hayfa
عدد المساهمات : 1563 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: سيدي المنصف... الباي الجمهوري الثلاثاء 2 مارس 2010 - 13:09 | |
| اعتلى محمد الأمين باي العرش الحسيني في ظرف حرج، اذ آلت اليه الخلافة على إثر خلع محمد المنصف باي، من قبل الادارة الاستعمارية الفرنسية لمواقفه الوطنية المخلصة ومساندته الحركة الوطنية حتى انه لقب بــ«الباي الجمهوري» لانحيازه الى النضالات الوطنية من أجل الاستقلال والسيادة. وفي شهادتها، تنفي زكية باي أن يكون والدها محمد الأمين باي تخاذل أو تخلى عن واجب مساندة الحركة الوطنية، وهي تقول: أتذكّر جيدا ذلك اليوم الذي وضع فيه أبي على رأسه تاج الحكم كان ذلك سنة 1943، وكان عمري ثمانية عشر عاما، بكى ابي عندما وضع التاج لفرط ماحزّ في نفسه ما وقع للمنصف باي (تم عزل المنصف باي يوم 14 ماي 1943 وذلك عند دخول الحلفاء تونس وطردهم للجيوش الالمانية تم ابعاده في البداية الى الاغواط ثم الى مدينة «بو» الفرنسية)، كان على علاقة متينة به اذ كان باي امحاله وولي عهده.
وصية المنصف الباي ولئن خلعت فرنسا سيدي المنصف باي فإن وصول ابي الى العرش كان شرعيا ولا يمكن القول بان فرنسا هي التي نصبته على الكرسي، كيف للأمين باي الا يقبل الكرسي ويترك التونسيين بدون ملك؟ مهما كانت الظروف التي تولى فيها ابي الحكم، فانه لم يكن له خيار آخر سوى ما فعل، قبيل الخلع اوصاه سيدي المنصف بأن يواصل الطريق وان يقف الى جانب التونسيين وهو ما فعله ابي وما قام به تجاه الوطنيين الدستوريين وتجاه الوطن دليل على ذلك اعتلى أبي العرش وعمره ثمانية وخمسون عاما، لا أتذكر أني فرحت يومها، لم تكن ظروف توليه تسمح بذلك، كنا واعين بما سنفقده من حرّية بداية من ذلك اليوم اصبح القصر محاطا بالحرس واصبحت الحياة داخله تخضع لبروتوكولات لم نعهدها من قبل. في بداية الأمر تحولنا الى قصر حمام الانف (كانت من اماكن الاقامة الرسمية للبايات)، لكننا لم نبق فيه طويلا ورجعنا الى قصر قرطاج- بيت والدي قبل مرور سنة على توليه العرش، لم يخرج ابي من ذلك القصر الا بعد الخلع ونهاية الملكية وقيام الجمهورية. عاشت العائلة الحسينية خلع المنصف باي ونفيه كمأساة واهانة كبرى لم يكن أبي يقدر على مواجهتها الا باعتلاء الكرسي والمحافظة على العرش الحسيني العريق الضامن الشرعي لحرمة الوطن والتونسيين.
موقف حرج حال توليه الحكم حاول الأمين باي الاتصال بالمقيم العام الفرنسي واقناعه بالتدخل لدى السلط الفرنسية العليا للافراج عن المنصف باي، وقد كان ابي يرسل الأموال وكل ما يحتاجه سيدي المنصف بصفة منتظمة. وطبيعي جدا ان يحز في نفس عائلة سيدي المنصف باي ما وقع لابيهم، وربما نظروا للأمين باي نظرة معينة، لكنه طمأنهم ووعدهم بانه سيحافظ على كل امتيازاتهم وانه سيعمل ما في وسعه لمساعدة المنصف باي وحاول تقريبهم منه لتجاوز الضغائن وابقاء البيت الحسيني على وحدته، مع الأسف مات سيدي المنصف قبل ان يتمكـّن ابي من مساعدته (توفي المنصف باي في منفاه بمدينة «بو» الفرنسية يوم 1 سبتبمر 1948).
المحافظة على العرش الحسيني واصل ابي سياسة المنصف باي ولم يحد عنها وان اختلفت الطرق، هدفه الرئيسي كان المحافظة على العرش الحسيني والخروج بالبلاد والتونسيين من الاستعمار والهيمنة الفرنسية. كان الأمين باي طيبا، متسامحا، حنونا حتى في علاقاته مع الدستوريين، يتحدث معهم بابوّة وتفهم وربما اختلف طبعه هذا مع طبع المنصف باي الذي عرف بقوة شخصيته وحدة تعامله مع الغير، تسامحه هذا وطيبة اخلاقه لم يجعلاه ابدا، مثلما يقول او يتصور البعض، اداة طيعة في ايدي الفرنسيين.
الأمين باي والحركة الوطنية لم يتردد الامين باي عن الدفاع عن أبنائه التونسيين وكان دوما مساندا - حسب طريقته وحسب موازين القوى، للمقترحات الوطنية ولتحركات الشعب وقياداته.كان قريبا منهم حتى انه كان الباي الوحيد منذ انتصاب الحماية الذي خرج إلى داخل البلاد، في شهر أفريل 1950 قام اولا بزيارة الى القيروان ثم الى سوسة حيث استقبل استقبالا عظيما من قبل الشعب ودوره في تكوين الحكومة التونسية الثانية برئاسة محمد شنيق، هل يمكن غض الطرف عنه (تكونت هذه الحكومة في شهر اوت 1950)، وما قام به الأمين باي من اتصالات تفاوضية مع سلط الحماية الم يكن ذلك بالتشاور والتعاون مع قيادة الحركة الوطنية؟ متى وكيف خان ابي الحركة الوطنية وتخلى عن التونسيين؟
الصباح محمد علي الحباشي | |
|