مهرجان قفصة الدولي وتألق فيلم «السنجق»

عدد المساهمات : 897 تاريخ التسجيل : 26/02/2010

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

انتظمت يوم الجمعة 9 جويلية 2010 بفضاء البرج بقفصة
«ليلة السينما التونسية» ضمن فعاليات مهرجان قفصة الدولي، وقدلاقت إعجاب
الجمهور لطرافتها وجديّتها، إذ احتوت هذه السهرة عرضا لستة أفلام قصيرة
تونسية عقبها حوار بين الجمهور وبين أصحاب فيلم « السنجق» وهم مجموعة من
شباب قفصة الهواة الذين أبوا إلا أن يسجلوا حضورهم سينمائيا في هذا
المهرجحان وحقّقوا نجاحا و استحسانا من عديد الأطراف سواء من سلطة
الاشراف المتمثلة في السيّد المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث
الذي ما إن طلع على العمل حتى سارع بالتوصية به كي يؤشّر للعرض ضمن سهرة
السينما التونسية ،أن إدارة السينما بالوزارة التي أشّرت الفيلم نص
وحوار نصر الدين الزاهي، وسيناريو وإنتاج وإخراج أيمن الزوالي، وتصوير
محمد حسين أحمد، وإدارة الممثلين للفاضل التليلي ، وتمثيل محمد الهادي
بحري ونصر الدين الزاهي وسعاد عبود وعبد الرؤوف بركو و عبير العبيدي
وسفيان عمروسية وعبد الرزاق عميد، وترجمة النص إلى الانقليزية لسالم بني حمد.

والفيلم في الأصل مشهد من
مسرحية لنصر الدين الزاهي تحمل نفس العنوان ( السنجق) وهو عنوان غريب
عثرنا له على دلالات مختلفة، فالسنجق مادة غذائية لذيذة يتم تصنيفها في
مناطق من الريف السوري، والسنجق إقليم يقع في منطقة، فالسنجق مادة
غذائية لذيذة يتم تصنيفها في مناطق من الريف السوري، والسنجق إقليم يقع في
منطقة البلقان ، ويطلق على الإقليم عامة، والسنجق كلمة تركية معناها
«راية» أو «رمز» وهو عند الطائفة اليزيدية شمعدان من البرنز يعلوه تمثال
طائر ليس هناك اتفاق على تحديد جنسه، ويمثل السنجق أحد رموز «طاووس ملك»
حسبما يعتقد بعضهم بينما يرى آخرون أنه يمثل رمزا للسلطة السياسية
والأميرية، وكل سنجق مختص بمنطقة محددة من المناطق التي يقطنها
اليزيديون وكانت السناجق سبعة قبل فقدانها ولم يبق منها سوى السنجق
المعروض في العراق ويتنقّل دوريا على القرى اليزيدية (وهذا التفسير الأخير
هو الذي يتبناه كاتب نص الفيلم)، كما يشاع عن الزيدية أنهم طائفة عبدة
الشيطان . ومن هنا تأتي فكرة هذا الفيلم باعتباره حوارا بين أبالسة أو
شياطين سبعة حول مدى نجاح كل منهم في مهمة إغواء الإنسان في المنزع الذي
اختص فيه من غضب وغيرة وكره وحقد وطمع .. ولم يكن فيلم « السنجق» سهلا
يسيرا طيّعا بل جاء صعبا غامضا مشكلا.

ولولوج عالمه لابد من التدرج والحيلة بالبحث عن الأبواب والمنافذ الحقيقية، وأهم
هذه الأبواب التعرف على كاتب النص والحوار وهو نصر الدين الزاهي أستاذ
الفلسفة والشاعر والمسرحي والنّاقد الكاتب صدر له: جؤوم طائر النار (شعر
/2003) والرواجس (مسرح /2008) ، عرف في كتاباته بالبحث والتنقيب في اللغة
والفكر والتاريخ والأسطورة، وسمات الكاتب في الفيلم واضحة وبها يمكن فهمه
وفك بعض مغالقه. وهكذا كان التقبل زمن الفرجة محفوفا بغموض وإبهار ناتج عن
اللغة والتقنية والموضوع خاصة، وهذا تام التطرق إليه في الحوار الذي عقب
العرض، فأقروا بكونهم هواة مبتدئين في الحقل السينمائي منزلين عملهم في
إطار التجريب الذي هو قبل كل شيء مغامرة ثم تطرقوا إلى عناصر هذا العمل من
لغة وموضوع وتقنية، أما اللغة فهي عربية فصحى في ظل ساحة تميل إلى
التعويل على العامية و السوقية أحيانا والازدواجية وحتى التخلي عن اللغة
تماما،والفيلم « محاولة لتفكيك النزعات التي تتألف منها الطبيعة البشرية
الشريرة وذلك عبر تقنية القناع..، و رصد التقاطعات الممكنة بين تلك
الطبائع في رحلة عبر ثقافات شتى « ليكون له أبعاد فكرية إنسانية دون
التغافل عن المشاغل الحضارية والسياسية والاجتماعية والنفسية في بعدها
المحلي والعربي، في ظل ساحة ملتصقة باليوم الفردي المبتذل .

وأما التقنية فاعتمدت على القناع ( الشيطان)، إذ الفيلم هو عبارة عن تلصص
عين من نافذ ة غرفة ضيّقة على مؤتمر الشياطين السبعة الذين ينقلون عبر
حوارهم التصور الإنساني عبر التاريخ و الأديان والأساطير لنوازع الطبيعة
البشرية الشريرة وما يعتمل داخلها من صراعات ليفتح نوافذ على قراءة
تاريخ البشرية الحافل بكل ذلك وعلى الراهن عالميا ( العولمة وما أفرزته
من هيمنة وصراع إرادات..) ولم يسبق للسينما أن اشتغلت على هذا الموضوع
وهذه التقنية (قناع الشيطان) اشتغل هذا الشريط عليهما.

وقد أبدى الحاضرون استحسانهم لهذا العمل عموما، وافتخارهم بهؤلاء
الشباب، فأشاروا إلى لغة الحوار التي اعتبرت البطل الحقيقي في الشريط
بهيمنتها وطرافتها المستفزة للمشاهد المستمع بصلابتها وصعوبتها وهو ما
يبدو أحد رهانات الفيلم ورسائله بما تحدثه في المتقبل من إرباك ينتهي إلى
التحسيس بالحرج من خلال جهله بلغته رمز هويته، في حين رأى البعض أن هذه
اللغة عائق دون التقبل وإقبال الجمهور خاصة من فئة الشباب. كما انبهر
الجميع بمستوى أداء الممثلين، وليس ذلك بغريب باعتبار خبرة أغلبهم
المسرحية وخاصة الممثل القدير والأستاذ محمد الهادي بحري، وهي طاقات
كبيرة في التمثيل بتنا نخشى عليها أن تهدر وتجف في ظل لا مبالاة
الجمعيات والشركات والمؤسسات المسرحية بالجهة وكسلها فكانت هذه فرصة
لتفجير الطاقات والتعبير والإبداع.

وهذا الإعجاب لم يمنع المشاركين في الحوار من إبداء بعض الملاحظات حول هيمنة
المسرح على السينما إذ بدا العمل مشهدا مسرحيّا مصوّرا من خلال هيمنة
الحوار وكسل الكاميرا ، رغم تبرير المخرج ذلك بعلاقة أغلب العناصر
بالمسرح نصا وممثلين وإدارة الممثلين مما صعب معه التخلص من الخلفية
المسرحية التي اعتبرها من باب التجريب إثراء للسينما، كما أن كسل
الكاميرا اختيار فرضه الموضوع فهو مؤتمر شياطين يدور في فضاء ضيّق
يلائم دلالة التآمر و .. والناقل عين تتلصص من نافذة ضيقة تخشى تعطل
الرؤية في كل حين وهو ما حصل فعلا حيث أعلن في الأخير عن العجز عن متابعة
النقل، كما أن التقنيات المتوفرة متواضعة جدا ( كاميرا واحدة ومن النوع
العادي) . كما ابتهج الحاضرون بهذا الحوار الذي أعادهم إلى نوادي
السينما في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وأوصوا بما يلي:
دعوة أصحاب الفيلم إلى السعي للمشاركة في تظاهرات السينمائيين الهواة و
مزيد الانفتاح على تجارب إبداعية أخرى« وإنجاز أعمال تبرز جهة قفصة،
والسعي إلى تأسيس نواة نادي السينما في الجهة ودعوة إدارة المهرجان
إلى مواصلة استثمار طاقات الجهة والعناية خاصة بالدعاية لأعمال أبناء
الجهة المشاركة في مختلف الفعاليات دعما لهم واستقطابا لمزيد الجماهير
التي تبقى دائما متعطشة إلى إبداعات أبنائها.

وقد حضر الحوار السيد توفيق أحمد مدير المهرجان وأبدى إعجابه بهذا العمل
باعتباره أول عمل لمجموعة من الهواة الذين أحسنوا استثمار طاقاتهم
الإبداعية في المسرح والأدب خاصة، معتبرا أنهم قادون على التميز بهذا
العمل وعلى الارتقاء إلى الأفضل في أعمال قادمة، لذلك ذكر أنه حرص على
إدراج هذا الفيلم ضمن هذه السهرة السينمائية رغم بعض الصعوبات
الإدارية التي سرعان ما حلت لجدية العمل و استحقاقه التشجيع والدعم.

وتبقى هذه الحركة الجميلة محسوبة لصالح إدارة مهرجان قفصة الدولي الذي ما
انفك يتطور، فليس بالحفلات الضخمة وسهرات النجوم العالميين والمال
الكثير فقط يصنع النجاح ، بل بمثل هذه الاختيارات الجادة يؤسس ويضيف
للفعل الثقافي الجاد والهادف الذي يضمن الديمومة ويغذي الحياة في حين
تمثل كثير من التظاهرات الضخمة والمكلفة تكرارا ممجوجا وتغييبا للإبداع
ومسايرة سلبية نهايتها النسيان والملل والعقم والموت، ولعل أفضل
ضامن لاستمرارية التطور والتألق الانفتاح على الكفاءات من أبناء الجهة
بالتشاور والتشريك بعيدا عن الانغلاق والفردية والاقصاء والتجاهل، وهو ما
دعا إليه الكثيرون وثبتت جدواه أكثر من مرة « وأما الزبد فيذهب جفاء
وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» [center]
محمدالهادي زعبوطي

Admin عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010

سيعرض فلم "السّنجق" لأيمن الزّوالي في ليلة السينما والشعر
يوم الخميس 02/09/2010 بدار الثقافة ابن منظور قفصةمرحبا بالجميع

» نجوم عربية وعالمية على ركح مهرجان قفصة الدولي في صائفة 2010
» قفصة : أعوان شركة أشغال السكة يغلقون الخط الحديدي بين تونس و قفصة و قابس و قفصة
» صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واهدافهما المخفية
» مهرجان الابداعات الشبابية بقفصة
» قفصة : طريق مسدودة لتحاور «فسفاط قفصة» مع المعتصمين