عبقرية القطاع الخاص في مصر؟

أنجز القطاع الخاص صرحا صناعيا بالقاهرة على مساحة 500 فدّان و بقيمة 6 آلاف مليار دولار و هذا المبلغ يساوي تقريبا نصف
ميزانية تونس السنوية. يشغّل هذا المجمّع الصناعي آلاف العمال و المهندسين المصريين. يضمن هذا المركب الحديث و عالي التكنولوجيا احتياجات المصريين
لمدة 50 عاما أخرى. يوفر هذا المعمل المتطور كامل طلبات الشعب المصري و يزيد عليها بـ 10 في المائة كل سنة تحسّبا للنمو الديموغرافي السريع. ينتج
هذا المصنع سنويا 82 مليار قطعة صالحة للاستهلاك الفوري. بحول الله سوف تعرض منتجات هذا المصنع يسعر معقول في كل محلات البيع دون تمييز في كل شبر
من أرض مصر و السودان. جاء وزير الاقتصاد المصري يدشّنه و قال: أجدادنا الفراعنة بنوا ثلاث أهرامات و عبد الناصر بنى الرابع و هو السد
العالي أما مصر اليوم فهنيئا لها بهذا الهرم الخامس. أبنائي و بناتي الأعزاء, ثقتي في وطنيتكم ليس لها حدود لذلك أشجعكم على شراء و استهلاك
المنتج "الوطني" لهذا المصنع "الوطني" الذي أسسه الحزب "الوطني"ثم أضاف, و تشجيعا للخوصصة و الاستثمار الأجنبي
سوف نمنح ضيوفنا المستثمرين الأجانب الطاقة و اليد العاملة بسعر رمزي و نعفيهم من الضرائب لأن دفع الضرائب من واجبات المصريين فقط و نحن نقوم
بواجباتنا بكل "وطنية". جاء وزير البيئة المصري يدشّنه و قال: يمثل هذا المصنع نموذجا للتنمية المستديمة لأنه مجهز بمصفّيات عملاقة تمنع
تلوث الجو. لكن إذا استهلكتم هذا المنتج الرفيع و استقر في معدتكم و رئتكم فأنتم المسئولون عن صحتكم و تتحملون ما صنعت أيديكم.
جاء وزير التموين المصري يدشّنه و قال: يستهلك الشعب المصري سنويا 80 مليار وحدة من منتج هذا المصنع و هو ما
يقابل 1000 قطعة سنويا لكل مواطن مصري و قد وعدني الوطنيون الخواص الأحرار و شركاؤهم العالميين, أصحاب المصنع, بتوفير هذه الكمية زائد 10 في المائة
احتياطا للمستقبل و تحسبا للطوارئ ما دام قانون الطوارئ لم يلغ من الدستور المصري. جاء رئيس الحزب "الوطني" المصري
يدشّنه و قال: نحن الحزب الحاكم الوحيد في العالم الذي يفكر في مستقبل الشعب لمدة الـ 50 عام القادمة لأننا واثقون من ولائكم الذي أنعمت به
طبقتكم على طبقتنا منذ 10 آلاف سنة. جاء عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية يدشّنه و قال: أتمنى أن تنسج كل الدول العربية على منوال القطاع الخاص
المصري و تؤسس مصنعا مماثلا في كل دولة عربية حتى ينعم الشعب العربي بالأمان الغذائي لمدة 50 سنة و نتخلص من التبعية الاقتصادية نهائيا و أضاف
مفتخرا بمصريته، هذا أكبر مصنع في إفريقيا و الشرق الأوسط. جاء نجادي رئيس إيران يدشّنه و قال: نحن
نقيم مفاعلات نووية لتوفير الطاقة المتجددة و نصنع الصواريخ لحماية بلدنا و نبعث مركبات للاستكشاف العلمي في الفضاء أما أنتم يا خاصة المصريين يا
أحفاد الفراعنة فلا ننافسكم في بناء الأهرامات و خاصة هذا الهرم الخامس و لا غرابة فبناء الأهرامات من اختصاصكم و أضاف مبتسما, اليوم فقط تيقنت أنكم
تمثلون منافسا خطيرا لدولتنا و لحضارتنا. جاء أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يدشّنه و قال: ألم أقل لكم منذ توليت الرئاسة أنكم عباقرة يا
سادة مصر. لقد نفذتم سياستنا أحسن من إسرائيل و سأرشحكم عند نهاية ولايتي لجائزة نوبل للاقتصاد. جاء وزير الدفاع الإسرائيلي يدشّنه و
قال: أهنئ الشعب الإسرائيلي نعم الشعب الإسرائيلي بهذا الانجاز العظيم الذي سيضمن الاكتفاء الذاتي لشعب مصر لمدة 50 عاما و يضمن في نفس الوقت السلام
الدائم للشعب الإسرائيلي. جاء البرادعي المرشح المعارض للرئاسة يدشّنه و قال: أنا عاجز عن فعل ما فعلتم و لن تكون المنافسة بيننا شريفة
خاصة بعد إقامة هذا الإنجاز العظيم و أنا واثق أنكم ستجنون من ورائه شعبية كبيرة في الانتخابات. أنا أضمن لكم الفوز الساحق لمدة 50 عاما إلى الأمام,
مدة اشتغال هذا المصنع المبيد للشعب المصري, عفوا المفيد لقاهري مصر. جاء وزير الشؤون الدينية يدشّنه و قال:
أيها المسلمون و المسلمات, لا تقنطوا من رحمة ربكم و لا تيأسوا من ولاة أموركم فهم رحماء بكم و لا تبغضوا أغنيائكم فقد تبرعوا لفائدتكم بالقبر و
الكفن و قارئ القرآن. جاء البابا شنودة يدشّنه و قال: أيها الأقباط و القبطيات, شاركوا إخوانكم المسلمين فرحتهم و أعيادهم و أنا اضمن
لكم الجنة و لا فرق بين مسلم و مسيحي إلا بمقدار كمية الاستهلاك من منتوج هذا المصنع. أخيرا جاء دوري, أنا المواطن المصري
المعذب في الأرض, لأتكلم و أقول ما لم يقله الأوائل. شكر المسؤولون كلّهم و هللوا لهذا الفتح المبين و أنا واثق من صدقهم و لا أشك لحظة واحدة في أن
كل ما قالوه صحيح مائة في المائة لسبب بسيط و هو أن مضرة المصنع موجهة للشعب و ربح المصنع موجه للشركات متعددة الجنسيات. هم سيجنون الأرباح
الطائلة و الفائدة المباشرة و غير المباشرة أما نحن المصريون الكادحون فسنتكيف مع المنتج و نحلم بزوال طبقة الاستغلال و الظلم و القهر بعد عشرة
آلاف سنة إن شاء الله و إن لم يشأ فعشرة أخر. أعتذر عن الإطالة و التشويق و سأقول لكم حالاّ ماذا سينتج هذا المصنع. هو حقيقة مصنع عظيم و إنتاجه جد ضروري لا بل
حياتي و أشكر الحكومة المصرية على التخطيط المستقبلي للأمة و على حرصها على تجهيز المجمع بآلات تصفي الهواء الملوث المنبعث منه حفاظا على سلامة
المواطن المصري. مصنعنا العظيم هذا, يا سادتي يا كرام يا مصريين, يا يتامى, يا من توالى على حكمكم مستبد وراء مستبد منذ 10 آلاف
سنة, هذا مصنع لفّ التبغ المستورد في سجائر مصنعة في مصر بأياد عمّال مصريين و مهندسين مصريين لكن تحت إشراف شركات متعددة الجنسيات تورّث السموم
لأبنائكم و أبناء أبنائكم و تورث الحكم و المال و السلطة لأبنائها و هم أجنة في أرحام أمهاتهم. عذرا, لقد نسيت تصريح وزير الصحة المصري -
لم يحضر حفل افتتاح المصنع - في نشرة الثامنة للأخبار على الفضائية الرسمية الذي قال بالمناسبة: إخواني أخواتي أرجو من الله عز و جل أن
تستمتعوا بالمنتج الصناعي الجديد مسلمين و مسيحيين, كبارا و صغارا, رجالا و نساء, أميين و مثقفين, ريفيين و حضريين و الناس أجمعين. لم أحضر مع زملائي
الوزراء لأن وزارتي سوف تتدخل إن شاء الله بعد سنوات من الإدمان و قد أعددنا لكم مخبرا لاستنساخ الأعضاء البشرية يحتوي على قطع غيار من صنف
الرئة و الكلية و القلب و المعدة حتى يتسنى لكم تعويض ما سيتلفه منتج هذا المصنع و أتمنى أن لا ينقرض نسلكم و عشتم لنا وقودا للوطن. تموتوا, تموتوا و
نحيا الوطن. أنقل لكم تعليق المذيع على تصريح وزير الصحة: إذا كان التسمم قدرنا و التدخين لذتنا الوحيدة المباحة و المتاحة
فلماذا لا نزرع نبتة التبغ في مصر كما فعل جدنا محمد علي باشا عوض أن نستوردها بالعملة الصعبة. يوفر فدّان تبغ سنويا ربحا يساوي ثلاثون ألف جنيه
و هذا المبلغ نستغله لزراعة 5 فدادين قمح. ينصح الدكتور حكيم باستهلاك القمح للتخفيف من مضار التدخين. معلومة: يسكن آل بيت
رئيس مجلس إدارة المصنع المذكور أعلاه في جزيرة "ماديرا" بالبرتغال حيث
]الخضرة و الهواء النقي و الماء العذب و الوجه الحسن.

ملاحظة: مقال كاريكاتوري مستوحى من خبر صحيح أذيع في برنامج "الطبعة الأولى" بالقناة الفضائية المصرية "دريم 2" يوم 12 افريل 2010.

abouhayder كتب:

كان من الاجدر والاولى بناء هذا الصرح لكامل الوطن العربي

أخي أبو حيدر يبدو أنك قرأت المقال بسرعة
فلا المشروع صرح و لا هم يحزنزن
أنها كاريكاتور ، طريقة هزلية للكاتب لحديث عن مشروع
ككل المشارع التي تنجز في العالم العربي
تدشن عشرات المرات و توظف لمصلحة الانظمة القائمة
**
هو فعلا مقال رائع
و أسبلوب نقدي لاذع من صاحب المقال
**
شكرا أخي عبد المجيد
و كافة الاخوة الاعضاء ، مواضيعكم دائما متميزة

اقتباس :

جاء وزير الدفاع الإسرائيلي يدشّنه و قال: أهنئ الشعب الإسرائيلي نعم الشعب الإسرائيلي بهذا الانجاز العظيم
الذي سيضمن الاكتفاء الذاتي لشعب مصر لمدة 50 عاما و يضمن في نفس الوقت السلام الدائم للشعب الإسرائيلي

جميل

اقتباس :

جاء وزير الشؤون الدينية يدشّنه و قال: أيها المسلمون و المسلمات, لا تقنطوا من رحمة ربكم و لا تيأسوا من ولاة أمور
كم فهم رحماء بكم و لا تبغضوا أغنيائكم فقد تبرعوا لفائدتكم بالقبر و الكفن و قارئ القرآن

رائع

اقتباس :

جاء البابا شنودة يدشّنه و قال: أيها الأقباط و القبطيات, شاركوا إخوانكم المسلمين فرحتهم و أعيادهم و أنا اضمن
لكم الجنة و لا فرق بين مسلم و مسيحي إلا بمقدار كمية الاستهلاك من منتوج هذا المصنع

ممتاز
للله در كاتب المقال