصد السوري لحقوق الانسان، منظمة معترف بها من قبل الاتحاد الأوروبي تروم استخدام شخصيات توفرهم لجان التنسيق المحلية التي تحسب عدد الضحايا على الأرض. لكن يبدو أن مشروعيتها محل تساؤل شديد. لقد تم تأسيس المرصد من قبل الإخوان المسلمين الذين يعيشون في المنفى في ايه لا شابيل، في ألمانيا، قبل الانتقال إلى لندن. أما مدير المرصد، المحامي المالح، 81 عاماً، رئيس البعثة السورية لحقوق الانسان، فقد حوكم بالسجن 8 أعوام بسبب عضويته في الإخوان المسلمين. ولم يترك السجن إلا في العام 2010.
قبل كل شيء، أنفقت الجزيرة، شبكة التلفزيون القطرية، 70% من تغطيتها خلال الخمسة أشهر الماضية، على الأزمة السورية. فهل يسوغ هذا البلد، موضوعياً، هكذا تغطية إعلامية ضخمة؟ كما هو الحال في ليبيا، يمكننا طرح السؤال المشروع التالي: باسم أية أجندة سياسية تستمر هذه الشبكة الإخبارية بتوزيع هكذا موارد للقيام بتغطية هي، بطبيعتها، أكثر تشدداً من الطبيعة الاعلامية.
هناك عدد من الأمثلة عن التلاعب الإعلامي التي يمكن الاستشهاد بها:
• في اللاذقية، في 11 أيلول 2011، أعلنت كل من الجزيرة والعربية على الهواء أن إطلاقاً للنار قد بدأ عند الساعة الثانية صباحاً. بالواقع، لم يبدأ إطلاق النار إلا بعد ساعتين، عند الساعة الرابعة صباحاً.
• في دمشق، في 23 كانون أول 2011، ذكرت نفس المحطتين التلفزيونيتين أن هناك تظاهرات كبرى تحدث في ساحة العباسيين. ولم تحدث تلك التظاهرات إلا يوم السبت التالي.
• في دوما، في تشرين الثاني 2011، أعلنت كل من الجزيرة والعربية عند الساعة 1:30 صباحاً أنه تمت مهاجمة مركز للأمن السوري وقصفه. قام التلفزيون السوري بإرسال فريق عمل إلى الموقع المذكور عند الساعة 2:30 وأظهر أن لا شيء قد حدث. في كل الأحوال، لقد تمت مهاجمة المركز عند الساعة 3:00 صباحاً!
• كان يتم تقديم طوابير سيارات الأجرة في ساحة الأمويين، وبشكل متكرر، وبسبب الازدحام المروري في المدينة، على أنها تظاهرات مناهضة للنظام.
• في حمص، وفي بداية العام 2011، حدثت تظاهرة مع مطالبة المحتجين برحيل المحافظ الذي فشل بحماية السكان من المتمردين بشكل صحيح. تم تقديم المسيرة من قبل وسائل الإعلام الأجنبية على أنها تظاهرة معادية للنظام.
إن كل مثل من هذه الأمثلة يستحق استفساراً عميقاً وتفكيكاً منهجياً لا يسمح شكل تقريرنا المتواضع الحالي بالقيام به. وسوف ينفذ مؤرخون وباحثون ذلك العمل في يوم ما، إلا أن التاريخ سيكون قد انتقل وستكون التكتيكات المضللة قد حققت غاياتها.
ينبغي أيضاً التذكر بأنه في 6 حزيران 2011، قيل إن الناشطة السورية أمينة عبد الله عارف العمري قد تم اختطافها من قبل أجهزة الأمن السورية. وتسببت الأخبار بانفعالات كبيرة في أوساط صفوف المعارضة ومناصريهم الدوليين. في كل الأحوال، هذه المدونة، التي تقود حملة مؤيدة لحقوق الشاذين جنسياً والتي تعتبر شخصية قيادية في التظاهرات ضد نظام بشار الأسد، تحولت لتصبح شخصاً خيالياً، وهمياً. فالشخصية تم اختراعها من قبل ناشط أميركي لأجل القضية العربية، والذي كشف عن الخدعة بعد بضعة أيام.
أما أكثر الأمثلة وضوحاً حول التلاعب الإعلامي فقد حدث في حمص عندما رأت امرأة طفلها يقتل على يد متمردين وبعد أقل من ساعة واحدة نشرت الجزيرة هذا الفعل الوحشي على أنه عمل بربري من فعل الجيش السوري.
لقد التقى الوفد مع المرأة وعائلتها في 7 كانون أول 2011. وشاهدنا معاً الصور التي نشرتها الشبكة القطرية.
ونحن نقدم الرواية كما سمعناها نحن:
إسم المرأة جورجينا لانيوس نجمة تعمل في شركة كابلات. هي مسيحية ( روم أرثوذكس). تعيش في حمص، في منطقة البياضة حيث حصلت الحادثة، لكنها التجأت منذ ذلك الحين مع عائلتها إلى ضواحي حماه، حيث التقينا بها.
في صبيحة 1 كانون أول 2011، أراد ابنها إبراهيم سعود، البالغ من العمر 9 أعوام، بعض الحلوى. فذهبت معه في الساعة 8:30 صباحاً لشرائها من أحد المحال. وما إن تركت الأم وابنها المحل حتى بدأ إطلاق النار. أخذت الأم طفلها بين ذراعيها. أحست بالدم يتدفق على يديها وظنت بأنها أصيبت، لكنها رأت ابنها وقد غاب عن الوعي. لقد أصيب برصاصة تحت إبطه الأيسر. تدفق الدم من رقبته. لم تعلم ماذا تفعل وصرخت بولدها ليفيق من غيبوبته.
حاول شبان أن يخلصوا ابنها لكن رجالاً منعوهم من إخلاء الضحية. لقد أمسكوا بالابن المحتضر وأحضروه إلى قاعة مبنى حيث تركوه على الأرض وصوروه وهو يموت. خافت الأم من أن يقطعوه إرباً. خلال هذا الوقت، كان الطفل ينزف حتى الموت. وصور الرجال المرأة وهي تصرخ وأخذوا لقطات قريبة للصليب الذي ترتديه فوق سترتها. ثم بدؤوا بالهتاف ” الله أكبر”. وصل الصليب الأحمر، لكن الوقت كان قد فات. كان الطفل قد مات. وعندما وصلت المرأة مع جثة ابنها إلى المستشفى أطلقت مجموعات مسلحة النار على المبنى وهتفوا مرددين نفس الشعار.
بعد ساعة، وبعد الساعة العاشرة صباحاً تماماً، نشرت الجزيرة صور الطفل المحتضر والمرأة الباكية إلى جانبه. وأشار التعليق إلى أن ذلك مثال آخر على الأعمال الوحشية المرتكبة من الجيش الذي كان يهاجم الأقليات المسيحية.
عندما حصل الهجوم، ” لم يكن هناك رجال شرطة أو جنود. لو كانت القوى الأمنية موجودة هناك، ربما ما كان إبراهيم ليموت”، قالت الأم. إن المسلحين الذين كانوا يرتدون أغطية رأس لم يكونوا من سكان الحي، رغم أنه بدا أنهم يعرفون طريقهم في المنطقة. دام الهجوم حوالي 30 دقيقة. يقول عدد من الشهود إنها كانت ” غزوة” مصممة لنشر الرعب وإن المهاجمين كانوا يتطلعون لسحب الجنود إلى الحي للإيقاع بهم.
إن عائلة جورجينا لانيوس نجمة من المزارعين الفقراء. ويصر أفراد العائلة على التعايش السلمي وعلى العلاقات ” الطبيعية” بين الطوائف، إضافة إلى تعلقهم بالرئيس بشار. وهم يثنون على النظامين الصحي والتعليمي. وناشدوا الجيش توفير الحماية لهم.
الإعلام العربي، ” عامل مفاقم” في الصراع
بالنسبة لوزير الإعلام عدنان محمود، هناك أجندة سياسية خلف هذه الحرب والتي تدخل في عمق الأجندة الدولية ضد سوريا. إذ قال لنا إن ” الإعلام هو اللاعب الأهم في الصراع. هناك وسائل إعلام معينة شريكة للجماعات المسلحة العاملة في داخل البلد، والتي تطيع الأوامر نفسها. فالرسائل المنشورة إفترائية وهي مصممة لإثارة الحقد والكراهية. إن الصياغة الموظفة تحرض على العنف والانقسام، مع تركيز حاسم على الهوية الإثنية والدين.”
لحسن الحظ، لقد انكشفت حقيقة موت الطفل في حمص، وعبَّر عدد من ممثلي المجتمع المسيحي التابعين لكنيسة القديس بولس عن ارتياحهم عندما سمعوا ذلك. لكن يوجد هنا، وبشكل واضح، قضية محل تساؤل حول التواطؤ الموجود بين عصابات مسلحة ووسائل إعلامية معينة في الخليج. ونظراً لممارسات من هذا النوع، أغلقت السلطات السورية مكتبَي الجزيرة والعربية إضافة إلى مكتب البي بي سي العربية، وطردت ممثليها، وهو أمر أغضب فرق الأخبار الدولية بشكل واضح. وتعمل هذه السلسلة الآن مع صحافيين مستقلين يعملون بشكل سري ويستخدمون ” الشبكات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ” والذين من الصعب التحقق من مزاعمهم.
تصر أسما كفتارو على الدور ” السلبي جداً” للجزيرة. فالمحطة ” مستمرة بالكذب بأسلوب مقزز، الأمر الذي يساهم مباشرة بتصعيد الأزمة. إن التحريض على الكراهية والصدامات المذهبية والطائفية بواسطة الإعلام العربي قد نجح في حمص. فالمدينة استسلمت لمشاعر الكراهية المذهبية. النظام غير مسؤول عن هذا الأمر. إنها وسائل الإعلام الخارجية والجماعات الدينية التي تفاقم الوضع”.
يدعو التلفزيون القطري إلى النزاع الطائفي والمذهبي عندما يكرر القول إن ” بشار الأسد لا يمثل المسلمين”. أما أشد الخطباء عنفاً الموجودين على هذه المحطة التلفزيونية فهو الشيخ القرضاوي، الذي يقدم برنامجاً كل يوم جمعة على الجزيرة. وكان قد شرَّع سابقاً فتوى اغتيال معمر القذافي.
تدمير تقارير الشهود المستقلين
إضافة إلى قصفها الإعلامي الأحادي، عطلت الشبكات الإعلامية العربية والأنكلو- أميركية بث أو نشر التقارير والدراسات حول الأعمال الوحشية المرتكبة من قبل المتظاهرين. فعندما لا تكون قادرة على تسريب هكذا تقارير على أشرطة فيديو معدة سلفاً، لا تتردد الشبكات الإعلامية بمقاطعة التصريحات الحية التي يدلي بها شاهد عيان ما على الهواء عندما لا تتطابق شهادات من هذا النوع مع روايتها، وتقدم رواية مناقضة تختلف عن خط ” إعلامها”.
عندما بدأ حمام الدم، قررت الأم آغنيس أن الوقت قد حان للتصرف. وطلبت منظمة L’oeuvre d’orient ( ومركزها فرنسا) معرفة وجهة نظر طائفتها ومجتمعها للوضع المحلي. وقد تم انتقادها بقسوة شديدة على مقالتها الأولى، التي نُسبت، من قبل مصادر فرنسية عديدة، إلى الأجهزة الخاصة السورية. لقد كتبت أول نص موثق جيداً ( بحث، تقارير شهود، ملاحظات شخصية) لوصف ما كانت تعاني منه. ثم كتبت مقالات أخرى، تحديداً حول منطقة وادي الصاير في حمص.
ما إن نشرت مقالتها الأولى، حتى تم انتقاد الأم آغنيس بشدة من قبل وسائل الإعلام الخليجية. وزعمت مواقع عديدة أن المقالة من إعداد المخابرات وأن ” هذه الأم آغنيس المفترضة غير موجودة”.
ثم قبلت الأم آغنيس إجراء مقابلة مع تيري ميسان من دون أن تعلم من هو. لقد نشر أجزاء كبيرة من شهادتها أونلاين، ما أفقدها مصداقيتها أكثر. ثم نظمت الأم آغنيس لاحقاً زيارة للإعلام الكاثوليكي إلى سوريا، للسماح لهم بالتحقق من صحة تصريحاتها. لقد قامت بجولة في أوروبا لتحريكهم. وجاء كل من KTO، RTBF، La libre Belgique، Le Dimanch، Wshington Group Institute ، KTO Belgique، RAI 2، El Mundo، إضافة إلى عدد من المجموعات الإعلامية المستقلة ومواقع الشبكة الالكترونية إلى سوريا بناء على دعوتها.
أحضرت الأم آغنيس هذا الوفد من الصحافيين إلى الأحياء العلوية في مدينة حمص. وبدلاً من رؤية تظاهرات سلمية، شاهدوا قوى أمنية تحت الحصار من قبل مسلحين مجهولي الهوية، كما شاهدوا أضرار القصف بالآر بي جي ، وكانوا قادرين على جمع شهادات من السكان المحليين الذين عانوا من الأعمال الوحشية المرتكبة على أيدي المتمردين. في كل الأحوال، لم ينشر هؤلاء الصحافيون هذه الحقائق عند عودتهم، بسبب خوفهم من الانتقاد من الإعلام السائد لخرقهم الرواية المقبولة عموماً. وقد ذكر الصحافي مارك دو شالفرون من ITV، والذي كان مشاركاً بالزيارة، أنه شاهد 15000 متظاهر ضد النظام في الباحة الأمامية لمسجد كنج، في قرية القصير. هذه قرية صغيرة في البقاع، على طريق دمشق- حمص، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود اللبنانية. إن باحة المسجد هي بطول 12 متراً ولا يمكنها احتواء هذا العدد الكبير من الناس.
دور ” شبكات التواصل الاجتماعي”
إضافة إلى الإعلام، لعبت ” شبكات التواصل الاجتماعية والالكترونية” دوراً هاماً في التظاهرات. لقد احتسبنا على التويتر ممثلين لحوالي 50 حزباً مسماة ” حزباً سياسياً”، من دون التمكن من تحديد هوية أو دور المراسلين. فهم ينظمون تظاهرات تحدث في غالب الأحيان عند هبوط الليل، وتجتذب ما بين عشرات الأشخاص إلى بضع مئات في الحد الأقصى، والذين يهتفون بشعارات معادية للنظام قبل أن يختفوا بعد بضع دقائق ( تقنية flash Mob). تبث الجزيرة هذه الصور على مدار الساعة لإعطاء الانطباع بأن هناك تظاهرات شعبية واسعة تحصل باستمرار.
كما أن هناك منظمة أميركية ( AVAAZ) تلعب دوراً هاماً في سوريا، بعدما تورطت في ” ثورات” عربية أخرى. ويتحدث رايكن باتل، مؤسس AVAAZ ( وعضو سابق في مؤسستي روكفلر وبيل غايتس)، هنا عن الأنشطة التي قامت بها منظمته غير الحكومية: كانت AVAAZ في قلب النضال لأجل الديمقراطية في العالم العربي. وبفضل 1.5 دولار من هبات عبارة عن تبرعات صغيرة قدمها لنا الأعضاء في منظمتنا، كنا قادرين على وضع حد للتعتيم الذي حاول فرضه الديكتاتوريون بطردهم كل الإعلام الأجنبي. هذا التمويل سمح لنا بتدريب عدد أساسي وجوهري من الصحافيين من مواطني البلاد، تجهيزهم بالمودم والهواتف الذكية العالية التقنية المتصلة بالأقمار الصناعية وتوفير التواصل عبر الإنترنت”.
تصرح منظمة AVAAZ، بما يخص سوريا، بأن 30% من المعلومات المنشورة من قبل أكبر الشبكات الإعلامية العالمية كالـ BBCوالـ CNN والجزيرة تأتي من الناشطين الرقميين العاملين في شبكته. ” في الوقت الذي لم تكن هناك منظمة أخرى قادرة على القيام بذلك، قامت شبكتنا، وبشكل سري، بشحن تجهيزات الإسعافات الأولية الأساسية بقيمة أكثر من مليون دولار لأشخاص واقعين تحت حصار عنيف في سوريا. كما جلبنا، وبشكل سري، مناضلين وعائلاتهم عبر الحدود، أشخاص خاطروا بأنفسهم بالتعرض للقتل أو التعذيب. وتؤمن منازلنا الآمنة ملجأً سرياً لعشرات المناضلين المطلوبين من قبل جلاوزة النظام وتتيح هذه المنازل الآمنة للمناضلين الاستمرار بعملياتهم بأمان. يبدو نظام الأسد المجرم غير سعيد أبداً لأن تلفزيون الدولة السورية سمى رئيس حملاتنا بأنه ” أخطر رجل في العالم بالنسبة للنظام”. وبالتوازي مع انخراطنا الناشط مع الحركات المؤيدة للديمقراطية، أبقينا أيضاً على ضغط عالمي مستمر وثابت على حكوماتنا لإجبارها على جعل الحياة صعبة جداً على تلك الأنظمة الوحشية: نفذ ملايين الأعضاء في AVAAZ حملات مظفرة انتهت بتمرير العقوبات النفطية من قبل الإتحاد الأوروبي وعقوبات أخرى من قبل الجامعة العربية ضد سوريا”.
في تشرين أول الماضي، استمرت Avaaz بأنشطتها، مؤسسة أعمالها على قاعدة أحداث خاطئة أو لا يمكن التحقق منها، كما يظهر المثال هنا: ” لقد وصل النظام إلى مستوى جديد من القسوة: إن فرق الموت لديه تستخدم سيارات الإسعاف والمستشفيات لجذب واغتيال جرحى المتظاهرين. لكن بإمكان روسيا، حليف سوريا الأساسي ومزودها بالسلاح، إنهاء هذه المجزرة. نحن، مواطني هذا العالم، نطلب منكم استخدام كل الوسائل السلمية للطلب من النظام السوري وقف المذبحة والسماح بحصول انتقال سريع إلى الديمقراطية. نحن ندعوكم لتعزيز الضغط الدولي لجعل روسيا توقف دعمها للنظام الحالي وتزويده بأسلحة الموت الروسية المستخدمة لقتل متظاهرين سلميين إضافة إلى العاملين في المجال الإنساني”.
الرد الفاشل للسلطات السورية
في وجه هذا السيل من التضليل، كانت الحكومة السورية، غير المستعدة جيداً للحرب الإعلامية، غارقة بالكامل. إذ كان ردها أخرق وغير مناسب ولم يعمل إلا على تعزيز الشكوك المحيطة بالنظام.
سقط التلفزيون السوري هو أيضاً في فخ التضليل الإعلامي. وهناك مثال على هكذا تضليل ويتضمن الهجوم على السفير الفرنسي وموكبه، يوم السبت 24 أيلول، 2011، في باب الشرقي (دمشق)، عندما كان ذاهباً إلى اجتماع مع بطريرك الروم الأرثوذوكس. وتحدث المعلقون عن استفزاز من قبل الفرنسيين، أدى إلى قيام ” حشد” من الناس برمي البيض والحجارة على الديبلوماسي.
إن خطط التواصل للحكومة السورية تستهدف، وبشكل رئيس، الجماهير المحلية، وتستهدف، بشكل هامشي، الرأي العام الدولي. إن محاولاتهم النادرة في إستراتيجية التواصل أثبتت أنها غير مثمرة، إلى حد كبير. فالافتقار للاستعداد، والصياغة المتواضعة، إضافة إلى التوقيت غير المناسب للبرامج، جعل عمليات التواصل تأتي بنتائج عكسية للسلطات في دمشق في كل مرة. مثال بارز على ذلك المقابلة التي أعطاها رئيس الدولة السورية لمحطة ABS-News ، في 6 كانون أول 2011. ففي خلطه بين مسؤوليات الجيش ومسؤولياته كرئيس، أعطى الرئيس الأسد انطباعاً مضاعفاً بكونه غير كفؤ، مظهراً افتقاراً إلى التحكم برسالته الإعلامية وافتقاراً أكثر ضرراً لقيادة إستراتيجيته الأمنية وإدارة الأزمة على الأرض.
ينبغي لوكالة الصحافة التابعة للرئيس تنظيم برامج خاصة على التلفزيون الوطني لشرح رسالة الرئيس الحقيقية. فالناطقون باسمه ينبغي أن يفسروا السبب الذي لأجله خانت محطة ABS- News ثقته ببثها مقاطع صوتية معدلة وغير مفهومة التقطتها لاحقاً شبكات إعلامية أخرى حول العالم. هناك عدد من أعضاء الحكومة السورية، بمن فيهم بعض المقربين جداً من بشار الأسد ممن يعترفون ويقولون ” نحن لا نعرف كيفية التواصل!”.
البعد الدولي للصراع
بنظر العالم الغربي، النظام السوري يتمتع بكل العيوب التي يمكن للمرء أن يتصورها. فهو عدو لإسرائيل، حليف لإيران، وروسيا والصين، داعم لحركات إرهابية كحزب الله وحماس، كل هذه العوامل تجعل من البلد عضواً مصادقاً عليه في ” محور الشر” الحصري، الذي هو جزء لا يتجزأ من الخطاب الأميركي.
أسباب الصورة الدولية السلبية لسوريا
التحالف مع الاتحاد السوفيتي. يعود السبب الأول إلى الحرب الباردة. لقد اختار حافظ الأسد، كجمال عبد الناصر قبله، انحياز بلده إلى جانب موسكو. إن ربط مصالح سوريا بتلك التي للاتحاد السوفياتي ودول حلف وارسو من السهل تفسيره نظراً لسياق الحرب الباردة التي اعتبرت إسرائيل بمثابة جسر عبور لـ ” العالم الحر” في الشرق الأوسط. كان لهذا التحالف طلعاته ونزلاته، ما حفز وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسينجر على قول تعليقه الشهير، ” في الشرق الأوسط ليس هناك حرب من دون مصر ولا يمكن أن يكون هناك سلام من دون سوريا”. ورغم أن حافظ الأسد توقع نهاية الحرب الباردة عندما بدأ بمنح ضمانات للأميركيين في أواسط – الاصح نهاية 89 – الثمانينات، فإن صورة سوريا لا تزال مرتبطة بشكل متين بـ ” الجانب الشيوعي”، برغم مشاركة دمشق في الائتلاف الدولي ضد العراق في العام 1991.
التدخل في لبنان. السبب الثاني يرتبط بشكل وثيق بالخمسة عشر عاماً الأخيرة من الحرب الأهلية والإقليمية في لبنان ( 1975-1990)، التي برزت فيها سوريا كواحدة من اللاعبين الرئيسيين، في نفس الوقت الذي برزت فيه إسرائيل والقوى الغربية. من السهل تناسي أن الجيش السوري دخل لبنان في ربيع 1976 بطلب رسمي من رئيس الجمهورية المسيحي الماروني سليمان فرنجية، والمعسكر المسيحي، للتقليل من عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وبعد تحولات عديدة في التحالفات، قامت دمشق باللعب وفق قواعدها الخاصة وفرضت سلاماً سورياً بدعم فعال من واشنطن وباريس. مع ذلك، اتهمت دمشق بالاستفادة من الانقسامات بين الفئات اللبنانية لاستعادة “سوريا الكبرى” التي تغطي لبنان وفلسطين، بمساعدة موسكو.
في مقابل هذه الخلفية، تم إعطاء منظمات متطرفة مختلفة الملجأ والملاذ بالفعل إضافة إلى تسليحها من قبل جهات أمنية سورية مختلفة وبرزت سوريا كواحدة من مراكز الإرهاب الدولي الرئيسة. وفيما عدا أي من هذه الاعتبارات التاريخية تماماً، وفي الذاكرة الجماعية لجيل ” الحرب اللبنانية” وبشكل دقيق أكثر أولئك الذين عانوا على أيدي المنظمات المسيحية اللبنانية المختلفة، تظل سوريا أحد الجناة الرئيسيين الذين يقفون خلف أكثر الحروب الأهلية دموية في تاريخ القرن العشرين.
أخيراً، السبب الثالث هو اغتيال رفيق الحريري، في 14 شباط 2005 في بيروت. ففي الدقائق الأولى التي تلت الانفجار القاتل، كان عدد من السفارات والشبكات الإعلامية الغربية يتهم سوريا ونخبها الحاكمة بأنها هي التي تقف وراء الهجوم.
بعد بضعة أشهر، اتهم التقرير الأول الذي نشرته لجنة التحقيق الدولية الرئيس الشاب بشار الأسد والأجهزة الأمنية السورية بالجريمة بناء على دليل لشهادة ظهر لاحقاً أنها غير موثوقة بالكامل. أما استنتاجات التقارير اللاحقة فكانت متذبذبة، متهمة، على التوالي، حزب الله وإيران، قبل العودة دائماً وبشكل ثابت إلى مسار سوريا. وفي نفس السياق، لم تتوقف واشنطن أبداً عن اتهام سوريا بتغذية الإرهاب المستهدف للجنود الأميركيين في العراق. ومن تحالفها التاريخي مع روسيا السوفياتية وصولاً إلى اغتيال الحريري، عبر التدخل في لبنان، تصنف سوريا على الدوام كـ ” دولة إرهابية”، الخطر الثاني بعد إيران ضمن محور الشر؛ هذا هو الإطار التفسيري لإيديولوجيات إدارتيْ بوش.
برغم التغيير بالأسلوب، لم تبدل إدارة أوباما الطريقة التي تقرأ بها الوضع ولا هي بدلت أولوياتها الإستراتيجية في الشرق الأوسط. وبرغم المصالحة المذهلة التي تم التوصل إليها مع فرنسا في ربيع 2008 بعد القمة العربية في دمشق ( 29-30 آذار) والتي أصبحت واقعاً ملموساً بدعوة فرنسا بشار الأسد للقدوم إلى باريس لافتتاح قمة الاتحاد من أجل المتوسط، في 13 تموز 2008، لا تزال سوريا على قائمة الدول الإرهابية والحليفة لإيران.
أما السبب الرابع فهو الشراكة الاستراتيجية بين إيران وسوريا الموجودة منذ العام 1980 والتي تعتبر عاملاً جيوسياسياً حاسماً في المنطقة. ولا تزال إيران تستخدم سوريا كأرض انطلاق (وحليف مخلص) يتيح لها مد نفوذها في منطقة سنية بغالبيتها الساحقة. إن سوريا جزء مما كان الملك عبد الله، ملك الأردن، قد سماه ” الهلال الشيعي”، والذي يعني به نطاق النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
إن التعاون ما بين إيران وسوريا موجود في الجيش، والأمن، والمجالين الاقتصادي والعلمي. لقد أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي الخامنئي، في شباط 2007، أن إيران وسوريا تتقاسمان ” عمقاً إستراتيجياً” مفيداً للجانبين. كما أكد الرئيس محمود أحمدي نجاد على أن ” إيران وسوريا تتقاسمان أعداء مشتركين، ما يتطلب تنسيقاً فعالاً للتعامل مع خطط أولئك الأعداء؛ هذا الأمر أصبح ممكناً عن طريق تحسين وتعميق العلاقات بين البلدين على أفضل وجه”.
وبعيداً عن التعاون العسكري الذي يتيح لسوريا طلب السلاح مع تحمل طهران التكلفة، ارتفع مستوى العلاقات الاقتصادية، تحديداً في مجالات الصناعة، والزراعة، والأبحاث، والطاقة. ويرجح أن تكون الاستثمارات الإيرانية في سوريا قد وصلت إلى 3 مليارات دولار في العام 2010. حتى أن طهران اقترحت أن تشارك دمشق المعرفة النووية ” المدنية”.
أخيراً، إن كلا البلدين يدعم حزب الله اللبناني. وتُستخدم سوريا كمركز عبور ( ترانزيت) لإمدادات الأسلحة للمنظمة السياسية – العسكرية اللبنانية.
عائق أمام السياسة الأميركية في الشرق الأوسط
يمر الشرق الأوسط، حالياً، باضطرابات عميقة. فمنذ حربي العراق الأولى ( 1990/1991) والثانية ( 2003)، والعالم يشهد تنفيذاً للسياسة الأميركية المعروفة بـ ” الشرق الأوسط الكبير”، خطة لتثبيت ” شرق أوسط كبير من خلال تفكيك أنظمة معادية لإعادة قولبة المنطقة وفقاً للمصالح الأميركية- الإسرائيلية”.
وقد تم إطلاق مصطلح ” الفوضى الخلاقة” على هذه السياسة. وهي مبنية على مبادئ ثلاثة:
• الحفاظ والإشراف على صراعات منخفضة الشدة؛
• تعزيز الانقسام السياسي والحدودي؛
• تشجيع الحالة المذهبية والطائفية، أو، في حال فشل ذلك, تشجيع التطهير العرقي والديني.
تأثرت هذه السياسة، وإلى حد كبير، بمسودة البيان الموجز لـ ” عوديد إينون”، مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية، والتي يعود تاريخها إلى شباط 1982، والتي تفصّل المشروع الجيواستراتيجي لتقسيم كل منطقة الشرق الأوسط إلى أصغر وحدات ممكنة، والتي توصي، بمعنى آخر، بالتفكيك الكلي للدول العربية الواقعة على حدود إسرائيل.
وقد كتب عوديد إينون يقول: ” إن التفكيك الكامل للبنان إلى 5 مقاطعات سيكون بمثابة سابقة لكل العالم العربي بما فيه مصر، سوريا، العراق، وشبه الجزيرة العربية وهي تتبع أساساً ذلك المسار. إن تفكيك سوريا والعراق لاحقاً إلى مناطق فريدة إثنياً أو دينياً كلبنان، هو هدف إسرئيل الأولي والرئيس على الجبهة الشرقية في المدى البعيد، في حين أن تفكيك القوة العسكرية لتلك الدول يشكل هدفاً رئيساً على المدى القصير. سوريا سوف تتفكك وتنهار، وفقاً لبنيتها الإثنية والدينية، لتصبح عدة دويلات كما هو حال لبنان اليوم، لذا سيكون هناك دولة علوية شيعية على طول ساحلها، دولة سنية في منطقة حلب، دولة أخرى سنية في دمشق تكون معادية لجارتها الشمالية، والدروز الذين سيشكلون دولة، ربما في جولاننا حتى، وبالتأكيد سيشكلونها في حوران وشمال الأردن. هذه الحالة ستكون ضماناً للسلام والأمن في المنطقة على المدى الطويل، وهذا الهدف هو في متناول أيدينا اليوم أساساً.
إن استغلال المذهبية والطائفية عامل قوي في زعزعة استقرار البلدان في المنطقة المستهدفة بسياسة ” الفوضى الخلاقة” كما صاغها المحافظون الجدد الأميركيون. ففي سوريا، تسعى الإدارة الأميركية للحث على تغيير النظام. وبحسب تعليق لروبرت ساتلوف، مدير ” معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، “ليس لدى الأميركيين مصلحة في بقاء نظام الأسد، نظام أقلية أسسه الهشة عمادها التخويف والتهويل. إن التشققات الموجودة في بنيان النظام يمكن أن تتحول وبسرعة إلى تصدعات ومن ثم إلى زلازل”. ومن وجهة نظره، ينبغي للولايات المتحدة أن تركز على ثلاث أولويات:
• جمع أكبر قدر من المعلومات حول الديناميات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية و”العرقية” داخل سوريا؛
• إطلاق حملة حول مواضيع الديمقراطية، وحقوق الإنسان وسيادة القانون؛
• رفض خطة هروب لسوريا ، إلا إذا صرح الرئيس بشار الأسد بأنه مستعد للسفر إلى إسرائيل كجزء من مبادرة سلام أو قام بطرد كل المنظمات المعادية لإسرائيل من سوريا وصرح علناً بأنه يدين العنف، ” النزاع المسلح، المقاومة الوطنية، بحسب اللغة المحلية”.
حصل هجوم كبير على سياسة ” الفوضى الخلاقة” في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2005. فقد قدم ديبلوماسي أميركي أولوياته الشرق أوسطية على الشكل التالي:
• الحفاظ على وجود ضغوط على سوريا، المتهمة بأنها مركز عبور لعدد من المناضلين المسلحين الدوليين إلى داخل العراق. وتتعلق الاتهامات ضد دمشق أيضاً بالمسألة اللبنانية. ورغم أن سوريا التزمت بالتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، فإن واشنطن مستمرة في سعيها لنزع سلاح حزب الله، أمر مطلوب بحماس من قبل تل أبيب.
• إقناع المجتمع الدولي بأهمية توجيه الاتهام لإيران من قبل مجلس الأمن الدولي بخصوص القضية النووية.
مع وجود العراق في مأزقه، أصبحت مسألة احتواء النفوذ الإيراني الأولوية الجديدة بالنسبة لواشنطن. إن السؤال الآن هو زيادة الضغط الدولي على إيران لحمل طهران على التخلي عن برنامجها النووي، أو على الأقل، الحد من قدرات ردها في حال حدوث هجوم ما على مواقعها النووية. هذا الاحتواء يشمل إجبار سوريا، آخر دولة حليفة لإيران في الشرق الأوسط، على كسر تحالفها مع إيران ونزع سلاح حزب الله اللبناني.
لذا تبقى دمشق على لائحة الدول الإرهابية لأنها ترفض تنفيذ ” الشرق الأوسط الكبير”، ولأنها كانت حليفاً ليران منذ العام 1980، بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية ( 1980-1988). إضافة لذلك، إن هجوماً على سوريا هو هجوم على إيران وتعتبر دمشق الخاصرة الرخوة لإيران. وقد أعلن عدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية مؤخراً أنه ” إذا ما كانت سوريا ترغب بالخروج من الأزمة، فإن كل ما عليها القيام به هو الانسحاب من علاقتها مع إيران والجماعات الإرهابية ( حزب الله وحماس)”. إن إضعاف إيران سيتيح المجال لتركيا بأن تصبح القوة الإقليمية الكبيرة القادرة على جعل حدود إسرائيل الشمالية آمنة.
علق عدد من الشخصيات في المعارضة المحلية بالقول إن ” الولايات المتحدة تخطط لكل شيء مع الأتراك، لكن مع الإخوان المسلمين أيضاً، كجزء من صفقة بثلاث شعب. هذا الحلف تمت المصادقة عليه خلال اتفاقيات 2008 في اسطنبول”.
ينبغي تذكر أن واشنطن قدمت، تاريخياً، الدعم للإخوان المسلمين، باعتبار أن الإخوان هم الترياق الأكثر فاعلية ضد الاتحادات العمالية، والأحزاب القومية اليسارية، وكونهم مؤيدين للسياسة الاقتصادية الليبرالية المفيدة للقوى الغربية. ففي تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، الجزائر، المغرب، الأردن ودول الخليج الغنية بالنفط، هذا عدا أفغانستان وباكستان، استمرت الولايات المتحدة بلعب ورقة الإخوان المسلمين كما كانت تفعل دائماً منذ توقيع ” معاهدة كوينسي”، بين الرئيس روزفلت والملك ابن سعود في 23 شباط 1945. هذا التحالف الصارم الذي خصص أكبر الحقول النفطية في العالم للشركات النفطية الأميركية مقابل الحماية العسكرية والسياسة للعائلة السعودية، تم تمديده في العام 2005 60 عاماً أخرى. أما بما يتخطى ثورات ” الربيع العربي”، لا تزال ” معاهدة كوينسي” بمساعدة الإخوان المسلمين مستمرة بتوجيهاتها بخصوص كيفية إدارة القوى المسلحة، قوى ” الثورات العربية” المختلفة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
في مقابل مساعدة الولايات المتحدة ودعمها، كرر المجلس الوطني السوري مرات عدة أنه إذا ما جاء إلى السلطة، فإن النظام الجديد سيقطع علاقاته مع حزب الله، وحماس، وإيران ويفتح محادثات مباشرة مع إسرائيل.
لكن بالنسبة للإخوان المسلمين، تتعارض الديمقراطية مع المبادئ الإسلامية. إن الترويج للديمقراطية هو، وببساطة، وسيلة لإنهائهم، فخ للوصول إلى أهدافهم: خداع الغرب والإطاحة بالنظام بمساعدة قطر.
استراتيجيات خصوم سوريا الآخرين
يعلق لؤي حسين، رئيس جبهة إعادة بناء سوريا، فيقول إنه بما يتخطى الإستراتيجية الأميركية، ” فإننا شهدنا تدخلاً فاضحاً من قطر، وتركيا، وفرنسا”. كما ينتقد عمر أوسي التدخل الخارجي أيضاً، تحديداً تدخل القوى الغربية، إضافة إلى إسرائيل وتركيا.
تتصرف دول الخليج والاتحاد الأوروبي كمجرد أرقام مساعدة لواشنطن في معالجتها الأزمة السورية. وكانت البلدان الأقل عداء لسوريا ( إسبانيا، إيطاليا) قد أعلنت أن من المستحيل مقاومة ضغوط الموقف الأوروبي، المنفذ في بروكسل بالتعاون مع الناتو ودول الخليج.
تبقى قطر بلداً مساعداً للولايات المتحدة، أداة بخدمة الإستراتيجية الأميركية ( ليبيا، سوريا). فالإمارة دولة غنية ( الغاز ، النفط) لكنها تضرب بما يفوق وزنها بكثير حتى، بسبب تحالفها مع واشنطن وشبكتها الإعلامية “الجزيرة”. ويعلق عمر أوسي على ذلك بقوله إن ” قطر بلد صغير ومصطنع – عدد سكانها 1.7 مليون، بمن فيهم 80% من المهاجرين- حيث لا وجود للديمقراطية وحقوق الإنسان. وهي لا تتردد، برغم ذلك، بإعطاء الدروس لبلد كسوريا، مهد الحضارة والتاريخ الممتد لآلاف السنوات”.
أما أمير قطر فيقدم نفسه على أنه سلفي معتدل. لقد سعى، تقليدياً، إلى استبدال الهيمنة السعودية الموجودة في العالم الإسلامي السني. هذا التنافس مع السعودية تحول لصالحه في هذه اللحظة، حيث إن العائلة المالكة السعودية تمر الآن بعملية خلافة جديدة تجعل العشائر المختلفة تتبارى ضد بعضها بعضاً.
السعودية، التي لديها سيطرة على أقلياتها من الجماعات الشيعية، لا ترغب بالظهور في الجبهة الأمامية في النزاع ضد سوريا. كما أنها تتخوف أيضاً من الاضطرابات على أراضيها. علاوة على ذلك، ونظراً للأحداث الأخيرة في البحرين، لا تستطيع الرياض القيام بعمل ما ضد إيران أو حزب الله مباشرة. في كل الأحوال، لم تفوت المملكة الفرصة بالقيام بضربة غير مباشرة ضد النظام في دمشق، الخاصرة الرخوة في ” محور الشر”، عن طريق التمكين بحصول اضطرابات عبر الحدود.
حضرت الجامعة العربية في المشهد بعد ثمانية أشهر من الأزمة، بإيعاز وضغط دولي، من الولايات المتحدة تحديداً. وبحسب رأي البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك الروم الكاثوليك، ” لو أن الجامعة العربية فعلت للفلسطينيين عشر ما فعلته للديمقراطية في سوريا، لكان للفلسطينيين دولتهم الخاصة منذ زمن طويل جداً”.
يقول أحد الديبلوماسيين العرب الموجودين في دمشق إن ” الجامعة العربية مجموعة غير متوازنة، مؤلفة من حوالي ست دول خليجية، تملك هذه الدول البترودولار ولها تفسيرها الأكثر رجعية للإسلام. وتسعى الدول الخليجية لشراء الأعضاء الآخرين، بما في ذلك مصر وبلدان المغرب العربي، وهذه الأخيرة هي في الخط الأمامي لـ ” الثورات العربية “. ومنذ كانون الثا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Empty
مُساهمةموضوع: رد: هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها   هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012 - 14:31



إن سوريا ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لروسيا، حيث أنها توفر للأسطول الروسي مرفأه الرئيس في البحر المتوسط. إذا بإمكان المياه العميقة لمرفأ طرطوس تأمين وجود الغواصات والسفن الروسية إضافة إلى الفرقاطات والسفن الكبيرة. ونحن نقدر وجود ألفاً من المساعدين التقنيين الروس في سوريا.
أما الرواية التي تقول بوجود من 2000 إلى 3000 من الحرس الثوري الإيراني البازداران مزروعين في القوى الأمنية السورية فتبدو مسألة بعيدة وغير مؤكدة حتى كتابة هذه السطور. لا تبدو الحكومة السورية بحاجة لأحد للحفاظ على النظام في البلد. مع ذلك، أعلنت إيران أن سوريا لن تواجه هجوماً خارجياً وحدها، مهما يكن شكل هذا الهجوم.
العقوبات الاقتصادية وتأثيرها
يعتقد البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بأن ” التلويح والتهديد بالعقوبات أمر سلبي تماماً”. أما رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين فيضع تأثير هكذا عقوبات في التصور التالي عندما يقول إن ” البلد ينتج 3 مليون طن من القمح ولا يستهلك سوى نصف الكمية. سوريا لديها اكتفاء غذائي ذاتي بنسبة 80%. ولديها احتياطي من الغذاء يكفي عامين”.
يوفر القطاع الزراعي السوري، الذي يوظف 35% من السكان الناشطين، 80% من حاجات البلاد، رغم أن سوريا تعاني من مستوى تحديث غير كاف وهي تواجه قضايا نقص المياه. وقد بدأ العمل بمشروع ري كبير للأراضي الزراعية في الشمال وشمال شرقي البلاد. ومن المفترض الانتهاء منه في السنوات العديدة المقبلة، ما يزيد الإنتاج الزراعي. كما أن مشاريع زراعة الفاكهة والخضار في البيوت الزجاجية، وتوضيب الإنتاج الزراعي للمواد الغذائية أمور قيد التطوير.
هناك 22 مصنعاً ملك للدولة تغطي كامل قطاع الأعمال الزراعية، بما في ذلك إنتاج الألبان والأجبان، والفاكهة والخضار، وزيوت الطبخ، والبسكويت، والتبغ، الخ. هذه المصانع تقع تحت سيطرة “المؤسسة العامة للصناعات الغذائية ( GOFI)”. تحافظ سوريا أيضاً على احتكارها لسلع أساسية معينة كالسكر، والقمح، والمياه المعدنية، الخ.
وفقاً لمصادر مالية مختلفة، ” إن الطبقة البرجوازية السنية ستكون مرتاحة حتى لو تم قطع الواردات التركية، حيث أن هذه الواردات تسببت باختفاء جزء هام من الصناعة السورية. هناك مصانع مختلفة ومتنوعة أعادت بدء عمليات التصنيع لديها لملأ الفراغ”. لقد وصل حجم الصادرات التركية إلى سوريا قبل الأزمة إلى 2.3 مليون دولار ، في حين لم تصل الصادرات السورية إلى تركيا إلا إلى 600000 دولار فقط. وبذلك يكون الميزان التجاري منحرفاً.
لا يعتقد معظم ممثلي المعارضة المحلية بأن الحصار سينفذ بالكامل على أساس مدى طويل. فالدول المجاورة لسوريا، بما فيها تركيا، تخسر أكثر مما تربح من هذا الحصار. إذ هناك استياء متنامٍ في أوساط الصناعيين الأتراك الذين يشعرون بأنهم معاقبون ويشكون ذلك لأردوغان.
في كل الأحوال، وبالنسبة للطبقة العاملة، بدأت العقوبات الاقتصادية تقرصهم مع ارتفاع أسعار الوقود، وانقطاع الكهرباء، الخ. أما التأثير الأول والواضح الآن للعقوبات على الاقتصاد الوطني فهو ارتفاع أسعار الغاز. وبحسب عدد من المحللين الماليين، سيصل التضخم إلى 20% تقريباً (كانون أول 2011) كما ستطال البطالة 35% من السكان. لقد انهارت السياحة وتسبب الحظر النفطي بخسائر تقدر بملياري دولار.
أي مستقبل لسوريا؟
تمر سوريا بأزمة بنيوية بمستوى لم تعرفه البلاد منذ الاستقلال. فمع بداية تحرك اجتماعي يمكن مقارنته بالاحتجاجات التي بدلت الوضع جذرياً في ربيع 2011في تونس، ومصر، وليبيا واليمن، تحول تسارع التاريخ هذا، وبسرعة، إلى مواجهة سياسية ومذهبية. ثم توسع لتصبح سوريا البؤرة لأزمة إقليمية ودولية جديدة أعادت تفعيل ثلاثة عوامل قديمة مترابطة فيما بينها:
• إعادة تأكيد هيمنة الملكيات النفطية على باقي العالم العربي الإسلامي؛
• مواجهة القيادة السنية مع ” الهلال الشيعي”؛
• تنفيذ الخطة الأميركية المعروفة بـ ” الشرق الأوسط الكبير” التي تسعى لـ ” دمقرطة” كل البلدان في المنطقة، خطة بدأت بتغيير النظام في العراق في ربيع 2003.
لكن على عكس الأحداث التي انتشرت في تونس، ومصر، وليبيا، فإن مستقبل الأزمة السورية غير مرتبط بـ ” المصير الشخصي” لرئيس الدولة السورية. فبشار الأسد لا يمثل عائلة فقط وإنما يمثل مجموعة دينية، برغم أقليتها، لها جذور قديمة في المنطقة الجبلية المعروفة بـ ” المعقل العلوي”.
إن التواريخ التي قدمتها الشبكات الإعلامية الغربية المختلفة حول ” سقوط النظام” تواريخ مستبعدة وضرب من الخيال. فهذه المواضيع يتم تحديثها بانتظام مع العناوين الرئيسة مثل “كيف يصمد النظام السوري؟”.
الواقع هو أن بإمكان النظام السوري الصمود وتحمل الأزمة، لأن لدى الحكومة موطئ قدم قوياً في مناطق البلاد، وتحديداً في دمشق وحلب، أكبر مدينتين في البلد واللتين يعيش فيهما نصف الشعب السوري.
في كانون أول 2011، يبقى التدخل العسكري الخارجي – مقارنة مع ذلك الذي حصل في ليبيا في ربيع 2011 – أمراً غير مرجح، وبقوة، ليس فقط بسبب المواقف الروسية والصينية في مجلس الأمن الدولي، وإنما، وقبل كل شيء، لأن الحسابات الجيوسياسة الإقليمية تشمل إيران مباشرة.
فالتدخل العسكري في سوريا مرتبط بشكل وثيق بإمكانية حصول هجوم إسرائيلي على مواقع نووية إيرانية، سيناريو له علاقة حالياً برؤىً سياسية أكثر مما له علاقة بوقائع عملانية.
يرجح أن يقود هذان السيناريوهان، الأول أو الثاني، إلى حرب إقليمية شاملة تقود بدورها بالتالي إلى مواجهة دولية أوسع نطاقاً.
وكما أشار معظم محاورينا، ” رغم أن كل شيء قد تغير”، فإن الحل للأزمة سيأخذ بعض الوقت. فإذا كان النظام قد استمر لأكثر من 9 أشهر من الهياج، فمن غير المحتمل أن يسقط غداً.
في كل الأحوال، إن التطور الفوضوي للوضع يعني وجود عدد من السيناريوهات المحتملة:
• تعميم الحرب الأهلية، ليصبح صراعاً إقليمياً ينتشر إلى داخل لبنان، الأردن، العراق، وحتى تركيا، ما يحوِّل الأزمة من ” لبننة” محدودة إلى مستوى من الصراع أوسع نطاقاً، لينتهي حتى بـ ” بلقنة” الشرق الأوسط مع وجود ارتدادات لذلك على الحكومات الملكية المنتجة للنفط ( يقدر الخبراء العسكريون أن سيناريو كهذا يمكن أن يتسبب بسقوط حوالي 300000 قتيل).
• احتواء الأزمة بالحد منها في الأراضي السورية، عبر إدارة أمنية منخفضة الشدة، مع ارتفاع في عدد الضحايا في فترات زمنية.
• حل على ” الطريقة اليمنية” للأزمة بوساطة روسيا وإيران.
خطر الحرب الأهلية: ” اللبننة” الإجبارية لسوريا
في بداية الأزمة، لم تكن الأزمة السياسية مشكلة سياسية ولا مشكلة مذهبية. بالإمكان تجنب خطر الحرب الأهلية برغم أن تسارع الأحداث يجعل الوضع أمرأً لا يمكن التكهن به للغاية. فالطوائف الدينية المختلفة لا تتوافق والكتل السياسية المضغوطة. وتستمر طبقة التجار السنية الثرية في دمشق بدعم النظام في الوقت الذي يلتقي فيه المرء بعلويين ومسيحيين في أوساط المعارضين للنظام.
قالت لنا أسما كفتارو إنه لا يمكن التخفيض من حدة الأزمة إلى مستوى البعد المذهبي والطائفي: “نحن كلنا سوريون، مهما كان ديننا”. وهي لا تدعو للسلم بصفتها مسلمة سنية وإنما بصفتها سورية وطنية. وتستذكر قائلة إنه كان هناك اجتماعات مشتركة لتأدية الصلوات جعلت كل الطوائف الدينية في البلد تجتمع معاً في ثلاث مناسبات، لأجل خلاص ومستقبل البلد: ” سوف تترك الأزمة ندوباً عميقة في مجتمعنا ولن تكون الأمور كما كانت مجدداً أبداً. أما الآن، فإن المهمة هي إعادة البناء مع العلويين تحديداً، لأن مشاعر النقمة والعداوات مستمرة بالتزايد نظراً لارتفاع العنف المذهبي”.
يزعم بطريرك الروم الأرثوذكس الذي يحض أبناء رعيته على التصويت في الانتخابات البلدية في 12 كانون أول 2011، أن تقديم قانون الشريعة سيكون خطراً ومقيداً للمسلمين أكثر مما هو بالنسبة للمسيحين. ويقول مستذكراً أنه قد تم تدمير مساجد في العراق أكثر من الكنائس على يد جماعات إرهابية: ” لقد رحل مسلمون أكثر مما رحل مسيحيون بكثير من البلد. في كل الأحوال، يصح القول إن المجتمع المسيحي دفع ثمناً باهظاً للغاية. فمن أصل 800000 مسيحي عراقي، فر 350000 منهم، وسعى قسم كبير منهم للحصول على اللجوء في سوريا.
ووفقاً للبطريرك غريغوريوس الثالث لحام، ” إن أولئك الذين يستهدفون سوريا يستغلون التباينات العرقية والدينية، بالتركيز، تحديداً، على مناطق سنية معزولة، منقطعة حيث يمكن للمجموعات السياسية المتطرفة أن تنمو وتزدهر. وتفتش هذه القوى عن الشرارة التي ستشعل بها حرباً أهلية عامة. لكن لن تحصل حرب أهلية”.
إن المسيحيين وجزء كبير من العلويين يتخوفون من المجهول ومن أن تطول مدة العودة للسلم مع وجود حريات أكبر. ” الجميع يتخوف من الفوضى، وليس من الإسلام. المسيحيون ليسوا المشكلة بالثورة. الجميع قلقون بسبب هذا التسارع بالأحداث لكن التضليل لا ينجح، حيث إنه لم يخدع الشعب. فالتغطية الإعلامية للطفل المسيحي في حمص لم تدفع المسيحيين للقيام باحتجاجات عنف. إن مسيحيي سوريا ناضجون جداً ولن يسمحوا لأنفسهم بأن يتم التلاعب بهم بهذه الطريقة من قبل الإعلام الخليجي الذي كان دائماً ينظر إلينا بتعالٍ وكأننا شبه بشر”، قال لنا أحد أصحاب المحلات في ساحة العباسيين.
يتم تصنيع ” لبننة” سوريا بمجموعة عوامل رئيسة ثلاثة:
• النظام السوري، وحداته العسكرية وأجهزته الاستخبارية المختلفة؛
• قادة سياسيون ومذهبيون بمن فيهم الإخوان المسلمين وقادة الجماعات السلفية المدعومون من قبل حكومات أو قوى سياسية في بلدان مجاورة: الأردن، لبنان، تركيا، والعراق إلى حد ما أقل؛
• قوى إقليمية ودولية متورطة في المنطقة: قطر، السعودية، الولايات المتحدة، وفرنسا إلى حد ما.
إن خطر اندلاع مواجهة طائفية ومذهبية شاملة، ” لبننة” وحرب أهلية كاملة ليسا بالأمر المحتوم. إلا أن الجماعات المسلحة لن تلقي سلاح حربها، مع ما هو معلوم من انخراطها الآن في دوامة العنف الجارية. فهذه الجماعات تعتمد على تدخل المجتمع الدولي، بشكل مشابه لما حصل في ليبيا. أما بالنسبة للأقليات كالعلويين، المسيحيين، الأكراد، والدروز إلى حد ما، فإن نهاية نظام البعث ورحيل بشار الأسد سيعني إثارة حرب أهلية وإقليمية ستكون لها عواقب وخيمة، تقارن بتلك التي حصلت في البلقان وضحاياها الذين بلغ عددهم 300000 قتيل.
برغم عدد الضحايا حتى الآن، إلا أن كل شيء يعتمد على قيادة بشار الأسد لجعل القوى التقدمية في البلد تتحد ومنحها تنازلات سياسية والتحرر الاقتصادي الذي ترغبه.
هناك اليوم خطر هائل ماثل في “لبننة” سوريا مع ، وإضافة إلى، توسيع فتنة عالمية بين العلويين/ الشيعة من جهة والمجتمعات السنية في المنطقة من جهة أخرى. في كل الأحوال، هذا السيناريو الكارثي الذي سيقود بالتأكيد إلى موت مئات آلاف الناس ليس أمراً محتوماً.
نهاية النموذج الاجتماعي ـ الديني السوري
إن كل الناس الذين تحدثنا إليهم أصروا على أنهم لديهم الخصوصيات الاجتماعية، الثقافية والدينية لبلدهم، خصوصيات متعلقين ومرتبطين بها بقوة. ويعتقد عمر أوسي بأن هذه الخصوصيات تضمن السلم والانسجام وينبغي حمايتها. وقالت لنا أسما كفتارو إنه من الإجرام التضحية بهذا المجتمع الذي يظل نموذجاً للتسامح في المنطقة: “يجب على المسلمين السوريين محاربة التطرف من خلال التأسيس لهيئة وطنية تمثيلية”. ولم يتردد البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك الروم الكاثوليك، بأن يقول مستذكراً، ” هناك حريات دينية وتسامحاً في سوريا أكثر من أي بلد عربي آخر”.
سوريا مجتمع تعددي. إذ ينتمي 40% من السكان إلى أقلية طائفية: مسيحيون كاثوليك أو أرثوذكس، مذاهب إسلامية أقلية ( شيعة، دروز، إسماعيليين)، مسلمون متشددون من غير العرب (أكراد). ولا يرغب أحد منهم بمواجهة قوة إسلامية سنية أصولية متطرفة.
مع ذلك، أجمع كل الذين أجرينا مقابلات معهم على القول إن ” لا شيء سيكون كما كان مرة أخرى”.
إن النموذج الطائفي التعددي السوري وبنيته الاحتكارية للسلطة التي يتحكم بها نظام سلطوي سيخضعان لتغييرات جدية يمكن أن تقود إما إلى :
• تقسيم وتطهير إثني ومذهبي ( مشابه لاتفاقية دايتون في يوغوسلافيا السابقة)؛
• حل على النموذج الليبي يقود إلى رحيل جماعات الأقليات إضافة إلى طوائف أخرى إلى لبنان؛
• محاولة للإصلاح وتأسيس نظام طائفي تعددي مقارنة باتفاق الطائف ( 1989) في لبنان.
إن الهدف الرئيس لهذه الاستراتيجيات، المحلية، الإقليمية والدولية، المنفذة ضد دمشق، ليس الإطاحة بالنظام، الذي إذا ما كان قادراً على تحديث نفسه فإن بإمكانه لعب دور اعتدالي بين الفئات المختلفة في البلد وفي منطقته، وإنما الهدف هو اختفاء نموذج المجتمع السوري.
يمكن تعريف الـ “dictocracy” بأنه نظام سياسي يمثل القواعد الرسمية للديمقراطيات الغربية ومبادئ اقتصاد السوق، نتيجة لضغوط خارجية، عبر عقوبات اقتصادية أو تدخلات عسكرية بدرجات مختلف الشدة.
يلعب الدين دوراً ذا أهمية رئيسة في تثبيت الهوية الوطنية. وكما شهدنا في تطبيق اتفاقية دايتون في البلقان، بإمكان الـ “dictocracy” أن تولد ليس فقط انقسامات سياسية وحدودية، وإنما جولات جديدة من التطهير العرقي.
إن تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا تمر كلها الآن بمراحل من التحول ستدوم لفترة طويلة من الزم.
ورغم أن هناك تشابهاً بين بلد وآخر، إلا أن الأوضاع المختلفة تتحدى وتقاوم التعميمات السهلة ومقاربة ” حجم واحد يناسب الكل”.
ونظراً لتاريخ سوريا، ونموذجها الاجتماعي- الديني ومحيطها الاقليمي، يقاوم هذا البلد تعميمات من هذا النوع بشكل أكبر حتى.
إن الثورات تتبع سياق بعضها بعضاً لكنها تختلف وتتباين بشكل واسع. فمهما تكن النتيجة، لا يزال من المبكر جداً، نظراً للجداول الزمنية الانتخابية لـ ” الثورات العربية”، معرفة ما إذا كانت الأسلمة المتطرفة تتوافق مع الديمقراطية أو مع ” dictocracy” ما بعد العالمية.
قائمةالمحَاورين
ميشال كيلو، عالم اجتماع، ممثل لهيئة التنسيق السورية وشخصية في المعارضة المحلية ( نهاية تشرين الثاني، في باريس).
أفراد من طائفة الروم الأرثوذكس من Saint-Paul le Damascene ( الأحد ، 4 كانون الأول).
لؤي حسين، رئيس ” حزب بناء دولة سوريا” ( الإثنين 5 كانون أول، في مكتبه).
فايز ساره، كاتب وصحافي، مفكر في المجتمع المدني، مؤسس لجان التنسيقيات في العام 2005 (الإثنين 5 كانون أول).
غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك ( الاثنين 6 كانون أول، في الصرح البطريركي).
حسين العودات، كاتب وصحافي عمل كمستشار لمدة 14 عاماً لرئيس الوزراء ( الثلاثاء 6 كانون الأولـ، في مكتبه).
عمر أوسي، رئيس ” المبادرة الوطنية للأكراد السوريين”. مستشار سياسي لأوجلان للشرق الأوسط مدة 15 عاماً إلى حين اعتقاله في العام 1999 ( الثلاثاء 6 كانون الأول).
الأم آغنيس مريم دو لا كروا، الأم الكبرى اللبنانية- الفرنسية التي ترأس ” وحدة”أنطاكية لطائفة الروم الكاثوليك، دير سان جيمس، الموجود على بعد 90 كلم من دمشق ( الثلاثاء 6 كانون أول).
جورجينا لانيوس نجمة ( والدة الطفل المقتول في حمص) وعائلتها ( حماه، الأربعاء 7 كانون الأول).
حسن عبد العظيم، محام، المنسق الرئيس للجان التنسيق السورية ( الثلاثاء، 6 كانون أول، في مكتبه).
أسما كفتارو، مديرة منظمة المرأة السنية، جمعية نسائية أهلية، عضو في منتدى المرأة السورية المسلمة والمنتدى الدولي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ( الخميس 8 كانون الأول، في منزلها).
الدكتور عدنان محمود، وزير الإعلام ( الخميس 9 كانون الأول، في مكتبه في الوزارة).
غالب قنديل، عضو مجلس الإعلام المرئي والمسموع الوطني اللبناني ( الخميس 8 كانون أول).
كما اجتمع المؤلفون مع عدد من الديبلوماسيين الأوروبيين وديبلوماسيين عرب للدول الأعضاء في الجامعة العربية المعينين في دمشق وباريس إضافة إلى فاعلين آخرين ومراقبين للأزمة السورية لم يرغبوا بذكر أسمائهم.
الفهرس 2
بضع نقاط مرجعية تاريخية
بدأ تاريخ سوريا كدولة مستقلة بفهم خاطئ. فلمكافأتهم على ثورتهم ضد الإمبراطورية العثمانية (1916)، وعدت بريطانيا العظمى الحركة القومية العربية بقيادة شريف مكة بتأسيس مملكة تكون عاصمتها دمشق. وفي العام 1918، دخلت القوات العربية دمشق وأسست المملكة بإدارة فيصل، أخ عبد الله بن الحسين، ابن شريف مكة، المولود لعائلة هاشمية عظيمة.
كان عمر المملكة قصيراً لأن الفرنسيين والبريطانيين وقعوا اتفاقاً لتقاسم بقايا الإمبراطورية العثمانية. ووضع اتفاق سايكس- بيكو حداً لسوريا الكبرى – بلاد الشام- التي كانت تشمل أراضي سوريا الحالية، لبنان، الأردن، وفلسطين. وبعد معركة ميسلون في تموز 1920، دخلت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال غويبت إلى دمشق. وفرضت فرنسا انتدابها على البلد بقرار من رابطة الأمم، الأمر الذي أدى إلى نفي فيصل إلى العراق.
شهدت فترة الانتداب إزدياداً في المشاعر القومية والثورات المتكررة ضد الحكم الفرنسي. وبعد انهيار حزيران 1940، سيطر البريطانيون والفرنسيون الأحرار على البلد. وقد أعادت الحملة السورية في حزيران/ تموز السلطة مرة أخرى إلى الفرنسيين الأحرار. وبمساعدة البريطانيين، استمر السوريون بالمطالبة برحيل الفرنسيين. حدث هذا في العام 1946، العام الأول من تاريخ سوريا الحديث. وأصبح هاشم الأتاسي أول رئيس للجمهورية السورية – العمة! يعني مابيعرفوا انه اول رئيس بعد الاستقلال هو شكري القوتلي ؟! -. بعد الحرب العربية- الإسرائيلية في العام 1948، قام الكولونيل – البريجادير – حسني الزعيم بانقلاب عسكري وضع حداً للنظام البرلماني السوري في آذار 1949. وقد فر أنطون سعادة المتحزب لاستعادة بلاد الشام ( ” سوريا الكبرى” أو “سوريا الطبيعية”)، ومؤسس الحزب القومي السوري الاجتماعي،إلى – من وليس الى .. ثم هو كان في زيارة للزعيم بدمشق وليس فاراً- لبنان، حيث واجه عقوبة الإعدام واتخذ سوريا ملجأً حيث وعده الكولونيل الزعيم بالحماية. في كل الأحوال، وبعد بضعة أشهر، قام الزعيم بتسليم انطون سعادة للسلطات اللبنانية وتم إعدامه. عقب هذه الخيانة، تمت الإطاحة بالزعيم نفسه بانقلاب عسكري آخر. وفي آب 1949، اعتقل الكولونيل – البريجادير – سامي الحناوي، عضو الحزب التقدمي السوري الاجتماعي – لم يكن الحناوي عضوا في الحزب القومي .. لا التقدمي .. الاجتماعي – الكولونيل الزعيم وأعدم.
حصل الانقلاب الثالث في كانون الأول 1949، والذي قام به أديب الشيشكلي. وقد نصَّب هذا الأخير نفسه رئيساً للجمهورية في العام – لا.. في 53 – 1951 وحل البرلمان. وأملت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى منه التقيد باتفاقية حلف بغداد. ( حلف بغداد:هي منظمة معاهدة الشرق الأوسط والتي وقعت عليها كلمن العراق، تركيا، باكستان، إيران وبريطانيا في 24 شباط، 1955. انضمت الولايات المتحدة للجنة العسكرية التابعة للتحالف في العام 1958. أعيد تسمية المعاهدة بـ ” منظمة المعاهدة المركزية” ( CENTO)، بعد انسحاب العراق في 24 آذار 1959. تم حل المنظمة في العام 1979. ومع قولبته بعد الناتو وتصميمه كامتداد لـ SEATO، ألزم هذا التحالف الموقعين عليه بالتعاون والحماية المتبادلة من دون التدخل بالشؤون الداخلية. كان هدفه الرئيس إحتواء نفوذ الاتحاد السوفياتي عن طريق إنشاء خط من الدول القوية على حدوده الشمالية).
وبأمل التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل، قدمت له واشنطن مساعدات كبرى. بالمقابل، أرادت الولايات المتحدة من السلطات في دمشق منح اللاجئين الفلسطينيين الجنسية السورية الكاملة. وفي العام 1952، قدمت واشنطن 400 مليون دولار للسماح لـ 500000 فلسطيني باستيطان أراضي الجزيرة.
كان الحزب العربي الاشتراكي التابع لأكرم حوراني وحزب البعث التابع لميشال عفلق معارضيْن بعنف لهذا الاقتراح، الذي كان يمثل برأيهما بيع حق العودة للفلسطينيين. وقد حاول حزب البعث العربي الاشتراكي المشكل حديثاً آنذاك نتيجة التحالف بين الحزب الاشتراكي لحوراني وحزب البعث لعفلق، الإطاحة بالشيشكلي في العام 1952… ورغم أن الأخير رفض الاتفاقية مع الولايات المتحدة، فقد أطيح به في العام 1954. وبعد فترة من عدم الاستقرار الكبير، قرر الرئيس جمال عبد الناصر وسوريا دمج البلدين وإنشاء الجمهورية العربية المتحدة، في 1 شباط 1958. لكن هذه الجمهورية لم تكن ناجحة وأعاد الجنرال – مقدم : لا جنرال ولا بطيخ – حيدر الكزبري الجمهورية العربية السورية بعد القيام بانقلاب آخر في 28 أيلول 1961.
استمرت حالة عدم الاستقرار: في 8 آذار، 1963، جلب انقلاب عسكري آخر المجلس الوطني لقيادة الثورة إلى السلطة برئاسة أمين الحافظ. وكان المجلس مؤلفاً من مجموعة من المسؤولين المدنيين والعسكريين، جميعهم – نصفهم فقط من 8 اذار الى منتصف ايار – من حزب البعث.
بعد بضعة أشهر – اكيد اللي كاتب الهامش التاريخي حمار ببنطلون :انقلاب 8 شباط العراقي سبق 8 اذار السوري – ، حصلت إطاحة بالحكم الموجود في العراق على يد حزب البعث. وفكرت الحكومة السورية مجدداً بإمكانية إنشاء وحدة مع العراق ومصر. تم توقيع اتفاقية في القاهرة في 17 نيسان 1963 للقيام باستفتاء في أيلول. في كل الأحوال، تطورت الخلافات بين البلدان الثلاثة وتم التخلي عن فكرة الفيدرالية. وفي أيار 1964، أصدر الرئيس أمين الحافظ دستوراً مؤقتاً أمن تعيين مجلس وطني للثورة.
في 23 شباط 1966، قامت مجموعة من ضباط الجيش، بقيادة صلاح جديد، جميعهم من حزب البعث، بالإطاحة بحكومة الحافظ. وحلت السلطة الجديدة المجلس الوطني للثورة، وألغت الدستور ولاحقت المؤسسين الأصليين لحزب البعث السوري – ميشال عفلق، صلاح الدين بيطار، وأكرم حوراني- متخلية عن مثل عروبية معينة لصالح أجندة سياسية سورية أكثر مركزية. ووصف القادة الجدد هذا الأمر بأنه ” تصحيح” لمبادئ حزب البعث. وأظهرت نتائج حرب الأيام الستة في العام 1976 فشل هذا الخيار وأضعفت حكومة صلاح جديد.
في 13 تشرين الثاني 1970، قام وزير الدفاع حافظ الأسد بانقلاب عسكري جديد. وبإطاحته بصلاح جديد أصبح الأسد، وبفضل ” حركته التصحيحية”، الرجل القوي الجديد في سوريا. وبعد عام أصبح رئيساً للجمهورية السورية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
 
هام جدا: تقرير استخباري فرنسي عن الأزمة في سوريا وحول الجهات الفاعلة فيها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تقرير فرنسي : ياسر عرفات قتل بالسم
» رزنامة زيارات مكاتب التشغيل المتنقّلة الى الجهات
» دورة تنظيم وإدارة الاجتماعات الفاعلة تعقد في اسطنبول وكوالمبور والدار البيضاء وتونس
» كاتب فرنسي يكشف: هكذا «انتقم» بوش من شيراك لرفضه حرب العراق
» الصحافيون التونسيون هم أساس الأزمة في البلاد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قفصة :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: