لم يمر قدوم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى تونس دون أن يحدث جدلاً قبل وبعد تلك الزيارة التي استمرت يومين.
فبعد أن شجب متظاهرون وناشطون حقوقيون من الشباب أبعاد وخلفيات تلك الزيارة
رافضين أي تدخل أجنبي في تونس بعد الثورة تحت أي باب أو مسمى اقتصادي أو
دبلوماسي, انتقل الجدل إلى أروقة "السلطة الرابعة" حيث اعتبر كثير من
الإعلاميين التونسيين أنها أهينت تحت أقدام البيت الأبيض وعلى مرمى ومسمع
من الحكومة التونسية المؤقتة.
فالمؤتمر الذي دُعي إليه الصحافيون التونسيون، الخميس 17-3-2011، في مقر
وزارة الخارجية التونسية لم يكتب له الانعقاد بسبب اعتصام العديد من
المتظاهرين أمام مقرها منددين بهذه الزيارة, ما دفع الحكومة إلى تغيير
المكان والزمان لكن من دون علم الصحافيين أو حتى إبلاغهم بإلغاء الموعد
السابق، الأمر الذي اضطرهم للبقاء أكثر من ثلاث ساعات ونصف في مقر وزارة
الخارجية بانتظار كلينتون دون جدوى أو حتى اعتذار رسمي.
وما زاد من تعقيد الوضع تعرّضهم للتفتيش الدقيق ولمعداتهم الصحافية من طرف
كلاب حراسة الطاقم الأمني الأمريكي، ما أثار حفيظة واستهجان الكثيرين منهم،
واعتبره كثيرون انتهاكاً صارخاً لسيادة تونس داخل وزارة خارجيتها.
ومن جانبها، سارعت نقابة الصحافيين التونسيين بإصدار بيان رسمي حاد أدانت
خلاله ما تعرض له الصحافيون التونسيون من "إهانة من قبل أعوان الأمن
الأمريكي وكلابهم".
وخلُص البيان إلى أن هذا التصرف ينم عن "عدم احترام وعن غطرسة عمياء"، داعياً الإعلاميين للتصدي لكل من يحاول المساس بهيبة الصحافة.
وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان حادثة مماثلة تعرض لها الصحافيون التونسيون
بعد الثورة مع السفير الفرنسي بوريس بوايون الذي أهان بدوره الصحافيين
التونسيين إبان تسلمه لمهامه الدبلوماسية في تونس بعد أن وصف أسئلة بعضهم
بـ"الساذجة والسخيفة". ليضطر تحت ضغوط إلى تقديم اعتذار ولو بشكل متحفظ.
ويجمع إعلاميون تونسييون على أن الثورة التونسية التي أعادت الكرامة للشعب
والمؤسسات الوطنية والتي كان بعضها يرزح تحت تبعية عمياء لبعض الأطراف
الغربية لن تسمح مجدداً بإهانة أي مواطن تونسي تحت أي ظرف أو مسمى.
يُذكر أن تونس بعد الثورة تشهد حركة دبلوماسية غربية غير مسبوقة رافقتها
زيارات لشخصيات أوروبية رفيعة المستوى، فبعد زيارة وزيرة الخارجية
الأمريكية حلّ رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزاك في تونس. ومن المنتظر
قدوم وفد من الأمم المتحدة يرأسه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.