لقد أحدث البرنامج الذي بث مساء يوم الجمعة على قناة نسمة جدلا كبيرا
بين التونسيين حيث تناول مسألة الميثاق الجمهوري والاختلاف
بين أعضاء الهيئة العليا لحماية الثورة فيما يخص موضوع الهوية والتطبيع.
وقد حضر هذا البرنامج مجموعة من السياسيين من مختلف التوجهات الفكرية.
وقد انقسم التونسيون في تعليقهم على ما جاء في هذا البرنامج بين معارض للمحتوى لأنه اعتداء على ثوابت الشعب التونسي وبين مؤيد لحرية التعبير حتى لو تناولت مواضيع حساسة.
المعارضون اعتبروا أن البرنامج تناول هذا الموضوع في محاولة للنيل من الهوية العربية والإسلامية للبلاد وخاصة التعدي على الانسجام المجتمعي الذي يعيشه التونسيون منذ قرون بطرح المسألة العرقية وإعطاء انطباع مغلوط بأن هنالك صراع اثني في تونس بين عرب وبربر وهو ما يعتبرونه إعادة للطرح الاستعماري الفرنسي الذي حاول استغلال هذه الأطروحات لخلق صراع بين القبائل لإضعاف المقاومة الممثلة في الحركة الوطنية وأن إحياء هذا الموضوع يشكل خيانة للوطن لأنه جاء مباشرة بعد الصراع القبلي التي عاشته مدينة المتلوي.
كما أدان المعارضون ما سموه محاولات الصحافي سفيان بن حميدة تمرير فكرة التطبيع مع إسرائيل وكأنه جزء من الحريات العامة كما أدانوا تصرفاته في التهكم من بعض الرموز الإسلامية وبعض الفرائض الدينية وآعتبروها نوعا من الاستفزاز وإهانة غير مبررة لمقدسات التونسيين معتبرين أن للحرية حدودا وللشعب ثوابت لا تتعارض مع الديمقراطية.
وأكد المنتقدون أن عديد من الدول الديمقراطية الغربية لها ثوابت لا يمكن الحديث فيها فالقانون الفرنسي يجرم كل من يشكك في المحرقة اليهودية بحجة معاداة السامية وأن منطق الحرية المطلقة يفرض اعتبار الرسوم المسيئة للرسول الكريم نوع من حرية التعبير.
الإدانة طالت مقدمة البرنامج السيدة ريم السعيدي التي ابتعدت عن الموضوعية في إدارتها للحوار بنشر التعصب العرقي مثل تعمدها قول " انا بربرية أبا عن جد موش باش ننكر في أصلي".
كما اتهم المنتقدون قناة نسمة ووصفوها بأن لها أجندات خارجية وتمويلات من شركات لها علاقة بالصهيونية وأنها تتناول مواضيع بعيدة كل البعد عن المشاكل الحقيقية للمواطن التونسي والتي قامت من أجلها الثورة وأن القناة تحاول تمرير بعض الأفكار وتضليل الرأي العام.
أما المؤيدون فقد اعتبروا أن ما جاء في البرنامج لا يتعارض مع الثوابت الوطنية وأنه جزء من حرية التعبير التي تتناول كل المواضيع المسكوت عنها كما نددوا بالتهويل الذي تقوم بها بعض التيارات والأحزاب لغايات سياسية انتخابية.
كما نددوا بعمليات التحريض ضد مقدمة البرنامج "ريم السعيدي" واعتبروا أنها تندرج في إطار العنف النفسي وأنها لا تتلاءم مع ما يؤمن به التونسيون بعد الثورة وأكدوا أن مقدمة البرنامج أعطت الفرصة كاملة للمخالفين لطرح أفكارهم والدفاع عما يؤمنون به دون تعسف.
وندد المؤيدون بما سموها بالدغمائية والخطاب الإيديولوجي المبطن وحملات التشويه التي تتعرض لها قناة نسمة الفضائية وأكدوا أن ذلك يندرج في إطار نظرية المؤامرة و حملات التخويف غير المبررة وأعلنوا مساندتهم للقناة ومقدمتها.
هذا الصراع بين المعارضين والمؤيدين للبرنامج انعكس على صفحات الفايسبوك فقد ظهرت صفحات مؤيدة ومعارضة للبرنامج ومقدمته إذ نجد صفحات مثل "حملة مليون توقيع لإغلاق قناة نسمة الصهيونية" وصفحة "كلنا مع ريم السعيدي" وصفحة"عملنا ثورة باش إنحيو الزين مش باش إنحيو الدين" وبقيت الصفحة الرسمية لقناة نسمة مغلقة لساعات طويلة بعد التهجم عليها ومحاولة قرصنتها.
كريــم