Admin Admin
عدد المساهمات : 2831 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: !الموناليزا أعظم من دافينشي السبت 31 يوليو 2010 - 12:28 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أفتح صفحة الجريدة المطلة على تضاريس السياسة العربية، ليباغتني إعلان تجاري أراه ملازما لعناوين الشرق الأوسط يتحدث عن منتج يقضي على الصلع، وفي المستطيل الواقف أسفل الصفحة صورتان لرجل واحد، الأولى بشعر خفيف يفضح جبهته العريضة، والثانية بشعر طويل منسدل يغطي المساحة الفارغة بأناقة لافتة تداري الخدعة التجارية الممزوجة، وتحت الصورتين ديباجة تتحدث عن فعالية الدواء في إعادة الشعر لصاحبه بعد أن يتجاوز الأربعين.. وفي اليوم التالي، أعاود الكرة وأشتري الجريدة وأقرأ عنوة الفقرة ذاتها في الإعلان نفسه في الزاوية عينها.. لأجد أني أطالع ما كنت قد قرأته بالأمس. صحيح أن وراء الأكمة ما وراءها، والخبر عادة ما يكرر نفسه كموجة البحر المالحة التي تحفر بهمّة الحلزون في صدر اليابسة.. إلا أني لا أدري إن كان فتور الصيف قد جعل من القضايا الساخنة باردة كالثلج، أو هذا هو الحال في 365 يوما من السنة مع اختلاف طفيف في التواريخ والمسميات..
وتقول الجريدة في المسألة اللبنانية، إن الفرقاء يكررون المخاوف التي رددوها قبل اتفاق الدوحة، وكأن شيئا لم يكن، وكل شاردة وواردة قد تعيد دقات الساعة في القنبلة الموقوتة والمدفونة تحت رمال المجاملة إلى لحظة الحقيقة.. ومنذ خمسة شهور والعراقيون يدورون في حلقة مغلقة حول الكراسي الفارغة بحثا عن حكومة ضائعة متمترسين وراء ضغائن متوارثة هي كل أدواتهم للبقاء.. وليس بعيدا، هدم الإسرائيليون قرية العراقيب الفلسطينية في صحراء النقب، بينما يلعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الجميع لعبة شد الحبل التي تفضي إلى الصفر في حسبة فيزيائية بسيطة.
والبندول الذي يسافر شرقا يعود غربا في رتابة تقود إلى النعاس حتى تدوي القذائف بصدى يشبه صوته البارحة في حرف سفيان، أو في كابول، أو عبوة ناسفة في شوارع كراتشي، تذكرني بما كدت أنساه في خبر طالعتنا به الصحف قبل أسبوع أو أقل.
وفي كل يوم تستنزف الجريدة مني قدرتي على الرصد وأنا أعد الأغنام التي تقفز من فوق السور، وأفقد تدريجيا ذلك الشغف بالخبر الذي صار مجرد صور ملونة ومختزلة لمباراة تنتهي دائما بالتعادل السلبي..
وتتلاشى الأسماء التي حفظناها عن ظهر قلب، وتتداخل التواريخ في توأمة العناوين، بينما الفوضى الخلاقة التي ابتدعتها كونداليزا رايس نراها وقد انتقلت إلى سياسة باراك أوباما الخارجية التي تشبه زوبعة في فنجان؛ ما أن تنتفض حتى تخبو تحت وطء خيبة داخلية.
وأعود أقلب في صفحات الجريدة عن عنوان مختلف أو تصريح أسمعه لأول مرة، ولا شيء جديد سوى انعكاس القصة الخبرية في مرآتين متقابلتين تحدق الواحدة في الأخرى حتى تصغر في نقطة تصيبني بالدوران.. لأسترجع توازني على هدير الجماهير المحتجة على مطالب ورثة منصور الرحباني بحقهم القانوني من تركة أبيهم في أغنيات فيروز.. لتقام الدنيا ولا تقعد، ويزمجر الشعب على غير عادته، وكأن العالم تقلص في صوت ملائكي أشاركه عشقه، لكن في داخلي صوت نشاز ينغص عليّ غضبي، ويرد لي رشدي، ويسأل عمن هو المبدع حقا، وإن كانت الموناليزا أعظم من ليوناردو دافينشي؟!
أيمن عبوشي كاتب أردني
| |
|