كريم
عدد المساهمات : 293 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 37
| موضوع: "البيان"الاماراتية: الريادة التونسية الجمعة 11 مارس 2011 - 11:52 | |
| فوجئ بعض العرب ودهش بعضهم الآخر بانطلاقة الانتفاضة التونسية، لأنهم لم يعهدوا تونس في العقود الأخيرة تنادي بالثورية ولا بالانتفاضة ولا بالشعارات اليسارية، ولا حتى بشعارات التحرر الوطني، وهي الشعارات التي كانت سائدة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، رغم أن معظم البلدان العربية في المشرق والمغرب عاشت عدة عقود في ذاك المناخ «الثوري» و«التحرري»، وتأسست فيها جميعاً حركات تحرر وطني، وأحزاب قومية واشتراكية استطاع بعضها تولي السلطة، وتغنى بعضها الآخر بشعارات الثورة والتقدمية والاشتراكية، وصولاً إلى شعارات حرب التحرير الشعبية.
أما تونس فبقيت بعيدة عن هذا المناخ، وكل ما أصابها من عدوى هو أن الحزب الدستوري الذي يحكمها أضاف كلمة «الاشتراكي» إلى اسمه، إلا أنه بقي حزباً ليبرالياً (نسبياً) ومعتدلاً. فلم يزعم أنه ثوري، بل كان يؤكد دائماً أنه «ديمقراطي»، أقرب إلى الديمقراطية الأوروبية منه إلى «الديمقراطيات العربية الثورية الاشتراكية».
من يعود لتاريخ تونس، يكتشف أنها كانت رائدة منذ بدء العصور الحديثة، فقد منع الباي المصلح أحمد بن مصطفى الرق في تونس عام 1846، وأنشأ المدرسة الحربية (في بارد في تونس) في الفترة نفسها، وحدّث الإدارة والجيش، وأقرت تونس أول دستور حديث قي تاريخ العرب عام (1867) بفضل خير الدين التونسي (1810ـ1890).
أما في التاريخ المعاصر، فقد كانت تونس، البلد العربي الأول، وربما كان الوحيد حتى الآن، الذي أصدر قانوناً للأحوال الشخصية عام 1964، أعطى المرأة التونسية معظم حقوقها، وهي الآن تتمتع بهذه الحقوق، بما لا مثيل له في أي بلد عربي آخر
ولذلك ليس غريباً ولا مفاجئاً أن تنطلق شرارة التحول العربي المعاصر الكبير من تونس، بل كان أمراً بديهياً، رغم أن الثقافة العربية المعاصرة (والمثقفين العرب) يتجاهلون دور تونس النهضوي والرائد، وربما لا يعرفون تاريخها ونزوعها التحديثي المبكر، مما جعلهم يصابون بالدهشة، لما جرى في تونس، حتى كادوا أن لا يصدقوا ما رأته أعينهم، وما سمعته آذانهم، وكثيراً ما سمعتُ البعض يقول «سبحان الله الذي يضع سره في أضعف خلقه»! بينما الواقع يؤكد أن هذا الذي جرى ليس جديداً على تونس، بل هو من سياق تاريخها الحديث ومنسجم معه.
| |
|