hayfa
عدد المساهمات : 1563
تاريخ التسجيل : 24/01/2010
 |  موضوع: زكية باي: صالح بن يوسف، حشاد والبلهوان.. وعلاقتهم بالقصر  الأربعاء 3 مارس 2010 - 12:41 | |
| لم أتعد سن الثمانية عشرة بكثير ولم تمض سنة على اعتلاء ابي العرش عندما اقترح عليّ سي
محمد بن حموده الصيدلي بباب سويقة ان يقدم لي الدكتور الشاب محمد بن سالم
بنية الزواج، وكان سي حموده يعزني كثيرا وقد رأى في الدكتور بن سالم القادم
من فرنسا بأفكاره النيرة التحررية وميولاته الوطنية خير زوج لي.
(محمد بن حمودة من مواليد 1905، توفي سنة 1993، كان صيدليا
بباب سويقة منذ 1934، وكان يتردد على صيدليته زعماء الاحزاب الوطنية على
اختلاف مشاربهم، وقام مساعده الناصر مخلوف بعدة وساطات بين قادة الحركة
الوطنية والادارة الفرنسية وقناصل الدول الغربية وخاصة هوكر دوليتل قنصل
امريكا اثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها(.
الزواج من الدكتور بن سالم
قبلت الاقتراح والتقيت به فأعجبت به وبادلني نفس الشعور. نقاط
عديدة جمعتنا ولم تدم مدة تعارفنا طويلا فكان زواجنا سنة 1944. لم ير أبي
اي مانع من زواجي به خاصة وانه لم يكن بحبذ زواج بناته من الاقارب. لم اكن
انا الوحيدة التي تزوجت خارج العائلة. اخواتي ايضا تزوجن مثلي: «للا» عائشة
تزوجت ابن المحرزي، وهادية تزوجت ابن البحري وليلى تزوجت ابن الشلي. حفل
الزفاف كان فاخرا انتظم في القصر وشارك فيه العديد من الفنانين، وحضرته شخصيات عديدة وجمع
كبير. الحفل كان رائعا والمواكب كان اروع. اذكر اني امتطيت «الكروسة» وأنا
مرتدية «كسوة» الزفاف وعلى رأسي "الفوال".
نزعة تحررية
كان الدكتور بن سالم رجلا متحررا ونيرا وهذا ما جلبني اليه
الى جانب ثقافته ومستواه.
لم اعش في جو منغلق، ولا اظن ان زوجي السابق هو صانع تحرري
وان كان له اثر في ذلك. (تقصد زكية باي بزوجها السابق الدكتور بن سالم
لانهما افترقا في وقت لاحق). أنا امرأة فنانة واكببت الموضة ولم أرتد أبدا
السفساري. علاقاتي واسعة ومتنوعة. تلقيت من التكوين والتربية بما فيه
الكفاية لان أكون في طليعة النساء التونسيات. أنا أول امرأة تونسية تحصلت
على رخصة سياقة سيارة، وكان ذلك في فترة زواجي، فهذا لا يعني اني لم اكن
متهيأة لذلك. فأية أوساط كانت متحضرة أكثر من عائلة البايات؟ وجدت في
الدكتور بن سالم الرجل المثقف والمتفتح
والمتحرر. أجل، لكن هو ايضا وجد في المرأة الرقيقة، العصرية، وربما اختارني
لاني ابنة الباي الحاكم (يذكر الدكتور بن سالم في مذكراته انه لم اخرج
زكية باي بلا سفساري(.
كانت علاقة زوجي بوالدي متينة منذ بداية زواجنا اذ اصبح طبيبه
الخاص، ولا اتذكر اننا بقينا بعيدا عن القصر في المدة الاولى من زواجنا.
بالعكس أصبح الدكتور بن سالم بسرعة مقربا للباي وربما كان اقرب صهر له،
خاصة وانه كان ميالا للسياسة، متحسسا لقضية البلاد واصبح طرفا فاعلا في
القصر وخارجه حتى اصبح وزير الصحة في حكومة شنيق التي تكونت في اوت 1950.
ميولات وطنية
يقول الدكتور بن سالم، زوجي السابق، في مذكراته انه هو الذي
كان وراء نشاطي السياسي ونضالاتي. وضع نفسه وراء كل ما قمت به وقدمته
للحركة الوطنية. يجب ان اصحح ذلك واقول اني كنت مولعة بالسياسة وكانت لي
ميولات وطنية تدعمت وتعمقت طبعا بعد زواجي. لكن ذلك لا يعني ابدا انه كان صنع زكية باي المناضلة التي جازفت
بنفسها وبأولادها من اجل الوطن. لا أنكر ان زواجي كان له تأثير على نضالي،
لكن وعيي، وموقعي وعلاقاتي كانت لها الدور الاكبر.
رجالات الحركة الوطنية يترددون على القصر
العديدمن الشخصيات الوطنية كانت تتردد على بيتنا امثال صالح
بن يوسف والمنجي سليم ومحمد المصمودي وعلي البلهوان وفرحات حشاد وغيرهم.
بسرعة تدعمت علاقتي بهم وكانوا يرون في شخصي خير واسطة بين الحركة الوطنية
والقصر وذلك عندما تأكدوا من وطنيتي واندفاعي اللامحدود للدفاع عن الوطن.
كانت اتصالاتي ولقاءاتي بهم مباشرة دون وساطة زوجي. موقعي في القصر
والامتيازات التي كنت احظى بها مكنتني من القيام بأدوار خطيرة جدا. لقاءاتي
بصالح بن يوسف والمنجي سليم كانت مكثفة ومنتظمة..
محمد علي الحباشي
| |
|
