منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 2831
تاريخ التسجيل : 24/01/2010

رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي Empty
مُساهمةموضوع: رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي   رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي Icon_minitimeالإثنين 31 ديسمبر 2012 - 11:43



رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي 10-le-passe-muraille

بقلم: نارام سرجون
في الفيزياء الطبيعية لاتنكسر القوانين وتبقى نافذة الى الأبد .. فالجاذبية
ستبقى بقاء الوجود وكذلك سرعة الضوء والصوت .. وفي الفيزياء يحسم العالم
البريطاني الكبير ستيفن هاوكينغ (الذي يجلس على كرسي اسحق نيوتن في جامعة
كمبريدج) التكهنات والآمال بشأن السفر عبر الزمن فيقول: "لن يمكن للناس
السفر عبر الزمن لأن ذلك يعني أن يكون عندنا زوار من المستقبل وهذا
مالانراه" .. هذا في الفيزياء الطبيعية ولكن هل هناك فيزياء اجتماعية أو
تاريخية بحيث يسافر الناس عبر التاريخ؟؟ أو تسافر القضايا الفكرية عبر
ثنايا التاريخ نحو الماضي أو المستقبل؟؟ .. لم أسمع بمصطلح الفيزياء
الاجتماعية أو التاريخية بعد ولاأستطيع ادعاء اختراع شيء جديد .. لكني
سأقرن هاتين الكلمتين معا وأعقد قرانهما في سورية (الفيزياء مع التاريخ) ..
فكما أن للتاريخ حركة فان لتفاعلات التاريخ وتحركاته عبر الزمن صفات ربما
ستتكشف وصارت تحتاج توصيفا جديدا وربما يحتاج التاريخ وسائل أخرى لاستقصائه بعلم جديد ..

منذ اندلاع الربيع العربي والأزمة السورية هناك شيء معقد التركيب تسبب به
الارتجاج الاجتماعي الصناعي الناجم عن العبث الغربي بمركّبات التاريخ
وعناصره .. ويصح كثيرا وصف تموجاته وتقلباته بصفات التقلبات الفيزيائية
الاجتماعية لتعقيدها وتداخل الزمن مع المادة والعناصر الاجتماعية .. وتوصيف
الأزمة السورية كما يردده بعض الأكاديميين هو لقاء من أخطر لقاءات الحياة
الذي يتم هذه الأيام في سورية .. "انه رحلة قادمة من الماضي لاتصطدم
بالحاضر بل تصطدم بالمستقبل كله" .. التيارات الاسلامية في المنطقة مهما
تحذلق المتحذلقون في فلسفة نشأتها وتحركها وتطورها فانها رحلة قادمة من
الماضي تريد السطو على الحاضر ونجحت في عدة مناطق من الشرق بسبب تلاعب غربي
في فيزياء المجتمعات الشرقية وكيميائيتها التاريخية وتضاريس عناصرها
السكانية .. لكنها في سورية وجدت نفسها وجها لوجه مع المستقبل ..
وربما كانت هناك رحلات سابقة من الماضي نجحت لكنها نجحت لأنها وصلت دون لأن
تصطدم بالمستقبل مثل الحركة الصهيونية نفسها فهي حركة قادمة من الماضي
لكنها وصلت الى منطقة ليس فيها حضور للمستقبل ليواجهها فنجحت مرحليا في هزيمة حاضر ضعيف ..

ومن هذه الرحلات القادمة من الماضي الحركات القومية على اختلافها وكذلك الثورة
الاسلامية الايرانية .. فهذه التحركات كانت عفوية ذات جذر تاريخي .. ولم
تكن صناعية .. ولم يتم تعريضها لحرارة صناعية في معامل الجزيرة ولا ايقاد
برك النفط تحتها لتحرض التفاعلات والتغيرات كما نيران الربيع العربي .. كما
أنها تحركات اجتماعية ماضوية تجنبت خوض أي صراع مع المستقبل فاستمرت ..
والأهم أنها انطلقت من المحطات الرئيسية للماضي وليس من محطات عابرة كما هي
الحركات الاسلامية الحالية التي انطلقت من محطات فرعية مضطربة للاسلام
والتي اختلطت فيها الجاهلية بالاسلام وهي محطات عصر الانحطاط .. فمرجعيتها
عنيفة للغاية ورسولها المعتمد الرئيسي هو محطة فرعية بعيدة نائية هو محمد
بن عبد الوهاب وتفسيرات وقراءات شيخ الاسلام ابن تيمية بكل اشكالياته
الفكرية والفقهية والشخصية .. بينما بقي اسم الرسول الكريم المحطة الأولى
للاسلام مجرد رمز فخري لها دون أثر يذكر..

في سورية وقع الصدام الكبير بين زوار من الماضي وزوار من المستقبل .. فهناك
زائر غير متوقع من المستقبل هو جيل الرئيس بشار الأسد الذي وللصدفة
التاريخية وصل الى الحاضر قبل وصول الرحلة القادمة من الماضي .. وقد أوقف
هذا الجيل الرحلة القادمة من الماضي ووضع المكابح على عجلاتها .. فالماضي
قد يحارب الحاضر ويهزمه ويمنع المستقبل من الوصول بل قد يستولي على
المستقبل .. لكن عندما يخوض المستقبل معركته مع الماضي مباشرة فليس على
رحلة الماضي الا ان تكف عن السعي للسطو على الحاضر والعودة من حيث أتت ..
فواقع الحال أن الرحلة القادمة من الماضي قد طحنها هذا المستقبل وأثخنها
بالجراح .. ومن كان المستقبل حليفه فلا غالب له ..

واليوم سأقدم لكم مقالة مكتوبة بالفولاذ .. وسأقول ان قلبي بالذات في هذه المقالة
صلب كالفولاذ .. بل ان الفولاذ معدن لين بالقياس الى صلابة قلبي .. لأن
قلبي لم يكن صلبا كما اليوم بعد أن تناهى الى سمعي كلام الصلابة الذي يتحدث
به الحلف السوري الايراني الروسي .. ولذلك فانني سأضرب بكل ماأوتيت من قوة
على بعض التماثيل الجصية .. وسأطرد لاعبي الخفة والسحرة من المسرح الذين
يلعبون مع فيزياء التاريخ .. أولئك الذين يأتون من الأمم المتحدة مخفورين
بالثرثارين من الاعلاميين ويتلاعبون بالكلام والأهواء ..كما يتلاعب الحواة والسحرة بالأشياء..

السياسة والاعلام هما المجال الأكبر في الحياة لممارسة ألعاب الخفة وبهلوانيات
المواقف .. والقسم الأكبر من السياسيين على الدوام يقف على مسرح السياسة
ليمارس ألعاب الخفة ويحيط به مجموعة من المساعدين الاعلاميين ووسائل
التضليل .. وما ان ينتهي العرض حتى ينفض الناس .. ويدخل هؤلاء السياسيون
المشعوذون صفحات التاريخ ليجلسوا حفاة مشردين على السطور كما تجلس الفاصلة
والنقطة واشارة الاستفهام والتعجب .. دون أن يكونوا حرفا في كلمة .. أو
نقطة على حرف تمنحه معنى مغايرا .. ولاشيء آخر..

ولكن السياسة الأخلاقية والوطنية الكبرى هي النقيض تماما لمفهوم سياسة ألعاب
الخفة .. والسياسي الذي ينأى بنفسه عن الشعوذة السياسية ويلتزم صناعة
العروض الحقيقية الباهرة هو الذي يتقدم من كتب التاريخ ويفتح أبوابها
الذهبية ليدخل الى صفحاتها ويستقر في "فصل الأبطال" ليزرع بساتين الحروف
القوية .. ويجلس على عرش الكلام تحرسه الكلمات وتمجده العبارات وتنحني له
الجمل الفخمة .. أما النقاط الكثيرة والفواصل واشارات الاستفهام الشاردة
على سطور التاريخ فتلمع له أحذيته وتنظف له بيته .. وتقف كالحجّاب على
الباب .. وكاشارات المرور على مفارق الكلام وزواياه لتنظيم سير المعاني .. وعربات اللغة..

والأزمة السورية مليئة بالنقاط والفواصل الصغيرة المارقة بين السطور والضئيلة
القوام والهيبة أمام قامات وهامات الحروف الكبيرة وتسمى هذه النقاط
والفواصل "معارضة" .. نقط وفواصل شكلتها رؤوس الائتلاف الوطني وقبله المجلس
الوطني السوري الراحل.. فقد أمطرت السماء نقاطا على صفحات التاريخ السوري
.. ومن يقرأ هذه الصفحات لايفهم شيئا سوى أنها طلاسم تائهة ليس فيها حروف
وجمل وعبارات .. أما الحروف والعبارات الطويلة الفولاذية فتكتبها شخصيات
وطنية كبرى ..غياب الفواصل والنقاط الضالة على السطور لايغير منسوب الكلام
وانسياب اللغة ومعنى اللفظ وان تصادمت الكلمات وسمعنا ضجيج وزعيق فراملها
على السطور .. لكن مامعنى الصفحات المليئة بالنقاط الضالة وعلامات التعجب
من دون حروف وكلمات ؟؟ انها قاع نهر جاف .. فاذا كان الكلام ماء فان
الفواصل هي الحجارة .. ونهر الكلام على السطور لايعني شيئا ان جف ماؤه
وبقيت الحجارة المصقولة ..
**********************************
لن تجدوا كلاما فيه ألعاب الخفة على أصولها والشعوذة الكلامية والتلاعب
بفيزياء التاريخ كما هو الكلام عن سورية والربيع العربي .. كل ماقيل أو
يقال أو سيقال عن الأزمة السورية هو ألعاب خفة وبهلوانيات اللغات فقد تم
اللعب كثيرا بعبارات سقوط النظام ومابعد الأسد .. والأيام الأخيرة ..
والساعات الأخيرة .. وساعة الصفر .. والانقلاب الروسي .. والدخول الأطلسي
.. وهروب الرئيس .. كان الناس يحبسون أنفاسهم في كل مرة تقدم فيها
بهلوانيات السياسة من مبادرة المراقبين العرب الى كوفي عنان الى الأخضر الابراهيمي ..

اليوم يأتي عرض الأخضر الابراهيمي ومصطلحات اللغة وألعاب الخفة في التصريحات
التي تتلاعب بمفاصل الكلام الذي يبدو مثل الوجوه المشدودة والأثداء المحشوة
بالسيليكون .. ولكن نصيحتي دوما هي أن الكلام المعلن هذه الأيام هو
للتغطية على مالايقال .. ومالايقال هو الفولاذ بعينه .. وفولاذ الكلام الذي
نمسكه بالأصابع ونحس متانته هو أن لامفاوضات بعد اليوم على دور الرئيس
الأسد ومكانه لأن هذا الأمر قد سقط كليا من كل الحسابات الدولية في
الكواليس وترك ليجتره روميو وجولييت الثورة (معاذ وجورج صبرة) وبعض الأغرار
في السياسة .. ولايحق لأحد أن يقرر عن الشعب السوري هذا القرار السيادي
الأهم على الاطلاق .. لأن الرئيس صار هو رمز كل هذه المعركة .. فالقضية لم
تكن شخص الرئيس بقدر ماكانت مبدأ اسقاط الرئيس بارادة خارجية وتهديد
المستقبل السياسي للاستقلال الوطني السوري في العقود القادمة .. فأول اسقاط
للرئيس السوري بالطبع لن يكون الأخير لأنه سيفتح الباب أمام كل قوة
اقليمية وخارجية لتمارس هذا الاسلوب في الضغط على السلطة السورية أيا كان
الرئيس .. ولأن من يقبل أن يتغير رأسه بقرار مزاجي من الخارج فانه لايملك
سلطة على أي مكان من جسده وسيتم العبث بكل جسده ولن يملك قرار الاعتراض على
انتهاك عرضه وشرفه ..وهذا الاقرار الدولي والتفاهم خلف الكواليس هو أول
طعنة يتلقاها التحالف العربي الغربي والمعارضة السورية .. وليتذكر الجميع
منذ الساعة: مقام الرئاسة السورية مقدس من المقدسات الوطنية السورية ..
ولايحق لقوة على الأرض أن تومئ باشارة اليه بعد اليوم الا الشعب السوري ..
هذه العبارة قطعة فولاذية ..لاتنثني ولاتنحني..ولاتتغير ولاتتحول ..

ومن فولاذ الكلام الذي يغطيه الابراهيمي هو عبارة "صلاحيات كاملة لحكومة
انتقالية" .. يرددها صاحبنا كما ردد أرخميدس عبارة وجدتها في السوق ..ويكاد
الابراهيمي يركض في أسواق السياسة عاريا وهو يردد (وجدتها) .. عبارة ينتشي
بها المنتشون وهي تعني في وجهها الوقح أن الصلاحيات الكاملة التي ستمنح
لحكومة انتقالية ستنتقل بشكل أوتوماتيكي الى حلفاء الثورجيين أي الى
أردوغان وحمد والسعوديين وفي النهاية الى الغرب واسرائيل .. ولكن العرب
كالعادة مولعون بالعبارات الناقصة والغامضة وبالعبارات التي تساق كالبهائم
وتحمل على ظهورها أكياسا يظنها المارة أكياس قمح ودقيق وسكر .. ولكن مافيها
هو التراب بعينه والرمل .. ولأن الابراهيمي يبيع التراب والرمال في أكياس
مغلقة حملها على ظهره من الأمم المتحدة فانه لن يجرؤ على ذكر الحقيقة
للزبائن .. والحقيقة هي أنه لايجرؤ على مصارحة الناس الذين ينتظرونه في
المعارضة السورية بأن هذه العبارة ذاتها لاتعني أي شيء ..

عبارة "حكومة كاملة الصلاحيات" .. عبارة فيها طرب ومليئة بالأمل لمن يعتقد أنه
سيعبث بالدهاء الديبلوماسي السوري .. لأن العبارة ناقصة وتحتاج تفسيرا ..
فعن أية صلاحيات يتحدث الابراهيمي ..والتي ستكون كاملة ؟؟ صلاحيات سياسية؟؟
.. قضائية؟؟ .. تشريعية؟؟ .. تنفيبذية؟؟ خدمية؟؟ .. استسلامية؟؟ .. بل
يمكن وضع بضعة ملايين من الاحتمالات بعد عبارة كاملة الصلاحيات ..المعارضون
ياشباب يشترون أكياس التراب وتبيعهم الدول بضاعة بلاقيمة لها ..
فكلنا نذكر قافلة كلمات القرار 242 الشهير والذي اختلف فيه الفقهاء على (الـ )
التعريف .. فضاع القرار بين "أراض محتلة" تنسحب منها اسرائيل .. وبين
"الأراضي المحتلة" التي تنسحب منها اسرائيل .. وفي لبنان اختلف المتقاتلون
يوما بين كلمتي "المرافئ" و "المرافق" .. لأن الفقهاء حاروا ان كان اتفاق
المرافق يشمل المرافئ.. وفي اتفاق أوسلو وردت عبارة "السماح بطرق التفافية
للمستوطنات" ولم يجد فيها الراحل عرفات غضاضة .. لكنه عندما وصل الى الضفة
فوجئ أن عرض الطريق الالتفافي هو 200 متر ويقضم الأراضي كما تقضم جرادة
ورقة عنب .. وفي اتفاق وادي عربة بين الاردن واسرائيل اتفق الطرفان على
"تزويد اسرائيل للأردن بالمياه" .. وبعدها نقطة كبيرة على السطر .. وعند
التنفيذ قدم الاسرائيليون مياه المجاري للاردنيين لأن المفاوضين الاردنيين
السذج لم يطلبوا توصيف نوع المياه المستجرة .. هل هي مياه عذبة أم مالحة ..
مياه مستنقعات أم بحيرات أم برك أو نهر الاردن ..فأكملتها اسرائيل بتنفيذ
تفسيرها على الأرض " تزويد اسرائيل للأردن بمياه المجارير" .. ولم يستطع
قانوني في الدنيا الاعتراض على المجارير..التي ستصل الى حلق محمد مرسي
والاخوان المسلمين في مصر قريبا..والى بلعوم خالد مشعل ومعدة حماس ..قريبا عبر الاتفاقات السرية..

ومما لايريد الابراهيمي كشفه بمرارة هو مايتم ترديده اليوم وهو أن الاخوان
المسلمين قد تم اخراجهم من المعادلة السورية للحل وقد تم جمع أوراقهم عن
الطاولة السورية لأن القرار الوطني السوري النهائي هو أن هذه المجموعة لم
تعد تنتمي الى معادلة الوطن .. وهي جزء من حركة ليست فيها برامج سورية
أصيلة بل برامج للآخرين..وأنها مجموعة تريد السفر بالبلاد ليس الى الماضي
التليد بل الى تركيا .. والماضي العثماني الكريه ..

ولعل أجمل قطعة فولاذ تتلمسها الأيدي هي أن الجيش السوري لم تمس قدراته
الاستراتيجية الكبيرة والتي جعلت معادلة الردع الاقليمي وحدها اللجام الذي
لجم تركيا واسرائيل معا ..وأن كل ماأشيع عن التأثير على قدراته ووحداته
الاستراتيجية تبين أنه أضغاث أحلام .. وهذه الوحدات في أفضل حالاتها
التعبوية والجاهزية .. هذه العبارة قطعة فولاذية ..لاتنثني ولاتنحني..ولاتتغير ولاتتحول..
أ
ما مايحدث وماهي الحكاية فذلك فولاذ آخر وصلت اليه أيادينا وتلمسه أصابعنا ..
وهي أن هناك ترويجا لمقولة (استحالة الحسم المسلح لكلا الطرفين ..) وهي قد
تكون بداية الاتفاق ..أو بداية الانسحاب .. وهي رأس الجنين المنتظر العالق
في رحم الابراهيمي .. فهذه العبارة بحسب بعض عتاة السياسة ليست من اختراع
السوريين لأنها مجتزأة من عبارة أهم ولم تكمل أثناء ترويجها وربما فتح
لها "البعض" الأبواب الرسمية مواربة عمدا لغاية اغواء المعارضة .. بل
المفاجأة أنها قد تكون من اختراع وترويج القوى الداعمة للمعارضة المسماة
مجازا (أصدقاء الشعب السوري) التي أعادت تصنيعها من تصريحات سورية خارج
معناها .. وكانت الغاية منها اعطاء بعض الشعور لمؤيدي المعارضة المسلحين في
الداخل أنهم حققوا انجازا .. وبالذات بعض قطاعات الجيش الحر التي عبرت عن
رغبتها سرا في التخلي عن السلاح بعد ادراك القيادات الميدانية لصعوبة
الظروف العسكرية وعدم القدرة على تحقيق انجاز باستثناء انجاز حصد كراهية
السوريين وتدمير ممتلكاتهم وحصد الموت لمقاتلي الحر بشكل لم يكن مطاقا ..
فبعض الكتائب المسلحة تعرضت لما وصفته مراسلات تم القبض عليها "ضغط هائل فوق
حدود طاقة التحمل البشري" .. وهي صارت مدركة أنها قدمت كل ماتقدر عليه ولكن
الظروف لم تعد في صالحها بعد سنتين .. والغاية من طرح هذا المفهوم (أي
لاحسم لأي طرف) المقترح هو أول عملية تراجع عن المشروع التغييري الكبير في
سورية ..لأن ترويج انجاز المعارضة باستحالة سحقها يعتبر انجازا لها ولكنه
تجهيز لها للاعتراف أنها لاتقدر على الحسم أيضا ...وعليها بدء رحلة
الانكسار التدريحي بنصف انتصار معنوي نفسي..

هناك تقديرات غربية على الأرض تدرس وتراقب مزاج هذه المجموعات وحواضنها ترى ان
التوقيت صار مناسبا للتخلي عنها لأن النظام يقوم بتذويبها بالقوة الناعمة
وبتنمية قوى الرفض الذاتي لدى جمهور المعارضة التي ضاقت ذرعا بالمسلحين
وسلوكهم المنحط اللصوصي .. فكل ماتريد هذه الفصائل والمجموعات والحواضن هو
عدم شعورها بالهزيمة .. وأنها حققت بعض الاعتراف بها وبأنها لايجب تهميشها في المستقبل..

علاوة على ذلك سيخفف هذا الترويج من ضغط المؤيدين للدولة الذين يطالبون باطلاق
يد الجيش السوري بعنف غير مسبوق للاجهاز على هذه البؤر .. وانقاذ هذه البؤر
قد يترك مجالا للمفاوض الغربي بحجة أن له وجودا على الأرض السورية عبر بؤرغير محطمة ..

مشكلة القيادة السورية هي أن الحسم بعنف غير مسبوق لن يكون خيارا على الاطلاق
لأسباب أخلاقية أولا لأن بعض الحواضن المدنية للمعارضة وللمقاتلين
الاسلاميين في بعض الأرياف ستدفع ثمنا عسكريا مريعا سيكون وصمة عار في جبين
الدولة وسيشكل بذور تمرد قادم مهما طال الزمن .. فالحسم غير المسبوق
سيتلوه انفجار غير مسبوق ولو بعد عقود لأن الذاكرة الشعبية قوية للغاية
وستشتعل كلما تم الرش عليها بالبارود من الخارج .. والدرس الكبير للأزمة
السورية هو أن معادلة التدخل الخارجي حدثت لأن شعور بعض القطاعات المتدينة
أنها هزمت وسحقت في الثمانينات تركها جاهزة للاشتعال بل وقبول فتاوى التدخل
الخارجي لمنع تكرار الهزيمة الساحقة.. والقرار السوري السياسي هو أن حل
مشكلة حالية بدفنها مع الديناميت يعني أنها ستتفجر دوما .. ولذلك تقرر نزع
الصواعق ودفن الأزمات من غير ديناميت وحل كل سلة الأزمات حلا كاملا .. وعدم
قبول النوم على الديناميت الاجتماعي ..

تأخير الحل والحد من العنف المفرط ليسا بسبب ترهل الدولة أو ضعف الجيش .. بل ان
الدولة الوطنية قررت أن القسوة المفرطة ستفجر المجتمع السوري مع الزمن ولن
يتردد الآخرون من البحث عن الديناميت المدفون لتفجيره .. انها أكبر هدية
لمستقبل التدخل الخارجي المتواصل في أزمات متلاحقة .. كما أن العنف المفرط
الموجه للمعارضة سيتحول في المنطقة الى مشاعر دينية وطائفية تبتلع
المجتمعات الشرقية عموما بلا رحمة.. ويلاحظ المراقب أن عملية اسئصال
المقاتلين المسلحين تتم من بيت الى بيت وعبر سلّهم من المناطق كما تسل
الشعرة من العجين .. فتعود اليها مجموعات أخرى مستفيدة من قرار الدولة عدم
تدمير المنطقة الموبوءة بالارهاب كليا ..

والى جانب ألحان أغنية الابراهيمي التي كتبتها له ولحنتها مجموعات غربية وعربية
تسمع ألحان وتقاطيع موسيقية أخرى .. فكثيرون يشيرون الى أن الدولة تفكر
ببيع عقاراتها في لواء اسكندرون وشواطئ طبرية .. ولكن الكلام الفولاذي
اليقين هو أن هذه ليست عقارات للبيع ولاقطع غيار .. بل هي قطع من جسد سورية
.. وقطع من القلب ..يموت الجسد ولايبيع نفسه قطعا .. ومالم يستطع الغرب
أخذه بالقوة لن يأخذه بلعبة (الفيزياء الاجتماعية).. أو بتسيير رحلات
الماضي الى الحاضر .. انه كلام الفولاذ .. الذي لاينحني ولاينثني ..وبقية
الكلام قصدير وخشب ..
************************
لاعبو الخفة وغشاشو الكلام اذا يلعبون لعبتهم التي نجحت في ربيع العرب.. ويستطيع
المتابع الذي يملك عقلا وطنيا خالصا وحسا مرهفا بالعدالة أن يعرف أن
المجموعة التي قدمت عروضها على المسرح ضمن فرقة "الربيع العربي" كانت من
أشد الفرق تألقا في ألعاب الخفة السياسية الدولية .. لكن العرض تعرض لفضيحة
في الفقرة السورية منه بالذات .. حيث حاول الفريق السياسي والاعلامي
المشعوذ أن يلعب اللعبة لكن الجمهور السوري ضربه بالبيض والبندورة ... ثم
بالأحذية.. والحذاء الذي أوجع وجع الربيع وورّمه ..وأدماه وأشقاه .. هو ..
حذاء الجيش العربي السوري..
من الالعاب التي عرضتها فرقة الربيع العربي على الجمهور العربي المسكين
المدهوش والذي حبس أنفاسه هي عرض الحرية والكرامة والتي لعبها مجموعة ملوك
النفط والغاز.. فكان الجمهور يرى عرض الحرية من فرقة قطر والسعودية وكان
العرض الاول للفيزياء الاجتماعية هو (الشعب يريد) التي أظهرت محمد بوعزيزي
يحرق نفسه ثم تتحول كتلة ناره الى ثورة ليخرج من بين ألسنة اللهب الأبله
المرزوقي ويطير من وسط النار راشد الغنوشي فيصفق الجمهور طويلا .. ولكن من
يراقب المشهد من الذين يفككون ألعاب الخفة يتساءل عن سبب وجود الجزيرة منذ
أول المشاهد وانضمام العربية وصحف أورشليم العربية والعبرية لصنع المشهد
الساحر .. والأهم تساؤل عن سبب وجود الغنوشي في ايباك .. وغياب العداء
لاسرائيل عن برنامج "تونس الثورة" .. وهنا كمنت لعبة الخفة ..ثورة من غير
عداء لاسرائيل .. هي عروض للشعوذة
في العرض الليبي كانت اللعبة مروعة حيث قدم الناتو بنفسه عرض "تحرير ليبيا"
بقافلة رحلت من الماضي ووصلت الى خيمة الزعيم القذافي .. وظهر الساحر
الأوروبي وهو يذبح القذافي بالسكين الاسلامية ليسيل من عنقه صيصان وأفاع
صغيرة تتلوى دخلت علبة سماها الساحر صندوق انتخاب .. ثم أخرجها الساحر
افاعي تسعى وديكة تصيح في سورية ..
فرقة الربيع قدمت عرض الديمقراطية للشيخ حمد بن خليفة وعرض فيها لعبة صندوق
الانتخابات التي برع فيها الاخوان المسلمون في مصر.. انتخابات مكتوبة بالرز
والسكر والتصويت فيها بالفتاوى وبعباءات الصحابة والتابعين .. ولم يبق
صحابي الا وشارك في الانتخابات ونزلت كل الأحاديث النبوية الصحيحة وغير
الصحيحة وشاركت في الانتخابات .. وتحولت كتب الحديث وآيات القرآن الى
بيانات انتخابية .. وهبطت ملائكة الجنة وحراس جهنم الى منصات التحرير
وتسربت بعدها الى صناديق الاقتراع ..فخرج حارس الجحيم .. محمد مرسي ليحكم
مصر ..وأول وسائل الجحيم كان الدستور الاخواني ..الفيزياء الاجتماعية
والتاريخية فعلت فعلها في مصر لأن المستقبل وصل متأخرا .. بعد وصول حراس
الجحيم من الاخوان المسلمين ..
ولذلك فان منازلة بين مستقبل الشرق وماضيه قد وقعت .. وبدا غبار المعركة ينجلي
.. لحقت هزيمة كبرى بالزوار القادمين من الماضي على الأرض السورية من بعد
فتوحاتهم في شمال افريقيا لأن اتجاه الفتح كان بحركة معاكسة لاتجاه حركة
التاريخ حيث اتجه الاسلام من آسيا الى افريقيا وليس العكس .. زوار المستقبل
دحروا زوار الماضي في اليوم الأخير لمعركة الربيع العربي في الميدان
السوري وعلى مسرح الدهشة والخفة والشعوذة .. وهي المعركة الأخيرة للماضي في
الشرق .. ومايخشاه الاسلاميون أن كل الرحلات القادمة من الماضي والتي
ترجلت في الشرق ستلحق بالرحلة التي يتم ترحيلها عن الأرض السورية ..

رحلات الزمن الآن ستتوجه بركابها الاسلاميين المهزومين في سورية لتعيدهم نحو
الماضي .. وماعلى الشباب القادم في جيل العرب من المستقبل الا أن يدفع تلك
العربات القادمة من الماضي بمن فيها نحو هاوية الماضي السحيقة .. كي يعيش
بيننا المستقبل وينجب أبناءه بأمان .. بل كي يبقى الماضي التليد العظيم
سليما قبل أن تصل اليه رحلات الزوار الجوالين بجلابيبهم وسكاكينهم وجهلهم
وجهالتهم وتغزوه بحجة أنها تزوره من المستقبل ..وتقيم في فجر الاسلام وتحيل
يثرب والمدينة الى بابا عمرو .. وتنشئ امارة اسلامية طالبانية ووهابية ..
لاتعترف بالمهاجرين والأنصار ..حيث فيزياء التاريخ تتحول الى فيزياء الجحيم..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://gafsajeune.ahlamontada.com
 
رحلة من الماضي وزائر من المستقبل..فيزياء الجحيم في الربيع العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أوهام الربيع العربي و المثقف النقدي و القطيعي
» «على جبينها ثورة».. رحلة إلى تونس الجديدة
» العرب بين عزّ الماضي و ذُلّ الحاضر
»  شمس آف آم تعلن عن انطلاق البث غدا بداية رحلة الإذاعة الخاصة الرابعة بتونس...
» ليبيا المستقبل ونموذج أفغانستان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قفصة :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: