Admin Admin
عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: رأي. قراءة أولية في نتائج انتخابات المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي الجمعة 30 ديسمبر 2011 - 15:31 | |
| د. محمد ضيف الله
على وقع شعار "أكبر قوة في البلاد، عاش عاش الاتحاد"، تم عشية 29 ديسمبر الإعلان عن نتائج انتخابات المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل في مؤتمره الثاني والعشرين المنعقد في طبرقة. وأسفرت تلك النتائج عن فوز أعضاء "قائمة الوحدة النقابية المناضلة" التي تم التوافق عليها في اللحظات الأخيرة بين عدد من التيارات الموجودة داخل الاتحاد. وبقطع النظر عن البيان الانتخابي الذي تقدمت به هذه القائمة، فإنه لا يستبعد أن يكون ذلك التوافق شمل كذلك التعهد بحماية أعضاء المكتب التنفيذي المتخلين ممن قد يلاحقون قضائيا بسبب تورطهم في ملفات فساد. ومن هذه الزاوية يفهم تدخل عبيد البريكي خلال المؤتمر عندما أكد أن "الاتحاد ماكينة وستظل ماكينة... ولولا هذه الآلة لما تم إيقاف حَجْر السفر على الأمين العام". وبما أن الرجل من المغادرين للمكتب التنفيذي، فتصريحه يفهم على أنه تعهد باسم التيار السياسي الذي يمثله، على المضي في توظيف الاتحاد لحماية المورطين في الفساد.
إن قراءة أولية لنتائج انتخابات المكتب التنفيذي، تبرز النقاط التالية:
-أن المكتب الجديد لم يتضمن أي عنصر نسائي، رغم الكثافة النسبية للمنخرطات في الاتحاد، ورغم الخطاب الذي سبق المؤتمر حول ضرورة تمثيل المرأة في المكتب التنفيذي. وبذلك فإن النتائج النهائية تكشف عن تخلي الأطراف التي تنعت نفسها بالتقدمية عن خطابها السابق بخصوص المرأة العاملة.
-أن المكتب التنفيذي انتخب على أساس محاصصة جهوية وقطاعية وحزبية. فلم تغب عنه جهات لها دورها التاريخي في العمل النقابي، وأساسا منها قفصة وقرقنة. كما تم فيه تمثيل قطاعات التعليم الثلاثة والصحة وهي من أهم القطاعات في الاتحاد. أما بالنسبة للمحاصصة السياسية، فقد تم تمثيل ثلاثة تيارات يسارية على الأقل فضلا عن القوميين والتيار العاشوري.
-أن ثلاثة أعضاء فقط هم من القدامى، بينما البقية جدد في المكتب التنفيذي، ويعود الفضل في ذلك إلى القانون الداخلي للاتحاد الذي لا يسمح بالترشح لأكثر من دورتين. والملاحظ هنا أن أول الفائزين لم يحصل إلا على حوالي 60 بالمائة من مجموع الأصوات، بينما حصل أربعة منهم على ما دون نسبة الخمسين بالمائة.
من الشعارات التي رفعت في القاعة قبيل الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المكتب التنفيذي "اتحاد مستقل والشغيلة هي الكل"، وهو من أقدم الشعارات التي كانت ترفعها القواعد النقابية منذ أواخر السبعينيات، إلا أن هذا الشعار لم يمنع السلطة الحاكمة آنذاك من التدخل في شؤون الاتحاد وإغراء قياداته ومحاولة إفسادها. أما اليوم فإن بعض رافعي ذلك الشعار هم أول من يخرقه حيث كشفت بعض التيارات السياسية خلال المؤتمر عن سعيها لفرض مرشحيها للمكتب التنفيذي. وإذا كان الاتحاد قبل الثورة ملجأ لمختلف تلك التيارات التي اضطرت للعمل في السرية ولم يكن بإمكانها أن تحصل على تأشيرة العمل القانوني، فإن الواقع قد تغير تماما اليوم، وأصبح بإمكان كل التيارات السياسية مهما كان توجهها أن تحصل على التأشيرة، وتمارس الدعاية السياسية والحزبية بكل حرية، وبالتالي لم يعد لها من مبرر للهيمنة على المنظمة النقابية أو غيرها، اللهم إلا إن كان ذلك من أجل فرض نفسها من خلال ماكينة الاتحاد بعد أن تبين لها مدى تقلص شعبيتها.
ولابد من أن نشير في هذا الإطار إلى أن بعض مرشحي تلك التيارات لعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، كانوا قد ترشحوا عن تلك التيارات نفسها في انتخابات المجلس التأسيسي. ويبدو اليوم أن حرصها على ضمان مقاعد في المكتب التنفيذي هو محاولة منها لتعويض الخسارة التي منيت بها في تلك الانتخابات، وكذا للبحث عن دور أكبر في المشهد السياسي. وفي هذا الإطار يمكن أن ندرج تصريحات البريكي بخصوص مدة عمل المجلس التأسيسي ونص الدستور والموقف من الاعتصامات حتى العشوائية منها. بحيث يبرز من خلال تلك التصريحات اتجاه لتوظيف الاتحاد في أجندات حزبية. إلا أن أي توجه من هذا النوع مستقبلا قد يؤدي إلى النيل من مصداقية الاتحاد الذي لم يعد المنظمة النقابية الوحيدة على الساحة.
بناء نيوز
| |
|