hayfa
عدد المساهمات : 1563 تاريخ التسجيل : 24/01/2010
| موضوع: زكية باي: كنت قريبة جدا من صالح بن يوسف والمنجي سليم.. وهذه حكايتي مع «الاغاثة القومية» الخميس 4 مارس 2010 - 20:07 | |
| الأمين باي كان يستقبل الدستوريين ويجالسهم في القصر... وكم من مرّة التقى ببورقيبة وبن يوسف، لم تكن لي شخصيا علاقات وطيدة مع بورقيبة خلافا لأختي الكبرى عائشة التي كانت تستقبله في بيتها حيث يقضي فترات طويلة عندها.
المنجي سليم كنت قريبة جدّا من صالح بو يوسف والمنجي سليم، تعلّمت منهما الكثير، لقد أفادتني تلك النقاشات المطوّلة معهم في تكويني السياسي، كان صالح بن يوسف يقول لي: «بِيدِكـْ استقلال تونس». سي محمد المصمودي كان هو الآخر معجبا بي وعزّوز الرباعي كان أيضا يحبّني وهو يعرف الكثير عنّي وعن نضالاتي.
فرحات حشاد فرحات حشاد كان بمثابة الأخ وهو أكثر من صديق بالنسبة إلى العائلة وكم حزنّا لاغتياله، إنّه وطني صادق، كان في غاية النزاهة. لقد ذكّرني ابنه نور الدين عندما زارني في بيتي بالدّراجة التي أهديتها إيّاه و«القفّة» التي حملتها لأمّه. كم سررت بذلك إذ عادت بي الذكريات، فرغم ما علق بها من تشويه، فهي مازالت جميلة في مخيّلتي.
الباي يتبرّع بدمه البعض من نشاطي قمت به مع زوجي كحملة التبرع بالدم التي نظّمناها على إثر أحداث جانفي 1952. بالمناسبة ألّفت أغنية كنّا نردّدها لتحسيس الشعب بالتبرع بالدم لإنقاذ ضحايا القمع الاستعماري. الباي نفسه لم يتردّد عن التبرع بدمه. كوّنت «لجنة الإغاثة القومية» لإعانة المتضرّرين، وكنت المسؤولة عن هذه اللّجنة التي انطلقت من باردو لتتّسع إلى أنحاء البلاد البعيدة. العديد من النساء مثل الدكتورة توحيدة بن الشيخ، زكية اسكندراني والسيدة عبد المولى وغيرهنّ ساهمن في إنجاح هذه الحركة وكنّ بجانبي في الحفلات التي نظّمناها لجمع التبرّعات. أتذكّر أنّي كنت أغنّي في تلك الحفلات وحدّدنا معلوم الدخول بعشرة دنانير، لقد تولّت السيدة اسكندراني أمانة المال وكانت حريصة على زيادة المداخيل التي كان جزء منها يصرف في إطعام المحتاجين. مئات الأفواه كنّا نطعمها يوميا من جربة إلى تونس، في باردو كان الملعب البلدي يعجّ يوميا بأعداد غفيرة من ضحايا
الفقر والمجاعة. كانت حركة شعبية واسعة ساهمت فيها كل الأطراف وأخذت صدى واسعا في أوساط الشعب. لقد ساعدتنا الإدارة الجهوية، من مشايخ وقياد، على جمع التبرّعات خاصة داخل البلاد. ولا أحد ينكر أنّ وجودي على رأس هذه اللّجنة كان له دور كبير في جمع التبرّعات الواسعة. أتذكّر أنّي كنت أتّصل شخصيا بالقياد لحثّهم على مساعدتنا وتحسيس الناس بضرورة التبرع.
والدي مفتخر بوطنيتي في نفس الفترة أحدثنا «القماطة التونسية»، جمعية خيرية تكفّلت بالاعتناء بالرّضع وتقديم المأكل والملبس لهم. أسندت رئاستها الشرفية لأمّي «البيّة» جنينة رحمها اللّه. كانت حقا امرأة عظيمة لأنّها كانت تتابع عن كثب ما كنت أقوم به. والدي أيضا كان مسرورا بنشاطي وكان يفتخر بوطنيتي. التبرعات التي جمعناها لم تصرف في الأعمال الخيرية فقط. جزء هام منها وضعناه على ذمّة الحركة الوطنية. أتذكّر جيّدا أنّنا كنّا نرسل بـ200 فرنك شهريا لبورقيبة عن طريق زوجته مفيدة عندما كان في المنفى.
محمد علي الحباشي
| |
|