ترى صحيفة "ناشا فيرسيا" في مقال نشرته يوم 12 مارس/آذار أن الولايات
المتحدة بتصرفاتها على الساحة الدولية هيأت كل الظروف اللازمة لاندلاع
الاضطرابات. لكن النتائج التي أسفرت عنها تلك الاضطرابات جاءت على غير
ماتوقعه الأمريكيون. ولقد كانت البداية عندما باشرت واشنطن بطباعة الأوراق
النقدية، غير المدعومة بالذهب، بدون رقيب ولا حسيب. وبدأ مصدروا النفط
يجنون أرباحا طائلة ويودعونها بالدولار في البنوك الأمريكية. ثم جاء الجفاف
وما أسفر عنه من نقص ملموس في محاصيل الحبوب والكاكاو والأرز، ليفتح أمام
البنوك فرصا إضافية للاستغلال. خاصة وأن الغذاء حاجة لا يستطيع أحد
الاستغناء عنها. ففي المتوسط على المستوى العالمي، تضاعفت أسعار المنتجات
الزراعية منذ منتصف العام الماضي. لكن ارتفاع الأسعار بالنسبة للأمريكيين
لم يكن حرجا، على عكس الدول الفقيرة التي تجاوز ارتفاع أسعار المواد
الغذائية فيها 50 %. ولقد مثـّل هذا الأمر ضربةً قاسية لشرائحَ واسعةٍ من
المجتمع في البلدان الفقيرة. حيث أدى إلى انخفاض المستوى المعيشي لأربعة
وأربعين مليون شخص، إلى ما دون خط الفقر خلال الستة أشهر المنصرمة. وأصبح
نحو مليار و200 مليون نسمة لا يجدون المال الكافي للحصول على الغذاء
الضروري.
تقول الصحيفة إنه من البديهي أن الأمريكي المتخم لا يفهم
الإفريقي الجائع. والأنكى من ذلك هو أن الـ"تفهم" لا يدخل أصلا في خطط
الولايات المتحدة. ومن اللافت أن أسعار المواد الغذائية، عندما تُركت عرضة
للاستغلال والمضاربة، بقيت أسعار النفط تحت السيطرة ضمن حدود المعقول. لهذا
عانت من مشكلة الغذاء، دول ذات اقتصادات نفطية كمصر وليبيا. وانطلاقا من
هذا المنظور راقب العالم اضطرابات تونس بهدوء تام ودون أدنى اهتمام بمصير
البلاد. وللأسباب نفسها أصبحت ليبيا ومصر نموذجا لمواقف الدول العظمى غير
المتسقة وغير المتضامنة.
وتلفت الصحيفة إلى أن العالم، عندما تدور
المعارك لتحديد مصائر الشعوب، لا يتذكر الديْـن الحكومي الهائل للولايات
المتحدة، ولا الدولار غير المدعوم. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ عندما
لا يكون الرئيس الأمريكي على علم بأن بلاده أصبحت في المواجهة. وأن جل ما
يتبقى له هو استغلال نتائج جهود الآخرين.
وتنتقل الصحيفة إلى
الموقف الروسي، حيث توقع الرئيس دميتري مدفيديف، أثناء مناقشته قضية
الإرهاب في فلاديقوقاز، توقع أن السيناريو المتمثل في تفكك الدولة ووصول
المتطرفين إلى الحكم، كان قد أعد منذ زمن لروسيا من قبل جهات معينة. ومن
الواضح أن المتطرفين الإسلاميين لم يكونوا المقصودين في تصريحات الرئيس
تلك. وفي السياق ذاته، كان نائب رئيس الوزراء الروسي إيغور سيتشين، كان قد
أشار في مقابلة مع صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" إلى قوى خارجية غامضة.
وترى الصحيفة أن تلك الـ"قوى الغامضة" موجودة حقا، وأنها ليست غامضة تماما
لأن الكثيرين يعرفون أنها تنتمي إلى النظام الاقتصادي العالمي، وليس إلى
النظام السياسي العالمي