علمت "الصباح" أن خلافات عميقة ميزت نقاشات مشروعي النظام الداخلي والتنظيم
المؤقت للسلط العمومية المعروضين تباعا على لجنتين مكلفتين للغرض صلب
المجلس الوطني التأسيسي.
وحسب مصادر جديرة بالثقة من داخل لجنة التنظيم الداخلي فإن جدلا حادا اندلع بين
أعضاء اللجنة المكونة من 22 عضوا، تحتل فيها كتلة التحالف الحكومي (النهضة
والمؤتمر والتكتل) نصيب الأسد ب14 عضوا، تركز خاصة حول الفصل المتعلق
بكيفية إعطاء الثقة من الحكومة وشروط سحبها.
وتقترح وثيقة النظام الداخلي للمجلس التأسيسي منح الثقة للحكومة المقبلة بأغلبية
بسيطة من اعضاء المجلس (50 بالمائة + 1)، في حين أن سحب الثقة من الحكومة
يتطلب تصويت الأغلبية المطلقة لاصوات المجلس وتحديدا الثلثين.
حصانة للحكومة..؟
وهو ما اعتبره بعض اعضاء اللجنة وتحديدا من جانب ممثلي المعارضة محاولة لثلاثي
الائتلاف المرشح لتشكيل الحكومة لضمان اية عرقلة محتملة لعمل الحكومة،
وسعيا من قبل حزب حركة النهضة المتحصل على أكبر عدد من المقاعد داخل المجلس
إلى حماية نفوذه داخل الحكومة وذلك من خلال ضمان الأغلبية البسيطة من
الأصوات لتنال ثقة المجلس، إذ يكفيها في هذه الحال الحصول على 109 أصوات
فقط أي انه يكفيها تصويت 21 صوتا من خارج كتلة النهضة للحصول على ثقة
المجلس وبالتالي تفادي امكانية تصويت بعض اعضاء كتلتي المؤتمر والتكتل ضد
الحكومة او برنامجها..
ومن المفارقات التي رفضها اعضاء من المعارضة في مشروع وثيقة النظام الداخلي
اشتراط ثلثي الأصوات لإسقاط الحكومة في صورة توجيه لائحة لوم ضدها وهو ما
يعني حسابيا ونظريا استحالة ذلك.
ويقول أحد الأعضاء المحسوبين على المعارضة أن هذا الفصل وضع على قياس الكتلة المتحالفة الحائزة على أكثر عدد من الأصوات والمرشحة لتشكيل الحكومة المقبلة.
وقد علمنا ان ممثل حزب مشارك في التحالف الحكومي المرتقب في اللجنة قرر
الاحتفاظ بصوته في صورة عدم تعديل هذا الفصل الذي يعطي حماية كاملة للحكومة
من رقابة المجلس وحصانة شبه كاملة من المحاسبة والسقوط.
كما عبر أعضاء في نفس اللجنة عن رفضهم الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية المجلس،
من جهة، وطالبوا بالتنصيص على حرمان أعضاء الحكومة من أعضاء المجلس
التأسيسي من التصويت "إذ لا يعقل أن تكون الحكومة خصما وحكما في نفس الوقت" من جهة أخرى.
وفي سياق متصل أكد اياد دهماني عضو لجنة النظام الداخلي وممثل عن تحالف احزاب
معارضة أن المعارضة ستطالب ان تتم مناقشة مشروع قانون النظام الداخلي خلال
الجلسة العامة فصلا فصلا قبل التصويت عليه مع ضرورة اعلام النواب قبل 48
ساعة من انعقاد الجلسة العامة وارسال نسخة من القانون مرفقا بتقرير اللجنة حتى يكون لهم الوقت الكافي لدراسته والتمعن فيه.
تباين حول صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية
كما علمت "الصباح" أن النقاش داخل اللجنة المكلفة بالتنظيم المؤقت للسلط
العمومية تركز خصوصا على أمرين اثنين وتحديدا ما يتعلق بصلاحيات رئيس
الجمهورية، وصلاحيات رئيس الوزراء.
فقد طالب ممثلو المعارضة في اللجنة تعديل الفصل 8 في الفقرة المتعلقة بتكليف
رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الذي ترشحه كتلة الحزب المتحصل على غالبية
المقاعد داخل المجلس دون سواه. وفتح باب الترشحات لمن يرغب في الترشح لذات
المنصب وفق شروط موضوعية معقولة. لأن الابقاء على نفس الفصل يعني غلقا لأية
منافسة مشروعة لشغل منصب رئيس الحكومة.
كما تقدم بعض اعضاء اللجنة بمقترحات لتعديل صلاحيات رئيس الحكومة الذي يتمتع
بسلطات واسعة حسب الصيغة الأولى لمشروع القانون، خاصة أن رئيس الجمهورية بدا منزوع الصلاحيات باستثناء التوقيع على القوانين والأوامر والقرارات، واشهار الحرب والسلم، وقيادة القوات المسلحة..
إلى ذلك علمنا ان اعضاء حركة النهضة في نفس اللجنة طلبوا تعليق الجلسة لمزيد
النظر في الطلبات القائمة على ضرورة تعديل المسودة التي تقدمت بها الحركة
باشتراك مع التكتل والمؤتمر.
ومن غير المستبعد أن يتم تعديل الوثيقتين في ضوء النقاشات.
يذكر ان انتخاب رئيس الجمهورية متوقف على المصادقة على وثيقتي النظام الداخلي،
والتنظيم المؤقت للسلط العمومية، وفي صورة انهاء اللجنتين المكلفتين بالنظر
في الوثيقتين بداية الأسبوع المقبل من غير المستبعد أن يدعو رئيس المجلس
التأسيسي إلى جلسة عامة لمناقشتها والمصادقة عليها قبل نهاية الأسبوع القادم.
رفيق بن عبد الله