تونس - 'القدس العربي' من سليم بوخذير: وصف شهود عيان وضع اللاجئين
الفارين من ليبيا إلى تونس باالمخيف بعد انتشار الأمراض بينهم، فيما ذكروا
أن 'سوقا انتشرت على الحدود لبيع مشاهد الثورة الليبية إلى الفضائيات'.
وقال الصحافي العائد إلى تونس العاصمة من الحدود التونسية الليبية فطين حفصية
لـ'القدس العربي' أمس الأحد إن 'أمراضا كثيرة انتشرت في صفوف اللاجئين
المقيمين في المخيمات'.
من جهتها حذرت وزيرة الصحة التونسية حبيبة
الزاهي بن رمضان من 'خطر حدوث كارثة' في مخيمات اللاجئين نظرا للعدد
المتزايد لهم. وأقرت الوزيرة في تصريحات صحافية محلية بانتشار عدة أمراض
بين اللاجئين مثل الإسهال والنزلة ومرض القرنية المعدي.
وقال الصحافي
حفصية إن 'مرض الجرب انتشر بين اللاجئين في المخيمات والعدوى منه صارت تشكل
خطرا يتهدد البقية وكذلك من يقترب من المرضى.
وذكرت مصادر متطابقة في
تونس لـ'القدس العربي' أمس الأحد أن أعداد اللاجئين الذين وصلوا تونس منذ
اندلاع الثورة الليبية فاق 100 ألف أغلبهم مصريون، أما البقية فجنسياتهم
فيليبينية وبنغالية وصينية وفيتنامية وسودانية واريترية وصومالية وغيرها.
وقالت المصادر إن أكثر من 20 ألفا من اللاجئين المصريين تم إجلاؤهم إلى بلدهم في
الأيام الماضية إما جوا أو بحرا، بينما تتواصل تباعا برمجة رحلات جوية من
موانئ الجنوب التونسي المختلفة إلى مصر لنقل العدد المتبقي، فضلا عن رحلات بحرية.
وقال حفصية إن خيبة اللاجئين المصريين كانت كبيرة، طوال الأيام
الأولى بعد وصولهم إلى التراب التونسي، من تأخر جهود حكومتهم لإعادتهم إلى مصر.
ومكث حفصية على الحدود 9 أيام قال بشأنها إنه شاهد خلالها مواقف لا
تُنسى. وتابع: 'ما لا أنساه هو أن بعض الاجئين مكثوا ليالي في العراء قبل
أن تتسع لجميعهم المخيمات وهو ما كان جلب انتقادات للأمم المتحدة التي تأخر غوثها'.
وقال 'لاحظت يومي الجمعة والسبت شبه توقف لدخول اللاجئين من
معبر راس جدير، وبعدها علمنا أن كتائب القذافي بدأت تمنع اللاجئين من العبور'.
وأضاف 'ما لاحظته أيضا هو أن العدد القليل الذي صار يُسمح
بدخوله من الجانب الليبي غالبيته من النساء. كما أن أكثر من 95 بالمئة من
اللاجئين إنما يعبرون من غير هواتفهم الجوالة وأجهزة التسجيل التي كانت
تصادرها منهم القوات الليبية الموالية للقذافي'.
وبهذا الشأن قال حفصية
'رغم التفتيش الدقيق للاجئين في الجانب الليبي، تمكّن بعضهم من تسريب أقلام
ممغنطة بها مشاهد لما يجري داخل ليبيا'، مشيرا الى ظاهرة لافتة وهي انتشار
من يمكن وصفهم بـ'سماسرة صور' يتوسّطون بين مراسلي المحطات الفضائية
وأصحاب التسجيلات المصورة لبيعها لهم. وقال 'هناك فعلا سوق حقيقية لهذه
الصور، وشخصيا رأيت من اشترى تسجيلا بـ100 دولار للثانية الواحدة'.
وذكر حفصية أن هناك سوقا ثانية انتشرت في مخيمات اللاجئين ناعتا إياها بـ'سوق
التسريب' حيث يعرض بعض الليبيين على الصحافيين الأجانب تهريبهم عبر معبر
'الذهيبة' على الحدود التونسية إلى ليبيا لتغطية الأحداث هناك ثم يعيدونهم
إلى تونس في مقابل 3500 دولار للصحافي الواحد والمهمة الواحدة، بحسب قوله.
وقال حفصية إن أعمار اللاجئين مختلفة وكذلك أجناسهم إذ فيهم النساء والأطفال
والشيوخ والكهول والشباب. وأضاف 'رأيت نساء حوامل وإحداهن مصرية ولدت ذكرا
في مطار جرجيس قبيل إقلاع طائرتها إلى مصر. ورأيت أيضا رجالا بين اللاجئين
مُصابين بطلقات نارية في أجزاء مختلفة من الجسد قبل دخولهم تونس وقد قام
الطاقم الطبي التونسي بإسعافهم وعلاجهم'.
وروى حفصية أن أجمل ما في
الأمر أن سيدة مصرية أخرى أنجبت بنتا في نفس الظروف بأحد مستشفيات الجنوب
التونسي، وأسمتها 'تونس' إشادة منها بما لاقته من كرم ضيافة وحسن معاملة
لها ولمرافقيها بعد دخولهم تونس.
من جهة أخرى، حذرت منظمة حقوقية تونسية
من أي تهديد للسلامة الجسدية لثلاثة تونسيين أظهرهم التلفزيون الرسمي
الليبي على أنهم وزعوا 'حبوب الهلوسة' في ليبيا.
وفي تصريح لـ'القدس
العربي' أمس الأحد قال المنذر الشارني أمين عام المنظمة التونسية لمقاومة
التعذيب 'لقد بث التلفزيون الحكومي الليبي تسجيلا يظهر فيه ثلاثة شبان
تونسيين كانت تبدو عليهم بوضوح آثار تعذيب شديد يعترفون بتوزيع حبوب هلوسة
على الشعب الليبي'. ووصف ذلك بأنه 'محاولة من التلفزيون الحكومي لإقناع
الرأي العام بأنه لا توجد ثورة وإنما يوجد أناس تحت تأثير حبوب هلوسة بصدد التظاهر'.
وقال الشارني ان مصير الشبان الثلاثة غير معروف الآن، مضيفا
'لقد طالبت منظمتنا السلطات التونسية بمساءلة السلطات الليبية عنهم، ولكن
السلطات التونسية مازالت لم تستجب لطلبنا'. ومضى قائلا 'إننا نُحمّل نظام
القذافي مسؤولية أي مكروه قد يصيب هؤلاء الشبان، وسنتتبّع قضائيا النظام
الليبي على تعذيبهم وإخفائهم ومحاولة فبركة اتهامات باطلة لهم'.