منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
التسجيل يمكّنك من دخول كافة الأقسام و المساهمة فيها، و يتم تفعيل عضويتك بالعودة الي بريدك الإلكتروني والضغط على رابط التفعيل
منتديات قفصة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تأملات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طارق

طارق


عدد المساهمات : 533
تاريخ التسجيل : 25/01/2010
العمر : 44

تأملات Empty
مُساهمةموضوع: تأملات   تأملات Icon_minitimeالثلاثاء 29 يونيو 2010 - 9:04

تأملات Ladder

جميع السلالم تؤدّي إلى أعلى وأسفل بنفس الوقت.
إنها وسيلتنا للتحرّك إلى أماكن يتعذّر علينا الوصول إليها. أحيانا تكون
السلالم أداة جيّدة للملاحظة وأحيانا تكون خطرة. الذي يصعد فوق سلّم
يتعيّن عليه أن يكون متنبّها ونشطاً. السلبية لا توصلك إلى مساحات جديدة.
إننا نطمح إلى أن نتحرّر من الجاذبية ومن الأرض. البعض يريد الوصول إلى
السماء، النجوم، الهواء والأجزاء الخارجية لكوننا. وطوال تاريخ الفنّ
كانت السلالم رمزا لتحقيق التفوّق. فنحن نتوق دائما لأن نرتفع، لأن نذهب
إلى الأعماق ونصل إلى منظور مختلف.
السماء والأرض لم تعودا موجودتين
بالمفهوم القديم. فالأرض مستديرة. والكون نفسه ليست له مصاعد أو مهابط. إنه
يتحرّك باستمرار. ولم يعد بإمكاننا إصلاح النجوم لخلق مكان مثالي. وهذه معضلة.
إن من الطبيعي أن نبحث عن بداياتنا؛ عن المكان الذي أتينا منه في
البداية. لكن لا يجب أن نفترض أن له اتجاها واحدا. إننا نعيش الآن في
"مستقبل" علمي لم يستطع الفلاسفة والحكماء المتقدّمون أن يتنبّئوا به،
لكنهم فهموا جيّدا العلاقة الأساسية بين السماء والأرض التي نسيناها. الكتب
القديمة تصف المراحل والاستعارات والرموز التي تطفو في كلّ مكان. الأمر
أشبه ما يكون برحلة روحية نحو الإدراك والكمال.
الشمال والشرق والجنوب والغرب والمرتفع والمنخفض ليست قضايا مكانية. بالنسبة لي، هذه أشياء لها
علاقة بالزمن. الماضي والحاضر والمستقبل هي في جوهرها رموز تتحرّك في جميع الاتجاهات.
إننا لا نستطيع أن نهرب من الدِين. لكن هناك فرقا بين السماء
والأرض. وأحدهما لا يقود إلى الآخر بالضرورة. هناك فنّانون كثر واجهوا
مشاكل وهم في طريقهم إلى "الجنّة". وهناك فلاسفة أيضا مثل ماركس وهيغل وماو
وفاغنر واجهوا نفس المشاكل. كلّهم جميعا كانوا يبحثون عن مكانهم، عن
جنّتهم، عن خلاصهم من خلال الفلسفة والفنّ والدِين.
إن رقعة الرسم تمثّل فكرة الفنان عن ارتباط السماء والأرض. الفنّان يعمل هنا لكنه ينظر إلى
هناك، إلى فوق. وهو يتحرّك دائما بين العالَمَين. الفنّانون يشبهون السحرة
القدامى الذين كانوا يمارسون التأمّل في شجرة كي يعلّقوا أنفسهم بين السماء
والأرض. اللوحة يمكن أن تغيّر الواقع باقتراح رؤى جديدة. إذ يمكنك أن تقول
إن الرؤيا تجد طريقها إلى العالم المادّي من خلال اللوحة. إنني أنظّم
صوري ولوحاتي اعتمادا على مفهوم أن لا شيء ثابت في مكانه. الآلات الطائرة
لعبت أدوارا مهمّة في التاريخ وكانت تمثّل طموحات العلوّ والقوّة العسكرية
منذ ايكاروس إلى عصر الصواريخ المسافرة للقمر.
إن كلّ القصص عن السماء بدأت على الأرض. والسماء والأرض في لوحاتي مترادفتان. بعض اللوحات يمكنك أن
تقلبها رأسا على عقب ومع ذلك ما تزال تحمل رسائلها، كما لو أن السماء والأرض تتبادلان هويّتيهما.
عندما تحفر في الأرض قد تجد شيئا ما، ماءً،
نيزكا مدفونا، جرماً من السماء. هذه الأنواع من الصور تعمل دائما بين الكون
الكبير والكون الصغير. مجرّة درب التبّانة التي رُصدت منذ آلاف السنين
كمجموعة كبيرة ومتمدّدة، هي في الحقيقة شيء صغير في الكون. إنها تشبه بركة
صغيرة موحلة على الأرض.إن خلق سماء وأرض هي طريقة نحاول من خلالها أن
نحدّد اتجاهاتنا. لكنّ الفضاء الكوني لا يفهم هذا. فكلّ شيء في هذا الكون
نسبي. ما هو كبير يمكن في الحقيقة أن يكون صغيرا جدّا، وما هو أعلى يمكن أن
يكون أسفل. العلماء وصفوا النجوم وأعطوها أسماءً وأرقاما، بل وربطوا في
ما بينها بخطوط تشير إلى بعد النجم ولونه وحجمه.. إلى آخره. هذه هي السماء
"العِلمية". لكنها بطبيعة الحال مجرّد وهم. كلّ المجرّات والأبراج هي
أوهام وأشباح. إنها غير موجودة في الواقع المحسوس. الضوء الذي نراه اليوم
انبعث منذ ملايين أو بلايين السنين. ومصادر الضوء ظلّت تتغيّر باستمرار وتتحرّك وتموت.
هذه الأضواء التي نراها في السماء لا علاقة لها بواقعنا.
نحن خائفون، لذا كان يتعيّن علينا أن نوجد معنى لهذا العالم. ولا نستطيع
أن نتحمّل أن لا يكون هناك سماء في عقولنا. لو أن هناك سماءً حقّا لوُجِدت خارج العلم والدِين.
لذلك فالعلماء يصنعون قبّة السماء الخاصّة بهم.
يريدون أن يعثروا على سماء أيضا، لكن نجومهم دائما تتحرّك، ودائما تموت،
وبعضها ينفجر مكوّنا نجوما جديدة.
العلماء يشبِهون الفنّانين إلى حدّ كبير. نجومهم مثل تلك الأجزاء من الذاكرة التي تجد طريقها إلى لوحة. إنها
تتوقّف فقط في اللحظة التي تثبّت عليها عينيك ثم لا تلبث أن تغيّر المكان لترى بعد ذلك شيئا آخر مختلفا.
- آنسيلم كيفر، فنّان ومفكّر ألماني

تأملات Rry
حلمتُ بفارسَين، احدهما عارٍ تماما والآخر كذلك. كانا على وشك الدخول إلى شارعين متماثلين. يرفع
حصاناهما القدم ذاتها ويدخلان الشارعين على التوالي. احد الشارعين يفيض
بنور شديد بينما الآخر شفّاف كما في لوحة رافائيل زواج العذراء. وعلى البعد يوجد كثير من البلّلورات. وفجأة امتلأ احد
الشارعين بضباب متحرّك بدأ يتكاثف بالتدريج حتى كوّن لجّة رصاصية لا يمكن اختراقها.
كلا الفارسين كان سلفادور دالي. احدهما حبيب غالا، والآخر لا يعرفها.
- سلفادور دالي، رسام اسباني

في سنوات مراهقتي، سنوات الدهشة والاندفاع، أمضيت الشهور وسهرت الليالي محاولا أن ارسم صورتها. كانت
جارة ثم زميلة دراسة في ما بعد. متألّقة كشبابها، مشتعلة كحماسها، ورقيقة
كحنانها. وحين أتممت اللوحة هرولت لأقدّمها لها وأنا ارقبها في فرح وقلق.
غير أنها أعطتني إياها وعيناها تهمسان: ليست صورتي يا سيّدي.
فرجعت أتعثّر في خجل واثقا أني لم أخطئ المكان. حتى إذا ما عدت أتأمّل لوحتي
اكتشفت أنني رسمت صورتي! - يوسف الشاروني، أديب مصري

بالنسبة إليّ، لا يمكنني التيقّن من أيّ شيء. غير أن منظر النجوم في السماء يجعلني
أحلم. في غالب الأحيان، أفكّر أن الليل أكثر حيوية وأشدّ غنى بالألوان من النهار.
قد تكون هناك نار كبيرة تضطرم في أرواحنا. غير أن أحدا لا
يحاول تدفئة نفسه بها. والمارّون يرون فقط خيطا صغيرا من دخان.
احلم بالرسم ثم ارسم حلمي.
أمرّ أحيانا بفترات من الصفاء المخيف، خاصّة في
تلك اللحظات التي تكتسي فيها الطبيعة بأجمل حُللها. حينها لا أعود متأكّدا
من نفسي، واللوحة تبدو كما لو أنني أراها في حلم.
ليس هناك لون ازرق بدون الأصفر والبرتقالي.
ما يدهشني أحيانا، وهو أمر غريب حقّا، انه
عندما أرى صورة لا يمكن وصفها ولا التعبير عنها بالكلمات عن وحشة وفقر وبؤس
الإنسان، سرعان ما استذكر في عقلي فكرة الله.
- فنسنت فان غوخ، رسّام هولندي

الحقد شيء مقدّس. انه التعبير عن رفض القلوب القويّة
والقادرة. الكره يعني الحبّ. انه الإحساس بحرارة الروح وكرمها. الحقد يخفّف
القلق ويصنع العدالة ويجعل الإنسان اكبر من الأشياء التافهة والحقيرة.
لقد جعلت الحقد والعنفوان رفيقين لي. أحببت العزلة وأحببت في العزلة كيف أكره
كلّ ما يجرح الحقّ والصواب.
وإذا كنت أساوي شيئا اليوم فإن ذلك تحقّق
لأنني وحيد ولأنني أكره!
- محمّد اسياخم، رسّام جزائري

لست عذريا أبدا. أنا أنكرت الشعراء العذريين. ليس هناك شاعر عذري. هناك محروم. هذا
محروم يشتهي "ليلى" ولا يجدها. لو كان عذريا لماذا يركض وراءها إذن ويلهث
حتى يُغمى عليه؟ ما الذي يريده منها؟
- سلطان العويس، شاعر ورجل أعمال إماراتي

خيالنا يطير. ونحن ظلّه على الأرض. - فلاديمير نابوكوف، روائي روسي

أفكّر في العشرين سنة الماضية. عندما كنت امشي إلى البيت
بهدوء. كلّ الناس في دير كوتشينغ كانوا يقولون: "هان شان" شخص أبله. وكنت
أتساءل: هل أنا فعلا شخص أبله؟! لكنّ تساؤلاتي فشلت في الإجابة عن السؤال:
فأنا لا اعرف ما هي النفس، ولا كيف يمكن للآخرين أن يعرفوا من أنا.
-
هان شان، شاعر صيني

داخل كل إنسان متشائم، يوجد مثاليّ محبط. هناك
ليال تكون فيها الذئاب صامتة والقمر فقط هو الذي يعوي. أنا مع فصل
الدين عن الدولة. فكرتي هي أن كلا من هاتين المؤسّستين تقمعنا بمفردها.
وبناءً عليه فكلاهما، مجتمعتين، موت محقّق.
فقط لأنك تمكّنت من إزاحة
القرد من على ظهرك، لا يعني بأن السيرك قد غادر المدينة. - جورج كارلين،
كاتب وممثّل أمريكي

سيأتي على الناس زمن لن يصدّقوا فيه أن شخصا من
لحم ودم مثل غاندي مشى على هذه الأرض. - البيرت اينشتاين، فيزيائي أمريكي

عولمة من زمن آخر

تأملات Mir09
اللوحة، فوق، لا ُيعرف تاريخها ولا من رَسَمَها على وجه
التحديد. غير أنها ُرسمَت في أوربّا، وعلى الأرجح في أوائل القرن الثامن عشر أو ما قبله بقليل.
والتفاصيل فيها بسيطة بل وعادية، إذ تصوّر مظهرا
من مظاهر الحياة اليومية في أوربا في ذلك الحين. وفيها نرى امرأة شابّة
تجلس على كرسي وتنظر إلى وجهها في المرآة. ومن خلال ما تقوله المرآة، نفهم
أن المرأة معجبة بهيئتها وجمالها بدليل علامات الرضا والسرور البادية على محيّاها.
لكن لو تمعّنا في الصورة بشيء من التركيز فسنلاحظ فيها بعض
التفاصيل اللافتة. فشعر المرأة وقدماها وأناملها مخضّبة بالحنّاء الذي كان
يستورد من تركيا. وأرضّية الغرفة مغطاة بقطعة من السجّاد الفارسي. والكرسي
الذي تستند عليه المرأة يدلّ طرازه وتصميمه على انه من صنع شرقي.
في ذلك الوقت كان الأوربّيون مفتونين بسحر الشرق وغموضه. وكانت النساء الأوربيات
والأمريكيات يتهافتن على اقتناء السلع والأدوات الشرقية ويقرأن الروايات
والكتب التي تتحدّث عن الشرق ونسائه الجميلات الغامضات. وكان يساورهن توق
لأن يعشن حياة نساء الشرق المليئة بالسحر والترف والعاطفة، أي كلّ ما كنّ
يعتبرنه ناقصا أو مفقودا من حياتهن.
وقد جرت العادة أن يحرص كلّ مسئول
أو دبلوماسي غربي يزور الشرق على أن يأخذ معه رسّاما أو أكثر من اجل تسجيل
مظاهر الحياة هناك. وكان الرسم آنذاك يقوم بوظيفة التلفزيون هذه الأيام.
وكانت اللغة العربية لغة الصالونات والنخب الاجتماعية الارستقراطية والراقية.
وكان رجال ونساء الطبقات المخملية يزيّنون أحاديثهم بكلمات ومصطلحات عربية
من باب إثبات الوجاهة وادّعاء الثقافة. تماما كما نستخدم نحن هذه الأيام في
أحاديثنا وحواراتنا كلمات ومفردات انجليزية أو فرنسية لنثبت كم أننا
مثقفون ومنفتحون على العالم.
وحسب ما يذكره بعض المؤرّخين الغربيين، كان
يندر أن تدخل بيتا في أوربا دون أن تجد فيه عنصرا يذكّرك بثقافة العرب
والمسلمين، من الأثاث إلى الأطعمة والأدوية والمعمار والديكور والموسيقى والفنون .. إلى آخره.
وباختصار، كان الغرب "يذوب" في الشرق. وكان ذلك
نوعا من العولمة حتى قبل أن تظهر الانترنت ومنظمة التجارة العالمية، بل
وقبل أن تخترع السيّارة أو الطائرة.
إن العولمة ليست مفهوما طارئا أو مبتكرا. كانت هناك دائما عولمة من نوع ما، تتسيّد فيها الحضارات الأقوى
وتفرض نماذجها الثقافية على الحضارات الأقلّ شأنا.
وما أشبه الليلة بالبارحة. باستثناء أن الآية انقلبت والدورة الحضارية اكتملت وأخذت مداها.
فأصبح الغرب هو الذي يفرض ثقافته علينا من خلال هذه الشبكة الهائلة من
القوانين والنظم التي صمّمها لحماية مصالحه. وأصبحنا نحن، كما كان
الأوربيون منذ ثلاثة قرون، نتمثل ثقافتهم ونمعن في تقليدها بل والتماهي
معها إلى الحدّ الذي كدنا معه نفقد محدّدات هويّتنا الخاصة التي تميّزنا عن الآخرين..


أجراس المعبد

تأملات 02
شُيِّد المعبد على جزيرة
ونُصِب فيه ألف جرس. أجراس كبيرة وأخرى صغيرة صاغها أمهر ُصنّاع العالم.
وعندما كانت تهبّ ريح أو تثور عاصفة، كانت كلّ الأجراس تجلجل في سيمفونية
ينخطف لها قلب المستمع طرباً.
لكن الجزيرة ما لبثت مع تقادم القرون أن
غرقت في البحر، والمعبد وأجراسه معها. غير أن أسطورة قديمة تروي أن الأجراس
ظلت تجلجل بغير انقطاع بحيث يمكن لكلّ من يودّ الإصغاء أن يسمعها.
استلهم شابّ هذه الأسطورة وارتحل آلاف الكيلومترات، عاقداً العزم على سماع هذه
الأجراس. جلس أيّاماً على الشاطئ، مواجهاً الجزيرة المتوارية، مصيخاً السمع
بكل قوّته. لكنّ كلّ ما استطاع سماعه كان صوت البحر. وبذل قصارى جهده لكي
يبعده، إنما بلا جدوى، إذ بدا صوت البحر غامراً العالم.
وظلّ على دأبه أسابيع. وفي كل مرّة يدبّ اليأس في قلبه، كان يصغي لشيوخ القرية يتكلمون
متلذّذين عن الأسطورة الغامضة.
كانت تلك الأحاديث توقد العزيمة في نفسه.
لكنه يعود مثبط الهمّة من جديد عندما لا تورثه أسابيع من الجهد غير الخيبة.
قرّر أخيراً التخلي عن المحاولة. فلعله غير مقدَّر له أن يسمع
الأجراس. ولعلّ الأسطورة لم تكن صحيحة.
كان ذلك يومه الأخير، فذهب إلى
الشاطئ ليودِّع البحر والسماء والريح وأشجار جوز الهند. استلقى على الرمل،
وللمرة الأولى أصغى إلى صوت البحر. وسرعان ما بلغ من الاستغراق في الصوت
حدّاً كاد معه يغيب عن نفسه، من فرط عمق الصمت الذي ولّده الصوت.
ومن عمق ذلك الصمت، سَمِعَه! رنين جرس ضئيل تبعه آخر، ثم آخر، وآخر..
وسرعان ما كان كلّ من الأجراس الألف يجلجل بتناغم. وذاب قلبه في غبطة الوَجْد.
هل تتمنّى أن تسمع صوت أجراس المعبد؟
إذن أصغ ِ إلى صوت البحر.
أو تتمنّى أن تلمح وجه الله؟
إذن أمعن النظر في الخليقة.
- أنتوني دي ميللو، حكيم ومعلم هندي

سحر الماء

تأملات 08

أحبّ الماء، خاصّة الجداول والغدران الصغيرة.
البحر واسع جدّا، عادة لا أهابه بسبب رتابته. في الطبيعة أحبّ الأشياء الصغيرة.
وأحبّ موقف اليابانيين من الطبيعة. إنهم يركّزون على فراغ محدود لكنه بنفس
الوقت يعكس اللانهائية.
إن الماء عنصر غامض بسبب تركيبته. لذا يصلح
للسينما كثيرا. لأنه ينقل الحركة والتغيير والعمق.
في الحقيقة لا شيء في
الطبيعة يفوق جماله جمال الماء.
- اندريه تاركوفيسكي ، مخرج سينمائي روسي

الجوقة الكونية

تأملات 04d
وأنت تصعد أرضا أعلى أو ترقى
الجبال، ستلاحظ أن الشاطئ قد تلاشى تماما وأن النجوم أصبحت قريبة جدّا من مجال البصر.
انك لا ترى النجوم وتلمسها فحسب، وإنما تسمعها أيضا.
تماما مثلما يمكنك سماع غناء الشمس على هيئة ذبذبات كهرومغناطيسية يصفها بعض
العلماء بأنها أشبه ما تكون بقرع الطبول.
إن النغمات الشمسية تشبه نظام
السلّم الموسيقي، تتراوح ما بين البطء والسرعة، الارتفاع والانخفاض، بحسب
ساعات اليوم. إذا كان هذا ما يمكن أن نسمعه من الشمس، أقرب النجوم
إلينا، فماذا عن الجوقة الكونية العظيمة؟
ماذا عن أغاني المجالات
والمجرّات والأجرام الأخرى، وماذا عن أغاني القمر التي يصفها شاعر اسباني
بقوله: إن القمر يغنّي في صمت. ويتعيّن على الإنسان أن يسمعه بعينيه، وأن
يصغي بعمق إلى أغنياته المهدهدة البيضاء. - ميغيل اونامونو،
فيلسوف ومفكّر اسباني

الات

تأملات 06
"سوف أعالجك: إذهب بعيدا
بعيدا، إلى مكان لا يعرفك فيه احد. إبحث عن أرجوحة أو حصان خشبي. إذا فشلت
أو خشيت من استعمال احدهما، فلا تعد إلى بيتك مرّة أخرى". "أي تكبير
لصور مناقير العصافير يقرّبها من الصقور. فاحترس"! "السندباد البحري
وروبنسون كروزو.. محصّلة قوى أحلام الجميع: الانقطاع عن هذا العالم في جزيرة نائية".
"كانت راقية هادئة مهذبة وتخلصت منه دون سكّين أو حبل أو
سمّ. فقط كانت تنمّق الزهور بكثافة حول فراشه كلّ ليلة وتغلق النوافذ وتبتسم".
"بعد أن جرفت السيول بيوت الأحياء، نظرتْ بخجل إلى المقابر"."هذه
الجبال الشرسة تراجعت إلى الخلف، ثم بدأت تنحني لتتشمّم نباتات الوادي في وداعة".
- محمّد مستجاب، أديب وكاتب مصري

قراءة هادئة في مشهد عنيف

اصطدمت عيناي بهاتين اللوحتين أكثر من
مرّة وفي أوقات مختلفة بينما كنت أبحث عن لوحات تصلح لأن تضاف إلى سلسلة
اللوحات العالمية. وفي كلّ مرّة، كان ردّ الفعل مزيجا من الصدمة
والاستغراب. الصدمة؛ لأن المنظر صادم ومستفزّ من حيث طبيعته وتفاصيله. فأنا
لا أظنّ أن هناك منظرا يمكن أن يفوق في توحّشه وساديّته منظر قتل إنسان
بقطع رأسه كائنا ما كانت الجريمة التي ارتكبها. أما الاستغراب فمردّه أن من
يقوم بفعل الذبح في الصورة امرأة. ومن هنا قد يستكثر الإنسان على المرأة،
بما يُفترض أنها جُبلت عليه من رقّة وعاطفة، أن ترتكب عملا يتسم بالعنف
والوحشية، بصرف النظر عن مدى عدالة أو منطقية الأسباب وما يُساق لها أحيانا
من مبرّرات ودوافع وطنية أو دينية.. إلى آخره.
وليس هناك حاجة للقول إن
المنظر الذي تصوّره اللوحتان مزعج وغير مريح بالمرّة. فالعنف فيهما واضح
والقسوة صارخة بما لا يحتمل. ويقال إن لوحة كارافاجيو هي اللوحة الأعنف في
تاريخ الفن التشكيلي العالميّ.
كارافاجيو ايطالي وكذلك الرسّامة
ارتيميزيا جينتيليسكي. ولوحتاهما هنا تعالجان موضوعا واحدا بطلته امرأة
يهودية اسمها جوديث. وهي نموذج للمرأة التي تقتل العدوّ كي يحيا شعبها.
وسلاحها في ذلك جمالها وجاذبيّتها الطاغية.
والقصّة تعود إلى حوالي
منتصف القرن الثاني قبل الميلاد وقد ورد ذكرها في الإنجيل. وفي تفاصيلها أن
الملك البابلي نبوخذ نصّر أرسل قائد جيشه هولوفيرنس على رأس كتيبة ضخمة
لتأديب الشعوب المجاورة التي لم تساند حكمه. وقد فرض هولوفيرنس خلال تلك
الحملة حصارا على أهالي مدينة تسمّى بيتوليا. ومن تلك المدينة خرجت جوديث
التي ستقتل القائد البابلي وتنهي الحصار المفروض على قومها. وقد مثلت
القصّة كثيرا في الفن، ورسمها مايكل انجيلو في سقف كنيسة سيستين في ثلاثة
مشاهد متسلسلة.
وجوديث نموذج آخر لنساء يهوديات كثيرات فعلن شيئا مثل هذا.
دليلة،
مثلا، سلّمت شمشون الجبّار إلى أعدائه بعد أن سيطرت عليه بسحرها وغوايتها.
وسالومي،
وهي بغيّ يهودية أخرى، اشترطت على الملك الروماني هيرودس أن يأتيها برأس
يوحنّا المعمدان (أو يحيى بن زكريّا في الأدبيات الإسلامية) مقابل أن تهبه
نفسها. وكان لها ما أرادت.
وقائمة النساء من هذا النوع طويلة. ومن
الواضح أن ثمّة ثلاثة عناصر ثابتة في مثل هذه القصص: الجنس والتخفي والخمر.
لكن، لا يُعرف على وجه اليقين ما إذا كانت هذه القصص - باستثناء الأخيرة -
حقيقية أو أنها مجرّد أساطير أو حكايات فولكلورية جرى تأليفها لإضفاء طابع
البطولة والتضحية على شخصية المرأة اليهودية. ومنذ فترة، اطلعت على
دراسة جميلة كتبتها اندريا مارتن، أجرت فيها مقارنة بين رؤية كل من كارافاجيو وأرتيميزيا
جينتيليسكي لقصّة جوديث من منظور الجندر، أو الفوارق الجنسانية بين الرجل والمرأة.
تبدأ الكاتبة كلامها بالحديث عن الأرملة اليهودية جوديث
التي حاولت وقف هجوم العدوّ على شعبها، فدخلت مخيّم الجيش المهاجم مع
وصيفتها لمواجهة قائده المسمّى هولوفيرنس.
وقد تمكّنت المرأة من دخول
المخيّم بعد أن فتنت الحراس بجمالها. وهي ستفعل الشيء نفسه في ما بعد مع
هولوفيرنس. واستطاعت في ما بعد إقناع القائد البابلي بأنها راغبة فعلا في
مساعدة جيشه فقبل مشورتها له بتأجيل خطة الهجوم.
وفي إحدى الليالي وبعد
أن تناول الجميع العشاء، سكر القائد حتى أغمي عليه وأصبح في حالة من الضعف
مكّنت جوديث "بدعم من العناية الإلهية" من قطع رأسه.
وعادت هي ووصيفتها
منتصرة إلى أرض قومها ومعها رأس القائد المقطوع. وبذا ضمنت سلامة شعبها، كما يقول الإنجيل.


تأملات Caravaggio
الترجمات الفنية للقصّة مختلفة ومتباينة. بعضها يصوّر جوديث
وهي تصلي من اجل العون الإلهي قبل وقت قصير من بدء مهمّتها. بينما تظهر في
لوحات أخرى حاملة رأس هولوفيرنس وهي في طريق عودتها إلى قومها.
ولوحة ارتيميزيا جينتيليسكي عن القصّة هي عبارة عن تصوير عنيف ومبتكر للحظة التي
تحزّ فيها المرأة رقبة الرجل. والمنظر يثير شعورا بقوّة الأنثى وسيطرتها.
ثم تجري الكاتبة مقارنة بين لوحتي كارافاجيو و جينتيليسكي عن الحادثة، في
محاولة للوقوف على الاختلافات والفوارق بين أسلوبي الرسّامين في معالجتهما
للموضوع، فتقول: إن الفحص المتأنّي للغة الجسد في هاتين اللوحتين سيكشف
بوضوح عن اختلاف الفنانين في رؤيتهما للقصّة من منظور الجندر.
فـ كارافاجيو، من منظوره الذكوري، يرسم جوديث معتمدة على تدخّل الربّ باعتباره
الوسيلة التي تمنحها القوّة.
بينما جينتيليسكي، من منظورها الأنثوي،
تؤكّد على أن قوّة جوديث متأصّلة فيها ومتأتية من ذاتها. فهي تبدو قويّة،
مصمّمة ومعتدّة بنفسها بينما تباشر قطع رأس قائد الجيش الغازي.
إنها تمسك بيدها اليسرى خصلة من شعره لمنعه من الحركة فيما ذراعها الأيمن يجري
الخنجر بقوّة على رقبته. كما أنها تُميل جسدها إلى الخلف في محاولة لإبعاد
الدم عن ملابسها، تماما مثلما يفعل من يذبح حيوانا.
إن المرأة تؤدّي مهمّتها بإحكام. وهي ترمق هولوفيرنس بنظرات باردة توحي بأنها منفصلة عن
ضحيّتها، لكنها أيضا تعكس إصرارها وعزيمتها.
وتعبيرات وجهها، خاصّة ما
حول الحاجبين، تنمّ عن تركيز وتصميم شديدين. وهي تبدو مستعدّة بل وراغبة في
قتل الخصم بلا اكتراث أو ندم.
ورغم أن القصّة الإنجيلية توحي بأن تدخل
الربّ كان ضروريا وحاسما في مساعدة المرأة على تنفيذ عملية القتل، فإن
أسلوب جينتيليسكي في التعامل مع شكل وهيئة جوديث يكشف عن أن الرسّامة تعتقد
انه حتى وإن كان الفعل قد نفّذ بمشيئة الله فإنها تعتبر جوديث قادرة تماما
على أداء واجبها بفضل حيَلها الخاصّة وقوّتها الجسدية وبراعتها.
إن جوديث في لوحة جينتيليسكي تميل بجسدها إلى الوراء، لكن جوديث كارافاجيو تفعل ذلك
كما يبدو نتيجة إحساسها بالصدمة النفسية من تصرّفها. إنها لا تسيطر على
نفسها، بل ترتكب جريمة قتل لأن إرادة الله أوجبت ذلك.
وبينما تبدو جوديث
جينتيليسكي وهي تنفذ المهمّة بوحي من شعورها الوطني وقوّتها الخاصّة
والكامنة، فإن كارافاجيو يصوّرها وكأنها تطلب مساعدة الإله في ارتكاب ذلك العمل.
ومن الواضح أن جينتيليسكي تريد أن تقول إن النساء يمكنهن التحكّم
في أيّ وضع يواجهنه. وفي المقابل، يُظهر كارافاجيو الأنثى في وضع من يطلب
تدخّلا إلهيا لكي يتغلّب على مثل ذلك الظرف الهائل والعصيب.


تأملات Gentileschi
والواقع أن تعامل الرسّامَين مع خادمة جوديث يكشف، هو أيضا، عن فارق جنساني آخر.
ورغم انه من غير الواضح في الإنجيل كم كان عمر
الخادمة، فإنها تبدو في لوحة جينتيليسكي شابّة وقويّة، بل وأيضا مشاركة
بفاعلية في جريمة قتل هولوفيرنس .
إن جينتيليسكي تشرك الخادمة في عملية
القتل، وفي هذا مخالفة للرواية الدينية التي تذكر أن جوديث قهرت خصمها بفضل
العناية الإلهية وحدها.
وفي هذا إشارة واضحة إلى أن موت القائد كان على
يد المرأتين الشابتين. وهو تفسير قد لا يخطر ببال رجل بسهولة.
ذلك أن فكرة أن تقوم نساء بقتل رجل، بصرف النظر عمّا إذا كان عدوّا، يمكن أن تعتبر
تهديدا وتحدّيا للسلطة الأبوية التي كان يتمتع بها الرجال زمن جينتيليسكي.
لكن الفنانة كانت ترى أن النساء قادرات على أن يتجاوزن دورهن الاجتماعي
الهامشي والضيّق. وأكثر من هذا، فإن تفسيرها للقصّة يخوّل النساء أن
يتصرّفن خارج إطار سيطرة الله.
وبالنتيجة، فإن تصويرها للخادمة وهي
تشارك في قتل هولوفيرنس يبدو نابعا من منظور أنثوي واضح.
ولا بدّ وأن نلاحظ أن تمثيل كل من جينتيليسكي وكارافاجيو المتناقض للغة جسد هولوفيرنس
في لحظات موته هي نتيجة لاختلاف منظوريهما. مثلا وكما ورد آنفا، فإن
الخادمة في لوحة جينتيليسكي تمسك بالضحية وتثبّته أرضا بينما تطبق جوديث
على رأسه في محاولة للسيطرة عليه وشلّ حركته.
وعلى النقيض من ذلك، فإن
كارافاجيو - وكما هو متوقّع - يصوّر هولوفيرنس وكأنه يعرف أن الله قد هزمه.
والدليل على هذا واضح على وجه الرجل. فهو ينظر إلى أعلى مدركا انه لن يكون
بمقدوره أن يتجنّب غضب الربّ. ورغم أن جوديث تشدّ شعره بينما تقوم بفصل
رأسه، فإنه لا جوديث ولا خادمتها مهتمّة بتثبيت جسده أرضا.
وهذه نقطة مهمّة تفترض أن هولوفيرنس كان قادرا على التصدّي للمرأتين ومقاومتهما لأنه
غير مسيطَر عليه تماما.
وكارافاجيو يريد أن يقول ضمنا إن صراع هولوفيرنسكان مع الله فقط.
وفي حين أن لوحة جينتيليسكي تشير بوضوح إلى قوّة
وسيطرة المرأتين على عدوّهما ومسئوليّتهما عن موته، يشدّد كارافاجيو من
خلال أسلوبه في تصوير المرأتين على حاجتهما لمساعدة إلهية لكي ينفذا مؤامرتهما بنجاح.
وتضيف الكاتبة: إن جنس كلّ من الفنانَين يؤثّر في
طبيعة نظرته إلى جوديث في مثل هذه الظروف. وكلّ منهما لديه استجابة جنسانية
مختلفة تجاه موضوع وفكرة اللوحة.
فـ كارافاجيو في لوحته يؤكّد منظورا
ذكوريا واضحا بتصويره جوديث حذرة ومتردّدة إلى حدّ ما. وهي تستخدم قوّتها
"التي منحها إياها الربّ مؤقتا" كي تقتل عدوّها.وفي لوحة كارافاجيو
أيضا نرى هولوفيرنس وهو ينظر إلى السماء مدركا أن قدرة الله اكبر من قدرته.
وكارافاجيو لا يرى أن موت هولوفيرنس تحقق فقط على يد امرأة شابّة متسلّحة
بخنجر، لأنها في النهاية مجرّد امرأة ضعيفة ومحدودة القوى.
في حين أن لوحة جينتيليسكي تظهر جوديث بمظهر المرأة القويّة والشديدة البأس والحازمة.
وهي ووصيفتها؛ المتساوية معها في حدود المسئولية، مسئولتان معا عن قتل غريمهما.
وهكذا يبدو جليا أن الاختلافات بين اللوحتين تعكس الفوارق الفردية بين جنسي الرسّامين.
فـ كارافاجيو يصوّر المشهد من منظور رجل،
وجينتيليسكي تصوّره من منظور امرأة.

رحلة اكتشاف

تأملات Feltus
أفكّر أحيانا أنني لو خيّرت بين أن أكون أصمّ أو أكون أعمى لفضّلت الخيار الأول.
ليس الأمر سهلا كما قد يتصوّر البعض. لكني منذ أن
انتقلت من سماع ما يقوله الناس إلى رؤية ما يفعلونه تغيّر العالم في نظري
إلى الأفضل. شيئا فشيئا تعوّدت على أن اكرّر ببطء نفس الشكاوى القديمة
المحزنة التي تبتلعها هذه الطاحونة اليومية الثقيلة التي نسمّيها الحياة.
إن الأمر لا يتعلق بالآخر بقدر ما يتعلق بأنفسنا. فنحن نهتم كثيرا بما نفكر
فيه أو نقوله. لكننا لا نميل إلى إبداء نفس الاهتمام بما نفعله.
هل تدرك ما تقوله؟ هنا يكمن أساس المشكلة. ومن هنا أيضا تبدأ الطريق نحو بوّابة
الحرية. أي عندما تنتقل من القول إلى الفعل، ومن الانطباع إلى الجوهر، ومن التفكير إلى النتائج.
هذا التحدّي ماثل بوضوح في وجودنا الحالي المتخم
بهذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي تحاصرنا من كل جانب.
إننا نجمع المعلومات كما لو أنها البلسم الذي سيمنحنا الخلود. المراهقون، مثلا،
يحملون مئات الأغاني في أجهزتهم الاليكترونية لكي يشغلوا اثنتين أو ثلاثا
منها فقط. كما أننا نحفظ ايميلات لا نقرؤها مرّة ثانية أبدا. ونشتري مجلات
وكتبا تتضمّن المزيد من الكلمات التي تريحنا، لكنّها تصرفنا عن مواجهة
القضايا الحقيقية التي نعرف أننا يجب أن نناقشها ونجد لها حلولا.
اعترافات، وعود، حلول، علاقات، التزامات يتعيّن الوفاء بها، تعديل سلوكيات وتغيير
أنماط وعادات.. إلى آخره.
رجال الدين يعظون، إنهم يفعلون هذا منذ ألف
عام وسيستمرّون لآلاف السنين القادمة. ومع ذلك لا يهمّ كثيرا ما الذي
يقولونه أو ما الذي نسمعه.

إن كلماتنا عندما تتكامل مع أفعالنا، عندها

يحدث الترابط ويتحقق الانجاز الذي لا يمكن حيازته أو شراؤه بالمال.
يقول
مارسيل بروست: إن رحلة الاكتشاف الحقيقية لا تعني البحث عن ارض جديدة.
وإنما أن يكون للشخص عينان جديدتان".
يجب أن نستيقظ كل يوم وكل دقيقة
وكل ثانية لنسكت الضجيج في رؤوسنا ونتوقف عن قول الكلمات الرخيصة وننظر إلى
ما هو ابعد من التظاهر والتلهي بما لا طائل من ورائه. أي أن نركّز على
الأفعال فحسب لان الكلمات تدفن الحقيقة.
إن أفعالنا هي من صنعنا وهي في
النهاية كلّ ما نتركه وراءنا.
ترى لماذا تطلب الأمر هذه الكلمات الكثيرة
لقول شيء هو في الأساس معلوم لمعظم الناس؟!
صورة مدام ريكاميـيه
تأملات Magritte
جلست البارحة أتأمّل إحدى لوحات الفنّان رينيه ماغريت التي
رسمها اعتمادا على لوحة معروفة جدا للرسّام الفرنسي دافيد.
وكان دافيد
قد رسم في العام 1800 لوحة لـ مدام ريكامييه التي قيل إنها كانت أجمل امرأة
في زمانها. وقد كانت بالإضافة إلى جمالها الباهر سيّدة تهوى الفنون والشعر
والأدب، لذا كان صالونها يضمّ نخبة المجتمع الباريسي آنذاك من ساسة وأدباء
وفلاسفة وفنانين.
ماغريت، بأسلوبه السوريالي الجامح وميله لمزج الفنّ
بالفلسفة والأفكار الوجودية، قام برسم نسخة مشابهة تقريبا لبورتريه دافيد
عن مدام ريكامييه، لكنه استبدل صورة المرأة بصورة تابوت
تتدلّى من أسفله قطعة صغيرة من القماش.
وقد أراد ماغريت من خلال لوحته
أن يقول إن تلك القطعة من القماش هي كلّ ما تبقى من تلك السيّدة التي كانت
أثناء حياتها ملء السمع والبصر ومحطّ إعجاب الناس واهتمامهم.
والحقيقة
أن لوحة ماغريت أثارت في ذهني مجدّدا نفس ذلك السؤال القديم الذي طالما
شغلني واشغلت به غيري ممن اعرفهم وارتاح للحديث معهم في مثل هذه المواضيع
المحيّرة والشائكة.
وأذكر أنني أبديت يوما ملاحظة لزميل ختمتها بسؤال
صغته على الشكل التالي: إذا كان الموت هو النهاية الطبيعية لكل مخلوق على
هذه الأرض، وإذا كان الموت نفسه ينهي أي وجود مادّي أو فيزيائي للإنسان من
على هذه الأرض، فما مبرّر لهاثنا المحموم وراء متع وملذّات الدنيا ونحن
نعرف أن الموت هادم اللذات وأن كل اثر لهذه المتع الدنيوية التي نجري
وراءها ولا نشبع أو نرتوي منها ينتهي بعد أن نموت وينقطع كل اثر لنا من هذا
العالم.
واتذكّر أن ذلك الزميل ردّ على تساؤلي بسؤال آخر عندما قال: هل
تعرف انك بهذا السؤال تكون قد وضعت قدمك على أولى العتبات التي تفضي، مع
أسئلة أخرى متفرّعة عنه، إلى جوهر الفلسفة البوذية والكيفية التي ينظر بها
البوذيّون إلى قضايا معيّنة مثل مفهوم ووظيفة الجسد الإنساني وطبيعة وقيمة
وجود الإنسان على هذه الأرض ومصير الإنسان بعد الموت، وغيرها من الأسئلة
المصيرية الكبرى.
وقد فهمت بعد ذلك أن الجسد عند البوذيين ليس أكثر من
قطعة قماش يلبسها الإنسان ثم يخلعها عند حلول الموت.
ورغم أن البوذية لا
تعتقد بوجود جنّة ونار أو حساب أو عقاب، فإن الموت عندهم ليس هو النهاية
وإنما بداية لحياة أو حيوات أخرى تتخلق من خلال التناسخ أو انتقال الروح في
جسد آخر.
وربّما لهذا السبب نجد الحكيم الهندي اوشو يوصي الإنسان بأن
لا يثقل على نفسه كثيرا بالتفكير في ما وراء واقعة الموت، وان يمتّع نفسه
في كل لحظة يعيشها في هذه الدنيا، لان لا احد، على حدّ قوله، يعرف يقينا
ماذا ينتظرنا بعد الموت.
لقد قرأت سيرة كازانتزاكيس
بكثير من الانبهار والدهشة، وكان احد أسباب إعجابي بذلك الكتاب العظيم هو
أن كازنتزاكيس تحدّث فيه مطوّلا وبعمق عن نفس هذه الأسئلة التي كانت ولا
زالت تشغلني ولا اشكّ أنها تشغل الكثيرين غيري: ما الذي يبقى من الإنسان
بعد أن يموت، ولماذا يموت البشر أصلا، وما حاجة الله سبحانه لأن يُميت
الإنسان ويفنيه، وأيّ فائدة تعود على الشخص الميّت من تذكّرنا إيّاه بالمدح
أو الذمّ، ثم أيّ أهمية في أن يترك الإنسان خلفه نسلا يحفظون اسم سلالته
وشجرة نسبه وهو أصلا محكوم بالفناء الأبدي!
لقد ماتت مدام ريكامييه منذ
أكثر من مائة وخمسين عاما. ومات قبلها الفنان دافيد بخمسة وعشرين عاما. ثم
مات في إثرهما ماغريت. وبقي من المرأة ما تحفظه بطون الكتب عن جمالها
الخارق وحضورها الطاغي، وبقي من الرسّامَين لوحتاهما الشهيرتان اللتان
رسماهما لتلك المرأة.
وعلى طريقة ماغريت الشاطحة والمستفزّة، يمكن لأيّ
إنسان أن يطرح سؤال مماثلا عن جدوى أن يكون الإنسان مشهورا أو مغمورا،
طيّبا أو سيّئا، بعد أن يموت.
وأيّ قيمة أو منفعة مادية أو معنوية يمكن
أن تعود على الموتى من ذكر الأحياء لهم بالخير أو بالشرّ.
وأختم حديثي
بالآية القرآنية الكريمة: "إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار
القرار". صدق الله العظيم.


تأملات David
لا تتركوني وحيدا


تأملات 240
سمعتُ بالأمس قصّة عن شيخ عاش حياة ممتدّة إلى أن ناهز عمره
الثمانين عاما، مع ما يرتبط بهذه السنّ من متاعب وعلل الشيخوخة المختلفة.
شيئا
فشيئا بدأ الرجل يحسّ باقتراب المنيّة، وصاحب ذلك الإحساس شعور متزايد
بالخوف والاضطراب، وذات ليلة وقد أصبح على بعد خطوات من القبر أجهش بالبكاء
وقال لزوجته وأولاده بصوت مكتوم وكلمات مرتعشة: لا تتركوني وحيدا في
الحفرة"!
وكان يقصد بالحفرة القبر الذي جهّز ليدفن فيه.
وشعر أفراد
العائلة بالألم والفجيعة مما سمعوه فانخرطوا جميعا في البكاء لهول الموقف
وعجزهم وقلة حيلتهم إزاءه.
أهم دلالات هذه القصّة هي أن الخوف من الموت
خوف غريزي ومتأصّل في فطرة الإنسان. إذ بالرغم من أن ذلك الشيخ كان قريبا
إلى الله مداوما على أداء الفروض والواجبات الدينية ومؤمنا بالقضاء والقدر
وبأن الموت قدر محتوم على كل إنسان، فإن ذلك كله لم يفلح في إزالة أو تخفيف
رهبة الموت من نفسه.
كما بدا أن الرجل لم يكن قد تصالح بعد مع فكرة
الموت، على الرغم من انه عاش كل هذه السنوات الطوال وأخذ نصيبه من الدنيا
بما فيه الكفاية.
هذه القصّة، وغيرها من القصص المشابهة التي سمعتها،
أثارت في خاطري سؤالا يمكن أن يصاغ على النحو التالي: أيهما أكثر تصالحا مع
فكرة الموت وتسليما بها، المسلم أم المسيحي؟
أظن – والله اعلم – أن
الغربيين يتقبّلون فكرة الموت برضا وتسليم اكبر من ذلك الذي عند المسلمين.
وأحد الشواهد التي تدعم هذا الافتراض أن كثيرا من الغربيين يخطّطون لمراسم
الجنازة كما لو أنهم يخطّطون لحفلات زواجهم ومناسبات أنسهم وفرحهم.
بل
إن بعضهم يختار مسبقا شكل الكفن ونوعية الملابس التي سيدفن بها والأشياء
والتذكارات التي ستوضع معه في قبره.
وقد يمتدّ ذلك أحيانا إلى تحديد
أسماء الأصدقاء والمعارف الذين سيحضرون المأتم من رجال دين ووعّاظ
ومتحدّثين وخلافه.
في الإنجيل ليس هناك حديث كثير عن الجنة والنار. غاية
ما في الأمر انه إذا مات المؤمن المسيحي فإن يسوع الربّ يكون في استقباله
على بوّابة السماء وبين الغيم محيّيا ومرحّبا.
أما القرآن الكريم
فيتحدّث كثيرا عن أهوال النار والعذاب الذي اعدّ للمذنبين والخاطئين، لكنه
أيضا يتحدّث عن الجنّة وما تمتلئ به من صنوف المتع والملذّات من حور عين
وفاكهة وغلمان وأنهار من نبيذ ولبن وعسل.. الخ.
وبناءً على ذلك، فإن
المسلم يفترض به ألا يجزع ولا يخاف من الموت لأنه سيكون على موعد مع كل هذه
النعم الوفيرة والملذّات الكثيرة التي تنتظره عند مغادرته الحياة الدنيا.
لكن
من الواضح أن أيّا من هذه الأمور والتصوّرات لم يكن في ذهن ذلك الشيخ
المسكين الذي أرعبته فكرة أن يترك وحيدا في ظلمة القبر، إنه لا يأسى كثيرا
على فراق الأهل والولد ولا يبالي بالنعيم المقيم الذي ينتظره في الدار
الآخرة.
إن ما يخيفه ويشوّش عقله هو أن يموت وأن يوضع لوحده في حفرة
صغيرة وموحشة ارتبط ذكرها في عقول الناس بالعذاب وبالشجاع الأقرع وغير ذلك
من القصص والتهيّؤات المخيفة والمرعبة.
انه الخوف الغريزي من الموت الذي
لا تفلح في تبديده أو تخفيف أثره النصوص الدينية مهما حملت من وعود
بالمكافأة وبالخلود والنعيم الأبدي.
إن برود الغربيين ولا مبالاتهم
بالموت أمر مثير للاهتمام فعلا، في الوقت الذي ما يزال الموت يشكّل للكثير
منا – نحن المسلمين – هاجسا مخيفا لا يريد احد استحضاره أو التفكير فيه،
يستوي في ذلك الأبرار والأشرار، والمحسنون والمذنبون.
على أجنحة الغيم
تأملات Sky
ألقيت نظرة عجلى على عناوين الجريدة التي جلبتها المضيفة للتوّ.
معظم الأخبار إما سيء أو محزن كالعادة.
وضعت الجريدة جانبا وعدّلت من
وضع المقعد قليلا كي يوفّر زاوية أفضل للنظر عبر الشبّاك. كانت السماء
تحتنا زرقاء ناعمة تسبح في افقها الممتد قطع من الغيم التي بدت كسفن بيضاء
تمخر عباب بحر بلا ضفاف.
وتحت الغيم ظهرت جبال وأودية وخضرة ومياه
تحيطها هالات من ضباب خفيف تداخل فيه الأبيض بالفيروزي.
منظر الغيم يثير
في النفس شعورا بالجلال والفخامة والغموض. وهذه التشكيلات الغريبة من
الغيم التي تخيّم على المشهد تحتنا يمكن للناظر إليها أن يتخيّل صورا
وأخيلة لمخلوقات بأجنحة وبملامح وهيئات قد لا تخطر على البال لأول وهلة.
في
بعض القصص القديمة يقترن ذكر الغيم بالكائنات الأسطورية مثل التنّين
والجياد المجنّحة التي تهبط من الغيم ليلا لتستحمّ في مياه الغابات الفضيّة
قبل أن تأخذ طريقها عبر الجبال والسهول إلى حيث القرى النائمة على تهويدات
الليل وأحلام العذارى وقصص الجدّات التي لا تنتهي.
خطر ببالي وأنا
أتملّى ذلك المشهد الجليل على ارتفاع أربعين ألف قدم كم هو جبّار ومبدع عقل
هذا الإنسان الذي استطاع أن يخترع هذا الصندوق المعدني العجيب الذي رفع
البشر لأول مرة من سجن الأرض إلى رحابة السماء ومكنّهم من التجوال عبر
الأفق ووسط الغيوم مع ما يصاحب ذلك من متعة الإحساس بالتحليق في اللانهائية
والتحرّر من إسار الأرض وما تحفل به من قيود ومكبّلات كثيرة.
قلت في
نفسي: ربّما كانت هذه النقطة من السماء هي آخر ما يمكن للإنسان العاديّ
بلوغه، وهو على كلّ حال إنجاز مبهر ما كان بمقدور أسلافنا أن يتصوّروا
حدوثه حتى في الخيال.
وبينما أنا مستغرق في التفكير والتأمّل، خطر لي أن
الإنسان – هذا الكائن الذي يختزن، رغم ضآلته، الكثير من أسرار هذا الكون
العظيم والغامض – معذور إن شعر أحيانا بهشاشته وضعفه وقابليته السريعة
للفناء. فرحلته في هذه الحياة قصيرة جدّا، وسيموت الكثير منّا وهم ما
يزالون مسكونين بهاجس رغبتهم الأزلية في أن يطوفوا في أرجاء هذا الكون
الفسيح وأن يروا بأنفسهم ما تخبّئه الكواكب والمجرّات المجاورة لكوكبهم من
أسرار ومفاجآت.
في هذا الكون المليء بالغرائب والألغاز نقرأ عن كواكب
بعيدة تتشكّل في سماواتها غيوم لا تنهمر إلا مطرا حامضيا بلون السخام، وعن
كواكب أخرى لا وجود فيها سوى لبراكين هائلة تهدر وتزمجر نافثة حممها
ونيرانها آناء الليل وأطراف النهار. وعن نوع ثالث من الكواكب لا يوجد فيه
سوى العدم والظلام الدامس والصمت المطبق الذي يحطّم أعصاب اشدّ البشر بأسا
وأقواهم تحمّلا.
إننا كثيرا ما نغبط روّاد الفضاء الذين تمكّنوا من
النفاذ إلى أعماق الفضاء ورأوا بأمّ أعينهم من أسرار الكون ومعجزاته
ودقائقه ما سيظلّ بالنسبة لغيرهم فكرة خيالية أو حلما بعيد المنال.
لكنّ
صورة الفضاء ليست وردية دائما. فهناك من هؤلاء من رأى كواكب عملاقة لكن
أسطحها ملئى بالصدوع والأخاديد والأودية الشديدة الانحدار التي لا يسمع
فيها سوى عواء الريح التي تصل سرعتها في بعض الأحيان إلى ثلاثمائة كيلومتر
في الساعة.
في تلك العوالم النائية حيث الصمت المطبق والظلمة القاتلة،
لا يسمع الإنسان سوى نبض قلبه وحفيف أفكاره وخوفه الممضّ من احتمال أن يفقد
الأرض نهائيا وتنعدم وسيلته في العودة إليها مجدّدا.
وقد قرأت ذات مرّة
أن بعض روّاد الفضاء عادوا من رحلاتهم وهم أكثر حبّا للحياة وأكثر عاطفة
وحنوّا وأشدّ التصاقا بالأرض. بينما انهمك آخرون في التفكير في مغزى الوجود
على الأرض وغير ذلك من الأسئلة والتساؤلات الكبرى.
لكن هل يعقل أن تكون
الأرض هي الكوكب البارد الوحيد في هذا الكون وما عداه عوالم لا نهائية من
الصمت والظلام والعدم؟ يقول العلماء إن المنطق ينفي هذه الفرضية، ولا بدّ
وان هناك كواكب أخرى باردة غير كوكبنا "هناك في الواقع ملايين المجرّات
وبلايين النجوم"، والإنسان برغم ما حققّه حتى الآن من اختراقات واكتشافات
على صعيد ارتياد الفضاء لم يزل يجهل الكثير من مسالك ودروب هذا الكون
الواسع الذي لا يحيط بأسراره وحقائقه سوى من خلقه وأوجده على هذه السويّة
من الدقة المتناهية والإحكام المعجز.
وصدق الله العظيم إذ يقول: "تسبّح
له السمواتُ السبعُ والأرضُ ومن فيهنْ، وإنْ منْ شيء إلا يسبّح بحمده".
تأمّلات وجودية

تأملات West
إن كان لا يحظـى برزقك عاقـل
وتـرزق مجنونـا وترزق أحمقـا

فلا
ذنب يا ربّ السماء على امرئ
رأى منـك ما لا يشتهـي فتزندقا!
- أبو
العلاء المعرّي

ترى ما الذي يدفع زيدا أو عمرا من الناس إلى اعتناق
أفكار تنحو باتجاه التشكيك بالأديان وحتى نفي وجود خالق للكون؟
العامل
الأول الذي يطرأ على البال تلقائيا هو عامل الشكّ بحدّ ذاته!
قد يشكّك
إنسان ما في وجود خالق للكون، ليس كبرا ولا بحثا عن تميّز ولا حبّا في
مخالفة السائد والمألوف، وليس طمعا في المتع والملذات كما يزعم البعض،
وانما ببساطة لانه غير متأكّد من وجود الخالق أو عدم وجوده!
أي أن
قناعته تتأرجح ما بين الشكّ واليقين.
ولعلّ هذا يشكّل مدخلا صغيرا
للحديث عن فكرة الإله ذاتها.
الإله، كفكرة، موجودة منذ القدم، وهي جزء
لا يتجزّأ من مسيرة التطوّر البشري نحو معرفة كنه الحياة وأصل الإنسان
ونشأة الكون.
في المسيحية هناك التثليث الذي يقول بوجود ثلاثة أرباب،
وعند الهندوس هناك اكثر من 330 مليون اله! وفي العهد القديم هناك إشارات
كثيرة إلى يهوه الغاضب! ثم هناك آلهة الإغريق والرومان التي لا تعدّ ولا
تحصى!
أما نحن – المسلمين – فنؤمن بوجود اله واحد "ليس كمثله شئ وهو
العزيز الخبير" كما وصف نفسه في القرآن الكريم.
لكن من وجهة النظر
الفلسفية والفيزيائية، ثمّة نظريات كثيرة ومتباينة عن الله والكون.
الفيلسوف
والفيزيائي البريطاني ستيفن هوكنغ
الذي يعتبر اليوم اشهر فيزيائيي العالم وثالث اعظم العلماء في مجال
الطبيعة بعد نيوتن واينشتاين له كتاب مشهور عنوانه تاريخ موجز للزمن (A
Brief History of Time).
في هذا الكتاب يحاول هوكنغ الإجابة على بعض
الأسئلة المصيرية التي يسألها الناس اليوم: من أين أتى الكون، وكيف بدأ،
وهل ستكون له نهاية؟!
ويتصدّى هوكنغ في الكتاب لعدد من القضايا الهامة
مثل الجاذبية والثقوب السوداء والمادّة المظلمة والانفجار الكبير وطبيعة
الزمن وسعي العلماء للبحث عن نظرية واحدة ومتماسكة عن هذا الكون.
لكن
اللافت أن هوكنج لم يتطرّق في كتابه لسؤال الأسئلة، أي مسألة وجود خالق من
عدمه، وعمد إلى ترك الإجابة عنه مفتوحة!
والحقيقة أن هذا الكون عبارة عن
متاهة كبرى من الأسرار والظواهر الغامضة. إذ يحتار المرء كيف يمكن للذرّة

أن تنطوي على تلك ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تأملات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تأملات في السيرة النبوية
» تأملات في الاعجاز العلمي في القرآن والسنة .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قفصة :: المنتديات العامة :: رواق الفنون-
انتقل الى: