الواقع الليبي ونداء الضمير الإنساني

هبة بريس : 24 - 04 - 2011

إن ما يقع اليوم في ليبيا لا هو بثورة ولا هو بمحاربة الظلم والاستبداد ولا هو يخدم المصلحة الليبية ولا المصلحة العربية ولا المصلحة الإفريقية ولا مصلحة بلدان المغرب العربي ولا القضية الإسلامية ولا القضية الإنسانية ولا هو يخدم مسألة حقوق الإنسان ولا هو يخدم مسألة السلم والسلام العالميين.
إن ما يقع اليوم في ليبيا هو سابقة تاريخية خطيرة، وسيؤدي ثمنها الشعب المغاربي والشعب الإفريقي بل كل شعوب العالم، ويشكل أكبر وصمة عار في التاريخ الإنساني.
إن الحركات الحقوقية الإقليمية والدولية التي اختارت الركون إلى مواقع الصمت أو الانصياع إلى لعبة وخدع – عن قصد أو غير قصد- قوى المافيا الدولية التي تبيح كل شيء من أجل مصالحها وتحرق اليابس والأخضر من أجل فرض هيمنتها على مقدرات الشعوب وتجويعها وإذلالها وسفك دمائها وتحطيم أدميتها وحرمانها من حقوقها الطبيعية، مطالبة بمراجعة مواقفها – أي هذه الحركات – وأن تخرج من دائرة الصمت والجمود إلى دائرة الفعل والعمل الجاد والمسئول لوقف فصول المؤامرة الخبيثة التي تسعى من خلالها قوى الشر العالمية إلى تمزيق ليبيا وتقطيع أوصال أبنائها.
إن ما يقع اليوم في ليبيا لا يمكن له في أي حال من الأحوال أن يكون عملا شرعيا أو قانونيا ومشروعا، بل هو اعتداء سافر وخطير على الشرعية الدولية وتمردا فظيعا على المواثيق والقوانين الدولية، واعتداء على الأسرة البشرية والإنسانية واعتداء على الديانات السماوية وارتداد على منظومة حقوق الإنسان الكونية واعتداء سافر وحقير على السيادة الليبية.
إنه العار بعينه، إنه الخزي بعينه، إنها الخيانة بعينها.
إن ما يقع اليوم في ليبيا لا يمكن له في أي حال من الأحوال أن يخرج عن بند محاولة استعمار هذا البلد العربي الآمن، ومحاولة إبادة شعبه وتقطيع أوصال أبنائه وسرقة ثروته تحت مسميات لم تعد تنطلي على أحد، ولا تمت بصلة لا إلى الواقع ولا إلى الشرعية الدولية، وتحت مبررات لا وجود لها إلا في مخيلة قوى الشر العالمية.
إنها مؤامرة من أخطر المؤامرات التي عرفها تاريخ البشرية ومن أنكسها وأفظعها على الإطلاق.
أين هم أحفاد صلاح الدين الأيوبي، وأين هم أحفاد قطز وأحفاد الظاهر بيبرز، وأين هم أحفاد الأمير مولاي عبد القادر وأحفاد عمر المختار وأين هم أحرار العالم والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأين هم حماة القانون ومناصريه وأين هم الإنسانيون والضمائر الإنسانية الحية.
إنني أكتب هذا النداء وقلبي يعتصر ألما شديدا ودما صلبا، ليس بسبب التدخل العسكري الامبريالي الصهيوني في ليبيا، ولكن بسبب انخراط بعض الدول العربية والإسلامية كأدوات في تنفيذ فصول هذه المؤامرة الوسخة على ليبيا، وصمت الحركات الحقوقية العربية والإقليمية وانخراط معظم وسائل الإعلام العربي في تزيين الوجه البشع لهذه المؤامرة السفاحة.
أما الدول الامبريالية الغربية معروفة بعقيدتها العدوانية والاستعمارية والبربرية ومعروفة بإتقانها لفن الخداع والتضليل ولفنون الكذب والافتراء على شعوبها، ولا يمكننا أن ننتظر منها أكثر مما تفعله في أفغانستان والعراق والسودان وما تفعله اليوم في ليبيا وغيرها من البلدان الأخرى.
حكومة دويلة قطر تقترف مجزرة خطيرة بليبيا ترقى إلى مستوى التصنيف ضمن بند جريمة الإبادة الجماعية في حق الشعب الليبي من خلال إنفاقها لملايير الدولارات لفائدة العصابات المسلحة والمتمردين شرق ليبيا ومن خلال تغطيتها لنفقات الصواريخ التي يمطرها حلف النيتو على أبناء الشعب الليبي، ومن خلال استعمالها لقناة الجزيرة في شن حرب نفسية ومعنوية على الشعب الليبي بكل الوسائل الممكنة، الكذب والافتراء، التزوير، الخدع السينمائية، كل شيء مباح لهذه القناة.
دويلة قطر التي سحبت الجنسية من 6000 قطري وجردتهم من كل ممتلكاتهم وحقوقهم لا يمكن لها على الإطلاق أن تقوم بعمل يخدم المسألة الليبية والمسألة الإنسانية، وسيكون واهم من يتوسل الخلاص من حكومة هذه الدويلة التي اختارت القيام بدور أكل الشوك والثوم نيابة عن الحركة الصهيونية العالمية ونيابة عن مافيا السلاح العالمية.
إن مسؤولية حماية أمن واستقرار ليبيا وحماية شعبها من الإبادة الجماعية التي يتعرض لها من قبل حلف النيتو بمشاركة قطر وغيرها، تقع بالدرجة الأولى على عاتق بلدان المغرب العربي لأن ليبيا جزء لا يتجزأ من هذا الوطن المغاربي، وأن أي تدخل في الشأن الليبي من أي جهة مهما كانت،هو استفزاز صارخ لبلدان هذا الوطن المغاربي وتطاولا على سيادته واعتداء عليه.
إن حكومة المغرب وحكومة الجزائر وتونس وموريتانيا مدعوة إلى التدخل بشكل قوي وحاسم في حقن الدماء الليبية ومنع دويلة قطر والإمارات من الاستمرار في وقاحتهما لأن التاريخ لن ولن يرحم هذه الحكومات المغاربية إذا لم تتدخل بشكل عاجل وحاسم في تسوية الأزمة الليبية.
وإذا فضلت هذه الحكومات المغاربية الاستسلام للأمر الواقع وتركت أمثال دويلة قطر تتمادى في عدوانها على شعب ليبيا، فإن سم هذه الدويلة سيطال بلداننا عاجلا أم آجلا. لذا ينبغي ردعها ووضع حد لأعمالها اللامشروعة.
وهذا أقل ما يمكن فعله لصالح ليبيا التي هي جزء لا يتجزأ من كيان الوطن المغاربي.
وفي الوقت ذاته فإن جميع دول إفريقيا من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق، مطالبة بالتحرك الفوري لإنقاذ ليبيا من عصابات قوى الشر العالمية التي اغتصبت كل القوانين والمواثيق الدولية لإبادة الإنسانية وخلق الفتن وتقسيم المجتمعات وإذلالها وسرقة مقدراتها وثرواتها.
إن الجماهيرية الليبية في أمس الحاجة إليكم اليوم أيها الإفريقيون الأحرار وأيها المغاربيون الأشاوس أصحاب النخوة والأنفة، لأن الغزاة الذين يعتدون اليوم على ليبيا وشعبها لن يترددوا في الاعتداء علينا وعلى بلداننا إذا لم يتم التصدي لهم اليوم بشجاعة تاريخية وحاسمة.
إن حلف النيتو لا يهمه لا الشعب الليبي ولا الذين أتوا به إلى ليبيا، ولا يهمه لا حماية المدنيين ولا من يحكم ليبيا ولا من سيحكمها فيما بعد، بل ما يهمه هو تقطيع أوصال هذا البلد العربي الآمن والتحكم في ثورته النفطية والغازية وتهجير أبنائه وتقتيلهم وجعله منبعا لتغذية مشروع الفوضى الخلاقة في إفريقيا ومنطلقا لتنفيذ فصول هذا المشروع الفوضوي داخل بلدان إفريقيا بصفة عامة وشمالها بصفة خاصة.
إن وسائل الإعلام الإفريقية والعربية بمختلف أشكالها وألوانها مطالبة بمراجعة أوراقها ومواقفها وبوقفة تأمل خصوصا المنابر التي تستند في تغطيتها على ما تنقله بعض الفضائيات المغرضة وكذلك المنابر التي لها حساسية من النظام الليبي لسبب أو آخر.
إن الصحافة المغاربية مطالبة بمراجعة ذاتها أكثر من أي وقت مضى لأن بعض المنابر الإعلامية تلعب – عن قصد أو غير قصد – دورا خطيرا في التضليل وتزيين الوجه البشع لجرائم الإبادة التي يقترفها حلف النيتو ضد الشعب الليبي الشقيق ، وإضفاء طابع المشروعية عليها تحت ذريعة حماية المدنيين، والنتيجة هي أن الرأي العام يتم تغليطه وتضليله من طرف هذه المنابر الإعلامية المنخرطة في هذه المهمة القدرة.
إن الدور الخبيث الذي يلعبه شهود الزور في تضليل الرأي العام وإخفاء الحقيقة وتشويه معالمها، لهو أخطر بكثير من القصف العسكري الصليبي الذي يخوضه حلف النيتو على شعب ليبيا بشكل فاق حدود الوساخة والقذارة، لأن المفروض في الصحافة أن تبحث عن الحقيقة وتعميمها على القراء لا أن تتستر عليها وتزيفها وتنتصر للباطل على حساب الحقيقة، وان تقف على نفس المسافة بين أطراف الصراع.
إن الصحافي الذي يضلل الرأي العام ويزيف الحقيقة، فقط لأن له حساسية معينة من النظام الليبي، ليس صحافيا ولن يكون صحافيا، والصحافي الذي يبث سموما وأخبارا زائفة ومضللة انطلاقا من مقر جريدته وهو يبعد آلاف الكيلومترات من موقع الأحداث، ليس صحافيا ولن يكون صحافيا، لأن عمله لا علاقة له بضوابط وأخلاقية الصحافة والمهنية الصحافية، وبالتالي يجب عدم تصديقها.
الشباب المغاربي والإفريقي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التحرك من أجل حماية ليبيا من الهجمة الصهيونية التي تستهدفها في شعبها وأرضها وثرواتها وقيادتها التاريخية.
وفي ختام هذا النداء الموجه للضمير الإنساني الحي، أدعو مراسلي قناة الجزيرة وقناة العربية إلى تقديم استقالتهم فورا من هذين البوقين، لأنكم أيها المراسلون يتم استعمالكم في مؤامرة خبيثة جدا لضرب إخوانكم في ليبيا وتمزيق أوصالهم وسرقة ثرواتهم وتقسيم بلدهم.
والتاريخ لن يرحم أحد.
اللهم فاشهد أنني قد بلغت

محمد القاضي / المغرب
ناشط حقوقي وإعلامي

» الدستور الليبي الجديد ينص على نظام فدرالي ورئيس لأربع سنوات
» سوريا حفظت الدرس الليبي جيدا
» الجيش الليبي يتواجد في الخفاء في كل مكان بليبيا
» مصادر من المعارضة الليبية: قطر وافقت على تسويق النفط الليبي
» أردوغان يعلن إدارة تركيا مطار بنغازي الليبي