عبد المجيد
عدد المساهمات : 1467 تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: أين أحلام شباب الستينيات؟ الثلاثاء 27 يوليو 2010 - 12:25 | |
| منير الشرف
|
| ليت الشباب يعود يوما فأخبره بأن المشيب لن يأتي بجديد يذكر ولن يحقق من أحلامه إلا القليل. أحلام شبابنا كانت كثيرة ومتنوعة ويقيننا كان راسخا بأن السنوات سوف تحقق الكثير منها بالنظر لما كان يتقد منا من حماس وعزيمة على تغيير أوضاع كان يبدو لنا تطويرها حتميا. سنوات الستين والسبعين شهدت في تونس حركية فكرية وثقافية غزيرة لدى شباب تلك الفترة من تاريخنا القريب. وهي الفترة التي أنشئت خلالها نوادي السينما ونوادي القصة والشعر ونوادي الفلسفة ونادي العلم والشباب والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان... | أما على المستوى السياسي فكانت الساحة الشبابية، والطلابية منها بالخصوص، تتقد حيوية وتعج بالتيارات المختلفة التي كان الحوار بينها قائما ولا نجزم بأنه كان دائما هادئا. ولئن تنوعت المشارب ووجهات النظر فإن ما كان يجمع بدون شك بين نشطاء هذه التيارات هو مستقبل الوطن ومصلحته. ولم يكن الاختلاف سوى في الطريق المؤدية إلى هذا الهدف.
فالبعثيون والقوميون والناصريون كانوا يعتبرون بأن البلاد لا مستقبل لها خارج إطار الوحدة العربية الشاملة من المحيط إلى الخليج بالاعتماد على فكر وأدبيات ميشال عفلق وجمال عبد الناصر. هذا المنهج تحمس له الكثيرون وآمن به عدد كبير من مثقفي الستينات، ومنهم من سجن بسبب نشاطه ضمن هذا الاتجاه. لكن السنوات أظهرت أن هذا الحلم لم يكن واقعيا لأسباب عديدة منها بالخصوص أن قادة «الأقطار العربية» ( وهو الاسم الذي يحلو للبعثيين إطلاقه على الدول العربية) لم يكونوا متحمسين للذوبان في إطار أكبر من دولتهم. كما أن المبدأ الداعي إلى تنمية الدول العربية اقتصاديا كل على حدة قبل التفكير في توحيدها، وهو المنطق الذي دافع عنه بورقيبة، كان مقنعا إلى حد كبير لدى الكثير من الأوساط. وقد طوَر هذا النهج آخرون على غرار الدبلوماسي حمادي الصيد الذي يرى أن لا وحدة عربية قبل التنمية السياسية والديمقراطية لكل دولة على حدة.، وحتى توحيد العرب على مراحل تعتمد البدء بتوحيد مناطق جغرافية من العالم العربي لم يتقدم ولو خطوة واحدة. ففشلت كل محاولات التوحيد التي قام بها عبد الناصر والقذافي بين دولتين، وما حال اتحاد المغرب العربي إلا دليل على غياب أي رغبة حقيقية في إقامة سوق مشتركة أو إنشاء عملة موحدة... أما الجامعة العربية فكأني بقممها تمثل لدى القادة العرب مناسبة للاختلاف أكثر من كونها فرصة للتقارب حتى وإن تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. وهاهي القيادة الفلسطينية بذاتها تنقسم بدورها إلى موالين لفتح وموالين لحماس، والفتحاويون أنفسهم منقسمون إلى قسمين. أما شيوعيو الستينات والسبعينات فلقد كان إيمانهم بالماركسية اللينينية أقرب ما يكون إلى إيمان العجائز، ويرون في «يا عمال العالم اتحدوا» دعوة إلى التعجيل بما هو آت لا ريب. وإن اختلفوا في ميولاتهم وفي موالاتهم للشيوعية السوفياتية أو الشيوعية الصينية، فإن الماركسيين التونسيين في تلك الحقبة أبدوا من الحماس ومن الروح النضالية صلب منظمة «آفاق» أو منظمة «العامل التونسي»، أو عبر «اندساسهم» في الحركة النقابية ما كان يجعلهم متفائلين بقرب قيام الثورة البروليتارية وإقامة نظام شيوعي عمالي في تونس يضمن العدالة الاجتماعية وحقوق العمال ضمن منظومة دولية واسعة تعم الأرض قاطبة. وما تضحياتهم من سجن وتعذيب إلا فداء لهذا الهدف. وجاءت السنون لتؤكد أن الامبريالية الرأسمالية هي التي ستسيطر على العالم لتسقط النظام الشيوعي السوفياتي وبعده الصيني وتفرض ما أصبح يسمى بالعولمة الاقتصادية بواسطة الهيمنة المطلقة على العالم، حتى عن طريق الاستعمار المباشر كما الحال في فلسطين والعراق وأفغانستان.
ماذا عساني إذن أن أقول للشباب لو عاد ؟ أأخبره بأن المشيب لن يأتي بجديد يذكر ولن يحقق من أحلامه إلا القليل ؟ لا. لن أقول له الحقيقة لكي لا يفرغ إلى تنظيم رمي الشماريخ في الملاعب، وحتى إن بقي حالما.بما هو غير آت فسيكون وطنيا حتى النخاع. منير الشرفي كاتب تونسي
|
| |
|