badr
عدد المساهمات : 646 تاريخ التسجيل : 31/01/2010 العمر : 44
| موضوع: هكذا تغيرت وجهة بعض الحقائب-السيادية-من المؤتمر-للنهضة الأحد 27 نوفمبر 2011 - 12:22 | |
| تونس-الساعة-رشيد الجراي
لئن أجمعت كل التوقعات و من داخل كواليس الائتلاف الحزبي الفائز بأكبر عدد من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي على تمسك حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ببعض حقائب الوزارات السيادية ذات الصلة بحقوق الإنسان فان الساعات القليلة الفارطة جاءت بما يخالف ذلك حيث تغير مجرى بعض الحقائب السيادية من حزب المؤتمر من اجل الجمهورية الى حركة النهضة
و رغم ان مسالة توزيع الحقائب قد حسمت مبدئيا في انتظار الاعلان الرسمي فان الصعوبات التي اعترضت هذا الثالوث اثناء فترة التفاوض حول الرئاسات توضح انه غير متجانس و لاتتوفر فيه ارضية فكرية مشتركة. هذا الوضع الجديد الذي تمر به الساحة السياسية في تونس يثير عديد التساؤلات و يطرح الكثير من الاستفهامات لدى الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني و الراي العام.
و كان من البديهي ان يفتح هذا الجدل نوافذ عدة خاصةحول حقيقة ما جرى في الساعات الاخيرة للمفاوضات و دوافع تخلي المؤتمر عن بعض الحقائب السيادية. فالتسريبات الأخيرة كشفت هشاشة المفاوضات و إعترافا غير مباشر من الأحزاب المشاركة فيها بصعوبة المهمة أمام كثرة الملفات و تشعبها فلهفة المؤتمر على الظفر بمنصب رئيس الجمهورية و لان كان رمزيا قد مهدت الطريق أمام حركة النهضة للحصول على مناصب سيادية.
و في هذا الاطار يرى الناطق الرسمي لحزب التحرير غير المرخص له أن تشكيل الحكومة وقع تحت أربع تجاذبات رئيسية وواضحة للعيان أولها اللوبي الرأسمالي ونعني به رجال الأعمال المورطين و الرافضين لأي شكل من المحاسبة و فتح الملفات الحساسة لعلاقتها لا بالفساد المالي فقط بل بأهل السياسية محليا و خارجيا .
ثانيا الجانب الخارجي و الجهات الأجنبية و تحديدا فرنسا التي تعتبر مسألة الفرنكفونية مسألة حياة أو موت ذاك أنها ترفض كل تغيير عكس هذا التوجه و ان كان شكليا ورمزيا فرفضها لتعيين عجمي الوريمي في منصب وزير الثقافة خير دليل على ذلك أما الطرف الثالث في هذه التجاذبات فتمثله القوى العلمانية و اليسارية التي تورط النهضة في الوزارات السيادية و الحساسة "الداخلية " و الملفات الملغومة لإحباط تجربتها في الحكم .
أما الجانب الرابع فيتمثل أساسا في تخوف حركة النهضة من التجربة فهي لا تريد التنازل عن وزارات السيادة التي قد يعبث بها و تتحمل هي المسؤولية و في نفس الوقت هي غير قادرة في الظرف الراهن على تحمل هذه المناصب الكبيرة أمام حقل الألغام المخيف الذي يعده البعض حتى يقع خلط الأوراق من جديد و بالتالي فإن حصول الحركة على أغلب المناصب السيادية تورطت فيه الأطراف المشاركة في المفاوضات بطريقة غير مباشرة.
هذه القسمة الغير متوازنة بين الاحزاب يمكن ان ان تشكل خطرا على مستقبل الديمقراطية في البلاد خاصة في حال كان الخلاف عميقا اثناء المفاوضات من اجل التوصل لهذا الاتفاق بين الكتل المتحالفة لان مابني على خلاف او اتفاق جزئي قد ينهار في أي لحظة والخطر هنا يطال المرحلة الانتقالية التي عليها سيرسم مستقبل بلاد لسنوات قادمة .
ولعل هذا ما جعل المحلل السياسي الهاشمي الطرودي يرى في هذا التوزيع للسلطات توزيعا غير متكافئ قائلا أن النهضة استأثرت بالحقائب السيادية بالإضافة الى الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الوزير الأول في الحكومة حمادي الجبالي في حين اكتفى المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات بوزارات فنية و تقنية بعد أن كانت كل التوقعات ترجح حصول المؤتمر على بعض الحقائب السيادية و هوما يعتبرحقيقة توزيعا غير عادل بين الأطراف الثلاثة بالنظر الى عدد المقاعد التي تحصل عليها كل حزب في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
ولئن لم ير الطرودي في ذلك خطرا على البلاد فان ذلك لا ينفي هذه الفرضية خاصة امام دقة الوضع الراهن في البلاد والتجذبات التي تعيشها, هذه النقطة المفصلية في ائتلاف الثلاثي كانت وستكون محطة اهتمام الكثرين حتى من داخل الاحزاب ذاتها التي تمثل الخصم و الحكم في آن واحد؟ فقد اعتبر القياديان في حزب المؤتمر و حزب حركة النهضة محمد عبو و نور الدين البحيري أن المفوضات جرت بطريقة ودية بين الثلاثة أحزاب حول برنامج الإصلاح السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي في الحكومة المقبلة و ما حصل من مشاورات حول الحقائب الوزارية ليس تقاسما للغنائم و انما تمت فيه مراعاة المصلحة العليا للبلاد لا تقاسم السلطة و النفوذ. ( نشر هذا المقال أيضا بجريدة الحصاد الاسبوعي ، 26-11-2011- نقترح عليك ايضا الاطلاع على هذه المقالات | |
|