منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Empty
مُساهمةموضوع: آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات   آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Icon_minitimeالخميس 25 فبراير 2010 - 12:17

الصباح في 25-02-2010

نورد في هذه الحلقة شهادة تاريخية
لزكية باي، ابنة محمد الأمين باي، تروي فيها الظروف الأليمة التي قضى فيها
والدها آخر سنوات حياته.


وردت هذه الشهادة في كتاب «نساء وذاكرة» نشر «الكريديف» والمعهد
الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية سنة 1993.


لن أنسى ذلك اليوم الذي داهم فيه البوليس القصر وأخرج الأمين باي
عاري الرأس حافي القدمين، لا يحمل فوق جسده سوى جبّة ومعه البيّة جنينة أمّي
وأختي صوفية، ووراءه أبناؤه الثلاثة: الشاذلي، محمد وصلاح الدين وزوجي الدكتور بن سالم،
نقلتهم سيارات البوليس إلى منوبة حيث وضعوا مؤقتا تحت الإقامة الجبرية. كلّ
واحد على حدة، بينما بقيت أنا وأبنائي والبعض من أخواتي في القصر إلى أن
أخرجنا منه ورمينا في الشارع. أجل، أصبحت في الشارع، أنا وأبنائي الستة، لم
يبق لنا شيء، انتزعت منّا كلّ أملاكنا، كلّ ما نملك أخذ منّا.


أتذكّر يوم أتى الكوميسار بن شعبان إلى القصر لجمع المصوغ، رأى
خاتما في إصبعي، وهو خاتم زواجي، وساعة في يدي، صاح في وجهي قائلا: «انزعي
ذلك! من أين لك ذلك؟!


نزعتهما بكلّ حسرة ومرارة وأنا أنظر إليه وهو يضعهما في جيبه،
وعلمت فيما بعد أنّه سّجن لأنّه لم يحاسب السلط على ما أخذه منّا من
مجوهرات.


التّشريد والإهانة

هذا هو نصيبنا بعد كلّ ما قدّمناه للحركة الوطنية وللبلاد، تكفّل
البعض من أصحاب زوجي بتسويغ بيت أسكن فيه مع أولادي الصغار الذين حُرموا من
أبيهم الذي وقع نقله إلى القيروان وسُجن بالهوارب تحت نظر عمر شاشية، لم
يقبل عقلي إلى اليوم كلّ ذلك التّشنيع الذي تعرّضنا له(...).


حتّى أختي عائشة التي كانت لها علاقات وطيدة مع بورقيبة لم
تسلم(...)، هي الأخرى حرمها من منزلها وتناسى مساعدتها الشخصية له بالذات.


طبيعي جدّا، والظروف على تلك الحال، أن يفرّ الجميع من حولنا،
وينظروا إلينا بـ«عين الشماتة»، إذ من يتجرّأ على معارضة بورقيبة؟


المنجي سليم

الوحيد الذي لا أنكر له موقفه الشهم هو المنجي سليم، كان يأتي
لزيارة والدي الذي كان في إقامته الجبرية في شقة في حي «لافيات» وهو متنكّر
في «سفساري»، أجل، تجرّأ على فعل ذلك وأتذكّره وهو بجانب والدي يبكي لما
حصل لنا، لا أحد تشجّع لمساعدتنا حتّى أنّي اضطررت إلى أن أطلب مقابلة
بورقيبة وأتحدّث معه في خصوص وضعنا، أذكر أنّه أنكر أن يكون على علم بما
افتُكّ منّا من أملاك، هل يُعقل؟ من يتجرّأ على أن يقرّر شيئا مكانـه؟


على كل، فلقد منحني جراية شهرية قدرها 100 دينار، ووعدني بأن يفرج
عن زوجي من السجن، لم يكن أمامي من خيار آخر وفي عنقي ستّة أطفال، بذلت
الكثير لكي أنسيهم ما حصل، لكن الأزمة والمصيبة كانتا أقوى، وإلى الآن لم
يتمكّن البعض منهم من تجاوزها.


ماتت أختي فاطمة زوجة مصطفى بن عبد اللّه، ولم يعلم أبي، وحتى
أمّي، بموتها وذلك بقرار من بورقيبة، حتّى لا يتحرّج من عدم السّماح
لهمـــا بالخروج في جنازتهـا.


قضية المصوغ

لم تتحمّل أمّي إهانة الاستنطاق حول قضية المصوغ، فأصيبت بالبُكم،
ثم ما لبثت أن توفّيت، تأثّر أبي كثيرا لموتها، وصورته مازالت إلى اليوم
أمامي وهو يقول باكيا: «اليوم خُلع عنّي الملك»، كان يحبّهاكثيرا ولم
يفترقا أبدا، خرجت جنازتها ولم يمش وراءها سوى أعوان الأمن.


جنازة الأمين باي

لم يتحمّل أبي طويلا ذاك الفراغ بعد كلّ ما حصل له وهو مسنّ وحالته
الصحية متدهورة، مات بعد بضعة أشهر من موت أمّي، يوم موته أتذكّر رجلا أتى
إلى البيت وطلب منّي أن أنزع الخاتم الذي كان في اصبع أبي وقال لي إنّ
الرئيس يريده، أخذه وانصرف، اندهشت لذلك، وقلت في نفسي: هل بقي لنا شيء آخر
يُؤخذ؟!.


خرجت جنازة الأمين باي، ودُفن هو الآخر في صمت مريب.


أُسْكِتَتْ كل ّ الأفواه حتّى لا تنطق باسم الباي، وحتّى يُمحى من
الذاكرة، لكن التاريخ لا يرحم!(...).


محمد علي الحباشي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Empty
مُساهمةموضوع: زكية باي: حياتنا في القصر... ومع عامة الناس   آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Icon_minitimeالسبت 27 فبراير 2010 - 11:38

الصباح 27/02/2010

نواصل في هذه الحلقة استعراض شهادة زكية باي،
وهي تستحضر تفاصيل نشأتها كاحدى
بنات آخر البايات محمد الأمين الذي تصفه بأنه كان يعيش وأسرته عيشة أبعد ما
تكون عن «البذخ والترف» بل كان تقريبا مثل «عامة الناس». وتكمن قيمة شهادة
زكية باي، في أنها تصوّر لنا الحياة اليومية كما عاشتها في عصرها وبيئتها.

زواج من خارج عائلة البايات
تقول زكية باي: ولدت سنة 1927 بخير الدين ضاحية من ضواحي تونس
الشمالية، أنا البنت السادسة من البنات التسع والأولاد الثلاثة الذين
أنجبهم الأمين باي من جفينة بنت الحاج البشير، لم تكن أمّي تنتمي إلى عائلة
البايات ولا حتّى إلى العائلات المتميّزة والراقية. عائلتها بسيطة تقطن
ضاحية منّوبة. أبوها من أصل ليبي استقرّ بتونس وكوّن تجارة بمنّوبة. تعرّف
إلى جدّتي دوجة التركية الأصل وتزوّجها. كان أبي يجالسه في حانوته بمنّوبة
وتكوّنت صداقة بينهما فطلب منه أبي يد ابنته جنينة التي سبق له أن رآها
وأعجب بها.

لم يتردّد جدّي الحاج البشير عن تلبية طلب ابن البايات، وعقد
القران وأمّي لم تتجاوز سن الرابعة عشرة. أما أبي فكانت سنّه حوالي ثلاثين
سنة.

سنة كاملة قضتها أمّي في القصر قبل أن يتمّ الزواج، تدرّبت أثناءها
على حياة القصر، وكانت محاطة برعاية جدّتي «للّه فطومة» بنت محمد بن
اسماعيل وزير الطادق باي.

يمكن اعتبار زواج أبي من أمّي فريدا من نوعه داخل عائلة البايات.
لم يلتزم الأمين باي بتقاليد الزواج ببنات العائلات الأرستقراطية، وكان
الوحيد من البايات الذي تزوّج امرأة واحدة وتحاشى أن يحيط نفسه بمجموعة من
النساء، كما اعتاد من قبله البايات والملوك.


الاحتكاك «بعامة الناس
من خصال أبي، البساطة وحبّ الآخرين، وكان احتكاكه بعامة النّاس
ربّما أكثر من احتكاكه بأفراد عائلة البايات.

الأكيد أنّ الكلّ يتصوّر حياة البايات كلّها بذخ وترف. الواقع الذي
عشته بعيد كلّ البعد عن هذا التصور. ربّما أنّ بعض البايات السابقين عاشوا
عيشة راقية. لكن مهما كان الوضع فليس هناك أية مقارنة بين حياة البايات
سابقا، وحياة البورجوازية التونسية الآن. أفراد عائلة البايات الحسينيين
كثيرون وأملاكهم لا تتعدّى بعض المنازل والأراضي.


من البايات «الفقراء
لا أتحرّج إذا قلت إنّ أبي كان من البايات «الفقراء». في البداية
لم يكن يملك حتّى منزلا. أنا ولدت في منزل متسوّغ.

فيما بعد، اشترى أبي من «ألبار بسيّس» قصر قرطاج (في ظروف الحرب
باع العديد من اليهود أملاكهم بأثمان زهيدة. وهذا القصر هو بيت الحكمة
حاليا). فهذا القصر لم يكن ملك البايليك، بل كان ملكا شخصيا لوالدي.

قبل أن يصبح أبي بايا حاكما (باي الكرسي، وقد تولّى الأمين باي هذا
المنصب من 1943 إلى 1957) كان يتقاضى مثل بقية أفراد العائلة الحسينية
مرتّبا شهريا مقداره ثلاثون ألف فرنك، هذا المرتّب يختلف من فرد إلى آخر
حسب السّن والمرتبة، ولم يكن دخل أبي ليكفيه لنعيش عيشة البذخ، والحال أنّ
العائلة كبيرة والحاجيات أكبر.

أتذكّر جيّدا حياتنا في قصر قرطاج قبل أن يصبح أبي بايا للكرسي أو حتى بايا
للأمحال (باي الأمحال هو وليّ العهد).

لا أنكر أنّ البيت الذي سكنّاه كان قصرا بديعا، لكنّه لا يبعد
كثيرا عن دياروقصور العائلات الأرستقراطية مثل دار الأصرم، دار الجلولي
وغيرهما.

لم يكن لنا خدم كثير، خادمتان اثنتان لا غير، فاطمة وعزيزة. أتذكّر
أنّه جيء بهنّ من دار جواد (عبارة عن سجن كان خصّّصه المشرّع لتأديب
النساء اللاتي يخرجن عن طاعة الأزواج!). لم تغادرننا إلا عندما تزوجّتا،
وتمّ زواجهما على يدي أبي، عزيزة مثلا تزوّجت المؤدّب الذي تولّى تدريسنا
العربية وأصول الدين. علاقتنا كانت طيبة، فكاتنا بمثابة اختين لنا.


لم نعش في برج عاجي
لا تتصوّروا أن ّ بنات البايات كنّ مترفّعات على الأشغال المنزلية
يعشن في برج عاجيّ. أبدا. لقد كانت أمّي حريصة على تعليمنا قواعد الحياة
المنزلية من طبخ وترتيب البيت وغيره. أتذكّر ما كنّا نقوم به في شهر رمضان.
كانت أمّي توزّع علينا المهام لإعداد العشاء والحلويات، وحتّى أبي كان
يدخل المطبخ ويشارك في إعداد بعض الأشياء. طبعا رمضان ليس شهرا عاديا،
ومساهمتنا في حياة البيت كانت شيئا عاديا. الأميرة ابنة الباي يجب أن
تتهيّأ لتكون سيّدة راقية أجل، وعليها أيضا أن تكون سيّدة ملمّة بكل
متطلّبات حياة البيت.




محمد علي الحباشي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Empty
مُساهمةموضوع: ...الوجه الآخر من حياة البايات   آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات Icon_minitimeالأحد 28 فبراير 2010 - 12:16

الصباح في 28/02/2010


القصر الذي
سكنّاه يشرف على البحر، فكان باردا في الشتاء ولم تكن لنا وسائل تدفئة سوى
«الكانون»، حالنا في ذلك كحال بقية الناس، كانت أمي كثيرا ما تشعله
بنفسها، فلا غرابة أن نساعدها في ذلك. لباس أمي عادي وبسيط مثل بقية نساء
عصرها (فوطة وبلوزة ومريول فضيلة وتماق في ساقيها).



كان أبي عطوفا حنونا قريبا منا، يتفقدنا ليلا في فراشنا، كان أقل
تشددا من أمي، «يدللنا» كثيرا ولا يبخل على تلبية طلباتنا. لا تتعجبوا اذا
قلت إن أبي حتى بعد تنصيبه بايا للأمحال (تم ذلك عندما تولى المنصف باي
الحكم في جوان 1942، وقد تواصلت فترة حكمه الى يوم 14 ماي 1943 تاريخ خلعه
عن العرش من قبل الفرنسيين بعد خروج قوات المحور من تونس) لم تكن له سيارة،
فكان يركب القطار ليذهب الى تونس لقضاء حاجياته أو حاجيات البيت.


لم يكن أبي ولا
نحن في قطيعة مع عامة الناس، حتى أني أتذكر جيدا أننا كنا نلعب مع أبناء
الجيران، كانت عائلاتهم بسيطة ولم يمنعنا ذلك من مخالطتهم وادخالهم القصر
للعب معنا أو لمشاركتنا الدروس التي كان يقدمها لنا سيدي المؤدب.



لقد عوّدنا أبي منذ الطفولة على الاحتكاك بعامة الناس والتعامل
معهم ولم أحس يوما بالترفّع والكبرياء، رغم اعتزازي بانتسابي الى عائلة
البايات العريقة.



كان أبي يوصينا دائما بالاحسان الى الجيران وبالخصوص منهم الفقراء،
وأتذكر أيام الحرب العالمية الثانية عند القصف كنا ندعوهم للاحتماء معنا
في السرداب الذي يوجد أسفل القصر.


زفاف إخوتي


كان أبي مغرما بالعائلة، يسر كلما تجمعنا كلنا حوله، لم يغادر
اخوتي الذكور: سيدي الشاذلي، سيدي محمد وصلاح الدين، القصر بعد زواجهم. لقد
تزوج الأول بابنة زكرياء وهي «لله جودة»، الثاني تزوج بابنة «لله قمر»
زوجة الناصر باي. أما صلاح الدين فتزوج بحسيبة ابنة المحرزي. لقد خصص لكل
واحد منهم جناحا في القصر. أختي «لله عائشة» وأختي خديجة سكنتا في القصر
بعد زواجهما، أنا أيضا في فترة من زواجي سكنت مع عائلتي في القصر. أتذكر
اليوم الذي زف فيه اخوتي الثلاثة، عائشة وخديجة وصلاح الدين، كانت حفلة
كبيرة، عقد القران في الجامع، وتم حفل الزفاف في القصر، لبس اخوتي الكسوة
من «جبة وكبوس» وأيضا «الفوال»، وأحضرت الحلويات في القصر منذ أيام عديدة
قبل موعد الزفاف وشارك في الحفل العديد من الفنانين والفنانات وحضره جمع من
الشخصيات وأفراد العائلة.


تكوين عصري


تلقيت مع اخوتي تكوينا عصريا عند راهبات قرطاج، كنت أقضي كامل
اليوم مع «لله فاطمة» وزنيخة في المدرسة الخصوصية، ندرس الفرنسية والحساب
والفنون والرياضة. العديد من بنات العائلات الارستقراطية كن يترددن على تلك
المدرسة. لم أكن شغوفة بالدراسة وكانت ميولاتي متجهة أكثر نحو الفنون، أحب
الرسم وبالخصوص الموسيقى.



لم أتجاوز في الدراسة مستوى السادسة ابتدائي، ولما كنت مولعة كثيرا
بالموسيقى لم يتردد أبي عن تشجيعي، تعلمت أولا العزف على البيانو ثم العزف
على العود، وانتدب أبي لي الأستاذ علي السريتي ثم السيد شطا، ولما كان أبي
على علم بولعي بالفن، فقد كان يستقدم للقصر وجوها من الفنانين وأذكر أن
فضيلة ختمي الممثلة والمطربة كانت كثيرا ما تتردد علينا.


عبد الرزاق كرباكة


الأستاذ عبد الرزاق كرباكة كان هو الآخر كثير الزيارة للقصر، فكنت
أتدرب معه على العود والغناء. أتذكر جيدا ذلك اليوم الذي زارنا فيه سي عبد
الرزاق كرباكة وكان برأسه صداع، فطلب مني أن أناوله دواء و«محرْمة»، وعندما
ناولتها إياه بوغتّ عندما غنى لي:


«لاغيتْ بيكْ
الڤلب يا محرْمتها


يومْ اللي صفاتْ
من ريحتكْ ريحتْها


يا للاّتي
مْحرمْتِكْ سلبتْ سرْ حْياتي


روحْ الشّفا
حسّيتْ فيها مْواتي


كِبْدي تْحرقتْ
بالشفا كْبيدتْها».



سررت كثيرا بهذه الأبيات، طربت لها وغنيتها وعزفت أنغامها على
العود وسي كرباكة يغنيها معي. كم كان معجبا بي! كان يناديني يا «بيّه يا
فنانة».



لم يكن أبي ميّالا لإقامة الحفلات في القصر، سواء قبل تسلّمه الحكم
أو بعده، الحفلات الوحيدة التي أقيمت في القصر حفلات زفاف، لكن ذلك لم
يمنعنا من بعض اللقاءات والسهرات الضيقة التي كانت مناسبة لي أتمرس فيها
على الموسيقى. أحفظ الكثير من الأغاني وأعزف العديد من الألحان. أنا مغرمة
بأم كلثوم وعبد الوهاب والمالوف. أبي يتذوق الفن وله احساس رقيق، وكان
مغرما بي، لكنه لم يكن ليقبل أن أغني في جمع واسع. بعد زواجي واصلت تعاطي
الموسيقى وكنت أقيم بعض اللقاءات والسهرات مع الأصدقاء وبعض الفنانين، لكن
نشاطي النضالي ثم المحن التي مررت بها لم تترك لي المجال لصقل موهبتي أكثر،
رغم ذلك فأنا الى الآن مازلت مغرمة بالموسيقى ومازال عودي يرافقني
ويسليني.



البيئة التي عشت فيها عصرية ومحافظة في نفس الوقت. أمي كانت أكثر
تشددا من أبي، وكانت تراقبنا بشدة. لم نكن نخرج من البيت بسهولة. في الصيف
كنا نذهب يوميا الى الشاطئ وكنا نلبس «المايو» مثل البنات الإيطاليات أو
الفرنسيات، لكن كان لنا مكان مخصص وكنا أيضا مراقبات.



كنا حقيقة مواكبين العصر، نتابع «الموضة»، وحتى السينما فقد
واكبناها عن كثب، وإن كان ذلك داخل القصر. لم نكن نتردد على قاعات السينما،
بل كنا نشاهد الأشرطة السينمائية في القصر كل يوم خميس. أتذكر جيدا ذلك
الايطالي الذي كان يأتي الى القصر بآلاته لعرض الأشرطة، وكانت مناسبة تتجمع
فيها العائلة للتسلية والتثقيف. لم نلبس السفساري أبدا، لكن لم نكن نخرج
بسهولة أو نقيم العلاقات والصداقات كما نشاء. تربيتنا كانت طبعا تخضع الى
قيم مجتمعنا وإن كانت عصرية في بعض جوانبها».


يتبـع

محمد علي الحباشي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آخر البايات في شقة متواضعة بلافيات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قفصة :: منتدى الوثائق :: منتدى الوثائق المكتوبة-
انتقل الى: