القاهرة ـ 'القدس العربي': اعلنت مصر امس الكشف عن
شبكة تجسس اسرائيلية تستهدف اختراق قطاع الاتصالات وتجنيد عملاء في لبنان
وسورية. وقرر النائب العام المصري عبد المجيد محمود الاثنين احالة مصري
واسرائيليين اثنين الى محكمة امن الدولة العليا ـ طوارئ بتهمة 'التخابر لصالح اسرائيل'.
واعلنت نيابة امن الدولة العليا التي تولت التحقيق مع
المتهم المصري طارق عبد الرزاق (37 عاما)، انه تم القاء القبض عليه في
ايار/مايو الماضي وانها امرت بالقبض على الاسرائيليين وستتم محاكمتهما غيابيا.
واوضح رئيس نيابة امن الدولة العليا هشام بدوي في مؤتمر صحافي
ان المتهمين الثلاثة 'اشتركوا في الفترة من ايار/مايو 2007 حتى ايار/مايو
2010 في اتفاق جنائي الغرض منه التخابر لصالح اسرائيل' مضيفا ان عبد الرزاق
اتفق مع الاسرائيليين على 'امدادهما بمعلومات عن بعض المصريين الذين
يعملون في مجال الاتصالات لانتقاء من يصلح منهم للتعامل مع الموساد' كما
قام بزيارات عدة الى سورية لتجنيد مواطنين سوريين للعمل لحساب جهاز
المخابرات الاسرائيلي.
ووجهت النيابة الى المتهمين الثلاثة الاتهام
رسميا بالقيام باعمال 'من شأنها الاضرار بالمصالح العليا للبلاد' والتسبب
في 'قطع العلاقات السياسية' مع سورية ولبنان.
وفي بيان وزع على الصحافيين، اكدت نيابة امن الدولة العليا ان طارق عبد الرزاق حصل على دبلوم
صنائع (وهو مؤهل حرفي يعادل شهادة اتمام الدراسة الثانوية) عام 1991 وفي
العام 1992 تلقى تدريبا على رياضة الكانغفو في الصين ثم عاد الى مصر وعمل
مدربا في هذا المجال غير انه قرر السفر الى الصين مجددا عام 2006 للبحث عن
فرصة عمل هناك. وطبقا لبيان النيابة، فان المتهم المصري 'بادر في مطلع
العام 2007 بارسال رسالة عبر بريده الالكتروني لموقع جهاز المخابرات
الاسرائيلي مفادها انه مصري ومقيم بالصين ويبحث عن عمل'.
واكد البيان انه التقى بعد ذلك المتهمين الاسرائيليين في تايلاند في العام 2007 كما
سافر خلال العام نفسه الى كمبوديا ولاوس ونيبال لتلقي تدريبات على وسائل التخابر.
وبحسب النيابة العامة، فان المتهمين الاسرائيليين 'كلفا
المتهم المصري بانشاء شركة تصدير واستيراد مقرها الصين لتكون غطاء لتجنيد
مواطنين سوريين اذ طلبا منه ان يعلن عبر موقع هذه الشركة على الانترنت
البحث عن اشخاص في سورية يعملون في مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات
والتسويق العقاري'.
واكدت النيابة ان طارق عبد الرزاق قام بعدة زيارات
الى سورية لمقابلة الاشخاص الذين ابدوا استعدادهم للعمل معه في نشاطه
التجاري بغرض انتقاء من يصلح منهم للتعاون مع الموساد. واوضحت النيابة ان
المتهم المصري كلف كذلك من قبل المتهمين الاسرائيليين بالالتقاء باحد عملاء
الموساد في سورية لتسليمه مكافآت مالية.
كما قام المتهم المصري، وفقا
للنيابة المصرية، بالاشراف على موقع انشأته المخابرات الاسرائيلية على شبكة
الانترنت يتضمن اعلانا عن وظائف شاغرة في مجال الاتصالات في مصر وسورية
ولبنان بغية البحث عن اشخاص يمكن تجنيدهم كعملاء للموساد من بين من يتقدمون
بطلبات للالتحاق بهذه الوظائف..
وتفيد أوراق التحقيق بأن الاستخبارات
الإسرائيلية كلفت طارق عيسى بعدد من المهمات الخطيرة التي تكشف مدى الثقة
الكبيرة التي وضعوها فيه. وفي مقدمة التكليفات التي حرص المتهم المصري على
تنفيذها استخدام شبكة الإنترنت، وشركته الوهمية فى هونج كونج للإعلان عن
حاجة الشركة لموظفين لديهم خبرة في مجالات الاتصالات بمصر، للعمل بالتراسل
عن بعد مقابل مبالغ مالية مجزية، وينص الإعلان على تفضيل الموظفين العاملين
في شركات المحمول الثلاث الكبرى في مصر موبينيل وفودافون واتصالات. وبدأ
المتهم يتلقى ملفات سيرة ذاتية، ويدرس الحالة الاجتماعية لكل مرشح، قبل رفع
توصياته للموساد بأسماء عدد من المتقدمين لشغل الوظيفة، ليخضعوا لتحريات
قبل استدراجهم للعمل ضمن شبكة تجسس كبرى، كان الموساد يخطط لزرعها في قطاع
الاتصالات بمصر.
وتركز جزء كبير من نشاط المتهم فى سورية، بعدما تلقى
تعليمات من الموساد بالسفر إليها بوصفه مديراً لشركة استيراد وتصدير،
والبحث عن أشخاص سوريين يعملون فى مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات
والتسويق العقاري، وانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع الموساد. وسافر المتهم
عدة مرات لسورية، ونفذ عدة مهمات تتعلق برصد الأوضاع الأمنية فى الشارع
السوري، وطبيعة الإجراءات الأمنية حول عدد من النقاط والمنشآت الحيوية
السورية التي حددها الموساد مسبقاً. وأعد تقارير تفصيلية عن زياراته
المتكررة لسورية، التي اتخذ لنفسه فيها الاسم الحركي 'طاهر حسن'.
وكشفت
التحقيقات أن الموساد استغل المتهم ليكون همزة الوصل بينه وبين عميل
إسرائيلي كبير يعمل في أحد الأجهزة الأمنية السورية الحساسة. ونجح طارق
عيسى في تسليمه مبالغ مالية كبيرة، وفي الحصول منه على أظرف مغلقة بها
معلومات تضر الأمن السوري.
وكشفت التحقيقات أن الموساد كلف المتهم
المصري بالاتصال برئيس تحرير واحدة من كبرى الصحف اللبنانية المقربة من
النظام السوري، وحزب الله، وسعى في البداية لإغرائه بالمال وبرحلات سياحية
فى جنوب أفريقيا، قبل أن يعرض عليه أن ينتج له برنامجاً تليفزيونياً مقابل
200 ألف دولار، في محاولات لاستقطابه للعمل لصالح الموساد الإسرائيلي تحت
ستار العمل الإعلامى. ويذكر ان مصريين حوكما في 2007 بتهمة التخابر مع اسرائيل.
ففي حزيران/يونيو من ذلك العام حكم على مهندس يدعى محمد سيد
صابر بالسجن 15 عاما بعد اتهامه بامداد اسرائيل بمعلومات حول الانشطة
المصرية في المجال النووي.
وفي نيسان/ابريل من العام نفسه حكم على مصري
يحمل الجنسية الكندية وهو محمد عصام غنيم العطار بالسجن 15 عاما بعد
ادانته بالتجسس لصالح اسرائيل.