عبد المجيد
عدد المساهمات : 1467 تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: خميس الخياطي يهاجم الراب التونسي ويتهم بسيكو-ام الجمعة 24 ديسمبر 2010 - 15:22 | |
| راب.. لتفشي الجهالة والكراهية __________________________ خميس الخياطي ـ منذ أقل من سنة بقليل، كتبت في ركن «العين بصيرة» ورقة عنوانها «كليب الحرب النفسية» وكانت تعني إحدى أغنيات «الراب» التونسية تبث عبر شبكة «الفيسبوك» الاجتماعية وهي لأحد المؤديين واسمه «حمزوفسكي».... فعدد «حمزوفسكي» أسباب ومسببات إنهيار «الأمة الإسلامية» وحمل بعض المسؤولية بالصورة والصوت للمخرج النوري بوزيد والممثلة هند صبري ووصمهما بأبشع الأوصاف على بوزيد لأنه صاحب «أخر فيلم» الذي فكك فيه المخرج عملية غسل الدماغ التي قد يعيشها جنس من الشباب العربي... هذه الومضة الغنائية الخطرة جدا لم تكن الوحيدة ولا اليتيمة. بل تبعتها ومضات على الشبكة الاجتماعية لعديد المؤدين كحلقات متماسكة تؤشر إلى إفكارية مركبة المقولات، متناسقة المصطلحات. آخر حلقة من حلقات الـ»راب» التونسي والتي تندرج ضمن المشروع الإفكاري المشار إليه أعلاه أثارت استنكار بعض أطراف العائلة الفكرية والفنية التونسية انتهى بتقديم دعوى قضائية بتهمة الثلب والتحريض على العنف ضد كل من الممثلة «سوسن معالج» والمفكرة «ألفة يوسف»... هذه الحلقة هي كليب «تلاعب 2011» (مانيبولاسيون) لمغني الراب محمد الجندوبي الشهير بـ»بسيكو أم» ومدتها 15 دق و8 ثواني والتي أخرجها «حمزوفسكي» أيضا...
«حفظت شيئا وغابت عنك أشياء»
هناك تعبير معروف في عالم السينما خاصة والصورة المتحركة بصفة عامة يقول أن التوليف (مونتاج) هو محض كذب وكل الذين درسوا الصورة المتحركة ومارسوها يعرفون الصيغ التوليفية خاصة في الصورة، صيغ تعطي معاني معينة مراد لها مسبقا. فعلاوة عن المضمون المكشوف في الأغنية، هناك تفاعل «إيجابي» بين الصور بعضها البعض وبينها وبين ما يأتي في شريط الصوت لكليب «تلاعب 2011» ليؤدي إلى نتيجة حتمية معروفة منذ البداية... ذلك أن صاحبه لم يتعد عمره الـ24 ربيعا، درس المعلوماتية ويتربع في هذه الأغنية كما في جل أغانية الفيسبوكية التي جمعت أكثر من 60 ألف معجبا وكأن له من التجربة الحياتية والمعرفية ما يسمح له بإطلاق الأحكام على عواهنها غير آبه بالقوانين، فينطبق عليه البيت الشهير لأبي نواس (762-815 م): « فقل لمن يدعي في العلم فلسفة..حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء»... فهو بعد خارطة العالم العربي ومنذ أول صورة وهي من «نوبة» للفاضل الجزيري حتى آخر صورة لأحد عناصر «الجهاد الإسلامي»، يقدم محمد الجندوبي رؤيته للصراع الحضاري الذي يواجهه المسلمون قائلا: « باش تفهم واقع الحاضر لازم تفهم الـ»باسي» (الماضي)/أنا نعطيك التاريخ إللي ما يتقراش في الـ»ليسي» (المعهد)» ويؤكد في وسط الأغنية أنه لفهم التاريخ «الراب متاعي قائم على التحليل/باش تفهم يلزم تخزر لقدام/ وتكون عندك ذهنية بسيكو أم»... وبين هذين المقطعين، يركض الجندوبي في أروقة التاريخ ويفصل الأحداث كما يتخيلها من الجانب المؤامراتي منذ لقاء مؤسس الصهيونية «هرتزل» (1860-1904) بالسلطان عبد الحميد الثاني (1842-1918) لإقامة الدولة اليهودية وكانت نتيجة رفض السلطان بحسب الجندوبي خلعه من طرف المنظمات. و»هذي المنظمات مثل «تركيا الفتاة» المنحرفين/ وكانوا الأعضاء الكل ماسونيين هدفها تبدل الإسلام بالقومية». من هذا المنطلق، سقوط الخلافة العثمانية والدعوة الملحة مرضيا لإقامة خلافة إسلامية أخرى، ستكون تركيبة الخطاب الايديولوجي القائم على خلط الأوراق بخلط الصور المستنسخة من برامج عديد القنوات التلفزية العربية والغربية بصفة عصابية تتطلب معالجة إكلينيكية... و»بلا حشمة ولا جعرة» يقول صاحبنا على صور مركبة تركيبا :»الخيانة مانسميوهاش خيانة/ألعب بالمصطلحات واعطيها اسامي مزيانة/الحرب الصليبية نعطيوها إسم الثورة العربية الكبرى»... وهكذا يصبح تعبير عربي مرادفا لتعبير خيانة لا لسبب إلا لأنه، في نظره لا يقتصر حصريا على الإسلام بل يضم الديانات الأخرى... وتأتي النتيجة الحتمية الأولى : «تطيح الخلافة وفي بلاصت (مكان) الإسلام/تجي القومية العربية» ونكون قد خسرنا فلسطين تحت إسم العروبة... ومن هذه النتيجة تصبح مثلا ثورة الضباط الأحرار بمصر ونهجها الإشتراكي ضربة قاضية للإسلام لتأتي «حكومات لا دينية/ما تحكمش بالإسلام/تحكم بالعلمانية» لكتابة التاريخ الأسود للأمة(؟) وتليها قائمة مصورة بأسماء قادة عرب «زعامة غربية ما تعترفش بالملة/فولتيلر وكارل ماركس، الزوز أعلى مالرسول»... هي ذهنية «بسيكو أم» التي وجب من خلالها قراءة التاريخ، ذلك أن «القومية العربية نسيتني في اصلي، في بلاصت «يستغيث بربي» يغني حماة الحمى»...
التعدي على الوطن والمواطنة
أن يتهم «تلاعب 2011» كل من رواد النهضة العربية مثل الطهطاوي (1801-1873) والأفغاني (1838-1897) ومحمد عبدو (1849-1905) وطه حسين (1889-1973) وقاسم أمين (1863-1908) ومصطفى عبد الرازق (1885-1947) والطاهر الحداد (1899-1935) وهدى شعراوي (1879-1947) بالخيانة والتغريب والزندقة وأشباه مثقفين إلخ...، فهو في أحكامه القاطعة أجهل من حذائه. ولكن أن يقول صراحة، بالصوت والصورة فيما يخص بلادنا تونس : «درابو» (علم) بلادي ماهوش «روج أي بلان» (أحمر وأبيض) فيه نجمة وهلال/درابو بلادي عندو تاريخ مجيد/ اللون متاعو اسود وفيه راية التوحيد» (يظهر علما آخر)، أليس عدم الاعتراف براية البلاد وبنشيدها الوطني تعدي صارخ وعلني على تونس ومواطنيها ومؤسسات الجمهورية؟ ذلك إن محمد الجندوبي في «تخميرته»، إضافة لأهانته رموز الدولة والوطن، حيث «فسخوا الشريعة الإسلامية وحطوا مجلة الأحوال الشخصية»، ثلب عمدا بالصورة والصوت بعض رموز الحياة الثقافية ببلادنا وبصفة مجانية. فالنوري بوزيد ينشر الفساد وسوسن معالج يجب أن تعالج لأنها «تقود الأمة بالشامبانبا والباستيس»، وهند صبري «يعطيوها دبلوم في الفساد» وألفة يوسف «ضايعة في أوهامها «بورتان» (مع أن) السنة وكتاب الله قدامها»... أن يختم الجندوبي بانتمائه إلى «جيل باش يرفع راية الإسلام... جيل لا يخاف لا مالموت لا مالحبس» حتى يحرر غزة والعراق، فذلك شأنه وحده... ولكن، أمام دروسه الأخلاقوية تضيف ما قال كذلك أبو نواس لإبراهيم النظام :»لا تحظر العفو إن كنت إمرئ حرجا/فإن حظركه بالدين إزراء»... فإن كان، في أدنى الحالات/ تعديه على شخصيات عمومية أمرا قابلا للنقاش، أليس استنقاصه من النشيد الوطني ورفضه الاعتراف بالعلم التونسي موقف لا علاقة له بالفن، ناهيك عن حرية الرأي والتعبير؟
| |
|