منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:11

تونس ـ «الشروق»:
بدأ وهو يستحضر الوقائع والأحداث كما الراوي الذي
يستحضر قصصه متى بادرته بسؤال فقط.. لم ينس التفاصيل ولم يغفل عن ربط
الأحداث ببعضها، فتخاله للحظات أنه المؤرخ.. بدا كذلك، لأنه وهو يقصّ أحداث
فترة تمسح خمسين سنة من الزمن، استنكف أكثر من مرّة، عن اقحام ذاته
كمحرّكة أو كمستفزة لوقائع.. متخذا السبيل ذاته حين يرفض أن يذكر أسماء، قد
تكون أساءت له أو ساندته.. فالأمر لا يختلف عند أحمد بن صالح..
«لست
سياسيا» يقولها ويمرّ.. ورغم أنك تبادره بضحكة مستفسرة عن سرّ هذا الإصرار
من رجل هو بالضرورة سياسي ولاعب سياسي، فعل في الأحداث وتأثر بالفعل
السياسي.
لكنه يردف «لست سياسيا فمهنتي مهنة التعليم».
تطلّع على سجل
الرجل من «المكنين» موطنه إلى العاصمة حيث المدرسة الصادقية التي كانت
تقُدّ أجيال المناضلين قدّا، إلى فرنسا حيث مواصلة التعليم العالي، تعدّ
المسار الطبيعي لأبناء الصادقية، مرورا بمدينة «بو» الفرنسية، حين رافق ذاك
الشاب المفعم حيوية ونشاطا بل وربما اندفاعا من أجل مقارعة الاستعمار،
«سيدي المنصف» باي، كما يحلو للتونسيين تسمية الباي الوطني الذي لم يتوان
في «منازلة» الاستعمار الفرنسي فأسره في «بو» وذلك بعد نفيه في الصحراء
الجزائرية ومدينة تنس بالجزائر.. أين نفي الأمير عبد القادر الجزائري في
وقت ما..
بلا حسابات ولا خبث سياسي، رافق أحمد بن صالح المنصف باي في
أسره: فكان شاهدا على وفاته وقبلها على مواقفه.. ناقلا منها بالخصوص كلمة
مفتاح: «يا أحمد يا ولدي، إذا نرجع من الأسر.. أنا الذي سيعلن الجمهورية».
*
حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
هذا هو أحمد بن صالح،
صاحب أغلب حقائب ـ وفي مرّة واحدة ـ ذات فترة من فترات الستينات..
يسألني
ضيف «مذكرات سياسي في الشروق» وقد شارفنا على انهاء الحلقات، التي سيراها
قراء «الشروق» غنية بالمعلومات وجميلة في طريقة السرد وتوليد المعلومة: «هل
أصبحت هذه الأحداث التي كتبت خرافة؟» فقلت له بكل عفوية: ومن قال إن
التاريخ ليس خرافة، إذا «نحّينا» جانبا عن القصص والشواهد عنصر الخيال؟
نعم،
بدا «سي أحمد» في أكثر فترات «الزمن» الذي يرويه لنا هنا في هذه المذكرات،
شاهدا على العصر.. فمرّة يبدو لك شاهدا «صامتا» يفضّل السكوت عن الكلام..
ومرة يتحول الى شاهد متكلّم ومحلل معا... لكن هذه الصفة التي يتداولها أحمد
بن صالح ردهة بردهة وقصة بقصة لا تسقط عنه صفة «العفوية» في التعامل وفهم
شخوص المرحلة..
وهنا ينطلق في لعبة «الشك» وعدم فهم ظواهر معيّنة عاشها
وفرضت عليه أحيانا، ليقول لك اليوم وفي سنة 2009: «الى الآن لم أفهم سرّ
تلك الحكاية»..
قصّة بقصّة، وحدث بحدث، يرويها في هذا الركن دون محاذير
كبرى.. وحتى تلك التي وضعها أمام هذا الركن، فهي لم تضرّ المحتوى على
اعتبار ان أحمد بن صالح، له من المخزون المعلوماتي الكثير... وله الكثير من
الأحداث التي تُذكر لأول مرة... اي ان ركن «مذكرات سياسي» سيكشف لأول
مرّة، اسرار وقائع كثيرة مرت بها تونس الحديثة..
من الاستعمار الفرنسي
بداية الثلاثينات ـ حيث بلغ محدثنا سن الرشد الأدنى وبدأ يتحرّك ـ الى فترة
السبعينات والسجن والمنفى..
بن صالح شاهد عيان على أسر ووفاة الباي
الوحيد الذي عرفته تونس وطنيا مقارعا للاستعمار حدّ ان كلفه ذلك حياته..
فقد كان «المنصف باي» وهو في الأسر في مدينة «بو» الفرنسية يتألّم كثيرا
لوضعية التونسيين البسطاء «فقد كان يتلقى رسائل من الشعب يشتكي له وضعه تحت
المستعمر الذي أسر مسؤوله الأول» هكذا كان يقول مرافقه الشاب أحمد بن
صالح، الذي اختاره المنصف باي وعيّنه لكي يكون مسؤول الاتصال بين المنصف
باي والزعيم بورقيبة وقيادة الحزب الحرّ الدستوري فقام بتلك المهمة على
أحسن وجه.
بن صالح شاهد عيان على تداعيات الحرب العالمية الثانية، على
الوطن تونس، فقد تكفّل ابن السبعة عشرة عاما بمهمة «فرقعة» منظمة برزت في
تونس تستقطب الشباب لارساله الى العراق واسناد النازية.. فكان يأتمر تأطيرا
وتحرّكا، بأوامر المناضل د. الحبيب ثامر وقام بمهمته التي كلفته اعتداء
طال جسده، بضرب مبرح من الجماعة التي استهدفها..
بن صالح شاهد عيان على
ثورة 9 افريل 1938، وقد كان عمره 12 سنة، يتهيأ الى ولوج المعهد الصادقي
للتعليم الثانوي..
بن صالح شاهد عيان، على نضالات، الحبيب ثامر ـ الذي
كلّما استذكره إلا وبدأ يسرد مناقبه ويعتبره مناضلا جليلا، وعلى وفاته أيضا
في حادث ـ الطائرة المعروف، بل كان «سي أحمد» شاهدا على ردود الفعل التي
رافقت هذا المصاب الذي حدث للدكتور ثامر، وكانت صدمته كبيرة حين تفوّه
«الزعيم» بما تفوّه بخصوص وفاة المناضل الحبيب ثامر الذي سافر الى آسيا في
مهمّة وطنية...
بن صالح شاهد عيان، على كل الفعل الذي أتاه بورقيبة، في
المنفى كما في تونس، وقد مكّنته الأيام والسنون من أن يفحص الشخصية التي
يقول عنها الآن إنها لا تزال تحتفظ بطلاسم لا يقدر على فكّ رموزها.
وهذا
الموقف يظهر جليّا عند أحمد بن صالح، وهو يتناول ملفّ فرحات حشّاد، الذي
قيل له بعد وقت من استشهاده، إنه أوصى به خيرا، حين زار حشاد الحبيب عاشور
في اقامته الجبرية بالمحرص، وبعد أن حدّثه عن نشاط أحمد بن صالح في مقرّ
«السيزل» في بروكسيل، وقد بقي معه عشرة أيام، ودّع حشاد عاشور بعد الحكاية
ثم رجع من الباب ليقول لعاشور: حافظوا على أحمد بن صالح.
بن صالح شاهد
عيان على دخول الاتحاد العام التونسي للشغل في أكبر منظمة عالمية للشغالين،
حيث عرف حشاد كيف تكون التوازنات في العالم. وقد عرف بن صالح هذه المنظمة
من الدّاخل، حيث كانت له خطة ادارية في الكتابة العامة في بروكسيل، فزادت
معرفته ـ عن قرب ـ بصالح بن يوسف، وازدادت معرفته ببورقيبة وبحكومة شنيق
وحمّادي بدرة كما عرف سفّاح الاستعمار في تونس: «دي هوت كلوك» الذي بدأ
قصّته مع بن صالح منذ كان في «بروكسيل» ورفض اعطاء النقابي التونسي جواز
سفر... فقد عرفه قبل أن يعرفه التونسيون!
بن صالح شاهد عيان، على فعل
الاتحاد العام التونسي للشغل، فعندما يتحدث عن أحمد التليلي ومحمود الخياري
والحبيب عاشور ومحمد الري وآخرين وكأنه جالسهم البارحة... غير أن العهد
كان فترة آخر الاربعينات وبداية الخمسينات.
بن صالح شاهد عيان، على
تكوين حكومة المفاوضات (بن عمّار) وعلى انشاء حكومة الاستقلال التي ترأسها
بورقيبة.
بن صالح كان شاهد عيان، بل وفاعلا، من حيث أنه قام بوساطة خذله
فيها بورقيبة، بين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة، وسوف ترى النور تفاصيل
عديدة منها، هنا عبر هذا الركّن تباعا...
بن صالح كان شاهد عيان، على
كبرى الأحداث النقابية العالمية، وكان فاعلا في انضمام لبنان العربي، الى
السّيزل، فكان دخولهم (اللبنانيون) بنفس اليوم مع (الصهاينة)
الاسرائيليين..
بن صالح شاهد عيان وفاعل، في قضايا المغرب العربي، فهو
يعتبر أنه قام بواجب، تجاه المغرب الأقصى وملكه محمد الخامس المنفي من
الاستعمار الفرنسي، وتجاه الجزائر حتى أنه وعندما أراد المغاربة
والجزائريون والمصريون مجازاته بعد فترة، بالشكر، تعفّف في العواصم الثلاث،
وقال انه لم يقم سوى بواجب وطني.. ففي مصر، وإبّان العدوان الثلاثي سنة
1956.
في مقرّ السيزل، كان لبـن صالح باع أيام العدوان الثلاثي على
مصر.. فقد بدأ الاجتماع بتوجّه قاس فيه انتقاد لعبد الناصر «وبعد الحقد
الكبير الذي عبّر عنه عدد من النقابيين النافذين في المنظمة والعالم، كان
الى جانبي نقابي أمريكي تقدّمي فطلب من الجلوس أن يستمع الاجتماع الى
العربي الوحيد الموجود بينهم والتفت إليّ ومباشرة تكلّم أحمد بن صالح ووضع
سؤالا موقفا أمام الحضور: «كيف أن منظمة شعبية تدافع عن الشعوب ترفض تأميم
قناة السويس فهنا قال لهم يجب أن نعرف هل أن التأميم في مصلحة الشعب
المصري أم لا؟»
ومن هنا كانت اللائحة التي ساندت فيها منظمة السيزل
الشعب المصري، لائحة حيّاه من أجلها حسين الشافعي نائب عبد الناصر الرئيس،
عندما جاء في زيارة الى تونس لاحقا..
فعل بن صالح هذا، في موقع يعتبره
العديدون بؤرة للقوى الاستعمارية (السيزل) لكن بن صالح، سوف يكشف تباعا كيف
تؤخذ القرارات وكيف تساند حركات التحرّر من ذاك المنبر..
بن صالح شاهد
عيان على المراحل الأولى لتأسيس الدولة التونسية الحديثة، بشخوصها وتأثيرات
المناخين الاقليمي والدولي فيها، وهو كذلك شاهد عيان فاعل، في المجلس
التأسيسي لأول برلمان منتخب في تونس، حيث كان النائب الأول لرئيس المجلس
الدستوري، الهيئة التشريعية التي أعلن من منبرها عن الجمهورية نظاما لتونس
ما بعد الاستقلال...
لكن كيف كانت علاقة بن صالح ببورقيبة؟ كيف بدأت
وكيف انتهت؟
في فترات من «الحكاية» التي تقرؤونها تباعا وعلى حلقات
يومية ـ إن شاء الله ـ يبدو لك أحمد بن صالح على طرفي نقيض مع بورقيبة، وفي
مواقع أخرى من القصة، يبدو لك محبّا لبورقيبة حدّ الإعجاب...
عبر هذه
الحلقات، سوف نقف على علاقة بين رجلين وصلت مرات الى أوج مرحلة ايجابية
فيها وفترات أخرى بدا الاختلاف حدّ الصدام...
ثم ما قصّة برنامج
التعاضد، ومن أين تبدأ الفكرة وكيف قُدّ البرنامج؟ هذه أسئلة مركزية سنحاول
أن نكشف عن أسرارها وأطوارها من خلال ما سيقوله في هذا الركن، السيد أحمد
بن صالح...
الرحلة طويلة... والمرحلة تتحول بفعل الأحداث، الى مراحل،
ففيها زخم معلوماتي لا تسعه سوى هذه الحلقات وفي هذا الركن.
سوف يقول
له: «إدغارفور» Edgard Faure الوزير الأول الفرنسي ذات زيارة له الى تونس
السيد وزير كل شيء Monsieur le ministre de tout كان ذلك بلهجة حاقدة يوم 3
أوت 1969، بمناسبة عيد ميلاد بورقيبة، فقد بدأت سلسلة المؤامرات بعد...
سوف
يتابع قرّاء «الشروق» ويوميا عبر هذا الركن، تفاصيل علاقات بن صالح
بالمنصف باي، وبحشاد، وبورقيبة وبن يوسف وثامر، وكيندي «وويليّ برانت»
و»برونو كرابيكي» و»عبد الناصر» و»صدّام» و»بن بلاّ»... فقد كان شاهدا
فاعلا في مرحلة هامة من التاريخ الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:12

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
لكل قصّة إنسانية بداية...
وبداية التاريخ بالنسبة للذات البشرية تبدأ من يوم الميلاد.
السيد أحمد
بن صالح، الذي سيكتشف القارئ، عبر هذا الركن ـ مذكّرات سياسي في «الشروق» ـ
أنه يحمل مخزونا تاريخيا من حيث الأحداث التي عاشها فكان إمّا شاهدا عليها
أو طرفا فاعلا فيها، يبدأ ملفّات الذّاكرة والذكريات من الطفولة.
«ولدت
يوم الثالث عشر (13) من جانفي سنة 1926 ... وكنت رابع إخوتي فيما كانت
المرحومة فاطمة، شقيقتي الصغرى التي توفّيت منذ سنوات قليلة جدا، تقاسمني
أمرا هاما: كلانا لا يتذكّر صورة الوالدة التي توفّيت صغيرة دون أن تكون
لها صورة واحدة يمكن أن نعود اليها أنا وأختي».
أنجبت والدته عشرة
أطفال، بقي منهم خمسة على قيد الحياة، وخمسة دفنوا قبل أن تموت هي...
الأخت
الكبرى تركية حرم الحاج حسين وكذلك الشقيق الأكبر د. امحمّد بن صالح
والشقيق الثالث محمد بن صالح أستاذ فلسفة متخرج من جامعة دمشق وشقيقته
فاطمة حرم بن صالح، التي تصغره قليلا، توفّوا جميعهم، «بحيث أنا الأخير من
أشقائي من أمّي من بقي على قيد الحياة»...
ولد صاحب المذكرات بالمكنين،
بجهة الساحل التونسي، وعرف يُتم الأم مبكّرا، حتى أنّه يوشّح منزله الى
الآن بصورة العائلة المتاحة، الا صورة لأمه ليست موجودة أصلا، فيما يتوسط
مؤطر لصورة امرأة بلباس تقليدي (الخلّة) ساحلي، وعندما سألته عنها وقد تهيأ
لي أنها الوالدة، فقال لي: هذه جدّتي من أبي، وقد عمّرت بمشيئة الله أكثر
من الوالدة...
ما يجمعني وأختي المرحومة فاطمة اذن هو أنّنا لا نستحضر
صورة والدتنا، فقد فارقت الحياة ونحن صغار جدا... هكذا استدرك صاحب
المذكرات موضحا.
تزوّج الوالد، بإمرأة ثانية، فارقته بالتراضي بعد خمس
أو ست سنوات... وكان «سي أحمد» يناديها «أمّي» «اسمها صالحة بلكحلة من
طبلبة وقد ربتني وأناديها «أمّي صالحة»... لكن في الأثناء يتوفى زوج
الخالة، التي أصبحت فيما بعد زوجة الأب و»أم إخوتي الهادي ونجيبة ورجاء
وحسناء».
لكن كيف كانت الدراسة، وماذا يتذكر محدثي عن تلك الفترة: بداية
الثلاثينات؟
يقول «سي أحمد» إنّه درس المرحلة الابتدائية بالمكنين مسقط
رأسه، ثم «انتقلت الى الصادقية، بعد اجتيازي مناظرة السادسة» ولكن صاحب
المذكرات اضطر رغم نتائجه الباهرة، الى إعادة قسم السادسة، لأن عمره، ساعة
اجتياز المناظرة، كان دون السن القانونية المسموح بها حسب نظام التمدرس
وقتها...
إبن المكنين الذي يروي عنه الكبار انه كان طفلا غير عادي،
يتذكّر أحداث 1934، التي رافقت مؤتمر الحزب الحرّ الدستوري... اذ أن
النضالية التي ستكون مسار بن صالح، في الصادقية وفي فرنسا وفي تونس، ضمن
كوكبة رموز الحركة الوطنية، لم تتأسس في ذهنية الرجل من خلال مروره
«بالصادقية» وهو المعهد الذي قارع من خلاله ونشط أغلب التلاميذ، سلطات
الاستعمار... يقول صاحب المذكرات وقد سألته عن الطفولة في المكنين، وماذا
يذكر عن النضالات الثلاثينية، «أتذكر سنة 1934 كيف أنّ والدي كان ضمن أوّل
شعبة في المكنين... كان ضمن الهيئة الأولى لهذه الشعبة الأولى... وكان
المؤتمر للحزب الحرّ الدستوري قد عرف أشغاله في مارس 1934 بمدينة قصر هلال،
وكان امحمّد بعيزيق هو ممثل شعبة المكنين لدى المؤتمر الذي حضره والدي
وأعضاء الشعبة...
وهنا يروي السيد أحمد بن صالح الذي سينضمّ لاحقا الى
الحزب والشبيبة المدرسية، كيف أن مؤتمر قصر هلال ـ حسب ما سمعه من روايات
الوالد ـ عيّن بورقيبة كاتبا عاما للحزب ود. محمود الماطري وقع تعيينه
بالاجماع ـ أي بالأيدي المرفوعة ـ ووقع انتخاب الديوان السياسي... «الذي
عرفته من والدي هو أن الانتخابات أعطت أكثر الأصوات الى الطاهر صفر...»
وقعت مشاكسة بين بورقيبة والطاهر صفر جعلت الأخير يقول تعفّفا: «لن أترشح
للكتابة العامة» رغم حصوله على أغلبية الأصوات... انتخب بورقيبة اذن كاتبا
عاما للحزب من مؤتمر قصر هلال... وبدأ الحزب نشاطه بقيادته الجديدة، سنة
1934 سرت معلومة في السوق الأسبوعي بالمكنين تقول بأن بورقيبة وقع إلقاء
القبض عليه يوم الثالث من سبتمبر...
لم يهدأ بال أهل المكنين، مثلهم في
ذلك مثل بقية المدن والقرى، بعد أن ألقي القبض على بورقيبة على أيدي قوات
الاستعمار... وهنا يكشف «صاحب المذكرات» كيف كان تحرك شعبة المكنين التابعة
للحزب الحر الدستوري، وقد كان والده عضوا فيها «اجتمعوا كأعضاء للشعبة في
مقبرة المكنين» خشية سطوة الاستعمار... فكان الصدام بين الحزب والقوى
الاستعمارية يوم 5 سبتمبر 1934، وكان عمر أحمد بن صالح وقتها ثماني سنوات
فقط...
* غدا: الأطفال يشاركون في «الثورة» ضد الاستعمار...
بالحجارة...
* تصويب واعتذار
في التوطئة العامة لركن
«مذكرات سياسي في الشروق»، التي نشرت في عدد الشروق ليوم أمس، تسرّب لبس في
ما يخصّ «السيزل» وموقفها كمجمع للنقابات العالمية من المسألة المصرية
والعدوان الثلاثي على مصر. فقد شدّد السيد أحمد بن صالح على أن أسلوب
الاقناع هو الذي اعتمده حين تدخل في جلسة السيزل حول التطورات الحاصلة على
قناة السويس، فقد كان أعضاء المكتب قد اتجهوا نحو التهجم على الزعيم عبد
الناصر، وعندما تدخّل السيد أحمد بن صالح ـ وكان العربي الوحيد بينهم ـ
أقنعهم بأن تأميم القناة هو لصالح الشعب المصري، فكانت اللائحة التي صدرت
عن «السيزل» تساند الشعب المصري... على أن الأمر لم يكن اجبارا، من بن صالح
للمكتب التنفيذي لـ»السيزل» «ففيهم أغلبية صديقة لنا ولقضايانا»، ينوّه بن
صالح. لذا وجب علينا الاعتذار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:14

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
لئن بدأ العالم يؤرخ
لثورات الحجارة بين أيدي الأطفال يطلقونها ضدّ المستعمر، من الانتفاضة
الفلسطينية الثانية، آخر الثمانينات وبداية التسعينات، فإن «صاحب مذكرات
سياسي في الشروق» شدّد عبر المحطات التي يستذكر، على أنه عاش ردّ فعل من
أطفال المكنين سنة 1934، فكانت ثورة «أطفال الحجارة» ضدّ الاستعمار
الفرنسي، وكان الطفل أحمد بن صالح الذي لم يكن عمره يتجاوز الثماني سنوات،
أحد هؤلاء الأطفال الذين شاركوا أولياءهم وأهالي المكنين في الصدام مع
المستعمر الفرنسي..
«لقد كان الأهل يعبّئون لكلّ طفل منّا جيبي مؤزره،
بالحجارة، حتى نقذفها في وجه البوليس والجيش الاستعماري، وكان الأهل
يشجعوننا ويوجهوننا حتى نمطر بوابل من الحجارة، مكتب «عدل التنفيذ» لأنه
كان يمثل وقتها بالنسبة لأهل البلدة والساحل، رمز إفلاس الفلاحة وأصحاب
أراضي الزياتين»..
وهنا سألته مستفسرة عن هذه الحادثة، وعن سرّ الفاقة
التي كان يعاني منها منتجو الزيت والزيتون في الجهة، فقال: «بداية
الثلاثينات وقبلها وبعدها كان أهل الساحل غارقين في التداين، لأن سعر الزيت
(زيت الزيتون) عرف انخفاضا غير عادي..
وقد أفلس العديد من الفلاحين
والمنتجين لهذه المادة، ومنهم والدي، هذا لأن سعر الزيت يُقرّر في
مرسيليا».. وهنا كشف «سي أحمد» النقاب عن أن الأحداث اتخذت وجهة أخرى، حيث
تكثفت المظاهرات في الشوارع مما اضطر سلطات الاحتلال إلى أن «تستعين»
بالجيش (جيش الاحتلال) والطائرات.. وأضاف: «أولا كان ذلك بسبب اعتقال سلطات
الاستعمار زعيم الحزب، الكاتب العام للحزب الحرّ الدستوري الحبيب بورقيبة
وثانيا، كانت الهبة الشعبية لأسباب اقتصادية واجتماعية»..
وبعد أن وصف
بن صالح كيف أن المتظاهرين الغاضبين في بلدة المكنين، احتلوا يومها (5
سبتمبر 1934) الشوارع غصبا وسخطا على المستعمر الفرنسي، «حيث كانت ثورة
طوال النهار، وكان والدي من بين المتظاهرين المتمسكين بمواصلة الغضب، فألقي
عليه القبض ومعه مجموعة من رجال المكنين»..
كان الطفل يرمق الأحداث،
ويرى والده وهو في قبضة سلطات الاستعمار، فسألهم (الجلاّدون) ببراءة «لماذا
تأخذون بابا»؟ «فردّوا عليّ ـ يردف صاحب المذكرات ويستذكر ـ بالقول: لأنه
«يتّبع بورقيبة».. أي أنه من أتباع بورقيبة..
وهنا سألته وهو في هذه
السن: لقد بدأتم مبكّرا نضالاتكم ضدّ الاستعمار، فأنتم الجيل الذي ربط
رباطا وثيقا بين التعليم ومقارعة الاستعمار، أليس كذلك؟ ردّ الأستاذ أحمد
بن صالح، وقد اعتلت محيّاه بسمة، هي نصف اعتزاز ونصف ذكرى، لشواهد ومحطات
سوف يقول عنها المؤرخون إنها صنعت وقدّت جيلا، يفكّر ويضع في الميزان شرعية
الاحتلال، فقال: «يمكن القول، إن النضال رضعناه في الحليب» ولـمّا سألته
عن ذاك اليوم المشهود، الذي سجن فيه مناضلون، وضرب آخرون من قبل قوات
البوليس والجيش الاستعماري، قال: «يوم 5 سبتمبر 1934، وقع تجاهله أو
نسيانه، فقد كانت التواريخ تشدّد فقط على أن الثالث من سبتمببر من نفس
السنة، أي يوم القاء القبض على بورقيبة هو المهم»..
فهمت من هذه
الاشارة، أن «صاحب المذكرات» يلمّح إلى أن يوم الخامس من سبتمبر، لما تحرّك
أهالي المكنين وثاروا أطفالا وكهولا وشيوخا، في وجه المستعمر الفرنسي،
كانت له أهمية، ومن المفترض أن لا يُنسى ولا يزال من سجل الحركة الوطنية
الشعبية لذا فهمته لـمّا أردف مواصلا: «عندما دخلت دواليب الحزب، وأصبحت
رئيس شعبة ورئيس بلدية، بعد الاستقلال، قررنا على مستوى الجهة، احياء ذكرى
يوم 5 سبتمبر 1934، حيث أسر من أسر من الأهالي، وهناك من المعتقلين من قضى
نحبه في معاقل التعذيب.. ثارت ثائرة الديوان السياسي للحزب، تجاه ما
أقررناه في مستوى المكنين (احياء ذكرى 5 سبتمبر 1934) وقال أعضاء الديوان
السياسي، إن المهم ليس الخامس من سبتمبر 1934 بل الثالث من تلك السنة وذاك
الشهر».
وهنا ولـمّا أطرق قليلا، فهمت أنه يستذكر أمرا ما، أمر محزن على
ما يبدو فسألته عن سرّ ذلك فردّ بسرعة وكأنه يواصل حديثه عن تطورات
الأحداث إبان تلك الهبة الشعبية والتي شارك فيها كما أترابه من الأطفال
بالحجارة: «أتذكّر أن سبعة أو ربما ثمانية من أهالي المكنين، أخذهم
المستعمرون إلى مكان كلّه حجارة. فركعوهم على الركبتين وعمل المستعمر على
«غرس» الركبتين عبر دفع الكتفين في الحجارة، فكانت الكسور والآلام التي لا
توصف، ثمّ أخذوهم إلى سجن «لامباز» بالجزائر (المستعمرة أيضا من فرنسا) وقد
ماتوا هناك.. وأعادوا رفاتهم لاحقا أي سنة 1957»..
ولكن بن صالح، لم
تقف آلامه على أهل المكنين وثورتهم على المستعمر عند ذاك الحدّ. فقد ظلّ
وفيا لذكرى الشهداء وذكرى المناضلين في ذاك اليوم المشهود، ممّا حدا به
لاحقا، وهو في منصب النائب الأول للمجلس التأسيسي، وعندما كان بورقيبة يزور
المكنين، قال بن صالح: «إن هذا البلد هو بلد الشهداء بالموت وبالحياة».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:15

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
على منوال النضال ومقارعة
الاستعمار الفرنسي، شبّ «أحمد بن صالح»، حيث أثرت في ذاكرته تلك التحركات
الشعبية المناهضة للاستعمار والتي شملت الساحل بأسره.. وكان طفلا شاهد عيان
على ما حدث من المكنين حين وقعت مشادات مع قوات الاستعمار، يوم السوق
الأسبوعي (الاربعاء) حيث كان المتظاهرون من المكنين ومن بلدات ساحلية أخرى
مجاورة لموطن بن صالح..
درس «سي أحمد» المولود بالمكنين سنة 1926،
ببلدته طوال المرحلة الابتدائية، ثم خضع كما أبناء جيله من المتفوقين إلى
مناظرة لنيل شهادة ختم الدروس الابتدائية، ومناظرة الدخول إلى المعهد
الصادقي بالعاصمة..
على أن الوجه الآخر لنشاط هذا الطفل الذي وعى مبكرا
بالعدوان الاستعماري الفرنسي، يتمثل في النشاط والحراك الذي بدأه «صاحب
المذكرات» في تونس العاصمة، أي ضمن الشبيبة الدستورية (بالصادقية) فقد
بدأنا الحراك ضمن الشبيبة الدستورية.. وكان المناخ الدولي تحت سطوة الحرب
العالمية الثانية فيما كان المناخ الوطني زاخرا بالنضال ضدّ الاستعمار
الفرنسي.. وتداعيات 9 أفريل 1938 .. يواصل «سي أحمد» سرده لهذه الوقائع
التاريخية، التي سيكون لها تأثير على شخصية الرجل، وعلى مسيرته العلمية
والسياسية وكذلك النقابية..
يواصل صاحب المذكرات كشف التفاصيل من
الأحداث التي طبعت فترة آخر الثلاثينات وبداية أربعينات القرن الماضي، وقد
كانت تونس لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي، ليقول: «أغلقت المدرسة
الصادقية لفترة، ولم نعد إلى الدراسة إلا سنة 1943، وعندما رجعنا كان علينا
أن ندمج عامين في عام دراسي واحد» وهنا سألت محدثي عن الشبيبة الدستورية.
ومن كان يؤطّر نشاطها الذي كان هو نفسه من ضمن الناشطين فيه، فقال: نشاط
الشبيبة الدستورية كان في ذاك الوقت بقيادة محمد بسباس رحمه اللّه، وفي هذا
الإطار أذكر أن د. الحبيب ثامر، حمّلني مسؤولية، مقاومة جمعية تكونت تحت
ستار ديني واسمها «شباب محمد» بأن أدخل ضمنها أنا ومجموعة اختارها من
الدستوريين، إذ تفطّنا أنها جمعية تستقطب الشباب التونسي قصد تدريبه تدريبا
عسكريا، لإرساله إلى العراق.. لضرب الحلفاء وإسناد النازيين (ألمانيا)..
كان عبد المجيد بن جدّو هو القائد الأعلى لهذه الجمعية، التي أوكل لي د.
الحبيب ثامر ولعدد من زملائي، أن «نفرقعها من الداخل».. وهنا ذكر «بن صالح»
أسماء المجموعة التي كلفه «ثامر» بأن يختارها وهي مجموعة من الدستوريين
(أي ينتمون إلى الحزب الحرّ الدستوري) وهم: الطيب السحباني ومحيي الدين
الفليكي (أصله من ليبيا) وزين العابدين الحجري، وقد سمّيته أول مدير
للبورصة في تونس حين كنت وزيرا للتخطيط والمالية، ود. محمد القصّاب، وقد
كنّا نعمل كما ذكرت آنفا، تحت قيادة الحبيب ثامر..
هنا سألته عن هذه
الجمعية «جمعية شباب محمد»، وكيف دخل في صلبها، وكيف انطلت المسألة على
أعضائها الحقيقيين، فبادر بالإجابة، وهو يبتسم: «عبد المجيد بن جدّو كما
قلت، كان هو القائد الأعلى لهذه الجمعية، وكنت أنا وزير خارجيتها والطيب
السحباني هو مدير الإدارة، أي أن له مفاتيح النادي»..
وبعد استفسار بسيط
عن مقرّ هذه الجمعية التي اثار نشاطها حفيظة الدستوريين، قال إن مكتبها
كان في جهة «باب العسل» بالعاصمة.
وهنا واصل «سي أحمد» سرد القصة ليقول:
«عندما كلفني د. الحبيب ثامر بالمهمة المذكورة، أعطاني كامل الحرية
لأتفاهم معهم (أعضاؤها).. وحدث أن قررت الجمعية احتفالية بمناسبة المولد
النبوي الشريف، في الطابق الأول لمقهى معروف «بباب سويقة» تشرف على بطحاء
باب سويقة، وكانت الفنانة شافية رشدي تغني من هناك وتحيي حفلاتها من تلك
الشرفة بالطابق الأول»..
وهنا يكشف محدثي، بأن كلاّ من سفير ألمانيا
(النازية) وقنصل إيطاليا (الفاشية) ورئيس البلدية شيخ المدينة الشاذلي
حيدر، كانوا على رأس المدعوين إلى هذه الاحتفالية، التي أقرتها الجمعية،
وأضاف: «وقع التحضير للحفل، بأن خصصت محاضرات عن السيرة النبوية.. ولكن
الليلة السابقة للاحتفالية، حدث وأن نشب حريق في مقرّ الجمعية، فأتت ألسنة
النيران على محتويات المكاتب، بما فيها الخطب والمداخلات التي كانت
مبرمجة».. لم يكذب شكّي، سي أحمد، حين سألته هل أنكم (أي المجموعة التي
دخلت في الجمعية بإذن من د. الحبيب ثامر) أنتم من أشعل النيران وأفسد
الحفل؟ فقال: نعم، الحقيقة نحن من أضرم النيران في الوثائق الموجودة
بالمقر.. ومن الغد اجتمعنا صباحا، لاحياء الذكرى، وقررنا أن نتكلّم وحدنا
وبلا خطب معدّة مسبقا وبلا نصوص مهيأة.. وفي الحفل تكلّم عبد المجيد بن
جدّو. ثم أعطاني الكلمة».. وتكلّم بن صالح في الحفل في صيغته الجديدة، وبلا
حضور مدعوين أجانب.. ولكن بدا في الأمر سرّا.. تكشفه لنا الحلقة القادمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:16

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكراي
قبل أن يكشف السيد أحمد بن صالح،
تأسيس المناضل الحبيب ثامر لإذاعة اتخذت اسم «هنا تونس الحرة»، سألته
ثانية عن الهدف الحقيقي من تفكيك جمعية «شباب محمد» ولماذا كل هذا الاهتمام
بنشاطها، وهل أنه صحيح أن الجمعية كانت تستقطب الشباب من أجل تدريبه
عسكريا، ليلتحق فيما بعد بالعراق، عهد نوري السعيد، ولكي يناصروا ألمانيا
النازية؟ قال «سي أحمد» إن ذلك التبرير كان صحيحا وأن «د. الحبيب ثامر،
ولما طلبني في هذه المهمة، فسّر لي كيف أن سياسة «شباب محمد» مغايرة تماما
لسياسة الحزب الحر الدستوري الذي ننتمي اليه... فسياسة الحزب آنذاك، هي ضد
تأييد ألمانيا النازية، وكانت القيادة العليا وقتها مؤلفة خصوصا من عبد
المجيد بن جدو والحاج ناصر (الجزائري) وعندما دخلت في صلبهم، تفطنت الى
أكثر من ذلك، فقد كانت الجمعية عبارة عن مجمع للمخابرات... وقد نالني من
المجموعة اعتداءات كبيرة طالت ضربا مبرحا آلم جسدي»... مثلما ذكر ذلك في
حلقة الأمس... وبالتفصيل.
يواصل الاستاذ أحمد بن صالح سلسلة ذكرياته عن
مرحلة هامة من تاريخ تونس الحديث، فبدا التداول واضحا على هذه السطور التي
تقرؤون، بين السؤال ـ سؤال «الشروق» ـ وبين الجواب، أي جواب صاحب
المذكرات...
وقبل أن يواصل «سي أحمد» حديثه عن الاذاعة التي أسسها د.
ثامر، كشف النقاب بعد أن سألته عن أحوال الدراسة في ظل تلك التطورات
والنشاطات، عن أن المدرسة الصادقية، قلعة النضال الوطني الشبابي في تلك
الفترة بلا منازع، أغلقت أبوابها «ولم نرجع إليها إلا سنة 1943» فقد كانت
الحرب العالمية الثانية على أشدّها في تلك الفترة، وكانت تونس التي ترزح
تحت الاستعمار الفرنسي، تعد أحد المسارح لهذه الحرب...
في تلك الفترة
بداية الاربعينات، احتاج الوطنيون الى صوت إعلامي، أسرع من الجريدة، فكان
ميلاد إذاعة «هنا إذاعة تونس الحرة»، التي عزّزت المشهد النضالي على
المستوى الاعلامي. الاستاذ أحمد بن صالح، كان له نصيب في برامج هذه الاذاعة
التي أسسها ثامر وأدارها المسعدي. «عندي حصة في الاذاعة، اسمها: هل تعلم؟
كنت أقرأ المجلات العربية والاجنبية، وقد واصلنا على ذاك المنوال مدة لا
بأس بها»... كان عمره آنذاك 17 سنة، ومايزال تلميذا بالصادقية، وكان
الاحتلال الالماني لفرنسا قد أصبح واقعا، لذلك ازداد النضال ضد الاستعمار
الفرنسي، الذي عرف الفرنسيون معناه لما رزحوا تحت نيره... من جهة أخرى يوضح
«سي أحمد» بعض الملفات المرتبطة بالنشاط الشبابي داخل الحزب الحر
الدستوري في مرحلة النضال الوطني، ليكشف أنه ترشح الى رئاسة الشبيبة
المدرسية التي حصل عليها بالانتخابات، سنة 1944 ـ 1945... «عندما ترشحت الى
الشبيبة المدرسية (قيادة) ترشح معي ثلاثة زيتونيين هم الحبيب بلخوجة
والعروسي المطوي وعبد الله شريّط (جزائري عاش في تونس ثم انتقل الى
الجزائر)، وقد تقدمنا في ذاك الوقت في قائمة مشتركة، إذ لم نكن نقبل
التفرقة بين «الصادقيين» و»الزيتونيين»...
استغللت حديث صاحب المذكرات
هنا عن المدرسة الزيتونية والزيتونيين، وسألته عن تدريس العلوم بالعربية في
المدرسة الزيتونية، فقال: «أذكر أن الشيخ الطاهر بن عاشور هو من أدخل
العلوم الصحيحة الى المدرسة الزيتونية... وكان هذا يبدو غريبا بالنسبة
للبعض... وقرر وقتها أن تشمل البرامج المدرّسة بالعربية بالزيتونة،
الفيزياء والكيمياء ولم يجدوا في «الزيتونة» أستاذا يمكن أن يتولى هذه
المهمة»... وكشف «سي أحمد» النقاب عن أن كلاّ من البشير قوشة ومحمد
السويسي وأحمد الفاني، كانوا يدرّسون بالصادقية والعلوية والمعهد الفني
بتونس (اسمه وقتها إيميل لوبّي) وكان هو مازال يدرس تلميذا بالاقسام
النهائية بالصادقية... و»عندما اتصل بهم الشيخ الفاضل بن عاشور قالوا: لا
نستطيع تدريس هذه المادة العلمية بالعربية... لكننا سنعطيك أفضل تلاميذنا
لتدريس الفيزياء والكيمياء بالعربية لجماعة التطويع» بالزيتونة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:18

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
يقول صاحب المذكرات ان خطّة
وُضعت قبيل انطلاق فعالية احياء ذكرى المولد النبوي الشريف، من قبل الجمعية
التي «اندسّ» فيها شباب دستوري لكي ينهوها تماما ويفرقعوها من الداخل،
الجمعية اسمها كما ذكرنا سابقا: «جمعية شباب محمد» وقد كشف بن صالح كيف
تفطّن الحزب الحرّ الدستوري الى النشاط المشبوه لهذه المنظمة التي تستقطب
الشباب التونسي وتدرّبه وترسله الى المشرق (العراق) لاسناد النازيين ضد
الحلفاء...
لقد تكفّل الدكتور الحبيب ثامر أحد قياديي الحزب في تلك
الفترة، أي بداية الأربعينات بأن يقضي على هذه المنظمة المشبوهة، والتي لا
تتلاءم سياسة الحزب مع توجهاتها ولا مع أهدافها.
كان ذلك سنة 1942،
عندما أضرم الشاب أحمد بن صالح ومجموعة من الشبيبة الدستورية ممّن دخلوا في
صلب المنظمة، في مكاتبها كان المخطط متفق عليه مسبقا، ولكن ما يكشفه صاحب
المذكرات هنا، هو أنّ الاجتماع المعوّض لاحتفالية المولد النبوي الشريف، من
قبل أعضاء الجمعية، تم من الغد صباحا، وهنا طلبت الكلمة بعد أن تكلم «بن
جدّو» ثم أعطاني الكلمة، وكنت متفقا مع د. الحبيب ثامر، بأن يرسل شبابا من
الدستوريين، حتى اذا ما بدأت كلمتي، يقومون بمهمتهم المتمثلة في تغيير وجهة
الحفل وكشف حقيقة هذه الجمعية... وفي استغراب، سألت «صاحب المذكرات»: كيف
كانت الخطة ولماذا؟ فقال: «بعد أن اخذت الكلمة في هذه الاحتفالية قلت كلاما
عاديا في الأول»، ثم أطلق «سي أحمد» العنان لكلام فاجأ الجالسين الى
جانبه، بأن كشف أمر هذه الجمعية «وقلت لهم، وقد تيقنت من وجود عدد غفير من
الدستوريين في القاعة، حسب الخطة: أيها الدستوريون ان جمعية «شباب محمد» هي
جمعية غير مرغوب فيها... وأن نشاطاتها مشبوهة... وما هي الا دقائق وبعد أن
كشفت كل المستور بخصوص هذه الجمعية، عمّت الفوضى كامل القاعة، وشدّدت
مواصلا كلمتي: سياسة هذه الجمعية ليست سياسة الحزب الحر الدستوري»... كان
عمر ـ بن صالح لا يتجاوز 17 سنة أو أقل بقليل، وكان تلميذا بالمدرسة
الصادقية.
وانتهت العملية الأولى عند هذا الحدّ، لكن السلط المعنية
يواصل «سي أحمد»، أعطت الجمعية مقرّا جديدا في نهح «التريبونال»، وأجهزة
جديدة ومكتبة... ولكن هل انتهت قصة الشبيبة الدستورية مع جمعية «شباب محمد»
عند هذا الحدّ؟ يقول صاحب هذه المذكرات، في معرض إجابته عن هذا السؤال:
أبدا... بل كُلّفت ثانية بأن أذهب الى المقر الجديد لأعرف كيف يمكن
مهاجمتهم مرّة أخرى»... وهنا كشف «سي أحمد» بن صالح النقاب عن الحادثة
الجديدة التي وقعت له مع جمعية «شباب محمد» اذ بمجرّد أن شارف على باب
المقر الجديد، طالعه أحد أعضائها من مفتولي العضلات... فكان طويل القامة
وبنيته قوية جدا، فما كان من الشاب أحمد بن صالح الا أن انقضّ على هذا
الشخص الذي فهم مقصد الشاب الدستوري وغرضه من هذه الزيارة... «انقضضت عليه
بسرعة فائقة وتمكّنت من عضّه من خصره، فهرب مسرعا يجري، ولكن ما هي الا
برهة من الزمن حتى هاجمتني مجموعة من عناصر هذه الجمعية، في ساحة رمضان
باي»... وكان أن نال الجماعة من بن صالح وضربوه بشدّة وآلموه»...
واصل
الشاب الدستوري رحلته ونشاطه تحت إمرة د. الحبيب ثامر فيما كان محمد بسباس
هو من يقود الشبيبة المدرسية، فكانت مهام أخرى في انتظاره... فقد أسّس د.
الحبيب ثامر اذاعة اسمها «هنا إذاعة تونس الحرة» وكان محمود المسعدي هو
مديرها فيما كان شقيق الهادي نويرة، «البشير» هو المذيع.
غدا بن صالح في
هنا إذاعة تونس الحرّة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:19

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
تحصّل «سي أحمد» على ديبلوم
الدراسة الثانوية من الصادقية، سنة 1944، وكان بالتوازي مع الدراسة، ينشط
ضمن الشبيبة المدرسية والشباب الدستوري (التابع للحزب الحرب الدستوري)...
ونتيجة الصفعة التي تلقّاها التلميذ في الأقسام النهائية أحمد بن صالح من
القيّم العام «جلولي فارس» اختار بن صالح أن يتوجّه الى سوق الشّغل حيث شغل
قيّما بالمعهد الفني بتونس (معهد إيميل لوبي سابقا) ثم درّس سنة واحدة
بالمدرسة الزيتونية (الخلدونية) فيزياء وكيمياء باللغة العربية. هنا وبعد
سؤاله عن مآله كتلميذ أراد أن يحصل على الباكالوريا لكي يواصل تعليمه
العالي، قال صاحب هذه المذكّرات: «بعد تلك الحادثة التي أثّرت فيّ أيّما
تأثير، حاولت أن أجد توازني، وأعود الى مستواي وتوازني بصفتي تلميذا متميزا
في الدراسة، فذهبت الى باريس التي حللت بها يوم 16 أكتوبر 1945»، وهنا كشف
محدّثي النقاب، عن أن شهادة ختم الدروس الثانوية من المعهد الصادقي تسمح
للطالب أن يجتاز مناظرة الباكالوريا في فرنسا، فكان له ذلك، حيث آخر الأيام
التي تسبق دورة الباكالوريا أكتوبر 1945 بفرنسا، فاجتازه بنجاح.
ولكن
قبل فترة باريس، التي سنرى كيف سيختلط فيها النضالي بالمعرفي، سألت ضيف هذا
الركن، عن التحرّكات النضالية التلمذية الطلابية، التي تميّز بها عديد
التلاميذ الصادقيين والزيتونيين من جيله ومن الجيل الذي سبقه، خاصة وأن
الفترة التي عاشها بن صالح، كانت فترة مفصليّة في حياة تونس والعالم، فقد
عايش الحرب العالمية الثانية، وتداعياتها على تونس وعلى الحركة الوطنية...
قال بن صالح رابطا الأحداث والتحرّكات الوطنية التلمذية والحزبية في تلك
الفترة: «انتخبت في 1946 كاتبا عاما للشبيبة الدستورية التي مثّلت القناة
النضالية التلمذية صلب الحركة الوطنية... وكان ذلك في باريس، لكن قبلها،
كنّا في تونس، عندما كنّا مجموعات مجموعات، ننشط داخل الهياكل الحزبية
التلمذية والشبابية». فأما الفترة الأولى وسوف نأتي على ذكر تفاصيلها عبر
هذه المذكّرات، لما يحين موعد تناول المسألة اليوسفية، فقد تلت مباشرة خروج
الألمان من تونس سنة 1945، «حيث انخفض نشاط الحزب الحر الدستوري فوقع ردّ
فعل من جيلي مثل الطيب المهيري وحسيب بن عمار ومراد بوخريص، وبدون أن ننسّق
فيما بيننا أو نتفاهم، فقلنا كلمتنا وموقفنا في الموضوع، وأساسه أننا
طالبنا بأن يعود بورقيبة من القاهرة...». أما ثاني هذه المظاهر، التي
يرويها صاحب المذكّرات، فتتمثّل في أن كلا من هذه الأسماء التي لمعت في
حياة تونس المناضلة عهد الاستعمار، كانت له مجموعة سريّة... «فكان أن هاجر
مراد بوخريص الى مصر، وعرفنا في وقت لاحق، أن الطيب المهيري كانت عنده
مجموعة، والطيب السحباني وكذلك حسين النيفر (ابن البشير النيفر)... فكّرنا
في أن نجتمع كقيادات وكان لنا ذلك في منزل الشيخ البشير النيفر، وقد كان
يدرّسنا بالصادقية. دلفنا دهليز المنزل، فإذا بنا نجد ابنه حسين النيفر
الذي كان ضمن مجموعة الطيب المهيري، فيما مجموعتنا مؤلّفة من (المتحدّث)
ومحمود القماطي...».
مظاهر هذا النشاط تمثّلت في اصدار المجموعة لصحيفة
إسمها «الهلال» ودامت عاما كاملا، «كنا نطبعها على ركبنا وكان موقع الطّبع
في دار محمود الماطري بجهة العمران بتونس العاصمة».
فإلى حلقة قادمة...
وفيها: سرقنا... آلة طباعة من الحكومة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:20

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
لا يزال «سي أحمد» تلميذا
بالمعهد الصادقي، عندما احتاجت المدرسة الزيتونية إلى أساتذة يعلّمون
الفيزياء والكيمياء والرياضيات إلى التلاميذ الذين يرتادون هذه المؤسسة
العريقة.. وكان المطلوب، بعد أن أدخل الشيخ بن عاشور العلوم إلى
«الزيتونة»، أن يكون مدرس العلوم متقنا للغة العربية، التي ستكون لغة
التدريس..
في الحلقة الماضية، كشف صاحب المذكرات النقاب، عن أن كلاّ من
الأساتذة البشير قوشة ومحمد السويسي وأحمد الفاني اعتذروا ـ وهم الذين
يدرسون الفيزياء والكيمياء بالفرنسية ـ عن تدريس المادة العلمية بالعربية،
وذلك حين اتصل بهم الشيخ الفاضل بن عاشور، لكن هؤلاء الأساتذة، الذين
يعرفون جيدا قدرات التلميذ أحمد بن صالح، أشاروا على الشيخ الفاضل،
بتلميذهم الذي يتقن اللغتين العربية والفرنسية معا، وكفؤ في المواد
العلمية. وذلك حتى يتولى تدريس المواد العلمية في «الزيتونة» بالعربية..
كان
ذلك سنوات الأربعين من القرن الماضي، حين كان التونسيون حركة وطنية
وشبابية تناضل على جميع الأصعدة ضدّ الاستعمار الفرنسي..
«قال الأساتذة
الذين ذكرت أسماءهم آنفا، للشيخ الفاضل بن عاشور سوف نعطيك أفضل طلبتنا
لتدريس الفيزياء والكيمياء لتلاميذ التطويع» بالمدرسة الزيتونية. وكان
الأمر كذلك.. حيث بدأ الشاب أحمد بن صالح أستاذا مدرسا وهو لا يزال
تلميذا..
واصل «سي أحمد» نشاطه السياسي ضمن الحزب الحرّ الدستوري، كشاب،
مثله في ذلك مثل جيله. فكانوا منخرطين في التوجه النضالي الحزبي، فكان قد
انتخب خلال السنة الدراسية 1944 / 1945 رئيسا للشبيبة المدرسية.
لكن
أحمد بن صالح الصادقي، شارف الآن على امتحانات الباكالوريا، التي كانت
وقتها تجتاز على مرحلتين، كل مرحلة بسنة.
وهنا يستذكر، وهو ينتقل بنا
إلى فرنسا، حيث سافر أواسط الأربعينات لمواصلة التعليم العالي هناك، كيف ان
حادثة وقعت له في الصادقية وآلمته..
«هي حادثة وقعت لي مع جلولي فارس
حين كان قيّما عاما في الصادقية.. ضربني ولم أتحمّل ما أتاه معي من تصرّف..
ونتيجة لذلك، توجهت مرتين لامتحان الباكالوريا، فلم أتحمّل، فإذا بي أخرج
في كلّ مرّة بعد ربع ساعة من بدء الامتحان».. يقول سي أحمد عن الحادثة: إن
جلولي فارس أخطأ في حقّي وأنا لم أتحمّل.. رغم ذلك فقد اعترف القيّم العام
أنه قدّر الأمر بخطإ وأقسم على القرآن أنه لم يقصد ما أتاه تجاه بن صالح،
لكن الشاب الناشط، سياسيا ونضاليا، والذي مرّ بمراحل عديدة في مجال هذا
النوع من النضال، لم يتحمّل تلك الصفعة من جلولي فارس..
كان «سي أحمد»
تلميذا في الأقسام النهائية، وفي ذلك الزّمن كان التلميذ الصادقي
والزيتوني، في المراحل النهائية للتعليم بمثابة الطالب الجامعي، مسؤولية
ونشاطا..
فهم الشاب أحمد بن صالح أن جلولي فارس لم يكن يقصد ما فعله
معه، فقد كان مخطئا في الشخص والشخصية التي تستحق ذاك الاجراء.. وهنا شدّد
الأستاذ أحمد بن صالح، أن جلولي فارس، وقبل أن يغادر الشاب «المكنيني»
البلاد التونسية قاصدا باريس، اجتمع معه، وفسّر له حقيقة الأمر وكيف كان
مخطئا في ما حدث.. لأنه أخذ الشاب الراجع متأخرا، من موقع نضالي، بالشبهة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:21

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
مجموعات المناضلين ضمن حركة
التحرّر الوطني في تونس، تنوّعت أنشطتها وتنوّعت كذلك إسهامات كل عنصر من
عناصرها... فهذه إذاعة «هنا تونس الحرّة» التي أسّسها د. الحبيب ثامر، وكان
لصاحب المذكّرات فيها برنامج يعنى بما يُنشر في الصحافة التونسية (زمن
الاستعمار وتحديدا أواسط الأربعينات).
وهذه مجموعة المناضلين التي
يتحرّك معها أيضا الشاب أحمد بن صالح، والتي أصدرت جريدة «الهلال» وكان
الشباب يطبعون هذه الجريدة ولمدّة عام، بمطبعة حجرية ينغمس كل منهم على
ركبتيه لتأمين هذه النسخة...
لكن هذا الحلّ لم يكن كافيا، ولم يكن الطبع
بتلك الطريقة، مجديا...
في اجتماع دار النيفر، بين الناشطين المناضلين،
«اقترحت أن نتدبّر أمر «اقتناء» آلة طباعة لسحب جريدة الهلال، هكذا قدّم
«سي أحمد» لموضوع الآلة الساحبة مضيفا أنه تعهّد شخصيا بالمسألة... في ذاك
التاريخ (سنة 1944) لم تكن أيّة جهة غير الحكومة، يمكن أن تكون فيها آلة
طباعة للغرض! لكن كيف سيكون سبيل المناضلين الشبان الى آلة سحب وطبع تيسّر
سحب وترويج جريدة «الهلال»، التي يتخذونها منبرا وطنيا لمقارعة الاستعمار،
وإعلام التونسيين ممّن توزّع عليهم، بمواقع البلاد في ذاك الزمن؟
قرّر
«سي أحمد» والمجموعة أن «يسرقوا» الآلة من احدى وزارات الحكومة... «وفعلا
قمت بجولة في ذاك الوقت، في وزارتين: التربية القومية والمالية... فأما في
وزارة التربية، وما إن ولجت الوزارة، في وقت خارج توقيت الادارة، حتى
طالعني الحارس، وكان طويل القامة فخاطبني بلهجة حادّة: ماذا تفعل هنا؟
ارتبكت ولم أعد أعرف ماذا أقول له... فقلت له: أنا تهت عن هدفي... حدث هذا
في الممرّ الطويل جدا، والذي به مكاتب على اليمين وعلى اليسار... فشلت في
مهمّتي ولم أعثر على غايتي، فغادرت مقرّ الوزارة، ولكن قبل أن أواصل مهمّة
البحث عن الآلة ورصدها، حتى يتسنّى وضع خطّة لسرقتها، قال والد نورالدين
القماطي، الذي كان يشغل موظّفا في الكتابة العامة للحكومة (بالقصبة دائما)
لابنه إن الآلة موجودة في المكان كذا والمكتب كذا، بمقرّ الكتابة العامة
للحكومة، وهنا يشدّد «بن صالح» أنه توجّه فعلا الى وزارة المالية المحاذية
لمبنى الحكومة، ولم يجد فيها ضالته أيضا... وقبل أن يروي القصّة المثيرة
للمغامرة التي قام بها بنجاح، للتمكّن من آلة الطباعة والسحب التي كانت في
مقر الكتابة العامة للحكومة، شدّد بن صالح على كشف النقاب حول شخصية، لم
يكن يعلم أنها كانت وراء تدبّر أمر هذه الآلة التي سرقها من مقرّ الكتابة
العامة للحكومة... «فقد كان علي الزليتني هو السبب في الحل الذي مكّننا من
آلة السحب موضوع البحث، وذلك من خلال كتاب حول حياته، كتبه شقيقه حفظي
الزليتني وبعث لي بالنسخة الأولية ما قبل الطبع، مؤخرا، لكي أصحّح معلومات
فيه...». إذن ما فهمه بن صالح بعد كل هذه السنين ومن خلال الكتاب المذكور،
أن علي الزليتني كان وراء العثور على «الكنز» المتمثل في آلة الطباعة
والسحب... فقد مدّ محمود القماطي، المجموعة، بالمعلومة حول وجود ومكان
الآلة، والفريق تدبّر الأمر «حيث ذهبت أنا وسي عبد الحميد الفقيه (مهندس
الاشغال العامة فيما بعد) آخر أيامنا بالصادقية (القسم النهائي) الى مقرّ
الكتابة العامة، بعد أن أشار علينا كيف الولوج الى المقر التابع للحكومة
وأين سنجدها أي في أي مكتب من المكاتب».
بدأت المغامرة ذات البعد
الوطني، فقد كانت الحركة الوطنية السياسية والشبابية محتاجة الى صوت
الاعلام، فكانت صحيفة «الهلال» التي استعصى طبعها بتلك الطريقة والتي ظلّت
لوقت معيّن، تطبع وتسحب بمجهودات المجموعات الشبابية المناضلة، في بيت
نورالدين القماطي...
توجّهنا في اليوم الموعود، أنا وعبد الحميد الفقيه
الى مقر الكتابة العامة للحكومة، حتى نأخذ الآلة المطلوبة، بعد أن كشف لنا
محمود القماطي، والد نورالدين، أن الدخول يكون من جهة القصبة فيما الخروج
يكون عبر سوق التّرك...» توجّه الشابان، كما يروي «صاحب المذكّرات» الى
سوق «سيدي محرز» «فاشترينا قفّة قاعها عميق، ودخلنا مقرّ الكتابة العامة
للحكومة، ونحن نتحدّث بلغة فرنسية فيها حذق... دلفنا المكتب المقصود، في
المرّة الاولى، ووجدنا ضالتنا كما المكان المؤشّر لنا عليه، حسب القماطي،
في مكتب صغير، لكن القفة كانت متوسّطة العمق، أي أنها لا يمكن أن تسع الآلة
بالشكل الذي يخفيها، فعاودنا الرجوع الى «سيدي محرز» واشترينا قفّة
عملاقة، دخلنا المكتب وأخذنا الآلة ووضعناها في القفّة... في تلك اللحظة
التي أمنّا فيها آلة السحب والطباعة داخل القفّة، سمعنا خطوات الحارس
الليلي، فقد تمّت العملية ليلا، تجمّدنا وتسمّرنا في مكاننا، فكنت من شدّة
الخوف أسمع دقّات قلب عبد الحميد الفقيه وهو يسمع دقّات قلبي...» ولكن
الشابين تمكنّا من الخروج من جهة سوق التّرك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:23

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
الأحداث التي يذكرها صاحب هذه
المذكّرات، ليس من باب الذكريات فحسب، بل هي أحداث موثّقة توثيقا دقيقا في
ذهن الرجل. فكلّما بادرته بسؤال عن فعل مرحلة من المراحل التاريخية التي
عاشها أثّر فيها وتأثّر بها، إلا وبدأ الإجابة مباشرة، وكأنه حضّر مسبقا
درسا في التاريخ، غير أن الأمر ليس كذلك. فقد كانت أسئلتي حينية، لا يعرف
محتواها «سي أحمد» قبل الحوار...
ما يمكن أن أقدّمه هنا من ملاحظة، بعد
هذه الحلقات العشر، هي أن الاستاذ أحمد بن صالح (83 سنة) حباه الله بذاكرة
قويّة ودقيقة، فقد كان يروي الأحداث والشواهد بدقّة فائقة، لا يستثني
التفاصيل، حين يعنى بالمسائل العامّة...
في حلقة الأمس، كشف لنا صاحب
المذكّرات جانبا من المشهد النضالي الشبابي المتحمّس لتحرير البلاد من
الاستعمار، ولكي تتبوّأ تونس مكانة مرموقة بعد التحرير، وذلك عبر سعي هؤلاء
الشباب الصادقين والزيتونيين، الى نهل العلم واكتساب الشهائد العلمية عبر
مواصلتهم تعليمهم العالي... في باريس.
تمكّن «سي أحمد» من الآلة
الساحبة، هو ورفيقه في الدراسة وفي العملية علي الزليتني، عندما سرقاها بعد
أن أشّر لهم على مكانها والد نورالدين القماطي، بمقر الكتابة العامة
للحكومة بالقصبة.
دلف الشابان مقرّ الوزارة ليلا، من القصبة، ثم خرجا
ومعهما القفّة التي اقتنياها من باب سويقة، وفيها الآلة الحاسبة، وقد
تقيّدا بالتعليمات: الخروج من الباب المؤدّي الى «سوق الترك»...
نجحت
العملية، لكن صاحب المذكّرات، وبعد سؤاله عن باقي التفاصيل أوضح ان الأمر
لم يقف عند الحد الذي روى به القصّة، من دخول وخروج وتحديد للموقع وشراء
قفّة لوضع الآلة فيها، بل إن المغامرة، شابتها تفاصيل ومفاجآت أخرى... يقول
«سي أحمد»، عندما أخذنا الآلة الساحبة والطابعة، في القفّة، وخرجنا من جهة
سوق الترك، أذكر أنه كان الأصيل، لكن الضوء مازال يتدرّج نحو الأفول،
ليترك مكانه للظلام... وما هي الا خطوات حتى طالعنا أستاذنا بالمعهد
الصادقي، حسن بن حسن، شيخ سيدي بلحسن الشاذلي، وكان يقطن بنهج الكنز...
بادلناه التحيّة، فبادرني: ماذا تفعل هنا؟ وما هذه القفة التي تحملانها؟
فقلت له بسرعة: هذا «فلفل أحمر»... كان سي حسن بن حسن، متزوّجا من عائلة
بلحسن، وقد رأى وجودي أمامه وقتها فرصة، لكي يعلمني انه يبحث عنّي لتدريس
حفيده طوال الصيف في منزلهم في مرناق، وذلك لتحضير الحفيد الى مناظرة
وشهادة السادسة (السيزيام)... فقد فشل الطفل في اجتياز المناظرة، لذلك عمد
الأهل ليبحثوا له عن انسان يدرّسه... فكان له ذلك حيث ذهبت فعلا الى مرناق
أدرّس الطفل، فنجح بعدها في أوّل دورة لاجتياز الامتحان بعد الصيف.
سألت
صاحب المذكّرات، عن بقية التطورات التي حفّت بتدبّر الآلة الساحبة، لطبع
وسحب جريدة «الهلال»، فقال: «خرجنا أنا ورفيقي عبد الحميد الفقيه من سوق
الترك ونحن نحمل القفة المثقلة، لنصل الى نادي قدماء الصادقية، ونحن كلّنا
احساس بالفرح لنجاح العملية... قبلنا بعضنا غبطة وتبادلنا التهاني، وكان ان
تكسّرت نظارات الفقيه، من شدّة الابتهاج»... هنا سألت «سي أحمد» عن موقعه
وقتها في السلم النضالي، وداخل الهياكل التي عرفت بنشاطها الوطني من أجل
تحرير تونس، فكشف النقاب عن أنه كان وقتها «الأمين العام للشبيبة
المدرسية»... ثم واصل قصّة الآلة العجيبة: «وضعنا الآلة الساحبة في مقر
النادي، واتفقنا على أن يأتي عبد الحميد الفقيه من الغد الى «دار الجلد»
بالعربة (الكرّوسة) ويكون لابسا حجابا، أي على أساس أنه امرأة وأنا شقيقها
أو ا بنها، ونأخذ الآلة باتجاه المرسى... وكان الأمر كذلك، كما خطّطنا له،
وأودعنا الآلة في دهليز بيت في المرسى».
بدأ الشبان المتحمّسون، في طبع
الجريدة بطريقة ميسّرة، «فأصبحت ـ يوضّح سي أحمد ـ تطبع بكميّات مرتفعة...
وكنت أقف شخصيا أمام مبنى المغازة العامة في باب بحر، انتظر حسيب بن عمّار
لكي يأتيني بالكمية من المرسى...». هنا سألت محدّثي عن الخطر الذي كان يحيق
بمثل هذه الأنشطة التي تستهدف دون شك الاستعمار، وما كانت ردّة فعل هذا
الأخير، فقال دون طول انتظار أو تفكير مطوّل: «كان الخطر يحيق بنا فعلا،
وكان دوري يتمثّل أساسا في أن أحمل الكمية المطلوبة من الجرائد وأقصد دكّان
سي بشير غراب بنهج جامع الزيتونة، قبالة إدارة الأوقاف. أدخل الدكان،
وأقسّم الكميّة الى أكياس تحمل كميّات صغيرة، لكي أتولى توزيعها انطلاقا
وعبر مقهى المرابط، داخل السوق».
استوقفت محدّثي: هل تقصد مقهى المرابط
التي نعرفها داخل الاسواق؟ هل كانت منذ ذاك العهد (1944)؟ فردّ بالايجاب،
ممّا أثار استغرابي... حيث كنت أعتقد أن ذاك المقهى المعلم لا يمكن أن
يتعدّى عمره الخمسين سنة على الأكثر!
وهنا أردف بن صالح بالقول: «كانت
معلما ومعقلا للنضال» ويقصد مقهى المرابط...
لكن كيف تواصلت الرحلة مع
«الهلال» وما علاقة هذا النشاط بالحزب الحر الدستوري الذي كان محاصرا من
الاستعمار؟ كلّها أسئلة سنعرفها في الحلقة القادمة ومعها:
ـ اتفقنا أنا
وحسيب بن عمّار أن نسمّي الحزب الحر الدستوري: دليلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:25

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
عندما خرج «سي أحمد» من باب
الكتابة العامة للحكومة المؤدي الى سوق الترك، وقد كان يحمل القفة التي وضع
فيها الآلة الساحبة. مناصفة مع زميله في الدراسة والنشاط عبد الحميد
الفقيه، حدثت تلك المفاجأة التي تمثلت في الصدفة التي جمعتهما، عبر السوق،
بأستاذهما بالصادقية السيد حمادي بالأمين الذي كان متزوّجا من عائلة بن
حسن. ولكن بعد أن سأل الأستاذ تلميذيه، توجّه بالكلام الى «صاحب المذكرات»
وكأنه عثر فيه على ضالّته، وأعلمه أنه يريده أن يدرّس الطفل حسن بن حسن،
حفيد أحد أصهاره، فلبّى «سي أحمد» المقترح وكان له ذلك... فطوال عطلة
الصيف تحوّل الطالب بالصادقية أحمد بن صالح الى مرناق لتدريس الطفل الذي
تمكن من نيل شهادة «السيزيام» بعد دروس التدارك تلك...
هذا النشاط
الشبابي المتحمّس وطنية، يكشف «سي بن صالح» أنه كان يرعاه «علي
الزليتني»... «حيث علمنا بذلك في وقت لاحق»... أي وقت بعيد عن تلك الحقبة.
ويواصل
الاستاذ أحمد بن صالح، تقديم هذه الذكريات، التي نصوغها هنا في ذكريات
تؤشر وتكشف محطات مضيئة من تاريخ تونس، ليقول: «كان حمادي الواكدي، وحسب
ما نعرفه، يعمل ضمن سلك البوليس الفرنسي، ولكن تبيّن لنا فيما بعد أنه كان
يرعانا أمنيا دون أن نعلم ذلك رحمه الله ولطف بزوجته حسناء». تبيّن إذن أن
الرجل كان وطنيا «فقد كان يعرف كل شيء عن نشاطنا لكنه لا يشي بنا»... وهنا
شدّد «سي أحمد» على أن تلك النشاطات السياسية الوطنية، لهذا الجمع من
الشباب، تواصلت دون أي مشكل، خاصة وأن تلك الفترة بداية الاربعينات، سجلت
غطرسة فرنسية غير عادية، استهدفت المشهد النضالي الوطني التونسي...
مثّلت
جريدة «الهلال» وسبل سحبها وترويجها، هدفا أساسيا ونضاليا، قام به الشباب
الدستوري والتلمذي في ذاك الوقت... «فكان لكل منا مهمة يقوم بها
وينجزها»...
سألت صاحب المذكرات عن المجموعة التي كان يعمل معها فتبيّن
أنها تحوي أسماء عرفنا العديد منها في المشهد السياسي التونسي... مثل
الشاذلي القليبي والبشير سعيدان ومحمود بالناصر وعبد المجيد رزق الله
والناصر الشليوي وكلهم منخرطون في العمل النضالي هذا، «وكنا لا نتقابل
لظروف أمنية» حيث كانت عيون السلطات الاستعمارية لا تغفل عن الناشطين
والمناضلين... في كل مكان من البلاد.
تنظيميا، هل كان هذا النشاط
الشبابي، الذي كان له وقع على المسيرة الوطنية للبلاد في مقارعة الاستعمار،
علاقة بالحزب الحر الدستوري؟ لئن كانوا كلهم «دساترة» غير أن «سي أحمد»
يشدّد هنا «أن لا علاقة تنظيمية بين نشاطنا الذي ذكرت والحزب» بل بالعكس
كان الحزب يمر في فترة منتصف الاربعينات بـ «حالة ركود»...
أما بخصوص
المدة التي دام فيها النشاط، فقد أكد صاحب المذكرات أنها مسحت السنة، أي
دام النشاط عاما كاملا... ولكن وشاية ما جعلت المجموعة تركن قليلا، تحسّبا
لردة فعل سلطات الاحتلال...
لكن ما كان محتوى جريدة «الهلال» التي اضطر
الشبان التونسيون، من تلاميذ وطلبة، يتخذون طريق السرية في العمل، من طبع
وتوزيع ولقاءات، خشية بطش المستعمر؟ عن هذا السؤال يقول صاحب هذه المذكرات:
تحوي الجريدة، افتتاحية، تدعو عادة الى اليقظة والى النضال...
كانت
أحلام الشباب، يقول سي بن صالح، لا حدود لها... وكان النشاط فيه الحلم
والمغامرة... وهنا يسوق المتحدث مثالا، فيه حلم كبير ويفتقد الى الحسابات
والتحسّب: «كان معنا في المجموعة الشبابية الناشطة، والتي أضفت تحركاتها
حلحلة للمشهد الوطني النضالي سنة 1944 ـ 1945 عبد الحكيم عبد الجواد، شقيق
الجنيدي عبد الجواد الاستاذ الجامعي، حلمنا بأن نقوم بمخطط، نرصد من خلاله
مواقع الجيش الفرنسي لنسرق منه السلاح، ونستعمله ضد فرنسا الاستعمارية،
إذا وقع التضييق علينا... كان عبد الحكيم عبد الجواد، رحمه الله، متضلّعا
في الهندسة والرياضيات، فقد واصل تعليمه العالي في فرنسا، اتجه الى بنزرت،
وحاول أن يرسم تخطيطا لمواقع الجيش الاستعماري، وعملنا وكأننا نهيء أنفسنا
لسرقة السلاح وربما لحمله» عند هذا المستوى يضحك «سي أحمد»، ويؤكد أنها
كانت أحلام شباب ساء الجميع أن يروا وطنهم محتلاّ والاستعمار لايزال
جاثما على صدر الوطن...
أما بخصوص طريقة العمل والنشاط الشبابي هذا، فقد
أكد أن لا زعامات في عملهم الشبابي المذكور، فالكل كان ناشطا والكل
متحمّسا والكل كان حالما بجلاء المستعمر...
ويكشف «سي أحمد» بالمناسبة،
أن هذا الجيل الذي فيه أحمد بن صالح والشاذلي القليبي والطيب السحباني
وحسيب بن عمار وعبد الحكيم عبد الجواد وسليم بن غازي ومحمد الخضراوي وعبد
الحميد الفقيه وفرج شوشان والبشير سعيدان وغيرهم من فريق الأخ الطيب
المهيري، يعدّ الجيل الجديد من المناضلين صلب الحركة الوطنية، تحرّكوا
عندما انخفض نشاط الحزب... في مستوى التحرّك.
فتحت أبواب الدراسة في
باريس، وانتقل محدثنا الى فرنسا لمواصلة تعليمه هناك، ولكن النضال السياسي
الوطني تواصل، ولكن بطرق وسبل أخرى، منها أن سي أحمد، اتفق هو وحسيب بن
عمار على أن تكون المراسلات بينهما فيها من التمويه، ما يبعد عن نشاط
المجموعة، عيون البوليس الفرنسي، «فقررنا أن نستعمل اسم دليلة كلما عمدنا
الى الحديث عن الحزب الحر الدستوري»... كان النشاط الشبابي المذكور، بمثابة
رافعة لكابوس تسلّط على الحزب ونشاطه الذي كان محاصرا... «ولم تطل إقامتي
بباريس حتى انتخبت، في بداية إقامتي، كاتبا عاما للشعبة الدستورية بفرنسا،
برئاسة الأخ المحترم المهندس محمد الميلي» وكان أمين المال هو «عمر الدّالي
وما أدراك» كما يقول سي أحمد داعيا له بالشفاء...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:26

حوار واعداد فاطمة بن عبد الله الكرّاي
يواصل الاستاذ أحمد بن صالح
قصّته مع أكثر من نصف قرن من الأحداث التي أثّرت فيه وأثّر فيها... أحداث
وطنية منذ زمن الاستعمار الفرنسي الى مرحلة بناء الدولة التونسية
الحديثة...
يتحدّث ابن «المكنين» في هذه الحلقات الأولى، عن بدايات
النضال الوطني، لشباب حالم بالحرية في كل معانيها الفلسفية المتاحة.
لذلك
فإن التجربة التي سرد منها العديد من المحطات وتهم الفعل والنشاط لدى
الشباب الطلابي في الصادقية كما الزيتونة، منتصف الاربعينات، جاءت مفعمة
بالحركية وبالأسماء التي لمعت نشاطا وأفكارا، كانت كلّها تستهدف الوجود
الاستعماري، وتتوق الى حرية التونسي وحرية تونس.
من تأسيس لإذاعة «هنا
تونس الحرّة» الى إصدار جريدة «الهلال» مرورا بكل النشاطات التي كان فيها
الأستاذ أحمد بن صالح إما محرّكا لمجموعة أو متحركا ضمن مجموعة من شباب
جيله... كانوا يرسمون الأهداف والخطط ويحلمون بانبلاج صباح جديد، صباح لا
يرون فيه لا بوليس فرنسي ولا عسكر الاستعمار...
يقول «سي أحمد» معلّقا
على تلك التحرّكات الشبابية، التي ترنو الى توعية التونسيين: «حين قمنا بكل
تلك الأنشطة، قمنا بها كما ذكرت بعدد الأمس، خارج الحزب، وكان كل شيء يتم
تحت مسؤولياتنا، وهذا يساعد الحزب، ولا يناقضه... فلم يكن ذلك نفورا من
الحزب بقدر ما كانت الظروف الامنية هي التي تحكم وضعنا»... وهنا أردف: «كنا
بحاجة الى قسم من الجماهير حتى لا تنام» ولا تغفل... فكانت «الهلال» جريدة
فيها التحريض على النضال وكذا تلك الاذاعة التي أسّسها د. الحبيب ثامر
وكان لـ «سي أحمد» برنامج فيها، يعنى بتقديم ما تنشره الصحافة التونسية
والعربية والعالمية.
وصل «سي أحمد بن صالح» الى باريس في أكتوبر 1945،
ليتم تعليمه العالي، ولدخول مناظرة الباكالوريا، التي حصل عليها في تلك
الدورة... يقول «سي أحمد» كاشفا النقاب عن المشهد السياسي الوطني التونسي
في باريس: «وجدنا تسع شعب دستورية، موزّعة هكذا، في فرنسا، فقمنا
بمجهوداتنا لتوحيد الصفوف، فقد كانت الخلافات جديّة في صفوف الحزب، وهي
خلافات من نتاج الحرب العالمية الثانية...». ويضيف صاحب المذكّرات بعد أن
سألته عن الفرق بين الوضع الحزبي بالداخل، أي داخل تونس، ووضعه في فرنسا،
وتحديدا باريس التي كانت تستقبل أفواجا من الطلبة التونسيين من خريجي
المدرسة الصادقية ومعهد «إيميل لوبي» المعهد الفني الآن ـ و»إبن شرف» وهو
معهد كبير أيضا ومعروف، فقال دون تردّد مفسّرا: «بعد الحرب العالمية
الثانية انعكس الوضع الحزبي في تونس على الوضع الحزبي في باريس»... ثم يضيف
مستدركا: «لقد حسمنا الأمر، في باريس، حيث وجدنا ان شعبة من التسع المشار
إليها آنفا، كان يرأسها ويمثّلها فرد واحد... (يقصد خميس الشامخ).
وعندما
سألته عن سبب هذه الاختلافات، اكتفى محدّثي، بالقول إنها اختلافات وخلافات
داخلية... معلّقا على أن ذاك الوضع جعل من كثرة الشعب (الدستورية) كثرة
بدون جدوى...
عاودت سؤاله بطريقة أخرى: ما هو حجم هذه الخلافات، وهل
تمكّنتم بصعوبة أم بسهولة من لملمة الصفوف؟ عن هذا السؤال يشدّد صاحب
المذكّرات: «في الحقيقة لم نجد صعوبة في لملمة الصفوف» وفي هذا المستوى
يكشف «سي أحمد» أن الأفواج الطلابية التونسية التي قصدت باريس للدراسة، بعد
أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها، جاءت لباريس لاصلاح المشهد،
وتوليف العلاقة ما بين الشباب الطلابي الدستوري هناك، دون أن ينسى اعادة
التأكيد بأن ما حصل في تونس من ركود حزبي في تلك الفترة، انعكس على الوضع
في باريس.
انتخب «سي أحمد» بداية السنة الموالية أي 1946، على رأس شعبة
باريس، «حيث أصبحت شعبة واحدة» وأضاف إن الشعبة في باريس، كانت تنشط
بالتراسل مع الزعماء الحبيب ثامر والحبيب بورقيبة والمنصف باي الذي كان في
بداية 1946 منفيا بصحراء الجزائر.
وبعد سؤال عن علاقة الردّ الشبابي في
تونس عن طريق تأسيس جريدة «الهلال» والردّ الشبابي في باريس بتوحيد الشعب
الدستورية الى شعبة واحدة، قال سي أحمد إنها في «رباط عضوي» أي الرد في
تونس والرد في باريس، «هناك رباط عضوي بين نوعية الناشطين فقد كان كلا
الردّين، يعنيان بذاك التلاشي» وانخفاض الفعل والنشاط الوطني على مستوى
الحزب...
أما عن رفاق دربه في تلك المهمة، على رأس شعبة باريس، فكشف أن
كلا من محمد الميلي وعمر الدالي والطاهر عميرة كانوا مع بن صالح في تلك
المهمة..
مهمة نضالية ووطونية كلّفتهم مضايقات عديدة من البوليس
الفرنسي، بل وحتى السجن، حيث كان الشباب الطلابي «بن صالح» ورفاقه، يتلقّون
في حساباتهم البريدية، أموالا، يتولّون تسليمها بعد سحبها، الى جلوّلي
فارس، الذي عيّنه الحزب ممثلا له بفرنسا، فكان رد فعل البوليس الفرنسي
عنيفا، لأن جلولي فارس كان يتولّى ارسال تلك الأموال الى القاهرة، حيث كان
بورقيبة و»الجماعة» هناك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:27

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
شدّد صاحب المذكرات، من
خلال حلقة أمس، ان المنصف باي (الباي الوطني) وليس الصادق باي كما تسرّب
سهوا إلى العنوان، كلّفه بأن يكون عنصر الاتصال، أو كما يقول إخواننا
بالمشرق العربي، «ضابط اتصال» بين الباي المنفي من السلطات الفرنسية
الاستعمارية، وبين زعماء الحزب الحرّ الدستوري وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة
ود. الحبيب ثامر، اللذان كانا في القاهرة في ذاك التاريخ. أي سنة 1946 ..
التقى
الشاب أحمد بن صالح (وكان عمره 20 سنة وقتها) سنة 1946، مع المنصف باي في
منفاه بمدينة «بو» (Pau) الفرنسية (جنوب غرب فرنسا) وكان مع الكاتب العام
لشعبة باريس (أحمد بن صالح) كلاّ من عبد الرحيم بوعبيد عن حزب الاستقلال
المغربي (وهو الذي أسّس فيما بعد حزب القوات الشعبية المعارض) ومصطفى
الأشرف عن حزب السياسي الجزائري (PPA)، وقد تناول ثلاثتهم فطور الغداء مع
المنصف باي، ووقتها كلّفه بما كلّفه..
يواصل «سي أحمد» قصّة المهمّة
التي كلّفه بها الباي المنفي وكذلك الحزب، ليكشف، أنه كان يتنقل من باريس،
أين يدرس بالجامعة الفرنسية لنيل الاجازة في الآداب العربية، وكان
بالمناسبة مسجلا في قسم الفلسفة، حيث واكب الدرس الشهير «لغاستون باشلار»
«Gaston BACHELARD» وذلك بجامعة السوربون..
فقد كان لباشلار درس شهير
مقسّم إلى أجزاء، وبهذه المناسبة قدّم لي بن صالح، قصد التعرّف، قرصا
مضغوطا CD، لمحاضرات «غاستون باشلار» وهي شهيرة جدا.
- La Terre le Feu.
-
La Poésie et les éléments materiels.
- La Poésie de lصeau.
- Les
Images du Feu.
- Les Poèmes de lصair.
- Lصélément terrestre.
-
La Poésie de la main.
وغيرها...
فيما كان الحديث عن هذا الفيلسوف
مناسبة لكي أتذكّر بدوري دروس الباكالوريا وأنماط المواضيع التي طرحت علينا
من خلال مقولات لباشلار..
ولكن قبل الخوض في الحديث والأنباء حول
مهمّات الشاب أحمد بن صالح مع المنصف باي، في منفاه، سألت ـ ونحن نعرف
التاريخ غير أننا حرصنا أن نسمع التفاصيل على لسان صاحب المذكرات ـ محدثي
عن قصّة المنصف باي مع النفي ومع الاستعمار الفرنسي.. فقال: «في عام 1945،
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، عزل الفرنسيون الاستعماريون، المنصف
باي من عرشه، وقد علمت بتفاصيل القصّة فيما بعد، حيث رواها لي هو بنفسه
وكذلك مرافقه الشاذلي قائد السبسي، فقد أخذوه من قصره بحمام الأنف، حيث كان
المنصف باي يقيم بالضاحية الجنوبية.. بعد أن أخذه الفرنسيون الاستعماريون
من قصره، وأقل العربة المخصصة له، حملوه إلى «شارع بورقيبة الآن»، أمام مقر
السفارة الفرنسية الآن، التي كانت الإقامة العامة كذلك. وإذا بالمارّة من
الأجانب واليهود الذين رفض لهم الباي الوطني شارة النجمة السداسية تمييزا
لهم إبان الحرب العالمية الثانية، يرمون عربة الباي بالطماطم وأشياء أخرى..
فقد كان المنصف باي رافضا رفضا باتّا عندما جاء الألمان إلى تونس، ان يقبل
ما أشار به الماريشال بيتان (رئيس فرنسا) ومقيمه العام بتونس، أن يضع
اليهود النجمة الصفراء، لتمييزهم عن البقية «من المواطنين».. وكان أن
أجابهم المنصف باي، بأن اليهود مثلهم مثل كلّ المواطنين التونسيين» فلم
يغفروا له ذاك القرار..
وحسب ما رواه له المنصف باي ذاته والشاذلي قائد
السبسي، يعيد «سي أحمد» في هذا الركن نفس الرواية حول عملية نفي «سيدي
المنصف» كما يناديه التونسيون في حياته وبعد وفاته.. «حسب ما حكى لي هو
نفسه وقائد السبسي في «بو» (Pau)، حيث كان يقطن وعائلته في فيلا فخمة
بطابقين، وتحت رقابة البوليس الفرنسي.. أخذوه إلى المطار من تونس، وكان
العساكر مصطفين في المطار، على اليمين وعلى اليسار، وإذا بالمنصف باي، وهو
يهم بسلّم الطائرة ليدلفها نحو فرنسا، يلتفت إلى العساكر ـ عساكره من
المفترض ـ وقال لهم: انتهى؟ هل سأذهب وحدي وإذا بأحد الضباط (متوسط الرتبة)
يتجاوز رؤساءه، وقال له: أنا أذهب معك سيدي.. ولم يكن ذاك المندفع سوى
الشاذلي قائد السبسي.. ومن وقتها لم يفارقه إلى أن توفي الباي في المنفى
بمدينة «بو».
يواصل سي أحمد هذه القصّة المثيرة، لأحد بايات تونس
القلائل إن لم نقل الفريد، ممّن قارعوا الاستعمار وتحلى بالوطنية اعتقادا
ومبدءا وممارسة سياسية، ليقول: «من تونس نفت السلطات الاستعمارية المنصف
باي، وكانت الأغواط بالجزائر المحطة الأولى للمنفي، وكان ذلك لمدة زمنية
قصيرة، ولما بدا التعب الصحي على الرجل، أخذوه ثانية إلى مدينة تنّسى
بالجزائر أيضا، ثم حلّت سنة 1946، وإذا بالسلطات الاستعمارية، تنقل الباي
المنفي إلى مدينة «بو» (Pau) الفرنسية مؤكدا أن الأمين باي نصّبوه عوض
المنصف باي..
هنا سألت «سي أحمد» وقد عرف باي تونس، الذي كان يعدّ جزءا
من الحركة الوطنية، لمواقفه ولفلسفته في الحكم وفي التعامل مع الاستعمار
«هل صحيح أن المنصف باي كان مساندا للألمان النازيين» فردّ بشدّة نافيا هذه
الخرافات والاتهامات التي قد يكون فاهما لمصادرها دون أن يذكر ذلك، وأردف
بالقول معلّلا بالأحداث: «كنت قيّما بمعهد إيميل لوبي (المعهد الفني بتونس)
وفي الآن نفسه مدرّسا للفيزياء والكيمياء بالعربية في الزيتونة
(الخلدونية) كما ذكرت ذلك سابقا، وأعرف أن المنصف باي، وعندما يقدّمون له
الموظفين السامين بالايالة، ولا يسمع إسما عربيا تونسيا واحدا، حيث كلّهم
«جون» وفلان وفلان من الفرنسيين، يصرخ في وجه المقيم العام: أين محمد
والهادي وعلي!».
أي أن الباي، يريد أن ينقد عدم وجود «توانسة» في صفوف
كبار الموظفين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:28

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
تتواصل حلقات الحكاية الطويلة
والمثيرة مع الأستاذ أحمد بن صالح وقد أنجزتها على فترات متقاربة من حيث
تتالي أيام الأسبوع، فكان لا بدّ أن أتذكّر في كل مرة إضفاء وصف للمشهد
الذي يتمّ من خلاله السؤال مني والجواب من صاحب المذكّرات..
في الحقيقة،
لم يكن هيّنا إقناع «سي أحمد» بهذا العمل، فقد لاذ منذ مدة بالصمت، ولم
يعد يفكّر في أن يتحدث ويقصّ ما هو بصدده الآن..
وهو يجلس في الركن
الأيمن من قاعة الاستقبال ببيته، لم يغيّر «سي أحمد» مكانه ولا جلسته..
المذياع على يساره، والسيقار يقوم بدور المؤانسة أكثر منه وسيلة للتدخين..
المكان هو المكان، والأثاث هو الأثاث: هذا هو بيت النقابي والوزير والإنسان
أحمد بن صالح.. لا شيء تغيّر، بل إنّ جهاز الراديو القديم جدا والضخم جدا،
والذي يتّخذ ركن يسار جلسة بن صالح، كان يعبّر عن قدمه ورسوخه في الزّمن
الماضي، من خلال تلك الصور للوالد والجدّة وما تيسّر من صور العائلة..
أذكر
أنه في إحدى المرّات، ولما سألته عن كيفية تمضيته للوقت طوال النهار وطوال
الزمن، قال لي: «مقدّمة بن خلدون لا تفارقني» فهو يعتبر تلك «المقدمة»
بمثابة الفتح الأول للعلوم الانسانية..
بن صالح لا يقف عند هذه الملاحظة
بخصوص ابن خلدون ومقدمته الشهيرة، بل إنه يذهب الى أكثر من ذلك: عديد
التجارب الاجتماعية، التي تربط بين الاقتصاد والمعيش الاجتماعي، تأخذ
ضالّتها وأسسها من «نظرية بن خلدون»، وسنرى لاحقا، بخصوص التجربة التونسية
التي تبنّاها الحزب وبن صالح وبورقيبة، كيف كانت أسسها، وكيف أن المثال
السويدي مثلا، كان عبرة للعديدين منهم الفرنسيون..
نعود الى أواسط
أربعينات القرن الماضي، حين سافر أحمد بن صالح الشاب الى فرنسا، فحصل على
شهادة الباكالوريا، وسجل في الجامعة الفرنسية بباريس.. إذ بالتوازي مع هذا
الأمر، كان بن صالح مثله في ذلك مثل بقية رفاقه وزملائه في الدراسة والحزب،
ناشطا وموحّدا للصفوف، والدليل أن هذا الجيل الجديد من رجال الحركة
الوطنية قد أبلى البلاء الحسن هنا في تونس، وغطّى ثغرة في العمل السياسي
النضالي، من خلال إصدار المجموعة، لجريدة «الهلال» التي قارعوا من خلالها
الاستعمار الفرنسي، كذلك الشأن في باريس، حيث بدأت المجموعة الشبابية
الدستورية الطلابية، نشاطها من الباب الواسع: توحيد تسعة شعب دستورية في
واحدة فقط، وانتخاب أحمد بن صالح الذي لم يكن عمره يتجاوز العشرين عاما،
على رأس الشعبة..
عيّن الحزب ـ كما رأينا في آخر الحلقة الماضية ـ
الجلولي فارس ممثلا له بفرنسا حيث خلف في نفس المنصب الأمين بلاّغة.. ولما
سألته عن علاقة جماعة باريس، التي ضمّت كما ذكرنا في الحلقة الماضية عدّة
شخصيات تحوّل بعضها الى مسؤولين ورموز سياسيين، مثل الأستاذ الشاذلي
القليبي، بالحزب الحر الدستوري، ومدى تنسيق الشعبة مع ممثل الحزب، سواء
بلاّغة أو فارس، قال صاحب المذكّرات: يبدو أن موقع بلاّغة كان رمزيا...
ولكن صاحب المذكّرات يشدّد على أنه من أفضل ما قام به هؤلاء الشبان
الحالمين بالحرية والتحرّر الوطني، أنهم وحدوا من تشتّت من قبل على مستوى
الحزب، وقد كانت آثار الحرب العالمية الثانية كبيرة وسلبية على الحزب الحر
الدستوري.
«في ربيع 1946، وعندما كنت كاتبا عاما لشعبة الحزب الحر
الدستوري التونسي بباريس، توسّع نشاطنا السياسي الطلابي الى دائرة المغرب
العربي، حيث كنّا ننشط أيضا في جمعية طلبة شمال افريقيا. كنا ثلاثة أحزاب
مغاربية نتعاون فيما بيننا»... هكذا واصل صاحب المذكّرات، سرد القصص
والأحداث التاريخية، عبر هذا الرّكن. فقد وقفنا مع محدّثنا على الظروف التي
حفّت بسفر أحمد بن صالح الشاب الى فرنسا، وذلك قصد مواصلة التعليم العالي،
بالجامعات الفرنسية، وهنا يطرأ حدث آخر، عندما ذهب أحمد بن صالح عن الحزب
الحرّ الدستوري ومصطفى الأشرف عن الحزب السياسي الجزائري PPA وقد كتب كتابا
بعنوان «LصAlgérie Société et Nation» حيث كان ذاك الحزب فاتحة ا لثورة
الجزائرية، يقول بن صالح قبل انشاء جبهة التحرير الجزائرية بداية الخمسينات
من القرن الماضي. ويضيف محدّثنا أن «عبد الرحيم بوعبيد» عن حزب الاستقلال
المغربي كان ضمن الوفد المغاربي الذي تحوّل من باريس الى مدينة «بو» Pau
الفرنسية أين كان باي تونس الوطني المنصف باي معتقلا هناك... «ذهبنا ـ
يواصل سي بن صالح ـ المنصف باي باسم احزاب وطلبة شمال افريقيا، وكان ان
تناولنا معه الغذاء، وعندما كنّا ـ ثلاثتنا ـ نودّعه، مسكني من يدي، وقال
لي: أنت يا سي أحمد، ستكون معي وستكون الصّلة بيني وبين الحزب» وقيادات
الحزب، من بورقيبة الى الحبيب ثامر وغيرهما... كان ذلك في 1946 ...
حدث
إذن تحوّل في حياة الشاب أحمد بن صالح، حيث أصبح شخصية محورية وهامة في
حياة الحزب، وبالنسبة للمنصف باي حيث أضحى بن صالح العنصر الرابط بين الباي
المنفي في «بو» Pau الفرنسية وقيادات الحزب.
ويكشف في هذا الباب، أنه
رجع الى باريس، وأعلم الحزب بمقترح المنصف باي بشأنه، فكان مؤتمر الشعبة
الدستورية بباريس برئاسة جلولي فارس، (مؤتمر عام) و»هنا طلب مني جلّولي
فارس كي لا أترشح الى رئاسة الشعبة، نظرا الى أن الحزب وافق على الخطّة
التي سأكون وفقها على ذمّة المنصف باي» وكشف صاحب المذكّرات، أن مهمّته
الجديدة، تطلّبت منه سفرا متواترا بين باريس و»بو» التي يصل اليها عبر
القطار في ظرف 10 ساعات توجد في الجنوب الغربي الفرنسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:29

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
جن جنون فرنسا الاستعمار
عقب كتابة (بل نسخ) الرسالة من المنصف باي الى بورقيبة ـ والتي جاءت في
الحقيقة جاهزة من القاهرة ـ وكان الباي قد بعث بها من مقر منفاه في «بو»
Pau إلى الزعيم بورقيبة في القاهرة.
وزارة الخارجية الفرنسية شكلت وفدا
رفيعا يتقدمه موظف سام في الخارجية كما يضم الوفد أحد كبار الأساتذة
الجامعيين الأستاذ مارسييه Pr Mercier يقول «سي أحمد» إن الفرنسيين غضبوا
غضبا شديدا، وأرسلوا الوفد المشار اليه، الى المنصف باي...
وأضاف :
«أعلمني الجانب التونسي، وطلب مني المنصف الباي الحضور في اللقاء أو
المقابلة، التي تمت في منزل النفي في مدينة «بو» الفرنسية وهنا كشف صاحب
المذكرات النقاب عن أن اللقاء تم على يومين، أي مقابلتين اثنتين «فحضرت
المقابلتين، وكان أن طلب مني المنصف باي تولي الترجمة، حيث كنت الى جانبه
وكذلك حضر المقابلتين الشاذلي قائد السبسي مرافقه الذي هبّ للسفر معه في
آخر لحظة بمطار تونس والباي يهم بصعود الطائرة».
بعد تكليفه من قبل
الباي المنفي بترجمة كلام الفرنسيين في الوفد، تفطن صاحب المذكرات، الى أن
تكليفه بالترجمة جاء موقفا مبدئيا من الباي حتى لا يخاطب الوفد الفرنسي
بلغة فرنسا، لأن المنصف باي كان يتقن اللغة الفرنسية.
بدأت الجلسة
الأولى، بين المنصف الباي والوفد الفرنسي، فقد احتجت فرنسا على تلك الرسالة
التي بعث بها الباي الى بورقيبة يدعمه في نشاطه الوطني وقد كان في القاهرة
مع الحبيب ثامر وقتها، يقول صاحب المذكرات وهو يصف المشهد، مشهد المقابلة :
«لبس المنصف باي لباسا رسميا خلال الجلسة الأولى> وكان وقورا وتبدو على
ملامحة الأنفة»، وبعد بروتوكول الاستقبال، جلس الجميع وإذا بالوفد الفرنسي
يقول للباي، إن فرنسا تأسف لمثل هذه الرسالة، ونحن نطلب منكم (الباي) أن
يصدر بلاغ عن المنصف باي يستنكر أو يتراجع عن هذه المسألة، مسألة الدعم
الذي جاء في الرسالة.
وهنا كشف صاحب المذكرات أن المنصف باي كان يستمع
إلى الفرنسي المتكلم باسم الوفد ثم انتظر أن ترجمت له الطلب والكلام..
وأعرف أنه فهم كل شيء بما أنه يتقن اللغة الفرنسية ثم انتصب واقفا، على أن
يكون لقاء ثان مع الوفد... وقال بعد أربع وعشرين ساعة، تعلم الجواب».
ويضيف
«سي أحمد» الذي بدا اعجابه بشخص المنصف باي شديدا، حتى وهو يروي قصة عمرها
حوالي ستين عاما أنه وفي الأثناء، أي أثناء اقامة الوفد الفرنسي عن وزارة
الخارجية الفرنسية في مدينة بو Pau قام الوفد ـ والأكيد أنهم هم، بتوزيع
صور فيها حياة القصور وفيها حياة النفي في مدغشقر...
وما أمكن فهمه على
اثر توزيع تلك الصور، هي المساومة التي أقدم عليها الفرنسيون بحق المنصف
باي، أي إذا تراجع الباي عن موقفه الداعم لبورقيبة وتخلى عن الرسالة بأن
ينكرها أو يتراجع عنها... فإن مقامه سيكون ضمن حياة القصور والرفاه وإن
تمسك بموقفه الداعم لبورقيبة فإن مصيره سيكون مدغشقر...
جاء الوفد من
الغد، وقد وجد الباى في هيئة ولباس لافت «فقد لبس المنصف باي خلال هذه
الجلسة الثانية لباسا عربيا تونسيا... فيه وقار وهيبة... ووضع المنصف الباي
خاتما من الحجارة الكريمة اللامعة، وقد كان خاتما ضخما، يبهر الناظر ويأخذ
لبه، ولكن وجه المنصف باي كان يعلوه غضب : جلس الباي، وقالوا لي
(الفرنسيون) ما هو الموقف الذي استقر عليه المنصف باي فقلت للباي مترجما ما
طلبوه فما كان مني إلا أن نقلت لهم هذا الجواب مترجما وقد قاله لي المنصف
باي حرفيا وباللهجة التونسية الدارجة هكذا :
«اسمع أنا، يقدروا يعملوا
آش يحبوا... يحطوني في قفص كيف الطير (المحبوس) ويعطيوني الماكلة (الأكل)
من وراء القضبان ، المهم والذي يهمني أن التونسي تكون شاشيته معنقرة»..
هنا
التفت إليّ صاحب المذكرات وبادر بالقول : ولا تسأليني كيف ترجمت الموقف
للفرنسيين، ثم واصل الكلام بعد صمت محدود : «كان عمري صغيرا، وقد شهدت
شواهد ومواقف عظيمة» في اشارة من الأستاذ أحمد بن صالح، الى مثل هذا الموقف
الوطني للمنصف باي، الذي اتجه قدما نحو المواقف الوطنية حتى وإن كلفه ذلك
حياته أو مصيره كباي... بعد أن أتممت الترجمة وقف المنصف باي وفي لحظة
زمنية، ابتسم ووضع يده على كتف الأستاذ الفرنسي مارسييه وقال له بالفرنسية
هذه المرة :
سSi vous voulez apprendre lصarabe venez passer quelque
temps chez moi iciس
كانت هذه الكلمات الخاتمات للمقابلة كما الملحة
التي ضمنها الباي موقفا وطنيا ودرسا للفرنسيين الذين جاؤوا يساومونه على
الموقف والمبدإ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:31

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
في هذه الحلقة الجديدة من
مذكرات السياسي والأستاذ أحمد بن صالح يتواصل اللقاء مع الأحداث والتطورات
التي حفت بعملية نفي الباي الوطني «المنصف باي» والذي عبّر عن وطنيته في
عديد المواقع والفترات، حين كان يجابه الاستعمار الفرنسي، ويتجه نحو أعضاء
الحركة الوطنية، ينسّق معهم، ويتحمّل أعباء النضال وقول «اللاء» للمستعمر..
الفترة التي يرويها «سي أحمد» بن صالح، ويضمن فيها شخوصا مثل المنصف باي
وعلاقته ببورقيبة والحبيب ثامر وآخرين، هي تلك التي تلت الحرب العالمية
الثانية..
فقد رأينا أمس كيف أن الباي «سيدي المنصف» كما يحلو للتونسيين
نعته، نفي من تونس نحو الجزائر ثم منها إلى «بو» (Pau) الفرنسية.
وقد
كشف في قصّة أمس، كيف تصرّف الاستعمار الفرنسي مع المنصف باي، في مواقيت
ومواقف، بان فيها الطرفان (الباي وفرنسا) على طرفي نقيض..
اليوم يواصل
«سي أحمد» سرد قصّة العلاقة بين «المنصف باي» المنفي في «بو» (Pau)،
المدينة الفرنسية المتموقعة جغرافيا في الجنوب الغربي، وبين زعامات الحزب
الحرّ الدستوري، وتحديدا بورقيبة الذي كان زمن القصّة التي يرويها لنا
اليوم، في القاهرة...
كان الشاب أحمد بن صالح وعمره 20 سنة تقريبا، عنصر
الاتصال ما بين المنصف باي من منفاه في «بو» (Pau) وما بين زعماء الحزب
الحرّ الدستوري في القاهرة، وفي يوم من أيام سنة 1946 طلب الحبيب ثامر من
أحمد بن صالح الذي كان كاتبا عاما لشعبة باريس، أن يتولى نقل رسالة بعث له
بها ثامر، ونصّها وكأنه مكتوب من المنصف باي، ومحتواها فيه تمجيد لبورقيبة
على أساس أنه زعيم وطني «على أن يتولى الكاتب الخاص للباي نسخ محتوى
الرسالة الجاهزة بخطّ يده، وبذلك تظهر وكأن المنصف باي هو صاحب الفكرة
وصاحب الرسالة» هكذا كشف «سي أحمد» المسألة، مشدّدا على أن الدكتور الحبيب
ثامر قال له: «هذه رسالة المنصف باي إلى بورقيبة، ويجب أن تقنع المنصف باي،
حتى يمضي عليها دون أن يغيّر منها شيئا..
ولكن ـ يواصل ثامر توصياته
لبن صالح ـ يجب أن تكتب بخط الكاتب الخاص للباي، على ما أذكر أنه كان يدعى
(بيّك علي..) وكانت كتابة رسائل المنصف باي، مأموريته لديه».. تمت هذه
المسألة يقول صاحب المذكرات، قبل أن يحلّ جلولي فارس بباريس، حيث رأينا
سابقا كيف كلّفه الحزب بأن يكون في باريس ممثلا له.. وأضاف بن صالح، بخصوص
الرسالة الشهيرة، التي يقول إنها نشرت مرّة واحدة يتيمة، في سنوات الخمسين
بعد رجوع بورقيبة، بصحيفة «العمل» لسان حال الحزب الحرّ الدستوري.. و»كان
ذلك بمناسبة إحياء ذكرى وفاة المنصف باي» الذي توفّي كما نعلم في سبتمبر
1948 .
أخذت الرسالة التي بعث بها، د. الحبيب ثامر من القاهرة، وتوجهت
إلى مدينة «بو» (Pau) أين يقبع المنصف باي في منفاه مع عائلته، وقرأت عليه
فحواها، وقلت له ما طلب منّي أن أقوله له، ففاجأني من الغد، بأن سلّمها إلى
«بيّك علي» الكاتب الخاص، ونسخها بيده، دون تغيير أي حرف منها، وختمها
وسلّمها إليّ لكي أبعثها إلى القاهرة أين كان بورقيبة وثامر.. ويقول صاحب
هذه المذكرات، إن الرسالة وصلت، «وقد تحققنا أنها وصلت» مشدّدا على أن تلك
الرسالة نصّا وتوقيتا، قد فتحت الأبواب أمام بورقيبة في تحركاته السياسية
لدى زعماء المنطقة، على غير ما كان ادّعاه بورقيبة من أن أبواب الاعتراف في
المشرق العربي، فتحت أمامه بفضله هو وأحد الفلسطينيين، ممّن عرفهم في
القاهرة.. «لكن الحقيقة، يواصل سي أحمد، ساهمت تلك الرسالة والمنصف باي
أساسا، مساهمة فعّالة في فتح أكثر الأبواب أمام بورقيبة في المشرق
العربي»..
على إثر تلك الرسالة، يضيف «سي أحمد» «سمعنا وعلمنا أن الملك
فاروق (ملك مصر وآخر ملوكها) استقبل بورقيبة، ثم استقبله الملك عبد اللّه
ملك الأردن، وجدّ الحسين بن طلال العاهل الأردني الذي سبق الحالي (ابنه)
ملك الأردن».. كما ان النشاطات التي تمكّن بورقيبة من انجازها في المشرق،
كانت نتيجة لتلك الرسالة، التي ورد فيها أن باي تونس المنفي (المنصف) يثمّن
ويشجّع بورقيبة وينعته بالناشط الوطني.. و»قد سهّلت الرسالة أيضا، نشاط
بورقيبة في صلب مكتب المغرب العربي بالقاهرة» أين كانت تنشط الأحزاب
الوطنية التونسية والجزائرية والمغربية وزعاماتها، ضدّ الاستعمار الفرنسي،
الذي جثم على صدور المغاربيين نتيجة اتفاقيات «سايكس بيكو» بل وقبل ذلك
بقليل من الزمن، حيث احتلت تونس سنة 1881 والجزائر سنة 1832 ...
سألت
صاحب المذكّرات عن ردّة فعل الاستعمار الفرنسي، الذي عمد الى نفي المنصف
باي، حتى يعاقبه على مواقفه الوطنية، وإذا به يسند بختم رسالة الى بورقيبة
يثمّن ويبرز نضاله ضد فرنسا الاستعمارية، جاء ردّ «صاحب المذكّرات» سريعا
ودون انتظار، وكأنه كان منتظرا لنص السؤال قبل أن ألقيه عليه، قال إذن:
«غضب الفرنسيون من تلك الرسالة، غضبا شديدا، وبعثوا وفدا الى المنصف باي في
«بو» Pan عن وزارة الخارجية الفرنسية، يقوده مسؤول كبير بالوزارة
المذكورة، ويرافقه الاستاذ مارسييه Merci، أستاذ فرنسي معروف، فكان ان طلب
منّي المنصف باي، أن أحضر المقابلة لأترجم له ما جاؤوا به» لأن المنصف باي
الذي يتقن الفرنسية، يرفض مخاطبة المستعمرين لتونس بلغتهم... هذا ما كشفه
سي أحمد بن صالح وما سيسرده على مسامعنا غدا... فالى الحلقة القادمة، ان
شاء الل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:32

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
خرج أعضاء الوفد الفرنسي، الذي
شكلته الخارجية الفرنسية (سنة 1946) من بيت النفي في مدينة «بو» (Pau)
الفرنسية، بعد أن تقابل مع المنصف باي، وسمع منه الجواب الأخير، أن لا
تراجع عن الرسالة التي بعث بها الباي المنفي، إلى بورقيبة في القاهرة.
خرج
أعضاء الوفد إذن، و»كأنهم كانوا في جنازة» من شدّة غضبهم وحزنهم، لأن
المهمة التي جاؤوا من أجلها إلى المنصف باي، باءت بالفشل..
فقد رأينا في
الحلقة الماضية كيف رفض المنصف باي، مقترحات الفرنسيين، التخلّي عن
الرسالة التي بعث بها إلى بورقيبة، بل إن المنصف باي لم يقف عند الرفض فقط،
بل تجاوز ذلك، بأن جعل من اللقاء مع الوفد الفرنسي، لقاء تحت امرته
وبشروطه، عندما رفض مخاطبة أعضاء الوفد الفرنسي بالفرنسية، وهو الذي
يتقنها، ثم قدم لهم ملحة الوداع حين خاطب الأستاذ مارسييه Prof. Mercier
باللغة الفرنسية وهو يربّت على كتفه: «إذا أردت أن تتعلّم العربية (اللغة)
تعالى وقضّي بعض الوقت عندي هنا».. وقد نشرناها في عدد الأمس نصّا
بالفرنسية كما نطقها..
سألت صاحب المذكرات عن باقي التطورات، فقال إن
فرنسا زادت حقدا، بالتأكيد، على الباي المنفي.. فقد رفض الباي (المنصف)
التراجع عن دعم بورقيبة الذي كان ينشط باسم الحزب الحرّ الدستوري في
القاهرة، ومعه الحبيب ثامر...
يواصل محدثي بقية القصّة التي عاشها بين
باريس و»بو» (Pau) بفرنسا، فذكر بمؤتمر خاص بالاستعمار وإدانة الاستعمار في
رمضان 1946، وكان ذلك قد جدّ في قاعة من قاعات العدلية بتونس (قصر العدالة
اليوم).
وقد ترأس المؤتمر أكبر قضاة العدلية آنذاك العروسي الحدّاد،
وقد جاءت الإدانة للاستعمار وفق تمشي وحيثيات قانونية، فحكم على الاستعمار
بالاعدام» وهنا سألت صاحب المذكرات عن الحضور من النخب التونسية آنذك، فكشف
النقاب عن أن «كلاّ من صالح بن يوسف وفرحات حشاد كانا حاضرين» وبما أن
السنة المذكورة كانت سنة 1946، أي سنة تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل،
فقد وجهت له سؤال استيضاحيا حول هذا التاريخ: هل هو قبل أو بعد تأسيس
الاتحاد، فكان أن أكد أنه بعد 20 جانفي 1946، تاريخ تأسيس أكبر منظمة
عمالية تونسية..
وهنا استطرد حديثة دون أن يتوقف عند سؤالي عن بن صالح
وأين كان وقتها، فقال: «جدّ هذا المؤتمر المدين للاستعمار في رمضان 1946،
وكنّا نحن طلبة باريس، قد عقدنا اجتماعا للتنويه بمؤتمر تونس الذي فيه
محاكمة للاستعمار، وكذلك الاطلاع على فحوى المؤتمر، مؤتمر المحاكمة..
ولكن
القصّة لم تقتصر عند هذا الحدّ، أي ردّ فعل جماعة باريس، المساند لمؤتمر
تونس حول محاكمة الاستعمار، بل ان البوليس الفرنسي تدخل بكل عنف في باريس،
جاءت عناصر البوليس، وأخرجونا من القاعة بالقوة، ثم أوقفونا بمراكز الشرطة
هناك ولم يدعنا البوليس الفرنسي إكمال الاجتماع»..
لكن صاحب المذكرات،
كان وحده قد نال أكثر التعسف من البوليس الفرنسي.. فقد كان بن صالح، على
ما سنرى من القصّة القادمة، أكثر الناشطين ولهذا التشدّد الفرنسي معه
قصّة..
يقول «سي أحمد» مواصلا «في باريس، وعندما جاء جلولي فارس، ممثلا
للحزب الحرّ الدستوري بباريس، كان من ضمن مسؤولياته أن يربط الصلة بين تونس
والمناضلين بالخارج سواء في فرنسا أو في باريس. كان بورقيبة وعلي البلهوان
والحبيب ثامر، في القاهرة، سنة 1946، وفي باريس ألقي علينا القبض آخر سنة
1946 أو بداية 1947 (يتردّد في ضبط التاريخ لأن «سي أحمد» يعتمد الذاكرة
المباشرة، وعندما أقوم بهذه اللقاءات، فإن أجوبته مباشرة ووليدة اللحظة
التي ألقي فيها السؤال)، والقضية التي مثلت موضوع اتهامنا من البوليس
الفرنسي، هي قضية الأموال التي ذكرتها في حلقة ماضية»..
وفعلا فقد كشف
الأستاذ أحمد بن صالح، كيف أن جمع الطلبة المناضلين في باريس، كانوا يتلقون
أموالا من تونس، في حساباتهم البريدية الشخصية، ثم يتولون سحبها وإعطاءها
إلى جلّولي فارس، حتى يبعثها إلى المناضلين في القاهرة (بورقيبة وثامر
والبلهوان)، وكان فارس قد أعلم الطلبة المعنيين بأن الأموال التي يجدونها
في حساباتهم، ليست لهم»..
في هذا الباب، يكشف صاحب المذكرات أن البوليس
الفرنسي أفرج عن المجموعة الطلابية، إلا هو.. كما كشف بالمناسبة أن ظروف
الاعتقال كانت سيئة جدا ولا إنسانية، «فقد كانت الفئران ضخمة وكثيرة، في
ذاك الدهليز التابع لبناية وزارة الداخلية الفرنسية» وكان شقيق «سي أحمد»
الدكتور امحمد بن صالح، يتولى جلب لمجة لكل منهم في تلك الظروف، ظروف جمعته
فيما جمعته في الإيقاف، بالحبيب زغندة»..
لكن لماذا احتفظ البوليس
الفرنسي بأحمد بن صالح دون رفاقه؟ حقيقة القصّة نعلمها غدا إن شاء اللّه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:34

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
سألت صاحب المذكرات، عن السبب
الذي جعل البوليس الفرنسي يحتفظ به دون بقية زملائه الذين تعرضوا معه إلى
الإيقاف، حيث كان ذلك في دهليز وزارة الداخلية الفرنسية، (والتي لم يتغير
موقعها إلى الآن)، فابتسم وقال: «أولا أريد أن أشير إلى أن مقرّ إقامتي،
وهو عمارة تحولت إلى مبنى سكني للطلبة، تعرض إلى التفتيش من قبل البوليس
الفرنسي».. وهنا كشف «سي أحمد» النقاب، عن أن حارس العمارة وزوجته، كانا
مستائين من فعلة البوليس هذه، حتى أنهما فرحا فرحا شديدا عندما عاد الشاب،
ضعيف البنية، أحمد بن صالح إلى بيته.. فواسياه، وغضبا من فعلة البوليس معه.
يقول
«سي أحمد» وهو يكشف تفاصيل القصة التي حدثت له وهو طالب بباريس: «المصيبة
أن الفرنسيين (البوليس) ولما داهموا شقتي، وجدوا عندي رسالة، أتممت تحريرها
للتوّ، وكنت أنوي أن أبعث بها إلى جريدة «Combat» «كومبا» وهي صحيفة
يسارية، صاحبها مشهور (...) وفي هذه الرسالة ضمنت احتجاجي على عملية إلقاء
القبض من البوليس الفرنسي على اخواني في الشعبة (باريس) والمناضلين بصفة
عامة. وقلت إن هذه أعمال نازية، وطبعا، الرسالة كانت معدة للنشر في الجريدة
المشار إليها». قلت لـ»سي أحمد»: وما كان ردّ فعل البوليس الفرنسي وهو
يعثر عندك على هكذا نصّ؟ فقال دون تردّد: «لقد كلفتني هذه الرسالة، أن
سرقوا (عناصر البوليس) كل أوراقي وكتبي وكل ما عثروا عليه من مكتوب، وما
حزّ في نفسي من كلّ هذه الأشياء التي صودرت منّي على يد البوليس الفرنسي،
هو كتاب واحد، لتريستان تزارا» «Tristan Tazara» وقد التقيت هذا الكاتب
الذي يعيش في باريس وأصله من المجر، حيث كان يتجالس مع أصدقائه، وهم مجموعة
من المثقفين والكتاب، أطلقوا على اتجاههم الأدبي والفكري اسم «دادا»
«DADA».
وهنا فتح «سي أحمد» قوسا، ليكشف أن هذه المجموعة التي ينتمي
إليها «تزارا» أطلقت اسم «دادا» «DADA» بطريقة عفوية وملفتة، حيث تفاهم
المجتمعون على أن يضعوا بطريقة عشوائية غير مبرمجة الأصبع على كلمة في
قاموس فكان أن أرسى الأمر على «دادا» «DADA» وأصبح التيار يسمى
بـ»Dadaisme».
يواصل صاحب المذكرات الحديث عن كتاب تزارا الذي أمضاه له
بخط يده، وكان بن صالح معتزا بذلك الكتاب، الذي أمضاه له «تزارا» في مقهى
بباريس، يؤمه أصحاب هذا التيار.. وهم جمع من اليسار، والمقهى يتفرع عن شارع
«مونبار ناس» «Montparnasse».
إذن خرج الجميع من الاعتقال والايقاف،
إلا أحمد بن صالح، الذي قبض عليه البوليس الفرنسي، وتحت يديه رسالة نعت
فيها أعمال الاستعمار الفرنسي تجاه المناضلين التونسيين بأنها أعمال
نازية..
وهنا يواصل قصة الرحلة مع الإيقاف: «عندما أطلقوا سراح رفاقي
المناضلين الذين كانوا معي في دهليز وزارة الداخلية، وقع نقلي من ذاك
المكان نحو مركز للشرطة في المنطقة.. وما إن دخلت إلى مكتب من المكاتب التي
أشاروا علي بالدخول إليها، حتى وجدت اثنين من البوليس رجال وكاتبة (امرأة)
وراء آلتها الكاتبة.. وما إن دخلت المكتب حتى هاجمني أحدهم، وقد علمت أنه
من أصل لبناني (وكان من الجماعة الذين ذهبوا إلى فرنسا مع الاستعمار
الفرنسي الذي احتلّ لبنان أيضا وخرج سنة 1934 منه) استعمل القوة ضدّي، وقد
صدمت ولم أتوقع ذلك، إذ مسك بي من كتفيّ الأيمن والأيسر، بكلتا يديه، وكنت
أنظر إلى الكاتبة التي فهمت أن تصرّف ضابط البوليس هذا، لم يعجبها..
بدأ
هذا المحقّق الشرس يصيح في وجه الشاب أحمد بن صالح، ودخل في موجة هستيرية،
فيما أبقى الشاب الموقوف على دمه البارد، فكان الحوار التالي بالفرنسية
بين ضابط البوليس الفرنسي والشاب التونسي الموقوف (أحمد بن صالح)، وقد
أورده صاحب المذكرات كما حدث منذ أكثر من ستين عاما: بدأ البوليس اللبناني
الفرنسي يصيح وقال لي:
- Vous ne savez pas ce que vous êtes
- Vous
allez me le dire...
- Vous... de la M...
- Oh! cصest grossier...
devant une jeune fille aussi sympathique!
إذن قال البوليس الفرنسي وهو
يصيح في وجه أحمد بن صالح الموقوف: ألا تعلمون من أنتم؟
فردّ بن صالح
بالقول: ستقول لي أنت من نحن؟
فما كان من البوليس إلا أن ردّ بكلمة غير
لائقة، رفض بن صالح أن نضمنها هنا نصّا، وإذا بالموقوف وبكلّ دم بارد يردّ
عليه، في استغراب ما معناه: كيف تقول هذا الكلام البذيء في حضرة فتاة بهذا
اللّطف..
وهنا جنّ جنون المحقّق، وما كان من الفتاة الكاتبة المعنية
بكلامي، إلا أن نهضت من كرسيها، وأمسكت به وفكّتني منه.. وكان بالمناسبة،
محقّق آخر، يجلس وراء مكتب آخر أيضا، سوف يتولى استجوابي، فأخرجوا هذا
اللبناني (الفرنسي) الذي كان معهما في نفس المكتب، حيث لم يعجبهما تصرفه
الفظّ معي.. فأبعدوه إلى خارج المكتب».
يواصل المحقق الثاني سؤال «سي
أحمد»، فكان أن سأله: «هل درّسك علي البلهوان؟ فقلت له: لا. فقد كان
البلهوان مدرسا في 1938، ولم أكن أنا في الصادقية بعد.. أحسست ان عند
البوليس الفرنسي معلومات كبيرة.. ثمّ سألني ـ يواصل بن صالح كشف تفاصيل
الايقاف ـ عن قصة اختطاف المنصف باي من «بو» (Pau).. فأنكرت معرفتي
بالقصة.. وإلى الآن لم أتكلّم فيها (قصة محاولة تهريب أو اختطاف المنصف باي
من منفاه..).
قلت لصاحب المذكرات ولكنك ستقول كل تفاصيل القصّة لقراء
«الشروق» أليس كذلك؟
فهل يوافق «سي أحمد» على سرد القصة التي كانت موضوع
تحقيق معه من قبل البوليس الفرنسي؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:35

حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
مازال الشاب أحمد بن صالح،
ناشطا في باريس، وفي هذه الحلقة سوف نتعرف على نمط اخر من العمل الوطني
السري، الذي يحاول ان يستعمل التّكتيك السياسي، ليراوغ استعمارا، يقف
بالمرصاد للمناضلين سواء في باريس أو في تونس المستعمرة... أو حتى في
القاهرة، أين ينشط عدد من الزعماء ـ زعماء الحزب الحرّ الدّستوري ـ من أجل
تحرير تونس...
خرج «سي أحمد» من سجن الايقاف لدى البوليس الفرنسي، دون
ان يوقف نشاطه النضالي، ومعه كوكبة من الطلبة المناضلين المقيمين في
باريس...
قبل ان نخوض في قصة الاختطاف، التي كان سيتعرض لها ـ بتخطيط ـ
المنصف باي القابع في مدينة «بو Pau» الفرنسية منفيا، يروي لنا اليوم، صاحب
المذكرات، قصة حادثة، فيها بورقيبة وبن صالح وابن شقيق بورقيبة، شخوصا في
الاحداث...
كان الطالب والمسؤول عن الارتباط والاتصال بالمنصف باي في
بوPau، من مقر إقامته في باريس، يواصل النشاط من اجل التحرير الوطني
للبلاد... فبعد قصة المال الذي كان يأتي من تونس ليدخل ضمن الحساب الجاري
لـ «سي أحمد» وغيره من الشباب الوطني، الذين يتولون بدورهم تسليم تلك
الاموال الى جلولي فارس ممثل الحزب بباريس، ليتولى بدوره ارسال تلك المبالغ
المالية الى زعماء الحزب في القاهرة، بورقيبة والبلهوان وثامر...
تأتي
قصة الرسائل
إذن ما قصة الرسائل التي كان يبعث بها بورقيبة الى جماعة
باريس والرسائل التي يتلقاها منهم، وكيف كانت قصة رسالة بورقيبة التي
صادرها البوليس الفرنسي ضمن ما صادر من وثائق في شقته الطلابية بباريس،
عندما القي عليه القبض؟
كانت من بين الوثائق نسخة هامة من رسالة بعث بها
بورقيبة الى رئيس الشعبة (بباريس) محمد الميلي... كان ذلك آخر 1946،
وتحتوي الرسالة على قسمين، الاول بدا فيها بورقيبة غاضبا، لانه فهم على ما
يبدو الامر بالخطأ... والجزء الثاني منها كان يتضمن افتخارا بهذا الشباب
الواعي الذي يعرف كيف يتدبر شأن النضال السري، حتى يكون النشاط الوطني
بمنأى عن عيون البوليس الفرنسي...
اذن ما قصة الرسالة التي أبديت أسفا
على فقدانها ومصادرتها من البوليس الفرنسي؟ يجيب صاحب المذكرات عن هذا
السؤال بتفاصيل القصة من البداية: «كنا نتلقى رسائل من القيادة الحزبية، من
القاهرة (أو من تونس)، فيها الخطط وفيها أسرار، كان لابد أن تكون خافية عن
سلطات الاستعمار الفرنسي... لكن حدث وان تفطّنا في تلك الفترة أن الرسائل
التي تصلنا عن طريق كمال بورقيبة ابن شقيق الحبيب بورقيبة، كانت تُسرق قبل
أن يتسلمها وتؤخذ منها نسخ لفائدة البوليس الفرنسي... لم نكن نشكّ في كمال
بورقيبة بقدر ما ساورنا شكّ في أن الرسائل وفي غفلة منه وقبل أن يتسلّمها
من صندوق البريد بالعمارة التي يقطن فيها، كانت تُسرق وتصوّر منها نسخ...
هنا
سألته عن فحوى الرسالة، لكن قبلها واصل «سي أحمد القصة: انطلقت القصة وبعد
تفطّننا الى أن الرسائل تسرق منها نسخ قبل أن تصلنا، قرّرنا أن نغيّر
العناوين التي تصل لنا عبرها الرسائل، كان ذلك آخر 1946، على أساس أن تلك
العناوين المعتمدة قد «تحرقت» بلغة المخابرات... لقرارنا ذاك، تصور بورقيبة
أنّنا ربّما سحبنا الثقة من ابن أخيه، وان الثقة غير موجودة فيه، في حين
أن تكتيك المقاومة السرية يقتضي أن تعتمد تغيير العناوين والأشخاص، اذا هم
تعرّضوا للكشف...» وقلت لصاحب المذكرات وقد استبقت قراءة الأحداث قبل أن
يروي بقية تفاصيلها، إذن غضب بورقيبة وكانت الأزمة؟ فقال: «أبدا... لم يكن
في الأمر أزمة... بل سوء فهم... فقد تخيّل بورقيبة أنّنا شككنا في ابن
أخيه... من ذلك أنه قال في القسم الأول من الرسالة، ما معناه: من هو هذا بن
صالح الذي يشكّ في ابن أخي... وفي القسم الثاني من الرسالة، ينوّه بورقيبة
بنا كشباب كلّنا احتياط وحيطة، من المستعمر... ففي الصفحة الأخيرة من
الرسالة يعبّر بورقيبة عن اعتزازه وفخره بنا كشباب من الحزب، أبدى يقظة
وفطنة ووعي...» وهنا التفت سي أحمد وقال لي وهو يختزل الشخصية التي يتحدّث
عنها «هذا هو بورقيبة» دون أن يضيف تعليقا أو توضيحا واحدا...
وهو يتحدث
عن قصة الرسائل التي كانت تأتي عن طريق كمال بورقيبة، التي يعود تاريخها
الى ثلاث وستّين سنة تقريبا، يؤكد صاحب المذكرات، أن الحيطة والحذر، هما
سبب اتخاذ القرار ضمن شعبة باريس «حيث كلّفني أعضاء الشعبة ان نبعث برسالة
الى تونس، نطلب منهم تغيير العناوين»، وكان السيد الطيب السحباني، كما يكشف
«سي أحمد» هو من يتولّى عملية التلقي والتنسيق، فقد كان إداريا بالمعهد
الصادقي بالعاصمة.
فإلى قصة أخرى من ملف باريس، والنشاط الوطني من أجل
تحرير تونس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:36

إعداد وحوار: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
بعد أن تحدث «صاحب
المذكرات» عن قصة الرسالة التي بعث بها بورقيبة الى رئىس الشعبة في باريس
محمد الميلي، والتي أشار فيها الى مجموعة باريس، وتحديدا أحمد بن صالح، حيث
عمدوا الى تغيير العناوين والأشخاص الذين كانوا مكلفين بنقل الرسائل
والتعليمات من القيادة الى باريس، الشيء الذي جعل ردّ فعل بورقيبة فيه شيء
من الغضب، لأن الشخص المعني بأن يغيّر عنوانا وجهة اتصال هو ابن شقيقه.
الرسالة
ـ يوضّح «سي أحمد» ـ سلّمها هو بنفسه الى جلولي فارس، عندما لم يترشّح بن
صالح الى رئاسة الشعبة (الحزب الحر الدستوري) في باريس... وبالتالي فإن
التصحيح ضروري، لأننا فهمنا ان الرسالة قد صادرها البوليس الفرنسي من جملة
الوثائق الأخرى لما ألقى القبض على مجموعة باريس في 1946، ومنهم بن صالح...
إذن
بعد هذا التنويه والاعتذار، على الفهم الخاطئ بشأن الرسالة، نبدأ اليوم
قصة ملفتة تخصّ المنصف باي في منفاه، بمدينة «بو» Pau الفرنسية.
كان «سي
أحمد» قد أشار الى قصة محاولة خطف المنصف باي من منفاه في «بو» Pau وأن
البوليس الفرنسي ولما كان يحقق معه في شأن الرسالة التي كتبها بن صالح بخط
يده، وكان يهم بنشرها في جريدة «Le Combat» اليسارية الفرنسية، سأله المحقق
عن قصة محاولة اختطاف المنصف باي من قبضة المنفى الفرنسي فردّ بن صالح عن
الاستفسار والسؤال البوليسي بأن «لا، أبدا.. لا أعلم شيئا عما تسألون».
وكان
البوليس قد سأله كالتالي: كيف أردت ان تُخرج المنصف باي من «بو Pau»؟
قال
«سي أحمد» وهو يستذكر تلك المواقف، والقصة ذاتها: «أنكرت.. وخرجت منها
سلامات» لكن في الآن نفسه، شدّد بن صالح وكما ذكرنا ذلك في الحلقة قبل
الفارطة، على أنه لم يرو قصة محاولة خطف وإخراج المنصف باي من موقع منفاه
الفرنسي الى اليوم، وما كان منّي الا ان طلبت منه بأن يسرد لقرّْاء
«الشروق» تفاصيل القصة، التي يقول بن صالح والى اليوم، إن بعضا من تفاصيلها
ماتزال غامضة بالنسبة له.
ما أمكن لي معرفته عبر هذا الركن، من صاحب
المذكرات، انه كان طبعا دائم الاتصال بالمنصف باي في مدينة المنفى.. فكنت
أسافر اليه مرات، عندما يطلب هو مني ذلك، اي عندما تكون جماعة من تونس آتية
إليه في بيته في المنفى بـ»بو» وكنت أمتطي القطار، في ظروف ما يتيسّر
لطالب مناضل في الاربعينات.. من باريس الى «بو» كان يتخذ الطالب احمد بن
صالح المكان الذي يعلو الركاب الجالسين، اين يضعون أمتعتهم.. وكان لا يُخشى
على رؤوس الركاب من سقوطه طوال الطريق لأنه كما يقول كان نحيفا جدّا، ولا
يمكن لهامته قليلة الوزن ان تؤذي الذي تسقط فوقه من ذاك المكان..
كان
الحديث إذن سريا والتدبير كذلك، وما أمكن لـ «سي أحمد» ان يعلمه هو ما قاله
له المنصف باي حول مسألة الاختطاف، ولكن يبدو ان جماعة الحزب (القيادة)
تدبّروا أمرا ما حتى يختطف المنصف باي، من منفاه، وقد تكون الخطة تقتضي
وجود طائرة في مكان ما قرب مقرّ اقامة النفي للمنصف باي، لكن في هذه النقطة
بالذات، ما فتئ «صاحب المذكرات» يؤكد ان الطائرة لم تأت ولم يقل له أحد أو
أية جهة ان في الأمر وجودا لطائرة..
القصة وتفاصيلها..
كنت في
1947، أقطن في باريس في «نزل سكن الطلبة» جاء في ممثل الحزب في باريس
جلولي فارس وقدّم لي تذكرة درجة أولى في القطار الرابط بين باريس و»بو»..
والعادة كنت كما ذكرت آنفا، امتطي القطار في درجة هي خارج حساب الدرجات في
Filet..
وهنا يضيف «سي أحمد» بن صالح: «قال لي جلولي فارس: اذهب الى
المنصف باي» وكان الامر يدور في فلك التعليمات الحزبية التي على الشاب
المناضل، ان ينفذها... الخطة تتمثل في ان تأتي طائرة الى ضواحي «بو Pau»
و»مهمّتي ان أبقى مع العائلة، عائلة المنصف باي في المنزل بمكان المنفى.
وقد
قبلت الدور، والذي يتمثل في ان اتعرّض الى التعذيب والضرب من البوليس،
الذي سيجدني في المنزل، في ظل غياب المنصف باي يضيف صاحب المذكّرات: «بلّغت
المنصف باي بالأمر، وقد وقعت محادثات ومشاورات من قبل، بين قيادات الحزب
والمنصف باي حول الترتيبات... وما كان دوري يومها، الا ان أذهب الى المنصف
باي وأتفاهم معه على موعد التنفيذ»..
يقول «سي أحمد» ذهبت الى «بو» قبل
يومين من الموعد المحدد لخطف الباي ولكن خلال هذه الزيارة علمت العائلة وتم
كل شيء والوعد تحدد... وكانت الاشارة ان يرنّ الهاتف، وتأتي مكالمة، يخرج
بعدها المنصف باي ومرافقه الشاذلي قائد السبسي، عندها يأتي البوليس وأنا
أتحمّل المسؤولية» وهنا قالها «سي أحمد» بالدارجة: أبقى أنا بالمنزل «لآكل
المصبط»..
سألت «سي أحمد» عن باقي التفاصيل لمّا لاحظت ان ما قاله الى
الآن، تكسوه العموميات، فقال: «الشيء الوحيد الذي أعرفه، هو ان العنصرين
اللذين كانا سينفّذان الخطة، هما حمّادي بوجمعة والهادي الجلولي، وبطبيعة
الحال، تحت إشراف جلولي فارس، وأنا موجود لانطلاق العملية.. أنا لا أعلم
شيئا عن الطائرة... هل هي موجودة فعلا أم لا..
قلت له في سؤال ملاحظة:
ما دام البوليس الفرنسي سيتفرّد بك بعد العملية، لاشكّ انك وفي تلك اللحظة،
كنت تعلم ما يجب ان تعلمه فقط. أليس كذلك؟ قال في معرض رده على السؤال:
«المهم انني كنت فعلا، أعرف، الى حدود ذاك التاريخ ما يجب ان أعرفه لتنفيذ
العملية»..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:37

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
فجعت العائلة ومعها صاحب
المذكرات، في فقدان المنصف باي... كانوا جميعا ملتفين حوله، وقوفا وهو جالس
بأريحية فوق الفراش، الذي تحوّل إلى فراش الموت بعد أن حمل الباي الوطني
على متنه وهو مريض..
وما ترك الجميع مشدوهين، هو أن الباي أعلن بنفسه
أنه يموت.. فقد قالها بصوت مرتفع متوجها إلى المحيطين بفراشة، من العائلة
و»سي أحمد» بن صالح والشاذلي قائد السبسي أنه سيموت، مطلقا الشهادتين ثلاث
مرات متتاليات.
كان صاحب المذكرات، وهو يتحدث عن هذا الفصل من حياة
الباي الوطني الذي لم تعرف تونس مثله، وكأنه يتحدث عن قصة حدثت بالأمس
القريب.. منذ واحد وستين عاما، حفظ الأستاذ أحمد بن صالح، ما حفظ في مشاهد
وأسرار، أطلق لها العنان اليوم، وفي «الشروق».. إحدى هذه الفصول طريقة وفاة
ونفي ورجوع جثمان المنصف باي من المنفى..
الاستعمار الفرنسي كما كل
استعمار، لم يشذّ عن قاعدة معاقبة وتعذيب الوطنيين، سواء كانوا من أهل
التاج (الحكم) أو إلى الشعب الكريم، ينتمون..
تنهّد أكثر من مرّة، وكأنه
يحاول أن يبعد شبح شيء ما.. وبما أن هذه القصّة رواها «سي أحمد» لهذا
الرّكن في «الشروق»، أكثر من مرّة، إما لغاية التدقيق أو لارتباط الحدث
المعني بتداعيات مختلفة الواحدة عن الأخرى، فإنه وكلما هم بالحديث عما حصل
للمنصف باي بعد أن توفي على فراش الموت في غرّة سبتمبر 1948 بمدينة النفي
«بو Pau» الفرنسية، تعلو وجهه تقاسيم حزن، وانزعاج، يرفقها بأنه يعاني من
تلك الصور التي سيرويها الآن، طوال حياته «إلى الآن تنتابني وكلما تذكرت
ذاك المنظر، أضغاث أحلام والعياذ باللّه».
إذن ما هو المشهد الذي لن
ينساه «سي أحمد» ما حيا، مثلما يقول بنفسه؟
بعد أن توفّي الباي، أمام
الحاضرين المحيطين به من أقاربه وأقربائه، كان على «سي أحمد» وهو الذي يقوم
بخطة عنصر الرّبط بين الحزب والمنصف باي، أن يعلم القيادة الحزبية بوفاة
الباي.. وكان في ذاك الوقت بالذات، وعندما كان المنصف باي يلفظ أنفاسه، كلا
من محمد شنيق والعزيز الجلولي، موجودين بأحد نزل العاصمة الفرنسية (سي
أحمد يرجح دون أن يؤكد نزل جورج V) يفاوضان سلطات الاستعمار، بأن يتركوا
حال سبيل المنصف باي ويفكوا أسره، ويرجع بالمقابل مواطنا عاديا لا إلى
العرش..
«أخذت سماعة الهاتف، وبدأت أدير الرقم الذي يوصلني إلى النزل
المعني، ولما رفعت السماعة السيدة المكلفة بتوزيع المكالمات، قلت لها
بالفرنسية: من فضلك أريد أن توصليني بغرفة السيد شنيق فقالت لي من فضلك أعد
الاسم حرفا حرفا، فبدأت أذكر الحروف المكونة لاسم شنيق بالفرنسية
CHENIK، وإذا بي بعد الحرف «K» أجدني أواصل الأبجدية الفرنسية التي تلي ذاك
الحرف... «KLM» ولما تفطّن الشاذلي قائد السبسي إلى ما أصابني، فهم أني
مشدوه، فأخذ عني سماعة الهاتف، وواصل المكالمة مع النزل إلى أن أوصل بمحمد
شنيق وأعلمه بالأمر»..
لم يقف اضطراب «سي أحمد» عند ذاك الحدّ، فقد واصل
ليلته هكذا، إلى أن جاءت السلط المعنية في «بو Pau» على أساس تهيئة الجثة
لإعادتها إلى تراب الوطن المحتل.. فكان عليهم، وفق الضرورة الصحية على ما
يبدو ولكي يحافظوا على الجثة، أن يقوموا بعملية «Embaumement» حتى لا يتعفن
الجسد.. وهو عبارة عن مادّة بنج تحفظ الجثة.. لكن المصيبة أنها عملية
مهولة ومرعبة..» سألته لكن كيف حضرتها، هل هي شجاعة أم تحمّل لمسؤولية؟
فقال بسرعة: لم أكن أعرف هول المسألة.. فقد كان لا بدّ، وحسب القانون
الفرنسي، أن يحضر العملية فرد من أفراد العائلة، وبما أن أفراد عائلة
المنصف باي رفضوا جميعا حضورها، كلفوني أن أنوب العائلة في هذه العملية»..
ينقطع
صاحب المذكرات عن الكلام قليلا، ثم يعاود الحديث بالوصف هذه المرة: «طبعا
لا أحد ذكر لي ما معنى هذه العملية التي أقدم على حضورها.. كنت خالي
الذهن.. من تفاصيلها.. وإذا بي أحضر على حصة، إلى الآن تنتابني أضغاث أحلام
منها.. سدّوا له جميع المنافذ في جسده، من أنف وأذنين.. وغيرهما.. بمادة
الجبس... وفتحوا له بطنه ووضعوا فيها الدواء بعد أن أزاحوا الامعاء.. كان
المنظر رهيبا»..
توقف «سي أحمد» عن الكلام، ففهمت أنه قلق ولا يريد أن
يواصل.. فسألته بسرعة، إذن كيف رجع جثمان الباي الذي انتظره التونسيون
محرّرا من قيود النفي، لا مستشهدا في صندوق الموت؟ فقال: بدأت تراتيب
العودة سريعة، وكان قرار القيادة الحزبية، أن يرافق العزيز الجلولي ومحمد
شنيق وأظن ابن المنصف باي «رؤوف» جثمان الفقيد وأن أبقى أنا والأولاد وعدد
من أفراد العائلة لكي يأخذنا «العسكر» الفرنسي على متن طائرة عسكرية من
«بو» إلى مرسيليا، من أين تنطلق بنا طائرة إلى تونس، فيما يودع الجثمان ومن
معه من مرافقيه، باخرة من مرسيليا إلى حلق الوادي..».
كان «سي أحمد»
وطوال هذه المذكرات، بتفاصيل أحداثها وبآلامها وآمالها كأحداث مرّ بها أثر
فيها وتأثر بها، ما فتئ يلفت النظر إلى تفاصيل تبدو غير هامة للوهلة
الأولى، لكن معانيها تكمن في تأشير صاحب المذكرات إليها، من ذلك أنه يسرد
قصّة الجنود الفرنسيين الذين امتطوا معهم الطائرة العسكرية (أي بن صالح
وجزء من عائلة المنصف باي)، فقد بيّن أولئك الجنود صلفا وتصرفات غير عادية
تجاه بن صالح ومن معه، علقت في ذهن الرجل لمدة واحد وستين عاما ولم ينسها..
«عاملونا معاملة سيئة».
كانت ذكريات تعيسة.. فقد كان الجنود يتبادلون
الملح، وكانوا يلقون بعلب «الكوكا» على رؤوسنا»..
حطّت الطائرة العسكرية
في مرسيليا.. وما الذي حدث بعدها.. للجثة.. وللعائلة..؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:38

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
تحمّل «سي أحمد» بن صالح
مسؤولية مرافقة عائلة المنصف باي من «بو Pau» إلى تونس.. فكانت رحلة عذاب
كما يقول بنفسه، واصفا الصّلف الذي أبداه جنود فرنسيون كانوا على متن
الطائرة العسكرية نفسها، التي كان فيها «سي أحمد» وعائلة الشهيد، وذلك في
رحلة من مدينة «بو Pau» إلى مدينة مرسيليا بأنه صلف غير عادي..
ومن
مرسيليا رجع «صاحب المذكرات» على متن طائرة مدنية مع العائلة، إلى تونس.
فيما أودع جثمان باي تونس. الذي نفاه الاستعمار الفرنسي إلى أن مات السفينة
التي تخرج من مرسيليا إلى تونس..
سألت «صاحب المذكرات» عن جنازة المنصف
باي، وكيف تعامل معها الاستعمار، فانفجر بالمعلومات، التي مفادها ان
الاستعمار الفرنسي، منع أن تكون الجنازة شعبية أو علنية.. من ذلك أنه يكشف،
كيف أن مبعوث السفارة الفرنسية بتونس، كانت له خصومة ومشادات كلامية مع
الشاذلي قائد السبسي مرافق المنصف باي، وقد منعت السلطات الاستعمارية، عن
طريق هذا المبعوث من السفارة، الجميع من المشاركة في جنازة المنصف باي، أو
تشييع جثمانه.
وهنا يضيف «سي أحمد»: «الذي نظّم المسألة ووقف على كل
الترتيبات هو فرحات حشاد.. هذا ما سمعته فيما بعد».. كما كشف النقاب عن أن
المنع طال أيضا المكان الذي خرج منه الجثمان في تونس نحو المقبرة (الموجودة
الآن قرب مقام سيدي بلحسن الشاذلي، ربوة الزلاّج).
وعندما سألت الأستاذ
أحمد بن صالح عن حضور العائلة وهو نفسه في الجنازة، أعاد التأكيد: «لم
أحضر على شيء.. كنت في حالة نفسية غير عادية، وكذلك العائلة والوطنيون.. لم
نحضر الجنازة، وكان الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة فرحات حشاد، ينظم
ما أمكن تنظيمه.. كانت أيام تعيسة، تلك التي عشناها وفق ذاك الظرف».
ولكن
هل بقي المناضل الشاب، الذي تحمّل مسؤولياته المناطة بعهدته على أكمل وجه،
هل بقي على اتصال بعائلة المنصف باي؟
عن هذا السؤال، يجيب: كانت
اتصالاتي دائمة ومتواصلة مع العائلة.. وفي الحقيقة لما رجعت إلى تونس مع
عائلة المرحوم المنصف باي، لم يدر في خلدي أنني سأبقى في تونس، فقد كنت
طالبا في المراحل النهائية للإجازة.. وكنت عاقدا العزم على الرجوع إلى
باريس، لأكمل شهادتي التعليمية».. كانت تنقص «سي أحمد» على نيل الاجازة،
شهادة أو شهادتين..
ولكن لماذا بقيت في تونس، ولم ترجع إلى فرنسا، بعد
الانتهاء من دفن المنصف باي وقد أتيت من أجل هذه المهمّة فقط؟
أخذ «سي
أحمد» برهة للتفكير أو للتذكر، ثم واصل الحديث: بمناسبة قدومي إلى تونس،
كان لا بدّ وأن أزور عائلتي في سوسة (المكنين)، ولكن عندما وصلت إلى
«البلاد» (ويقصد المكنين)، وجدت أن حالة العائلة محتاجة إلي كي أبقى، فقد
كان أخي الأكبر امحمد بن صالح، لا يزال يدرس الطب في فرنسا وأخي الثاني ما
يزال في دمشق يدرس الفلسفة، وكانت العائلة في حاجة إلى معيل يعين والدي..
فأجبرتني الحالة على البقاء، والبحث عن عمل في سلك التعليم»...
كان
يعتقد أنه سيبقى في تونس العاصمة، ليدرّس هناك، لكن المقابلة التي جمعته
بـ»سي العابد مزالي، مسؤول بإدارة التعليم، جعلت المسألة تتغيّر.. فقد
بادرني بأن مكاني ليس هنا في العاصمة، وإنما في مدينة سوسة.. قال لي العابد
مزالي خلال تلك المقابلة: أنت ستذهب إلى سوسة، لتكوّن سنوات السادسة «des
classes de 6ème tunisiennes» وفق برامج المدرسة الصادقية».. وبدأ الأستاذ
يدرّس «السوادس»، حيث كانت اللغة العربية تدرّس كلغة أجنبية.. فقد كنّا
ندرّس اللغة العربية سبع ساعات في الأسبوع والفرنسية كذلك، ولأول مرة يعتمد
هذا البرنامج في سوسة.. وكنت وقتها، ووفق الخطّة التي أسداها إلي «سي
العابد مزالي» أستاذ «السيزيامات» (السوداس)..
شيئا فشيئا، كما يفسّر
بنفسه ذلك «أعطوني الأقسام الموالية للسادسة، وتغيّر معهد سوسة.. فقد أدخلت
الفلسفة الاسلامية، ودرّست شخصيا الفلسفة بالعربية والآداب واللغة
العربية».
لم ينس أو بالأحرى، لم يغفل الشاب الذي عاد إلى تونس مبكرا
قبل انهاء شهادة التخرّج في التعليم العالي، عن الالتزام النضالي.. فقد كان
الاستعمار الفرنسي لا يزال يحتل البلاد، وكان الاتحاد العام التونسي
للشغل، ينشط للسنة الثالثة على التوالي من تأسيسه في 20 جانفي 1946 .
قضى
«سي أحمد» ثلاث سنوات في التعليم وكان عضوا في الاتحاد العام التونسي
للشغل 1948 ـ 1949 «حيث كنت الكاتب العام للفرع الجامعي، جامعة التعليم
التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل». وهنا سألته عن الكاتب العام لجامعة
التعليم وقتها، فقال: إنه الأستاذ محمود المسعدي.. «وكنت شخصيا كاتب عام
فرع سوسة والتعليم الثانوي.. وكنت مواظبا على نشاط الاتحاد العام التونسي
للشغل بسوسة».
وهكذا، بدأ صاحب المذكرات فصلا جديدا في النضال السياسي
والثقافي.. رحلة فيها الكثير من الخفايا التي تُقال لأوّل مرّة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:39

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
مرحلة تأفل بشخوصها وأحداثها،
ومرحلة تطفو أحداثها و «أبطالها» على السّطح... هذه هي سمة مذكرات سياسي
في «الشروق» لصاحبها الآن، الأستاذ أحمد بن صالح...
بين النشأة
بالمكنين، والتحوّل المبكّر إلى تونس العاصمة، وبين النضال التلمذي الشبابي
بداية الأربعينات من القرن الماضي، بدأت رحلة «سي أحمد» مع تونس الثورة
على الاستعمار والنضال الوطني، الحزبي منه والموازي للحزب، عندما همّ الأمر
حلحلة للوضع النضالي، في ظلّ ركود نشاط الحزب.. وفي باريس، بدا الطالب
أحمد بن صالح، متعدّد الاهتمامات: الدراسة والنضال وتأمين الاتصال بين
الباي الوطني «المنصف باي» وزعماء الحزب الموجودين في القاهرة..
في
الحلقة الماضية أطلّ علينا، وفي آخرها، سجل الرجل مع النضال النقابي.. وهو
فصل مثير من حيث أحداثه وهام من حيث الزخم النضالي الذي تميّز به.
رجع
«سي أحمد» بن صالح من باريس لمرافقة عائلة «المنصف باي» إلى تونس، بعد أن
توفي في منفاه بمدينة «بو Pau» الفرنسية.. لكن الشاب الذي تحمّل مسؤوليات
تاريخية، مع الباي ومع الحزب الحر الدستوري وتجاه الاستعمار الفرنسي، بأن
لم يكفّ مرّة عن النضال، سوف يجد أمامه وضعا عائليا يجعله يتراجع عن فكرة
العودة إلى باريس لإكمال شهادة الاجازة في الآداب العربية..
فقد ثقل
كاهل الوالد، خاصة مع وجود شقيقين لـ»سي أحمد» «امحمد» و»محمد» في الخارج
الأول يدرس الطب بفرنسا والثاني فلسفة في دمشق..
أصبح الشاب أحمد بن
صالح، معينا وعائلا لأسرته، فدخل سلك التعليم.. وقد كلّفه «سي العابد
مزالي» مسؤول الإدارة الجهوية للتعليم بسوسة، بأن يشرف على «السوادس»
التونسية، وقد أدخل نظام التعليم الصادقي لأول مرّة في سوسة..
انتمى «سي
أحمد» كمسؤول للاتحاد العام التونسي للشغل، وقد سبق وذكر لنا عبر هذه
المذكرات، كيف كان احتفاؤه هو ومجموعة طلبة باريس من التونسيين، لميلاد
وتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1946 .
أصبح الأستاذ،
الذي استقر في سوسة بطلب من «سي العابد مزالي» كاتبا عاما لفرع سوسة
للتعليم الثانوي.. وبدأ النضال النقابي.. فعند تأسيس الاتحاد العام التونسي
للشغل في 1946، التحقت بصفوف المنظمة بعد عام ونصف العام من تاريخ
التأسيس، فيما عرفت سنة 1948 ـ 1949 (الدراسة) نشاطا بصفتي مسؤولا ضمن
الاتحاد الجهوي بسوسة، بالخطة التي ذكرت آنفا».
لكن من يذكر تاريخ تأسيس
الاتحاد، ومن يطّلع على تفاصيل عملية دفن المنصف باي، الذي رفض الاستعمار
الفرنسي أن تكون له جنازة علنية، فلا بدّ وأن يسأل السؤال الذي وضعته في
هذا المفصل من الأحداث أمام صاحب المذكرات: كيف عرفت فرحات حشاد؟
لئن
كنت على اطلاع من خلال القراءات والاطلاع على التاريخ، بأن صلة خاصة، بل
مميزة جمعت الرجلين، لكن السؤال، ولّد استقراء وكشفا لتفاصيل تاريخية،
يرتقي بعضها للمذهل.. قال «سي أحمد» في معرض ردّه على السؤال: «عرفت فرحات
حشاد، في فترة سجل فيها نشاط الحزب الحرّ الدستوري نوعا من الخمول.. وهذه
الفترة لم يعطها المؤرخون حقها.. ولا حقّ حشاد فيها..
كان إذن هناك خمول
في التحرّك السياسي الحزبي، وكانت الفترة التي أعنيها قد امتدت من 1948
إلى 1951 .. فقد كان بورقيبة غائبا في القاهرة، وعندما رجعنا من باريس،
ورأينا الخمول الذي بدا عليه الحزب الحرّ الدستوري، وكان معي سعيد المبروك
مدرسا في سوسة، حيث كنت أدرّس بمعهد الذكور وهو يدرّس بمعهد البنات»،،
ويضيف صاحب المذكرات القول: «كوّنا مع بعض المناضلين والأهالي بسوسة،
مجموعات، نادينا من خلالها برجوع بورقيبة إلى تونس، وقد كان في أذهاننا
وقتها، أن رجوع بورقيبة يمكن أن يعيد الحيوية الكفاحية بالجهة وبالبلاد
التونسية عامة.. وقد أرسلنا برقيات للغرض، حيث كنت إلى جانب مسؤولياتي
النقابية، عضوا في هيئة شعبة المكنين مكلفا بالعلاقات مع الشعب (الدستورية)
الأخرى.. فكانت تلك النشاطات المكثفة، التي فيها لفرحات حشاد النصيب
الأوفر..
هنا استوقفت محدثي، لطفا، وسألته عن بورقيبة بالقاهرة: هل كان
منفيا أم خرج بإرادته؟ فقال بسرعة: «خرج بورقيبة عن طواعية.. ما أتذكره، هو
أن الكاتب العام للحزب، صالح بن يوسف، كان المسؤول الأكبر في الحزب في
غياب بورقيبة.. ولكن لاحظنا نوعا من الخمول، فقد تكوّنت في كلّ قرية مجموعة
للاتصال بمركز المجموعة للمطالبة برجوع بورقيبة».
وأضاف صاحب المذكرات
ان ذات التحرّك كان بلا تشويش، إذ حاولنا الاتصال بالقاهرة حتى يعود
بورقيبة.. وبعد برهة من التفكير أردف بالقول: «بلغنا خبر سرّي، مفاده أن
هناك اجتماعات سرية تعقد صلب الحزب، لعزل بورقيبة.. ولكن هذا التحرّك وقع
الانتقام على أساسه، من البعض..
كيف ذلك؟ ماذا يقصد «سي أحمد»؟ هذا ما
سنراه لاحقا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:41

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
يواصل صاحب المذكرات، كشف
القصص والمواقف التي كان شاهدا عليها أو تلك التي كان طرفا فيها. أثر فيها
وتأثر بها.
يدخل الآن «سي أحمد» مجالا آخر للعراك ضد المستعمر الفرنسي..
ففي
المجال النقابي، أظهر بن صالح قدرات نضالية وقيادية، لا تزال في سجله إلى
الآن..
عرف الزعيم النقابي فرحات حشاد، وكان على علم بما أبلاه هذا
الزعيم الوطني، الذي حلم بتونس الجديدة، من خلال تنظيمي الحزب والنقابة..
عرفت
فترة آخر الأربعينات ركودا في العمل السياسي الحزبي، وكان أن تناهى إلى
مسامع «بن صالح» كما غيره من بعض المناضلين أن هناك اجتماعات سرية (حزبية)
تعقد صلب الحزب لعزل بورقيبة.. لكن «سي أحمد» يكشف أن التحرّك الذي شارك
فيه شخصيا، بعد ملاحظة حالة الخمول الحزبي في البلاد، وهو تحرّك ارتكز على
نداء وإرسال لبرقيات، ليعود بورقيبة إلى تونس، إذن وقع الانتقام من ذاك
التحرك، حسب ما يوضح «سي أحمد» نفسه في هذا الباب، أن أقصي من حضور مؤتمر
الشعبة في المكنين «حيث لم يعلمني أحد بوقوع الحدث» وقد حضر المؤتمر، من
قيادات الحزب، يواصل صاحب المذكرات «كل من جلولي فارس والمنجي سليم والهادي
شاكر» وهم أعضاء الديوان السياسي للحزب الحرّ الدستوري آنذاك، «حضروا
مؤتمر شعبة المكنين، وأنا رغم أنني عضو في الهيئة، لم يعلمني أحد
بالمؤتمر»..
سألته عن بورقيبة، هل رجع أم لا، فقال عاد بورقيبة بعد هذا
المؤتمر الذي ذكرت.. و»أذكر أننا استقبلنا بورقيبة في المنستير، وكان
سيتوجه إلى مدينة طبلبة، إذ مرّ على القرى من المنستير إلى طبلبة ولم يكن
هناك أي تحرّك في المكنين يشير إلى استقبال بورقيبة» وهنا يذكر «سي أحمد»
أن رئيس الشعبة المرحوم العجمي سليم، كان يبكي ويعتذر لبورقيبة، فيما نزل
بورقيبة من سيارته وتوجه إلى العجمي سليم، وكان المكان هو (السوق البراني)
أي السوق الخارجي، فصعد بورقيبة على كرسي والتفت إلى التجار وقال لهم وهو
نصف منفعل ونصف ضاحك: أنا بورقيبة جئت أحيّيكم»..
لقد أحسّ بورقيبة أن
مكانته قد تكون تزعزعت لدى الناس، «كان ذلك أواخر الأربعينات» أي بعد أن
توفي المنصف باي، وقد كان سي أحمد أستاذا مدرسا في سوسة، ونقابيا مسؤولا
بالاتحاد الجهوي، سلك التعليم.. «كنا، نحن المجموعة التي بعثت بالبرقيات
تباعا، حتى يعود بورقيبة من القاهرة، ملتفين به، أي إلى جانبه، فالتفت إليّ
وقال: أنت سوف تأتي معي.. وصعدت حذوه في السيارة، وكان مهرجان الاستقبال
الذي وجدناه في طبلبة هائلا.. فخاطبني بورقيبة قائلا: «يا أحمد.. ريت
المكنين متاعك؟».
واصل الركب باتجاه بستان بطبلبة، عيّنه له وجهاء
المنطقة والمناضلون، كي يتناول فيه فطور الغداء، وقد تناولته معه وبقيت مع
بورقيبة، وقلت له: «بكلّ صفة.. نعاودوها يا سي الحبيب» وكان صاحب المذكرات
يقصد أن تعاد زيارة بوقيبة إلى المكنين، ليكون الاستقبال حارا لا باردا..»
وفعلا، حصل بعد أسابيع، استقبال كبير جدّا لبورقيبة في المكنين، ورغم أني
لم أكن مسؤولا في الشعبة إلا أنني شاركت في المطالبة برجوع بورقيبة»..
لماذا
كلّ هذا التحمّس لبورقيبة في ذاك الوقت؟
عن هذا السؤال يقول محدثي:
«لأن بورقيبة، وعندما تكون هناك مشكلة أو تتشابك الأمور، يعود إلى الشعب
لاحياء جذوة النضالية».
هكذا كان «سي أحمد» يرى بورقيبة، ولأجل ذاك
الجواب وفحواه، نادى برجوع بورقيبة، إذ رصد وغيره من المناضلين كما يقول،
بأن خمولا حلّ بالمشهد الوطني، وتحديدا الحزبي.
عود على بدء، سألت صاحب
المذكرات عن حشاد ثانية، فقال: «فرحات حشاد كوّن لجنة الدفاع عن الحقوق
الديمقراطية والتمثيل الشعبي» وكان «سي أحمد» حسب شهادته هذه، الممثل
الجهوي والمتحرك من أجل هذا العنوان، وهذا البرنامج «وقد حضرت معه (مع
بورقيبة) في سوسة والجم»..
هكذا بدأت القصة ردهة بردهة، بين الاتحاد
والحزب، أي بين النقابة والسياسة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hayfa

hayfa


عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة   أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة Icon_minitimeالجمعة 2 أبريل 2010 - 23:42

حوار وإعداد: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
كثيرة هي القصص والمحطات
التي يتوقّف عندها الاستاذ أحمد بن صالح... فالذاكرة التي تكشف لنا عبر هذا
الركن تفاصيل وأحداثا وقصصا، تمسح نصف قرن من الزمن، على أقل تقدير.
في
الحلقة الفارطة تحدث «سي أحمد» عن قصّة رجوع بورقيبة من القاهرة، وكيف كان
استقبال أهالي المكنين له، ولماذا حدث لبورقيبة ما حدث.
يقول «سي أحمد»
ان اهالي المكنين (موطنه) لم يكونوا على علم بأن بورقيبة وهو يتّجه الى
طبلبة، سوف يمرّ على بلدة المكنين... حدث ذلك أواخر الاربعينات، بين 1948
و1949 ...
كان بورقيبة وهو يمر بالمكنين، نصف غاضب نصف مبتسم، وبعد أن
صعد الى جانبه «سي أحمد» بطلب من بورقيبة نفسه، قال له «شفت المكنين متاعك
يا سي أحمد؟» عندها قال له صاحب المذكّرات: سوف نعيد الزيارة وستكون
جماهيرية وناجحة ان شاء الله.
حضر «سي أحمد بن صالح» مهرجان الاستقبال
لبورقيبة في طبلبة وحاول أن يهوّن على «الزعيم» بأن وعده بأن تنظّم زيارة
أخرى له في المكنين، ومحاولا أن يعلم بورقيبة بأنه معه وثلة من المناضلين
الذين كانوا يبعثون بالبرقيات، للمطالبة بعودة بورقيبة.. وقد برّر بن صالح
ذات المطالبة بالقول ان بورقيبة وعندما يكون في تونس، تتجدد الجذوة
النضالية، بحكم أنه يعود الى الشعب..
في آخر الحلقة الأخيرة، عدنا الى
الحديث عن علاقة «سي احمد» بن صالح وفرحات حشاد الزعيم الناشط الوطني، وهنا
سألت «سي أحمد» عن الاتحاد وماذا فعل حشاد في غياب بورقيبة؟
بعد برهة
من الصمت المشوب بالتفكير في شيء ما، قال صاحب المذكرات: في ما يخصّ النشاط
العادي، كنا مجموعة، لها كلمة في المجال السياسي وخاصة في ما يهم مسيرة
الحزب في ذلك الوقت.. فقد لاحظنا أن الحزب أصبح وكأنه حزب «أكابر» ـ ويقصد
أعيانا ـ يعني أن مسؤولي الحزب أصبحوا وكأنهم وجهاء البلاد.. وقد كان معنا
حق نحن المجموعة التي تملّكتها الحيرة تجاه انخفاض مستوى نشاط الحزب (على
المستوى الشعبي)».. وهنا استذكر صاحب المذكرات كيف أن الحزب القديم (بقيادة
الثعالبي) اتهم من قبل الجيل الجديد، أنه حزب النضال المحتكر من قبل
الأعيان.. وأن النضال الشعبي كان غائبا..».
كان عمر «سي أحمد» قرابة
الثلاث وعشرين سنة، «وكنت معتقدا أن النشاط وطريقة النضال التي توخيتها
كانت هي الصحيحة».. وبعد أن وصف تلك الأجواء التي عاشها صاحب المذكرات بين
النضال السياسي والنضال النقابي آخر الأربعينات، كشف النقاب عن كيفية
التعرف على فرحات حشاد..
«تعرّفت على حشاد عن قرب، عندما كان يمرّ الى
سوسة، وقد كان عنده شعور بالمسؤولية، حيث كان شعوره متّقدا أكثر من شعورنا،
بحكم أنه زعيم نقابي ومناضل حزبي «منتم إلى الحزب الحرّ الدستوري
التونسي».
كان سي أحمد قد كشف لنا النقاب خلال الحلقة الماضية عن اقدام
حشاد ومن داخل الاتحاد على تكوين «لجنة الدفاع عن الحقوق الديمقراطية
والتمثيل الشعبي» وهو الشيء الذي اثار حفيظة البعض وهجوما من البعض الآخر
عليه.. وهنا شدّد على أن لجنة الدفاع هذه، لم تحظ بالتعريف، ولم يتحدث عنها
أحد.. «لقد كوّن حشاد هذه اللجنة، وكنت بمثابة الممثل الجهوي (بدون
تعيينات رسمية) وكنت متحرّكا..
سألت صاحب المذكرات: لماذا وقعت مناهضة
هذه الفكرة، فكرة اللجنة التي كونها حشاد صلب الاتحاد رغم أنه دستوري؟
دون
أن يتخذ برهة للتفكير قال مباشرة بعد سماع نصّ السؤال: «أظن أن الجماعة
(المعنية بإطلاق المناهضة للجنة وفكرة حشاد) نظروا إلى التجربة على أساس
أنها تجاوز للحزب، وبالتالي، فإن هذه هي أول تهمة تلصق بالاتحاد العام
التونسي للشغل على أساس أنه يعمل على الاستحواذ على الحزب..» وهنا،
واستباقا لحادثة أخرى حصلت لأحمد بن صالح في 1956، يكشف صاحب المذكرات
بالقول: «أما التهمة الثانية فقد جاءت ضدّي أنا، مباشرة بعد 1956 ...
وطبعا، أعتقد أن الأمور مرتبطة ببعضها البعض»..
سوف نصل إن شاء اللّه،
إلى مرحلة 1956، وعلاقة صاحب المذكرات بكل الأحداث والمؤسسات، فللحزب قصة
متشعبة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، سوف نعرف تفاصيلها في الإبان.
سألت
صاحب المذكرات، عن حشاد وانتمائه السياسي، فقال: كان دستوريا بطبيعة
الحال»..
طيب وكم دامت اللجنة المقترحة، لجنة الدفاع عن الديمقراطية..؟
هل بقيت إلى حدّ وفاته؟
عن هذا السؤال يقول «سي أحمد: «لا.. دامت إلى
حد وقعت تلك الزوابع التي تسبب فيها «قاربي» Garbé و»دي هوت كلوك»، عندها
كل شيء انتهى.. وكان ان وقع مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1951،
أي سنة قبل استشهاد فرحات حشاد.
سألته عن المؤتمر المذكور: ما هو الشعار
الذي كان قد رفعه المؤتمر حينها (1951)؟ فقال بدون انتظار: كان مؤتمرا
عاديا وقتها.. كان المؤتمر الثالث منذ التأسيس في 1946 ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحمد بن صالح في «مذكرات سياسي» بـ «الشروق»: أسرار ومواقف وخفايا تكشف لأول مرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 5انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» تحالف سياسي جديد في الأفق لقاء مرتقب بين الغنوشي.. بن صالح.. المرزوقي.. الصيد والقوماني
»  قضية ايقاف ابن القذافي بالتبنّي في تونس تكشف تورّط أمين عام حزب سياسي تونسي معروف
» كتاب مذكرات الشيخ حسن العيادي
» تحليل سياسي ـ مع بطء مفاوضات التشكيل الحكومي
» الهدنة الاجتماعية فرز سياسي ام حاجة لتامين استقرار السلطة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قفصة :: منتدى الوثائق :: منتدى الوثائق المكتوبة-
انتقل الى: