لعل أكثر مطلب ينادي به غالبية التونسيين إبان ثورة 14
جانفي سيما عائلات الشهداء هو مقاضاة القناصة ومحاكمتهم وظلت الاسئلة التي
تخامر الذهن دون إجابة شافية من ذلك: لماذا تلوذ الهياكل المعنية بالصمت
في ما يتعلق بمسألة القناصة؟ ولماذا لم تعرف إلى الآن هوياتهم وتحدد
انتماءاتهم ؟ ولماذا كل هذا التعتيم الإعلامي بشأنهم؟ في ظل تأكيد البعض انه
وقع القبض على البعض منهم في الجهات وتمت إحالتهم على المحاكم مما جعل
عائلات الشهداء تعيش غليان مفاده لماذا تتغافل الحكومة والجهاز العدلي عن محاسبتهم؟
ورغم أنه تم في ولاية القصرين خلال يوم 16 جانفي الماضي إلقاء القبض من طرف
الجيش الوطني على مجموعة من الأشخاص بزي مدني ضبطت بحوزتهم أسلحة وفقا لما
أكده شهود عيان من منطقة حي الزهور بولاية القصرين فانه إلى حد الآن لم
يعلن عن هوية هؤلاء والى ماذا أفضى التحقيق بشأنهم سيما ان شهود عيان اكدوا
أن الجيش الوطني اخبر المواطنين أنهم ينتمون إلى فرقة القنص التي أتت إلى
القصرين خلال أيام الثامن والتاسع والعاشر من
جانفي. وهي التي قامت بعمليات القنص تلك، مع العلم أن عمليات القتل تلك
وردت في مقاطع فيديو تم تداولها بشكل مكثف على شبكة الموقع الاجتماعي "الفايسبوك".
وتبقى الأسئلة المطروحة في هذا الشأن كثيرة :أين الأشخاص اللذين تم القبض عليهم في تلك الفترة؟ لماذا
كل هذا التعتيم الإعلامي بشأنهم؟ والأهم لماذا لا يحاسبون سيما أن جرائم
القتل التي ارتكبت كانت في ظل نظام لا يزال قائم الذات وفي ظل وجود وزارة
داخلية لا تزال بدورها قائمة الذات ومن الأكيد هنالك وثائق تحدد المهام
والفرق الموكل لها تنفيذ الأوامر.
ولأنه من غير المسموح التغافل عن هذا الموضوع وتركه يمر مرور الكرام دون أن تقع محاكمة مرتكبو هذه الجرائم فقد اتصلت الصباح بوزارتي الداخلية والعدل للتوصل إلى إجابة عن كل الأسئلة السالفة الذكر. وقد أكدت الأولى أنها لا تعلم شيئا عن هؤلاء فيما
صرح مصدر من وزارة العدل انه في ما يتعلق بقضية القناصة فان هنالك عدة
قضايا منشورة في عدة محاكم بمختلف جهات الجمهورية لدى قضاة التحقيق في ما
يتعلق بهذا الموضوع وأن الأبحاث ما تزال جارية وهي التي ستثبت انتماء من
قاموا بقتل المواطنين المتظاهرين أيام الثورة وسوف ينالون جزاء ما ارتكبوه
مشيرا إلى انه لم يتمكن حتى الآن من إلقاء القبض عليهم وأن الأبحاث لا تزال سارية.
هذه الإجابة جعلت السيدة خديجة مدني (محامية لدى محكمة التعقيب) تؤكد بأنه من الضروري اليوم القطع مع مسألة التعتيم في هذه المسالة نظرا لأهميتها كونها
تمثل مطلبا شعبيا لا تراجع فيه. ولئن يمنع القانون نشر تفاصيل التحقيق
فانه من الواجب في هذه المسألة طمأنة الناس سيما أهالي الشهداء. وأضافت انه
لا يكفي إقالة رموز الفساد أمثال احمد فريعة والسرياطي إذ لا بد للهياكل
المعنية أن تتحرك بالنجاعة المطلوبة لكشف هوية هؤلاء. وردا عن سؤال يتعلق
بالعقوبة اللازمة التي يستحقها القناصة خاصة أن البعض طالب بإعدامهم أوردت
المحامية أن عقوبة القتل العمد تصل حد الإعدام. وأشارت إلى أن التواجد فوق
سطوح المنازل وإطلاق النار هو اكبر نموذج للقتل العمد لذا من الضروري أن
تسلط عليهم أقصى العقوبات.
منال حرزي